تحقيق- محمد الحلواجي:
تمتلك سنغافورة تاريخا عريقا يمتد لأقدم الحضارات الشرقية، ومع ذلك لا تكاد تمتلك طعامها الخاص لأسباب عديدة، من بينها تأثير الحقب الاستعمارية وما أدخلته معها من أطعمة على موائدها، والهجرات الكثيفة من الأعراق الأخرى التي اختارت سنغافورة موطنا دائما لها· فمعظم أكلات هذه البلاد الساحرة متبلة بالكثير من البهارات المأخوذة من موائد دول أخرى مجاورة لها، أو حتى بعيدة عنها جغرافيا كاندونيسيا وماليزيا وبروناي وتايلاند والصين والهند وفرنسا التي أخذت عنها الخبز، ووجبات المطبخ السنغافوري تكاد تكون بأصدق تعبير ''كوكتيل'' تم إعداده من أفضل ما لدى مطابخ الدول الأخرى!
مع ذلك هناك الكثير من الأوروبيين والعرب، ممن يمتلكون الفضول الكبير لتجريب الأطباق السنغافورية وبخاصة البحرية منها، حتى أن بعضهم أدمنها وصار يروج لها على شبكة الانترنت معددا مزاياها وتفرد نكهتها!·
ثراء مطبخي
أطايب المأكولات السنغافورية تتميز عادة بوفرة في البهارات والتوابل، ومنها ما يكون سائلا ومنها ما هو صلب، ويطلق عليه باللغة المالاوية ''رومبه''، إذ تمزج مكونات الوجبات سوية مع حليب النارجيل ''جوز الهند''· وتتفاوت كميات بهارات الطبخ السنغافوري حسب مناطق ومدن سنغافورة نفسها، إلا أنه متأثر غالبا بالمطبخ التايلندي، وقريب جدا من المطبخ الهندي، ويغلب عليه المذاق الحلو أيضا، بسبب كثرة استعمال حليب النارجيل الذي يضاف له السكر في معظم الأطباق بما فيها الأرز السنغافوري! من جهة أخرى تعود الأطباق التي تمتاز بكثرة البهارات إلى تأثرها بالطهي الهندي الذي رافق مجيء الهنود لتلك المنطقة من العالم منذ زمن تجارة التوابل·
وجبات الناسي لاما
ولمحبي أكلات ''الملايو'' لا يمكن أن نغفل وجبة ''ناسي لاما'' التقليدية الشهيرة، وكلمة ''ناسي'' باللغة المالاوية تعني ''الأرز المطبوخ''، وهو طبق يقدم مع الخضار أو السمك المقلي، إذ يطبخ الأرز بحليب النارجيل ويقدم مع صلصة حارة من الفلفل الحار المبروش والمقلي ويطلق عليه ''سمبل''، إضافة إلى اللوز والبيض المقلي وإضافات أخرى كلحم الدجاج أو ''كاري'' السمك ويزين الطبق بشرائح من الخيار· والمائدة السنغافورية عامرة بأطباق الحلويات المذهلة ناهيك عن وفرة الفاكهة الاستوائية الرائعة·
وفي سنغافورة تتوفر الوجبات التقليدية بأسعار أكثر من معقولة إن لم تكن زهيدة تماما، قياسا بأسعار المطاعم الفخمة أو أطعمة الفنادق الفارهة، فبامكان المرء أن يتناول وجبة فندقية يصل سعرها إلى 300 دولار سنغافوري، أو يتلقف وجبة شعبية ويكتشف مذاقها وهي ساخنة في المطاعم الشعبية، أو من يد الطباخ الشعبي الذي يوزع بنفسه عادة، وجبات ''الناسي لاما'' وكفتة البطاطس اللذيذة، على العمال وصغار الموظفين في مقار أعمالهم على دراجته الهوائية بمبلغ بالكاد يصل إلى دولار واحد!·
عدد اليوم
