السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

يحيى الناعبي: حكايات وأساطير الأجـــداد استفزتنـــا للكتابــــة

5 مارس 2007 02:09
حوار - محمد نجيم: الشاعر العُماني الشاب يحيى الناعبي من الأسماء الشعرية الشابة التي تصنع الحدث الشعري في سلطنة عُمان ومنطقة الخليج العربي عموماً، أصدر مؤخراً ديوانه الشعري الجديد الذي أسماه ''حياة بين شاهدتين'' وبهذه المناسبة التقت به ''الاتحاد'' وكان الحوار التالي: *الشعر متى ·· كيف ·· لماذا ؟· ؟؟ تلك اللحظة التي تسرق منك الجانب المحسوس فتدخل عالم الشعور الباطني ومرحلة اللاوعي الحاضر بزمان ومكان غائبين في فترة الكتابة، ومتقاطعين معها في نقاط أقرب للحلم منها عن الواقع، تلك التداخلات الشائكة والمغرقة في تحليل ما يدور حولي، وبالتالي هي كمية من الظواهر المتفرقة مجتمعة في لحظة الكتابة· تأتي على هيئة رؤية بسيطة أو فكرة استفهامية أو سؤال تبدأ أجوبته المتعددة تشكل حالة شعرية بمفاهيم ومضامين متعددة تصعب صياغتها في رد متناسق ومنطقي، وبالتالي تكون تداعياتها أقرب إلى حالة الحمى والهذيان· لا أدري لماذا تأتي حالة الكتابة للقصيدة، ولكنني أخمن بأن هناك رابطاً جذرياً تأسست عنه علاقة وطيدة فرضت حضورها وأعطتها الحق في استلاب عنصر المقاومة والرفض· ؟ هل هناك شاعر ما تأثرت به كثيراً؟· ؟؟ هناك شعراء كُثر في مراحل مختلفة وسياقات شعرية مختلفة سواء على مستوى الشعر العربي الكلاسيكي أو الأدب الحديث، وكذلك ما وصلنا مترجماً عن اللغات الأخرى، ولكن ستظل هناك أسماء معدودة لها الدور القوي والمؤثر في تحديد هويتي الشعرية والذائقة، بمعنى أقرب حركت الكوامن الشعرية والتخييلية عندي في كتابة القصيدة، بالإضافة إلى دور القراءات الأخرى في العلوم المختلفة التي ساعدت كثيراً في المزاوجة مع النص الشعري· الطبيعة العُمانية ؟ ما دور الطبيعة العُمانية في كتابة القصيدة؟· ؟؟ لا شك أن الطبيعة العُمانية بجغرافيتها الغنية والمعقدة لها دور غذّى المخيلة الشعرية خاصة عند تمازجها بالذاكرة الشفاهية أو المكتوبة تجد أنها تشكل مركبّاً ثرياً في خلق نص يصعب تمريره وفك شفرته بسهولة فهذه الطبيعة الأقرب إلى كتابة ملاحم أسطورية و''ميتافيزيقا'' النص، فليس سهلاً أن تجثم هذه الجبال على مرآنا، وهذه الصحراء التي تفرش بحرها الرملي أمام خطواتنا الصغيرة مجتمعة في ما تناقلته جداتنا وأجدادنا من حكايات وأساطير في هذا الكوكب الملغز الذي يشبه نيزكاً سقط ذات يوم بغموض كبير دون أن يحرك مشاعرنا وأسئلتنا السهلة الممتنعة عنه، وكلما تعمقنا في تاريخه أكثر كلما استفزنا لكتابة الكثير عنه، أو أن تجد آثاره في قصائدنا الشعرية دون وعي أو رغبة، هو طائر رخ يهيمن على نفوسنا بذنب أو بغير ذنب· ؟ ماذا عن حضور الأسماء النسائية في عُمان؟· ؟؟ هناك أسماء نسائية لها مشاركات وحضور طبعاً فقد مستها هذه الجغرافيا، كما مست الرجل بالتساوي، وبالتالي فهناك شاعرات وأديبات بمختلف الأجناس الأدبية بالرغم من حداثة الكتابة النسوية في الخليج عموماً، كما الحداثة الشعرية عند الكتّاب الخليجيين· كما أن تاريخ المرأة نّم عن مشاركات فعالة ورئيسة في الحوار الاجتماعي الجغرافي ودورها كان ملموساً جداً حتى وإن غيب كثيراً في تأريخ دورهن كتابياً لأسباب دينية واجتماعية بمختلف إشكالاته القبلية والنظرة الدونية وقلة الحيلة، والجميع يعرف دور المرأة مؤسس اجتماعياً وثقافياً، إلى أن ظهرت الآن وأتيحت لها الفرصة لتنتقم من تاريخها المغيب وتبدع إن كانت متسامحة· تجربة الإمارات ؟كيف ترى تجربة قصيدة النثر في الإمارات؟· ؟؟ أحترم تجربتهم بشكل كبير ومتابع لهم بنسبة جيدة خاصة بعض الأسماء التي شكلت قصيدة النثر في الإمارات وفي اعتقادي أن تجربتهم تمسنا كثيراً، وذلك للتقاطع التاريخي والجغرافي والاجتماعي وتلك الروح التي من عين واحدة وفي جدول واحد· ؟ وحول بقاء الشعر الحديث·· ماذا تقول؟· ؟؟ روح الشعر لن تموت أبداً بالرغم من الكثير من الإشكالات التي تمثلها المرحلة الراهنة والتي لها تأثير لا بأس به، ولن أقول قوياً؛ لأن الانتصار للشعر أخيراً، حتى مع تحجيمه سيبقى يمثل حجر الزاوية لمجتمع يلمس العولمة بشكل يومي ومباشر وأنا أعتقد أن كل الذي يحصل هو في مصلحة الشعر الحديث ومعه سواء بحسب ''النظرية الدارونية'' في البقاء للأصلح أو بحسب قراءتي لهذا المجتمع المشكك في كل شيء وآمل أن تستقر به الحال· ؟ هل يمكن الإقرار بوجود رواية عُمانية ؟· ؟؟بالرغم من قلّتها إلا أنها استطاعت أن تمثل حضوراً لافتاً وترسم لها أفقاً في طريقه للرواية العربية ولها قدرة على اختراق التابو المجتمعي العام، فهناك أسماء انتصرت للرواية بشكل عميق ومبشر، وأنا متأكد أنها في طريقها إلى وضع بصمة خاصة بها ومحاولة تجاوز بعض الاختلالات الفنية والموضوعية· ؟ لماذا لا تصل الكتب التي تصدر في منطقة الخليج العربي ؟· ؟؟إن مشكلة التوزيع أعتقد أنها ليست خليجية فحسب بل هي عربية متأزمة، والسبب هو الناشر ذاته، فالمسألة أصبحت في دائرة التجارة المحزنة والمؤسفة، فعلى سبيل المثال الغالبية من دور النشر العريقة والرائدة تمتنع عن عرض كتب لكتّاب شباب بعذر تكاليف الشحن ولو نسخ قليلة تعريفية وبصراحة العذر أقبح من الذنب، لأنه بحسب علمي أن طباعة الكتاب تتم بمبالغ باهضة ومبالغ فيها مقابل نسخ محدودة للكاتب، فلماذا يكنز عمله في مخازنهم ومن ثم إعدامها؟· التالي نص من مجموعته الشعرية ''حياة بين شاهدتين'' ليكنْ! من تسكن عزلتهُ هذه البطاحَ كملاك منفي في فردوسٍ قاسٍ لا شيء يغطي الوحدة المُتحجرة سوى تركة ترحل معه دائماً ومنازل مغمورةٍ بخطيئة لم تصل إلى حدِّ النهاية· صولجان الرِّيح يناولني ورقة حُبٍّ خبأتُها في سريري تقاسمني اللِّحاف والهواء الصرخة تنسج منْ وعاء دمي ضباباً أزرقَ يحومُ حول جسدي المسجى على رفَّة الترحال مدار جائر حين أسلمه مفتاح القلق أنا الغائبُ في زمنٍ تركْتهُ يطلق ساقيه وكما لو أن الغابة التي أنتمي إلى ظلالها رصاصةٌ تتسول في جسدي وتعبر محيطاتهِ· لا تتنزه كثيراً في مرآة الماء فوجهك لا يزال طريّاً وموجعاً حتى من قبلة كل صباح ربما يتَفَرّسُ الآخرون في عينيك حين لا يجدون منْ يسد عشقهم ويتركون أبوابهم مفتوحةً حتى الصباح أيُّ ريح ذئبيَّةٍ هذه التي تعوي خلف النافذة تركت أطفالها ينامون على سريري وهيأتني فريسةً لأحلامهم كان الحقدُ آخر ما خلفتْهُ الحروب والصمت لا يُولَّدُ سوى غُصَّة في الحنجرة النجومُ التي تُغازلني بلمعانها تركت كتائب الأمل تملي فراغ الطائر حين يطلق ريشه للهواء والشمس تنذر بشعاعٍ أبيض يلفُّهُ كما القماط طريقه لا تحصيه الخطوات والقدر محتوم وبلا خوف يستطْعم اللَّذة كما لو كانتْ قطعة ثلج على كفِّه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©