الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحلام مستغانمي: ظفرت بالانتشار لأنني كنـت حـرة في اختيار قيودي

أحلام مستغانمي: ظفرت بالانتشار لأنني كنـت حـرة في اختيار قيودي
14 نوفمبر 2014 23:17
محمد عبدالسميع (الشارقة) ضمن أمسيات البوح والتلقائية والرومانسية التقى جمهور معرض الشارقة للكتاب، مساء أمس الأول، في قاعة الاحتفالات بالروائية الشاعرة أحلام مستغانمي، في أمسية بعنوان «عليك اللهفة»، قدمها الشاعر علي الشعالي، الذي قال: نلتقي مع فيض من معاني الرومانسية تتقصده الشاعرة والروائية الشهيرة أحلام مستغانمي التي جاءت لتمنح جمهورها العريض فرصة اللقاء والمتابعة لبوحها العذب الجميل، الذي باحت به في ديوانها الأخير «عليك اللهفة». وتحدثت مستغانمي قائلة: أتيتكم على هودج الأشواق، فلقلبي مربط خيلٍ هنا. الشارقة نقطة فارقة على خريطة العروبة، لأنها قلعتها، ومنارتها، لذا هي حاضرة في القلب والذاكرة. الشارقة أيتها الشاهقة تواضعاً، سلاماً لرجالاتك ولأهلك الطيبين. شكراً لأنك رفعت عالياً سقف الكلمة الحرة، ودخلناك دون أن تنحني كلماتنا، معك بلغنا سن الرشد الأدبي، فعلى مدى التاريخ، الكاتب العربي، لا عمرَ له، له عمرَ خوفه، وذاكرةَ حتفه. ألم يقل الماغوط نيابة عنا «ولدت مذعوراً وسأموت مذعوراً». وتابعت مستغانمي قائلة: لقد ولد القراء أحراراً ولابد أن يبقوا كذلك. يقول نابوكوف صاحب «لوليتا»: لا أدري لماذا إذن، وحدهم الكتّاب لا يولدون أحراراً، ولماذا في جرائم الحبر يُحاكَم الكاتب وينجو القارئ من العدالة. تعلمت من نزار أن أستدل بخوفي على الحقيقة، وأن أدافع عن الجملة التي أخافها، لأنها وحدها تشبهني، وكان هذا الدرس الأصعب في الكتابة. أما الدرس الثاني: «إن كنت حراً فاخترع قيودك»، ذلك أن الإبداع كما الحب يقوى بقيوده. لكن الذكاء الإبداعي في أن تقفز فوق الحواجز بمرونة لغوية وبشاعرية، من دون أن تسقط في عين القارئ، أو تخدش الأبجدية. وأضافت مستغانمي: إن كنت ظفرت بهذا الانتشار في العالم العربي، فليس لأنني كاتبة متحررة، بل لأنني كنت حرة في اختيار قيودي، لثقتي بأن من يهين نصه يهين نفسه. وأشارت مستغانمي أننا نعيش أزمة قراءة، أساسها عدم إدراج الثقافة لدى معظم حكامنا ضمن الأولويات. فكيف لمن لا يقرأ أن يرعى الإرث الإبداعي لأمته، أو يحافظ على أصحاب الفكر. كان ستالين، والنازيون على أبواب موسكو ينادي الشعب الروسي عبر المذياع للمقاومة، صائحاً: «دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي». ذلك أن الأوطان تنسب لكُتابها كما تنسب لقادتها، فرنسا بلد فيكتور هيغو كما هي بلد نابليون، وبريطانيا بلدُ شكسبير.. ذلك أن أمة تنسب للقتلة لا لمبدعيها، لا مكان لها في وجدان البشرية، ولن يحترمها التاريخ. نحن أمة يتعرض فيها الفرح العربي للتطهير العرقي، ويغتال فيها الأمل بقرار دولي، لعلمهم أن أمة فقدت الأمل بالتحرر والتطور والنجاة، هي أمة آيلة للاندثار. وأضافت مستغانمي: لعلنا نحتاج إلى اجتماع عاجل لمجمع لغوي، يعيد النظر في مأزق لغتنا، أمام هذه المشاعر الجديدة، ولا نعرف لها اسماً. لقد استنفذنا اللغة.. وبعد الهزيمة ـ والنكسة ـ والنكبة ـ والمؤامرة، نحتاج إلى كلمة جديدة أكبر من هذه كلها. وتساءلت: أصعب على العرب الذين أعطوا الحصان سبعين اسماً، وابتدعوا للحب ما يعادل ذلك من الأسماء، أن يجدوا لحزننا في زمن منحط كهذا أسماء جديدة تليق بحجم خيباتنا؟. قبل عشرين عاماً، يوم انتقلت من الشعر إلى الرواية قلت: «عندما نفقد حبيباً نكتب قصيدة وعندما نفقد وطناً نكتب رواية»، ولكن، ماذا عندما نفقد أوهامنا، وتنهار أوطان بكاملها أمامنا، أي صنف أدبي علينا أن نكتب، وهل تجدي الكتابة كأداة ترميم داخلي إذا كان كل ما حولنا يتهاوى؟. كنا نكتب لنتحرش بالأحلام كي تتحقق. ثم بعد ستين عاماً من الحلم، نجحنا في تحقيق أحلام أعدائنا. فهل نصنع شعراً من رماد الأمنيات التي انطفأت؟ أم نكتب ملحمة نوثق فيها لمن سيأتون بعدنا زمن أفول نجمنا، استباقاً ليوم قد يقال فيه «العرب مروا من هنا»؟. وقالت مستغانمي إن معركتنا الأولى ضد من يخططون لابتلاعنا، وهي معركة لغوية، وهي في متناول من شاء. يكفي أن نواصل التخاطب بهذه اللغة التي حماها القرآن الكريم، وأن نواظب على الإبداع بها وأن ينسب لها لساننا، أياً كانت هويتنا العرقية. سأظل انحاز للعربية لأنها لغة قلبي وعقيدتي ولأنها وجداننا القومي المشترك، ولأنني لا أعرف أقول كلمة أحبك إلا بالعربية. فحيث توجد العربية يحضر الشعر. بربكم هل من أحد بإمكانه ترجمة «عليك اللهفة» إلى أية لغة أخرى؟. بما تحمله هاتان الكلمتان من جمال الأحاسيس العشقية وعنفها. وكيف لي بغير هذه اللغة أن أقول: «لك وحدك كانت كلماتي ترفع خماره».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©