الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاكتظاظ يهدد ثانويات الجزائر ويثير تذمر طلبتها

الاكتظاظ يهدد ثانويات الجزائر ويثير تذمر طلبتها
21 أكتوبر 2012
تعيش المدارسُ الثانوية في الجزائر أوضاعاً غير عادية منذ بداية العام الدراسي الجديد في سبتمبر الماضي، بسبب الاكتظاظ الكبير في الأقسام الدراسية، وتجاوزه المعدلات التربوية المسموح بها، ما شكّل ضغوطاً على الأساتذة والتلاميذ وأوليائهم والإدارة معاً، وجعل الجميع يشعر بعدم الارتياح إزاء هذه الوضعية المستجدة، ويطالب التلاميذُ وأولياؤهم ونقابات الأساتذة بإيجاد حل لها في أقرب وقت ممكن، وإلا فإنهم سيلجأون للتصعيد. وتردّ وزارة التربية بأنها ستجد الحلول المناسبة قبل نهاية السنة الجارية، مؤكدة أن الوضع مؤقت. حسين محمد (الجزائر) - بدأت مشكلة اكتظاظ المدارس الثانوية في الجزائر مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2012- 2013، حيث فوجئ التلاميذ المنتقلون من المرحلة المتوسِّطة إلى الثانوية باكتظاظٍ غير مسبوق في مختلف المدارس الثانوية للبلد، مع التفاوت من منطقة إلى أخرى بحسب الكثافة السكانية وتوفر المدارس الثانوية، حتى تراوح عـددُ التلاميذ في بعض المدارس بين 40 و55 تلميذاً ثانوياً في الصف الواحد، الأمر الذي خلّف تذمرا واسعا، سواء لدى الطلبة أو أوليائهم أو لدى الأساتذة أو حتى إدارات المدارس الثانوية. حلول مؤقتة وجدت إدارة المدارس الثانوية نفسها تواجه ضغوطاً خانقة أجبرتها على اتخاذ قرار منع الكثير من التلاميذ الراسبين من إعادة السنة الأولى ثانوي لعدم توفر مقاعد، بعد أن مُنحت الأولوية للتلاميذ الجدد الصاعدين من التعليم المتوسط أو الإكمالي، ما دفع المئات من هؤلاء “الضحايا” إلى التجمهر والاعتصام رفقة أوليائهم أمام المدارس الثانوية بمختلف ولايات البلد، وبخاصة بـ”البويرة” و”تيزي وزو”. كما أقدمت وزارة التربية على تحويل مدارس ابتدائية جديدة اكتمل إنجازُها مؤخراً إلى “ملاحق” مؤقتة للمدارس الثانوية، في انتظار أن يستكمل إنجاز ثانويات جديدة وتسليمها في أقرب وقت، بل إن بعض مناطق الجزائر لجأت إلى حلول غريبة؛ ففي منطقة “حمادي” غرب الجزائر العاصمة، تمّ فتحُ 6 أقسام في مدرسة ابتدائية لطلبة التعليم الثانوي بسبب اكتظاظ الثانوية الأصلية، ليجاوروا بذلك تلاميذ الابتدائي الذين يدرسون في أقسام مجاورة في وضعية بالغة الغرابة دفعت التلاميذَ وأولياءَهم إلى الإضراب عدة أيام قبل أن يستسلموا للأمر الواقع. سببان رئيسيان تقول وزارة التربية إن الاكتظاظ مسّ فقط عشر ولايات جزائرية، وأن الوضعية مؤقتة وستجد حلا في الأسابيع المقبلة، بينما تؤكد نقاباتُ التربية أن الاكتظاظ يمس كل ولايات البلد، لكن الظاهرة تبرز أكثر في 35 ولاية من أصل 48. وتؤكد الوزارة أن لهذه الظاهرة سببين رئيسين؛ الأول هو صعود كوكبتين من تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط إلى التعليم الثانوي دفعة واحدة، وهما الكوكبتان اللتان تلقيتا تعليماً أساسياً أو إكمالياً في الوقت نفسه، أي أن تلاميذ النظامين القديم والجديد، قد التقوا دفعة واحدة في المرحلة الثانوية، وبما أن عدد المدارس الثانوية أقل من المدارس الإكمالية أو المتوسطية، فقد برزت ظاهرة الاكتظاظ كتحصيل حاصل. أما السبب الثاني، بحسب وزارة التربية دائماً، فيتعلق بالتأخر في إنجاز الكثير من المدارس الثانوية، حيث كان من المقرر أن يتم استلامُه في بداية العام الدراسي، ولكن تبين أن الكثير منها يعاني تأخرا ملحوظا في الأشغال ويستحيل تسليمُها في الآجال المحددة، ما أحرج وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد، الذي بادر إلى الضغط على الولاة للإسراع في الأشغال، مؤكدا “اتصلتُ بولاة العديد من الولايات لحثهم على متابعة سير الأشغال في المدارس الثانوية قصد تسليمها في أقرب وقت ممكن، ونأمل أن يتمَّ ذلك قريباً جدا”. تقاعس الوزارة أغضبت هذه الوضعية نقابات الأساتذة بدورها، فاتهمت الوزارة بالتقاعس في متابعة المشاريع المبرْمَجة، ما أفضى إلى تأخر فادح في الإنجاز، إلى ذلك، يقول مزيان مريان، رئيس نقابة أساتذة التعليم الثانوي والتقني “مشكلة الاكتظاظ كانت متوقعة منذ سنوات بالنظر إلى تزايد عدد التلاميذ من عام إلى آخر، ولكن لم يكن هناك تخطيطٌ وتحضير للمستقبل ببناء المزيد من المؤسسات التربوية مسبقاً لاستيعاب هذا العدد المتزايد”. ويعتقد مزيان أن هناك “نية لتخريب قطاع التعليم”، بدليل أن ثمة مشاريع مؤسسات تربوية انطلقت بها الأشغال في سنة 2009 عبر 35 ولاية، ولم تكتمل بعد إلى حد الساعة”، ما دفعه إلى مطالبة رئيس الحكومة الجديد عبد المالك سلاّل إلى “فتح تحقيق في أسباب عدم إنجاز هذه المدارس الثانوية التي لم تُسلم إلى الآن”. ويؤيده في ذلك رئيس “مجلس أساتذة التعليم الثانوي” نوار العربي، الذي يؤكد “الظاهرة خطيرة ومقلقة، وتتطلب تحركا عاجلا لمعالجة الوضع، المشكلة أن مديري التربية يحاولون التهوين من حدة الاكتظاظ ويعتبرون الظاهرة عادية. هذا أمرٌ غير مقبول، قانون التربية والتعليم ينص فقط على أن العدد يجب أن لا يتجاوز الـ30 تلميذا في القسم، فكيف يعتبر هؤلاء وجودَ أكثر من 45 تلميذاً في القسم الواحد أمراً عادياً؟” ظروف صعبة يؤكد التلاميذ والأساتذة أن الوضعية صعّبت من مهام الطرفين، إذ يشكو التلاميذ من أنهم يعانون “ضعفاً في الاستيعاب” بسبب كثرتهم داخل الصفّ ورفض الأساتذة بذل جهود مضاعفة لإفهام الجميع. في حين أن الأساتذة يؤكدون صعوبة الوضع، ويقول محمد لعموري، أستاذ رياضيات “الوضع خانق، يتعذر أن تقدِّم في صف بـ48 تلميذا درسا ناجحا كالذي تقدّمه في صف يقل عدد تلاميذه عن الـ30، ثم إن الاكتظاظ ضاعف الآفات المعروفة من قبل كالشغب والعنف في أوساط التلاميذ”. إلى ذلك، يقول الوزير عبد اللطيف بابا أحمد إن “المشكلة ظرفية، وستُحل في ظرف شهرين ونصف شهر على الأكثر”، ويوضح “هناك 100 ثانوية ستُسلم قبل نهاية السنة الجارية في مختلف أنحاء البلد، ما سيقضي على ظاهرة الاكتظاظ”. إلا أن النقابات قللت من شأن هذا التصريح، ورفضت النظر إلى الاكتظاظ كظاهرة “ظرفية” ستزول قريباً، وتوقعت استمرارها طويلاً وقد تنجم عنها توتراتٌ اجتماعية إضافية، في السياق ذاته، يقول مريان “المشكلة ليست ظرفية، ولن تُحل هذه السنة الدراسية بتسليم مدارس ثانوية جديدة، بل ستمتد إلى ثلاث سنوات كاملة، ثم يصل الاكتظاظُ بعدها إلى الجامعة إن لم تتخذ احتياطاتها من الآن لاستقبال الدفعة الأولى من هؤلاء الطلبة الثانويين في سبتمبر 2015”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©