الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الكهرباء «تنفجر» من أعماق البحار في بريتاني الفرنسية

الكهرباء «تنفجر» من أعماق البحار في بريتاني الفرنسية
1 نوفمبر 2011 23:11
تتمايل المراكب الشراعية فوق أمواج مرفأ بريست الواقع على خليج صغير بساحل منطقة بريتاني في فرنسا يحميه من مياه المحيط الهائجة. وتستفيد بريست منذ قرون من هذا الموقع الذي ينعم بميناء مطل على عرض البحر تحميه الطبيعة. وتشهد بريست العديد من الأنشطة، فالصيادون منتشرون في بحرها والسياح يزورونها بالصيف، وتتمركز فيها غواصات نووية. كما يمر عبر بريست كل عام شحنات النفط الخام والحديد الخردة و180 ألف طن من الدجاج المجمد. وتطمح بريست في إضافة نوع جديد إلى قائمة أنشطة الميناء هو توليد الكهرباء من توربينات غاطسة تديرها تيارات البحر المتدفقة في قاع المحيط. وتأمل المدينة أن تنتهي خلال السنوات الخمس المقبلة من بناء توسعات تبلغ تكلفتها 150 مليون يورو “779,5 مليون درهم” تخصص لمصانع ومواقع تجميع ومراكب نقل تؤجر يومياً بما يبلغ نصف مليون دولار أميركي “1,8 مليون درهم”. غير أن تلك المشاريع حتى الآن مجرد تصورات على الورق. وقال جان جاك لينورماند نائب مدير موانئ بريتاني: “يمكن تشبيه الوضع الحالي بشركة تدخل عصر الفضاء قبل الآخرين بعشرين عاماً. إنه استثمار في المستقبل”. تشبه التوربينات المائية الغاطسة إلى حد كبير طاحونة رياح تعمل في أعماق البحر تسخر قوة تيارات المد والجزر في توليد الكهرباء. يذكر أنه سبق أن تم تركيب توربينات بحرية في مياه أيرلندا وكندا ونيويورك، ولكن بأعداد قليلة وأحجام صغيرة. وتعتزم بريتاني إنشاء أكبر مصفوفة توربينات بحرية في العالم بحلول نهاية العام المقبل بطاقة يبلغ إجماليها 8 ميجاوات. وتعد أعمال توسعات الميناء رهاناً على أن هذا الشكل من الطاقة المتجددة سيصبح في المستقبل رائجاً وشائعاً مثل طاقة الرياح. ويصف لينورماند ميناءه بأنه سباق مع دول أخرى تسعى إلى الفوز بالصدارة في مجال التوربينات الغاطسة. وقال لينورماند، الذي كان منذ ثلاثة أسابيع مضت يتولى تطوير أعمال أكبر شركة فرنسية لتصنيع التوربينات البحرية الغاطسة هي DCNS : “هناك خمس دول تتنافس في هذا المجال: الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة والنرويج وفرنسا”. وأضاف لينورماند أن الفوز سيكون من نصيب من يستوعب أولاً آليات السوق التجارية. وأضاف أيضاً أنه يتعين بناء نماذج تجريبية قبل بلوغ درجة معينة من التطبيق التجاري استعداداً لاقتناص حصص بالسوق عام 2020 أو 2025. يجري الميناء محادثات مع “DCNS” وثلاثة آخرين من منتجي معدات الطاقة المتجددة لإنشاء مصانع ومراكز بحوث في توسعات الميناء. وتعطي بريست مطوري الطاقة المتجددة وعوداً بمنحهم تخفيضاً نسبته 30% على قيمة استئجار المنشآت، بينما لا يزال 13 هكتاراً من إجمالي 38 هكتاراً من التوسعات متاحة لصناعات تقليدية. وينتظر أن تجتذب توسعات الميناء السفن المصممة لنقل أساسات توربينات الرياح وطواحين الرياح الثقيلة وأن تستوعب سوق توربينات المياه الغاطسة وتوربينات الرياح البحرية. بدأت باكورة هذه الإنشاءات في شهر أكتوبر 2011 حين قام المطورون بتركيب تربينة بحرية غاطسة قبالة ساحل شمالي بريتاني يصل طول ريشتها إلى 16 متراً. وحين يتم تركيب التربينات الأربع المخططة العام المقبل ستولد المحطة كهرباء تكفي 4000 منزل حسب أوبنهايدرو الشركة الأيرلندية التي صممت التوربينات. واشترت “DCNS”، المملوكة للحكومة الفرنسية حصة 8% في أوبنهايدرو، وتعتزم تصنيع التوربينات فيما ستقوم شركة “EDF” اينرجي نوفال المملوكة أيضاً للحكومة الفرنسية بنقل الكهرباء إلى الشبكة. وتهدف الاستثمارات الفرنسية إلى إضافة مصادر طاقة متجددة في دولة تستمد نحو 80 في المئة من طاقتها من محطات نووية، وهي أعلى نسبة في العالم. إن وفرة الطاقة النووية التي تعد رخيصة نسبياً تقلل من قدرة التقنيات المتجددة الأغلى تكلفة على التنافس، حسب يان هيرفيه دي روك مدير مشروعات استغلال البحار في المعهد الفرنسي للبحوث. وتشمل أعمال روك الحصول على منح وحزم دعم الحكومة الفرنسية لحساب بحوث المعهد التكنولوجية بما يشمل توليد الكهرباء عن طريق دفع الماء العذب في مياه مالحة وتروبينات الموج التي تعمل على سطح المياه. وتعتبر أعمال روك وغيره من الباحثين الذين يقدر عددهم بألف ومئتي باحث في بريست بجانب أعمال توسعات الميناء المخططة ضمن مخطط بريتاني الرئيسي الرامي إلى جعل الطاقة المتجددة من البحر توجهاً اقتصادياً عاماً. غير أن روك يدرك أنه ربما يكون هناك معارضة لهذا التوجه وقال: “هناك من يملكون منازل بالمنتجعات لا يريدون وجود ما يحجب رؤيتهم الممتدة مثل توربينات الرياح”. نقلاً عن: «ذي ناشيونال» ترجمة: عماد الدين زكي «مصدر» على خطى بريتاني الفرنسية ? نجحت الحكومة الفرنسية في تحويل مدينة بريست الجامعية إلى مصدر للدخل والابتكارات لسكانها. وتقوم منطقة بريتاني، التي تقع فيها هذه المدينة، بتسويق خبرتها الأكاديمية المستمدة من مؤسساتها التعليمية، للشركات. كما أن بعد المدينة عن زخم باريس وازدحامها، جعل منها مكاناً جاذباً لإنشاء مراكز البحوث والتطوير. ويقول ستيفاني ألين ريو نائب مدير “بول ميخ” مجمع ابتكارات الأعمال الذي يجمع بين التجارة والأكاديميات: “هدفنا هو خلق اقتصاد بحري قادر على المنافسة، كما تمثل وظيفتنا بداية لقصة طويلة”. وتنحصر رغبة الشركات التي قدمت إلى المنطقة مثل “دي سي إن إس” و”إي دي أف” العاملة في الطاقة، بشكل رئيسي في التقنية البحرية التي تتخصص فيها منطقة بريتاني مثل صناعة أدوات حفر النفط البحري وتوربينات توليد الكهرباء من الأمواج. وفي سعيهم لإيجاد التقنيات، يمكن للمطورين تجربة منتجاتهم في برك مياه مخصصة تحاكي قوة المد والجزر وفي أحواض توفر قوة الضغط نفسها الموجودة تحت أعماق مياه تصل إلى 10,000 متر، أي ما يقارب أعمق نقطة على سطح الأرض الموجودة في خندق ماريانا في المحيط الهادي. ويحيط بمنطقة بريتاني، التي تمثل مركزاً للابتكارات، عدد من المعاهد مثل “أيرين أيه في” مدرسة البحرية الفرنسية و”سيتميف” المتخصص في دراسات ارتفاع مستويات البحر. وتم استثمار ما مجموعه 400 مليون يورو (2,08 مليار درهم) حتى الآن على عمليات البحوث والتطوير التي تتضمن نحو 105 ملايين يورو مقدمة من الحكومات الإقليمية والوطنية. علاوة على ذلك، يوفر ساحل المنطقة بيئة حقيقية لتجربة مزارع التقنية الحيوية والسلامة البحرية المتخصصة. كما أن نموذج بريتاني، الذي ابتكره مجمع “بول ميخ”، هو النموذج نفسه المتبع في مدينة “مصدر” في أبوظبي. وتلبي “مصدر” ، طلب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومراكز الابتكارات التي نتجت عن الاندماجات العالمية مثل “جنرال اليكتريك” و”سيمنز”، والتي تشكل جميعها جزءاً من الخطة الرامية لجعل أبوظبي مصدراً للابتكارات والتطوير. كما يركز المجمع الفرنسي على المزايا الجغرافية، كذلك تعمل “مصدر” بألواح الطاقة الشمسية ومواد البناء عالية الكفاءة وأنظمة الطاقة الحرارية الجوفية، المستمدة في مجملها من ابتكارات نبعت من صلب الصحراء. «دي سي إن إس»: من صناعة الآليات الحربية إلى تأمين الطاقة ? يعود تاريخ “دي سي إن إس”، العاملة في مجال صناعة الآليات الحربية، لعام 1631 عندما قام الكاردينال ريشيليو ببناء أول ساحة للسفن البحرية. وحولت الشركة نشاطها مؤخراً من صناعة الغواصات النووية والسفن الحربية التي كانت تسوِّقها حول مختلف أنحاء العالم، إلى مجال آخر مختلف تماماً، حيث دفعتها حاجة العالم المتزايدة للطاقة مثل الوقود الأحفوري خاصة النفط، إلى طرق باب هذا النشاط. ويقول مارك فالهون، مدير مبيعات حاضنة التقنية بالقرب من ميناء مدينة بريست الجامعية، إن ذلك هو السبب الذي حثَّ شركته لاستثمار 40 مليون يورو “207,8 مليون درهم” في توربينات الرياح العائمة وملايين أخرى في بعض النماذج التجريبية للطاقة النظيفة، والتي تصب جميعها في الجهد الذي يهدف للمحافظة على الريادة في مجال تصدير التقنيات الصعبة التصنيع. وتعمل الشركة، المملوكة من قبل الحكومة الفرنسية، شراكة مع مؤسسات أخرى مثل “أوبن هايدرو” الأيرلندية، التي تقوم بصناعة تصاميم لها لتسويقها أو تنفيذها. وتستهدف هذه التصاميم عملاء مثل شركة “إي دي أف” الفرنسية للطاقة وحكومة جزيرة مارتينيك الواقعة على البحر الكاريبي. ويقول مارك “ليس لهؤلاء العملاء علاقة بعملائنا التاريخيين”. وتمثل إضافة الطاقة المتجددة لسجل الشركة، خطة لتأمين المستقبل، حيث يرتكز سوقها الرئيسي على القطاع العسكري الفرنسي الذي يتسم بحالتي الاستقرار والتراجع. ومن ضمن التقنيات التي تعمل “دي سي أن أس” على تطويرها، محطة توليد كهرباء عائمة تستغل الفرق بين المياه الدافئة على سطح البحر والمياه الباردة في الأعماق لإنتاج الطاقة أو لمد نظم تحلية المياه بالكهرباء اللازمة. وفي حالة توافر الظروف المناسبة، تأمل الشركة في بيع مثل هذه الأجهزة لمنطقة الخليج أيضاً. ويضيف مارك “من الممكن توفير استقلال في الطاقة للبلدان التي تعتمد على بلدان أخرى في الوقت الحالي، كما لا يمكن لمصادر مثل الرياح والمد والجزر أن تزول أبداً”. ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©