الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كلمات المزروعي.. ترسم خريطة معرفية للحاضر والمستقبل

كلمات المزروعي.. ترسم خريطة معرفية للحاضر والمستقبل
14 نوفمبر 2014 01:06
أبوظبي (الاتحاد) كان الراحل الكبير محمد خلف المزروعي، حاضراً بالفكر والحركة، في الساحة الثقافية الإماراتية منذ لحظات التأسيس الأولى وحتى لحظات الذروة التي حققتها وتجاوزتها، فهو من الرعيل الإداري والمثقف الذي أعطى للثقافة وفعالياتها في مختلف الحقول المعرفية والمهرجانية، جهده ووقته وقدراته التنظيمية، فضلاً عن أفكاره المبدعة. وفي هذا الاستعراض لأقواله، في مختلف الأنشطة الثقافية، تتضح رؤاه وتطلعاته وأحلامه التي تلخص أحلام جيله، ومن تلاه من الشباب الإماراتي الساعي في دروب الإبداع والتميز. قاعدة المؤسس وتنبني تلك الرؤى عند محمد خلف المزروعي، على قاعدة أساسية، هي الإرث الذي تركه مؤسس الدولة وراعي نهضتها المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لكل الإماراتيين والإماراتيات بمختلف أجيالهم. وفي ذلك، قال الراحل محمد خلف المزروعي: «إن الشيخ زايد تمكّن في أقل من ثلاثة عقود من تحقيق حلم البناء الكبير لاتحاد الإمارات، وبناء دولة التقدم والأحلام الطموحة التي خطّها بأفكاره الفريدة، ووضع الأسس المتينة، ووفر الإمكانات اللازمة لبدء مرحلة الانطلاق نحو العالمية في مختلف المجالات، والتي نشهدها ويشهدها العالم أجمع اليوم بكل وضوح». وأضاف: «إن شخصية الشيخ زايد تتسم بالبداوة الأصيلة التي ورثها من حكمة وفصاحة وشهامة، وقد أكد في كثير من المناسبات أهمية المحافظة على التقاليد العربية الأصيلة بالتوازي مع سرعة دوران عجلة التطوير والتحديث، فهو قائد حكيم، شاعر بارز، وفارس معروف، ولقب بالصقار الأول على مستوى العالم، وكان يعمل من منطلق مقولته الشهيرة، (لا أريد نقل البدو إلى الحضارة، بل أريد نقل الحضارة إلى البدو). وكان الشيخ زايد يؤكد باستمرار أن العلم والثقافة هما ركائز تقدم الأمم وحجر الأساس في الحضارة، ويؤمن إيماناً عميقاً بالدور الكبير الذي يجب أن تؤديه الثقافة في تقدّم المجتمع، وجميعنا يتذكر قوله المأثور (الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، والأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها، وإنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة والعامل الرئيس على تأكيدها). ومن وحي مقولته: «من لا ماضي له ليس له حاضر»، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وبدعم متواصل من قبل الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خطت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث خطوات كبيرة وواثقة، وحققت إنجازات مهمة في فترة زمنية وجيزة، وذلك في سعيها للمحافظة على التراث العريق لدولة الإمارات، مع حرصها البالغ على التعاون، وتبادل المعرفة والخبرات مع ثقافات الشعوب الأخرى. لقد ولد زايد وعاش نصيراً للتراث والثقافة، وقد مثل لنا وللإنسانية جميعاً قيماً خالدة ومواقف لا تنسى من منطلق قناعاته وشغفه بالطبيعة، وبصون التراث الثقافي بشقيه المادي والمعنوي على نحو غير مسبوق، ونحن نفخر بما أنجزه ونعمل للحفاظ عليه وإبقائه محفوراً في ذاكرة الإنسانية جمعاء. مشروع كلمة عن مشروع كلمة، وهو المشروع الرائد الذي أطلقته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عندما كانت برئاسته، يقول الراحل محمد خلف المزروعي: المعرفة الإنسانية معرفة شاملة، وتراكمية، وهذا ما أدركه العرب خلال عصور ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، لذلك ازدهرت في تلك الحقب حركة الترجمة عن اللغات الأخرى في محاولة لنقل المعرفة بجوانبها النظرية والعلمية كافة، وهذا ما أدى إلى حفظ هذه المعرفة التي تناقلتها الحضارات المختلفة، وأقامت على أساسها نهضة مجتمعاتها وتنميتها. وإذا ما قاربنا الوضع العربي، سندرك أننا لم نمتلك بعد الأدوات الأساسية للتنمية القائمة على المعرفة الهائلة التي أنتجتها الحضارات من مشرق العالم إلى مغربه، وذلك بسبب قصور حركة الترجمة وتأخرها عن حال غيرها في مجتمعات أخرى. ومن الملاحظ أن معظم ما يترجم إلى اللغة العربية تتم ترجمته عن اللغة الإنجليزية، ولذلك فمن المخطط له بأن يقوم مشروع كلمة بترجمة المؤلفات عن مختلف اللغات الحية، وعدم تجاهل ما ينتج في ثقافات أخرى لها مكانتها المعرفية والحضارية المعروفة. صورة الإمارات وبمناسبة مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة كضيف شرف في الدورة العاشرة من موسم طانطان بالمملكة المغربية، قال الراحل محمد خلف المزروعي: من الخليج إلى المحيط، من أبوظبي إلى المغرب العزيز، حيث تلاقي التراث والحضارة وتقارب العادات والتقاليد، وتماهي مشاعر الأخوة والوفاء. إن التاريخ ليشهد على المكانة المرموقة التي أضحت تتبوأها الإمارات على الصعيد العالمي باعتراف منظمة اليونيسكو التي أعلنت «الصقارة والسدو والتغرودة» تراثاً ثقافياً عالمياً في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك بفضل حكمة وتوجيهات القيادة العليا في الدولة، وتحولت أبوظبي إلى وجهة ثقافية عالمية بكل ما تحمله الكلمة من معاني الإبداع والتميز ونشر قيم السلم والحوار والتسامح.. لقد كسرت أبوظبي حاجز الاحتكار الثقافي العالمي، واليوم يمكنك أن تجد متحف اللوفر وجامعة السوربون في أبوظبي، كما يمكن لك أن تعيش أجواء المهرجانات السينمائية والفنية والثقافية العالمية في الإمارات بكل فخر واعتزاز كبلد عربي استطاع أن يعزز رصيده الثقافي والفني العالمي. معنى العلم وبمناسبة رفعه علم الإمارات العربية المتحدة، أمام المدخل الرئيس لمقر اللجنة في مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، في إطار الدعوة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للاحتفاء بيوم العلم، قال الراحل محمد خلف المزروعي: نجتمع اليوم تحت راية علَّمتنا خلال السنوات الماضية معنى حبّ الوطن والبذل في سبيله، علَّمتـنا الوفاء والولاء لقيادتنا الرشيدة، الإيمان بالجذور المشتركة والمصير المشترك، والاعتزاز بتاريخنا وقيمنا الأصيلة. إننا نقف تحت شعار دولتنا وعلم يمثل لنا طموحاتنا، ويعكس اتحاد سبع إمارات تحت مظلة دولة متوحدة وقيادة واحدة، بشكل عزّز اللُحمة الوطنية، وأواصر الولاء والانتماء وتماسك المجتمع الإماراتي. إن على الجيل الجديد من أبنائنا أن يفخر بأنّ علم بلادنا الذي رفعه لأول مرة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه المؤسسون ـ طيّب الله ثراهم جميعاً ـ سيظلّ رمزاً للنهضة والازدهار جيلاً بعد جيل. حضور الشعر وعن برنامج «أمير الشعراء» الذي كان يقف وراء انطلاقته ونجاحه، قال الراحل الكبير: إن مشروعاً إبداعياً كأمير الشعراء، بما يتسم به من تنافس إبداعي خلاق، يتيح للشعراء العرب المعاصرين التنافس الإبداعي الذي استقطب ملايين المشاهدين العرب في مختلف أنحاء العالم، وذلك بالتكامل مع «شاعر المليون» البرنامج الأضخم من نوعه عالمياً. إن أمير الشعراء يهدف إلى النهوض بشعر العربية الفصحى والارتقاء به وبشعرائه، والترويج له في الأوساط العربية، وإحياء الدور الإيجابي للشعر العربي في الثقافة العربية والإنسانية، وإبرازه رسالة محبة وبشير سلام، والتأكيد على دور مدينة أبوظبي في تعزيز التفاعل والتواصل بين شعراء العربية الفصحى في كل مكان. وعن برنامج شاعر المليون قال الراحل: إن مسابقة شاعر المليون صارت البوابة الأكبر لنجومية الشعراء في العالم العربي، والمسابقة الرائدة في عالم التحدي والتنافس بين الشعراء، عبر تقديم إنتاجهم الشعري، وإلقائه أمام مجموعة من النقاد الأكفاء الذين يتولون تقييمه، إضافة إلى أن هذه المسابقة صارت قناة التواصل بين الشعراء والجمهور، مختصرة بذلك على الشعراء سنوات من النشر والوجود الإعلامي حتى يجدوا الانتشار الذي يستحقونه بين جمهور الشعر ومحبيه. إن هذه المسابقة تعيد إحياء التراث وثقافة العربي الذي أصبح بعيداً عن بيئته وتراثه، من خلال التكنولوجيا والتطور التقني الذي وصلنا إليه اليوم، لذا وضعت الهيئة ضمن خطتها الاستراتيجية في الحفاظ على التراث والهوية، وفي أعلى سلم اهتمامها أن تعمل على الاحتفاء بالطاقات الشعرية الكامنة في جميع البلاد العربية عبر هذه المسابقة، وبهذا فإنني أعتبر أن المسابقة ما هي إلاّ أداة تقارب بين الثقافات والشعوب، من خلال قصائد الشعراء التي تحكي يومية الحياة بجماليتها ورحابتها، وهذا ما يعني أن البرنامج كان ولا يزال انطلاقة لفكرٍ عربي لم يعد يجد في القوالب التقليدية حيزاً للتفكير أو التعبير، إنما بالتجديد ومواكبة كل تطور مع الحفاظ على التراث ومن خلاله. الصيد والفروسية وبمناسبة انعقاد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، وهو من البرامج التراثية المهمة التي ترعاها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، قال الراحل محمد خلف المزروعي: إن هذا المعرض يثبت عاماً بعد عام أنه برنامج تراثي شامل، يتضمن برنامجاً ثقافياً حافلاً، وصوراً ومقتنيات نادرة جداً، وعاماً بعد عام نسير نحن على خطى والدنا المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو الحامي الأول لتراثنا العريق والمنادي بضرورة تناقله عبر الأجيال كمصدر فخر واعتزاز لما قدمه الأجداد لهذا الوطن. إنه موسم جديد وفعاليات متجددة، وتاريخ مستمر مرافق للنهضة الحضارية التي تشهدها دولتنا، موسم جديد ووعي شبابي أكبر ومدرك لأهمية هذه الفعاليات والبرامج التي تقام على أرضنا والتي وصل صداها للعالمية، خصوصاً أن المعرض يستقطب جمهوراً وعارضين من مختلف أنحاء العالم، موسم جديد ووعد بالاستمرارية للوصول إلى هدفنا، واستراتيجيتنا التي ما كانت لتتحقق لولا قيادتنا الحكيمة والرشيدة. رحلة ثقافية مشرقة كان الراحل محمد خلف المزروعي، يشغل منصب مستشار الثقافة والتراث بديوان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما شغل سابقاً منصب مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ورئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام. والراحل عضو فعال في اللجنة المنظمة للمعرض الدولي للصيد والفروسية الدولي، وكذلك أسس مجلة الصقار، وهو عضو أيضاً في صقاري الإمارات، بالإضافة إلى إدارته لأعمال ثقافية وإعلامية ذات الصلة بالتراث والثقافة. يتمتع المزروعي بصداقات قوية مع أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، من هواة الصيد والفروسية والإعلاميين والصحفيين والشعراء المختصين بهذا الشأن. ولد الراحل في مدينة زايد في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي، وأكمل تعليمه في المدارس الحكومية للإمارة، وتابع دراسته في الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات، وتخرج بعدها بـدرجة الماجستير في الإدارة من ولاية أوريغون بالولايات المتحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©