الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماليزيا وترشيد الاختلاف

20 فبراير 2010 22:40
سندس رشيد كاتبة باكستانية هناك الكثير مما يمكن أن نتعلمه من الهجمات الأخيرة التي استهدفت عدداً من الكنائس في ماليزيا، على خلفية استخدام اسم الجلالة "الله" من قبل المسيحيين الماليزيين، الأمر الذي أدى إلى احتقان شديد في مجتمع متنوع كالمجتمع الماليزي. وقد بدأ الخلاف عندما تحركت السلطات الحكومية لمنع استيراد كتب دينية من جانب كنيسة إنجيلية في بورنيو السنة الماضية، مجادِلة ضد استخدام اسم الجلالة من قبل المسيحيين. كما استلمت نشرة كاثوليكية تدعى "الهيرالد" إنذارات متعددة من الحكومة مؤداها أنها قد تفقد ترخيصها إذا استمرت في استخدام كلمة "الله" تعبيراً عن الرب. وعلى رغم تراجع الحكومة الماليزية فيما بعد عن المنع، إلا أن إلغاء ذلك المنع نتجت عنه سلسلة من الهجمات من قبل مجموعات متطرفة استهدفت الكنائس والمدارس الكاثوليكية في كافة أنحاء البلاد. وقد جاء المنع أصلاً بسبب قانون سُنّ عام 1986 يمنع غير المسلمين من استخدام كلمات عربية إسلامية مثل "الله" و"بيت الله" و"صلاة" و"الكعبة" المشرَّفة. غير أن التطبيق الحازم لهذه القوانين دفع إلى اتساع المسافة بين المجتمعات الدينية المختلفة، كما انتهى إلى العنف الأخير. بل إن الأقليات الماليزية واجهت تحديات محسوسة حتى قبل أحداث حرق الكنائس. يذكر أن غالبية السكان الملايو، الذين يشكلون أكبر مجموعة عرقية في ماليزيا، هم من المسلمين، الأمر الذي قد يؤثر على فرص الأقليات الدينية الأخرى في النفاذ والتأثير في المجال العام. وتحمي المادة 153 من الدستور الماليزي المكانة الخاصة للغالبية المالايوية وغيرها من المجموعات العرقية المحلية الكبيرة. ونتيجة لذلك تم وضع خطوط إرشادية لتعزيز فرص الملايو في مجالات الخدمة العامة والبعثات والتعليم الحكومي، الأمر الذي ينتج عنه أحياناً حصولهم على مناصب عامة مفضّلة. غير أن رئيس الوزراء نجيب رزاق شجب بقوة الهجمات على الكنائس مؤكداً على أن العنف لا يمثّل، بأي شكل، الثقافة الماليزية أو العقيدة الإسلامية الصحيحة. وكان ذلك الشجب جهداً صادقاً من قبل القيادة الماليزية لتشجيع التعايش والتفاهم وفق القيم الصحيحة للإسلام. إلا أن السؤال بقي على حاله، دون إجابة، وهو: هل تملك أية مجموعة الحق الوحيد والحصري في استخدام كلمات معينة ذات دلالة دينية؟ الحال أن المسلمين، والمسيحيين، واليهود، في الشرق الأوسط، كانوا يستخدمون اسم الجلالة "الله"، وأسماء حسنى أخرى، منذ قرون عديدة للإشارة إلى الرب. وبالمثل، يستخدم المسيحيون الباكستانيون كلمة Kh da للإشارة إلى الرب، تماماً كما يفعل جيرانهم المسلمون. وليست القضية إذن قضية دينية بقدرما هي قضية لغوية. وفي المقابل ما زال الجدل مستمراً في ماليزيا حول تفسير كلمة "الرب" بلغة البهاسا. وثمة العديد من الأسئلة: هل يعطي تعبير "توهان" (T han) الذي يدعو البعض لاستخدامه بدلاً من كلمة "الله" معنى الرب؟ ألا توجد كلمة محددة لله في لغة البهاسا في ماليزيا؟ وإذا لم توجد فهل يمكن استخدام كلمة "الله" في النصوص الدينية للإشارة إلى "الرب"، حيث توجد إثباتات على أنه جرى استخدامها في ماليزيا منذ القرن السابع عشر؟ من الجدير بالذكر هنا أن كلاً من القرآن الكريم والإنجيل يؤكدان إيمانهما بإله واحد أحد، وملة إبراهيم، عليه السلام. وإذا كنا نشترك في الإيمان بإله واحد، فلماذا لا نشترك أيضاً في اسمٍ واحد لهذا الإله؟ يقول البعض. إن اللغات ليست أموراً جامدة محفورة في الصخر، ولكنها تتطور باستمرار وتعكس التغيرات الاجتماعية. وكان يمكن للاستخدام المشترك لاسم الجلالة أن يشكّل مثالاً على رسوخ أرضية مشتركة بين الماليزيين المسلمين والمسيحيين. إلا أن السجال حول هذا الأمر أصبح بدلاً من ذلك مظهراً من مظاهر الاحتقان والاختلاف. وهذا هو المؤسف في الأمر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©