الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صقر القاسمي.. باني نهضة رأس الخيمة العمرانية والاقتصادية

27 أكتوبر 2015 00:16
رأس الخيمة (وام) تحل اليوم الذكرى الخامسة لرحيل آخر مؤسسي دولة الاتحاد، المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي، والتي تصادف الـ (27) من شهر أكتوبر من كل عام. وكان الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رحمه الله، مساهماً رئيسياً في بناء دولة الاتحاد، جنباً إلى جنب مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» وإخوانهما من شيوخ الإمارات المؤسسين الذين عملوا على تعزيزها ودعم مؤسساتها وتقوية أركانها، إيماناً بقيمة الاتحاد وأهميته، وبالوحدة الطبيعية والاجتماعية والنفسية والوطنية والتاريخية التي تجمع أبناء الإمارات كافة. وكان الشيخ صقر القاسمي «رحمه الله»، قد انتخب عام 1965 قبل قيام الاتحاد بست سنوات، رئيساً لمجلس الحكام الذي ضم إمارات الساحل، وفق التسمية المتداولة في حينها، وحقق خلال فترة ترؤسه للمجلس، إنجازات اقتصادية واجتماعية، وظل في منصبه حتى قيام الاتحاد مطلع السبعينيات من القرن الماضي، برئاسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، وقد انضمت إمارة رأس الخيمة للاتحاد خلال شهر فبراير عام 1972، ليصبح الشيخ صقر بن محمد القاسمي عضواً في المجلس الأعلى للاتحاد. وينتمي المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي، في نسبه إلى الشيخ رحمة بن مطر بن كايد مؤسس دولة القواسم في المنطقة سنة 1760 ميلادية، عقب انهيار دولة اليعاربة، ويعود تسلسل نسبه كما يلي: صقر بن محمد بن سالم بن سلطان بن صقر بن راشد بن رحمة بن مطر بن كايد، وهو الجد الأكبر للقواسم. ولد الشيخ صقر القاسمي «رحمه الله» في العام 1918 في مدينة رأس الخيمة، ونشأ نشأة إسلامية عربية في كنف والده الشيخ محمد بن سالم بن سلطان القاسمي، الذي كان حاكماً للإمارة ما بين الأعوام 1917 - 1919، واتصف بالهدوء والحلم وقوة الإرادة والشجاعة في إبداء الرأي، وعرف عنه اعتزازه الشديد بتاريخ أجداده الذين بنوا أكبر قوة بحرية عربية في المنطقة، وعرف عنه أيضاً الولاء لأمته العربية ونصرته لقضايا الحق والعدل والسلام. وتمتع الشيخ صقر منذ ولادته برعاية أبوية خاصة، أساسها التعلم وأخذ المعرفة بأمور الدين والدنيا، فقد نشأ بين أشقائه وزملائه ينهل في دراسته معاني القرآن الكريم، وحفظ آياته وتعلم القراءة والكتابة على يد ما كان يسمى في ذلك الوقت المطاوعة، حيث درس الشيخ صقر في طفولته على يد المطوعة الفاضلة السيدة فاطمة زوجة حمد الرجباني المعروف باسم المغربي. وتلقى في تعليمه الأولي، حفظ آيات من القرآن الكريم، والحساب ومبادئ القراءة والكتابة، وكان عمره حينئذ لا يتجاوز عشر سنوات، ثم درس فيما بعد على يد معلمين متخصصين أحضرهم الحاكم في تلك الفترة خصيصاً من نجد، لتدريس أفراد العائلة الحاكمة في بيت الحاكم، ثم تلقى دراسة العلوم الدينية والعربية على يد الشيخ سيد الهاشمي في بيت فضيلة الشيخ علي بن محمد المحمود، وكانت الدراسة فيها شبه نظامية. وعكف الشيخ صقر بن محمد القاسمي منذ توليه الحكم في إمارة رأس الخيمة، الذي يصادف «يوم الاثنين الموافق التاسع من فبراير عام 1948» على إرساء قواعد الوحدة الوطنية بين القبائل في الإمارة، وجمع شملها والتأليف بينها، وجعلها وحدة متماسكة، إضافة إلى رفع شأن إمارته وتقدمها في شتى المجالات الافتصادية والاجتماعية، فحققت رأس الخيمة بجهوده المتواصلة «رحمه الله»، تقدماً كبيراً في ركب العلم والتقدم. نشر العلم والمعرفة: ووجه الشيخ صقر بن محمد القاسمي، جل اهتمامه لنشر العلم والمعرفة في المجتمع، إيماناً منه بدور التعليم في بناء الإنسان والمجتمع، وتكوين الوعي الثقافي للدول، وفي هذا الصدد كان يقول، رحمه الله، للتعليم فوائد جمة في حياة الإنسان وسعادته، فعن طريق القراءة والكتابة يعرف الإنسان أصول دينه ويصبح الإنسان مستنيراً مثقفاً واعياً مدركاً». وأدرك الشيخ صقر القاسمي خلال السنوات الأولى لحكمه، أهمية التعليم والمعرفة في تكوين الوعي الحضاري وبناء شخصية الإنسان والمجتمع، وفي تحديد مسار حياة الفرد العملية والاجتماعية، فقد أمر «رحمه الله»، في سبيل نشر التعليم، بإنشاء دائرة للمعارف لمتابعة شؤون البعثات العلمية في الإمارة، وذلل العقبات أمام الوفود التعليمية التي أرسلتها الدول الشقيقة من أجل نشر العلم وافتتاح مدارس نظامية على أرض رأس الخيمة، وكان يشجع الطلاب وأولياء الأمور، ويحثهم على تعليم أبنائهم. واتخذ الشيخ صقر بن محمد القاسمي منهجاً تربوياً، إلى جانب التعليم، فقد افتتح عدداً من المدارس وأولى التعليم جل اهتمامه، وكان يكرم المدرسين الذين قدموا إلى رأس الخيمة في فترتي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وقدم لهم كل التسهيلات التي تعينهم على إكمال مهامهم في تعليم أبناء المنطقة، فأصبح في رأس الخيمة عشر مدارس في عام 1960، خمس منها للبنين، وخمس للبنات.وعمل «رحمه الله»، على إنشاء المدرسة الزراعية في الدقداقة في عام 1955، ثم أنشأ المدرسة الصناعية عام 1969. تحفيظ القرآن: ولم يقتصر اهتمامه على التعليم العام، بل تركز أيضاً على تحفيظ القرآن الكريم للطلاب والطالبات على حد سواء، لأنه كان يردد دائماً أن دراسة القرآن الكريم وعلومه فيه إرشاد وتهذيب وتقويم للنفس والسلوك والعمل..إلى جانب اهتمامه بتوفير رعاية صحيه شاملة لأبناء رأس الخيمة، حيث افتتح المستشفى الكويتي، وفي عهده تم إنشاء ثلاثة مستشفيات عصرية في الإمارة، وفي عهد الدولة الاتحادية انطلقت عمليات البناء والتطوير في رأس الخيمة. وانتخب الشيخ صقر القاسمي عام 1965 رئيساً لمجلس الحكام قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، وضم إمارات الساحل، واستطاع خلال ترؤسه المجلس تحقيق الكثير من المنجزات، وظل في هذا المنصب إلى قيام الاتحاد. وعمل إلى جانب إخوانه حكام الإمارات على إقامة اتحاد متماسك، ومترابط يجمع شمل الإمارات في دولة واحدة تزيل الحواجز بين أبناء المنطقة الواحدة، وعلى الرغم من الصعوبات الجمة التي واجهت قيام الاتحاد، إلا أن الإرادة الوحدوية الصلبة للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات، تمكنت من تخطي كل العقبات وتحقيق الأمنية الغالية لشعب الإمارات، حيث شهد يوم الثاني من ديسمبر 1971 ميلاد دولة حديثة أصبحت يوم إعلانها الدولة الـ18 في جامعة الدول العربية والعضو 132 في الأمم المتحدة. وفي 10 فبراير من عام 1972 ميلادية، انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد، ليكتمل كيان سياسي موحد وقوي، وقد جاء بناء الاتحاد، إضافة إلى كونه ضرورة حتمية لمواجهة التحديات التي كانت تواجه المنطقة ترجمة عملية لتعزيز أواصر القربى، وصلات الرحم بين أبناء الإمارات جميعاً. وتحولت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنوات قلائل، من قيام اتحادها إلى دولة عصرية مزدهرة، ينعم مواطنوها بالرفاه والرخاء بفضل القيادة الحكيمة والعطاء السخي والجهود المخلصة للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». امتاز الشيخ صقر القاسمي بسياسته الحكيمة وبعد رؤيته، وتطلعه الدائم إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، حيث استقطبت الإمارة العديد من الصناعات الناجحة التي أسهمت في دفع عجلة التقدم ومنها، صناعة الأسمنت والأدوية والسيراميك والحديد، وغيرها من المصانع والشركات. وقد توالت نهضة رأس الخيمة العمرانية والاقتصادية بتوجيه وإشراف مباشر منه، حيث تم افتتاح المشاريع الكبيرة ومنها، مطار رأس الخيمة الدولي وميناء صقر، وبذلك حققت إمارة رأس الخيمة خلال سنوات قلائل في عهده منجزات كبيرة، وشهدت تحولات جذرية على طريق التقدم والازدهار، انطلقت من وضع خطط حديثة لتطوير المدينة على أسس عصرية بإقامة العديد من المرافق الحيوية في الإمارة. صفات حميدة.. أبرزها محبة العلم والتمسك بقيم الإسلام وقضاء حوائج الناس اتسم الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رحمه الله، بصفات حميدة عكست شخصيته حاكماً وإنساناً من أبرزها، محبته للعلم والدين، وحثه المستمر لأبناء الإمارات والأهالي جميعاً، على التمسك بقيم الإسلام الحنيف، وتشجيعه المتواصل على التعليم إلى حد صبغ شخصيته القيادية والإنسانية والاجتماعية، وفرض طابعه على مراحل واسعة من حياته وسيرة حكمه. وواظب،رحمه الله، على التواجد في الديوان الأميري برأس الخيمة لتلبية احتياجات الناس، وخدمتهم وكان يقف أمام الحصن مقر الحكم، ومقر إقامته الأول ثم في قصره لاحقاً ليستمع إلى كل من يسأله حاجة من بعد صلاة العصر، وصولاً إلى أذان العشاء بحسب ما يروي أبناء رأس الخيمة من كبار ومقربين، وكان بعض الناس يحدثه عن حاجته داخل المسجد. وامتاز الشيخ صقر القاسمي بسياسته الحكيمة وبعد رؤيته، وتطلعه الدائم إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، حيث استقطبت الإمارة العديد من الصناعات الناجحة التي أسهمت في دفع عجلة التقدم ومنها، صناعة الأسمنت، والأدوية، والسيراميك، والحديد، وغيرها من المصانع والشركات. وحرص الشيخ صقر بن محمد القاسمي على الالتقاء بالمواطنين، من خلال مجلسه المفتوح دائماً، أو على الطبيعة، وتفقد احتياجاتهم والاطمئنان على أحوالهم والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم من مشاريع الخدمات في مناطقهم، وكرس كل جهوده منذ أن تولى مقاليد الحكم لخدمة المواطنين، وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في حياة كريمة، يسودها الاستقرار والأمان والرفاهية، وبناء دولة حديثة ينعمون بظلال تقدمها وازدهارها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©