الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

د·جمال السويدي : تراجع الاستقرار الإقليمي·· وإيران حققت أكبر الفوائد

6 مارس 2007 02:03
بدأت أعمال المؤتمر الذي حضره معالي محمد بن حسين الشعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية ومعالي عبد الرحمن بن حمد العطية الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وسعادة الفريق الركن حمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة وعدد من المسؤولين والباحثين وسفراء الدول المعتمدين لدى الدولة بكلمة للدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ألقتها نيابة عنه عايدة عبد الله الأزدي نائب مدير عام المركز لشؤون خدمة المجتمع وقال فيها : لقد أصبح الشرق الأوسط بصفة عامة، ومنطقة الخليج العربي بصفة خاصة، في السنوات الأخيرة موضع اهتمام دولي كبير، من النواحي الأمنية والسياسية والتنموية، موضحا أن حرب الولايات المتحدة الأميركية على العراق في العام 2003 أدت إلى تراجع مستوى الاستقرار والأمن الإقليميَّين، وهو ما جاء نقيضاً للمقاصد المعلنة لـ قوى التحالف قبل الحرب، والتي تمثلت في تخليص المنطقة من عنصر مثير للاضطراب· وأضاف: على الرغم من أن تزايد الوجود العسكري الأجنبي في منطقة الخليج، كنتيجة من نتائج حرب العراق، يوفر بعض الأمن، فإنه يعطي الجماعات المتطرفة ذريعة أقوى للقيام بعمليات إرهابية، ويزيد خطر المواجهة· وقال: منذ بدء الحرب على الإرهاب التي تقودها عدد من القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، كانت إيران الدولة التي حققت أكبر قدر من الفائدة في المنطقة، وذلك بعد التخلص من عدوين قديمين في أفغانستان والعراق، والتراجع النسبي لقوة الولايات المتحدة بسبب ما تعرضت له قدراتها العسكرية والدبلوماسية من الإجهاد· مؤكدة إن إيران التي زادت جرأتها بفعل التطورات السابقة - والتي ستزداد أكثر إذا تسلحت بأسلحة نووية - سوف تمثل تهديداً كبيراً للاستقرار الإقليمي، ومن ثم فإنها بالتالي ستكون مصدر قلق كبيرا فيما يتعلق بالأمن العالمي· وأشارت الازدي إلى أن هذه التطورات العسكرية والاستراتيجية، كانت منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط الكبير موضوعاً لنوايا معلنة - برغم أنها لا تنفذ دائماً - تتعلق بالتحول الديمقراطي والدعم الخارجي للتنمية، وقد ترك هذا الأمر لدى شعوب المنطقة المستعدة للمشاركة في العملية السياسية انطباعاً بأن مثل هذه العمليات يجري فرضها دون أي اعتبار للخصوصيات الثقافية، مشيرة إلى أن الدعم الخارجي السافر للتنمية الاقتصادية في شكل إبرام اتفاقيات تجارية وتوجيه الاستثمار - برغم أنه ضروري- ينطوي أيضاً من الناحية الكامنة على إثارة الاضطراب في المنطقة إذا لم تتم إدارته بشكل ملائم وبطريقة توضح الفوائد العائدة على القوى المحلية على إثر مثل هذه الإجراءات· كل هذه العوامل وضعت ضغوطاً على نماذج أمن الخليج العربي القائمة، وزادت الحاجة إلى إعادة تقويم النظم والوسائل الراهنة· وأوضح أن الأمن الوطني يمثل دائماً الاهتمام الأساسي لأي دولة ذات سيادة، ولكن هذا الأمن لا يتحقق من دون التعاون والتكامل مع النظم الإقليمية والعالمية الآخذة في البروز، وتكمن مسؤولية الدولة في توفير الأساس الأمني لشعبها؛ وذلك من خلال حفظ القانون والنظام، والحفاظ على الوحدة الجغرافية للدولة، وتوفير الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لتسهيل التنمية والازدهار· وقال: ''لقد أصبح من المقبول، منذ وقت طويل، النظر إلى الأمن والاستقرار الداخلي كعناصر توفر القاعدة الأساسية للازدهار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والسياسية، وفي هذه المنطقة يعد الوضع في العراق مثالاً جلياً لما يمكن أن يحدث للدولة في غياب الاستقرار· وفي السنوات الأخيرة وفرت لنا دول مثل أفغانستان والصومال، أمثلة إضافية على ذات النتيجة· ففي مثل هذه الدول، أفضى الافتقار إلى الأمن إلى الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، والذي أسفر بدوره عن الاضطراب''· وأشار إلى أن نموذجا جديدا بدأ في البروز في العلاقات بين الدول، والذي أصبح سائداً على نحو متزايد منذ انتهاء الحرب الباردة، يتجاوز المبدأ القديم عن السيادة داخل الحدود وتوازن القوة بين الدول· موضحا أن جذور فكرة الأمن الوطني القديمة توجد في معاهدة وستفاليا المبرمة عام ،1648 والتي وضعت في آخر الأمر نهاية للنزاع في أوربا وعززت مبدأ الحقوق السيادية للدولة الوطنية، ويمضي المفهوم الأحدث لأمن الدولة إلى ما وراء النماذج العسكرية والاستراتيجية التبسيطية لكي يشمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والإقليمي، وفي عالم اليوم الذي تسوده العولمة، والتجارة الدولية، والاتصالات، والهجرة كان على معظم الأمم أن تتخلى عن جوانب من السيادة الوطنية إما بالانضمام إلى التجمعات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، أو التجمعات الدفاعية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو الهيئات العالمية مثل الأمم المتحدة، وعلى نحو مهم، تنضم الدول إلى هذه المنظمات المتعددة القوميات طواعية، وتختار التخلي عن بعض السيادة مقابل قدر أعظم من الأمن العسكري أو السياسي أو الاقتصادي· وأوضح أن الفرضية التي تشكل أساس هذا النموذج الجديد تتمثل في أن النزاع لم يعد حلاً للمشكلات بين الدول، وأن تجميع الموارد من أجل تعزيز المصالح المشتركة سوف يوفر قدراً أكبر من الأمن في المدى الطويل· قبل أسبوعين فقط ذكر معالي يوشكا فيشر، نائب المستشار الألماني ووزير الخارجية السابق، في محاضرة ألقاها في هذا المركز، مثال الاتحاد الأوروبي في التوسع شرقاً، وأن سقوط الشيوعية، واجتذاب الدول إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، والمشاركة الراسخة - سياسياً واقتصادياً واجتماعياً- لأوروبا الغربية قد أزالت الخط الأمامي للحرب الباردة· لقد تم التغلب على مشكلات الأمن عن طريق الاعتراف بالمصالح المشتركة· وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يتكرر هذا السيناريو دائماً في العلاقات الدولية - نظراً إلى أن الاتحاد السوفييتي قد استسلم من تلقاء نفسه - فهو يوضح أهمية ما يطلق عليه اصطلاحاً (The Soft Power ) القوة الناعمة في نشر النفوذ، ودورها في تعزيز الأمن بطريقة هادفة· وعلى النقيض من هذا الرأي، توجد قلة من الناس يمكن أن تجادل في أن الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية قد تعزز بحربها على العراق في العام ·2003 وأشار إلى أن دول الخليج العربي تحتل موقعاً فريداً في العالم، ولابد من أن توازن هذه الدول بين مسؤولياتها الداخلية والضغوط الدولية؛ فهناك اهتمام دولي ملحوظ في التطورات التي تشهدها هذه المنطقة، لا بسبب الثروات النفطية الضخمة التي أنعم الله بها عليها فحسب، بل أيضاً بسبب التداعيات الأيديولوجية الإقليمية والعالمية لأي صراع قد يندلع في منطقة الخليج· ويشارك المجتمع الدولي دول الخليج العربي في قلقها إزاء زعزعة الاستقرار في العراق، وكذلك إزاء خطر امتلاك إيران لأسلحة نووية، وخطر التهديدات الإرهابية العامة· وأضاف وهناك من جهة أخرى العديد من التحديات الداخلية التي لها تأثيرها في الأمن القومي لدول الخليج العربي، إلا أن المجتمع الدولي أقل انشغالاً بها؛ ومنها القضايا الديموجرافية التي تشمل الخلل في التركيبة السكانية والمخاوف من الأعداد الهائلة للعمالة الوافدة، والبطالة المتزايدة بين مواطني دول الخليج، ونسبة الشباب المرتفعة بين سكان هذه الدول· وعلاوةً على ما سبق، قد ينجم عدم الاستقرار عن مقتضيات التنمية الاقتصادية السريعة التي تشهدها المنطقة، والتي تتمثل في تزايد مستويات التجارة، والاستثمار، والاندماج في المجتمع الدولي، مع ضرورة الإشارة هنا إلى الأهمية البالغة للتنمية من أجل الحفاظ على معدلات النمو السكانية المتسارعة وتعويض الموارد النفطية المتضائلة في المستقبل· وقال وهناك من جانب آخر، تمر دول الخليج العربي في مرحلة انتقالية، وهي تشهد نضوجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً· وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا التحول ينطوي على حالة من عدم الاستقرار، والتي لابد من مواجهتها عبر منظومة أمنية، بشرط ألا تكون عسكرية فحسب في طبيعتها؛ فثمة حاجة حقيقية إلى أن تطوير دول الخليج العربي نظاماً أمنياً شاملاً، يوفِّق بين مصالح المجتمع الدولي بصفة عامة والاحتياجات المحلية الملحة بصفة خاصة، كما يوازن بين التجهيز العسكري ومفهوم القوة الناعمة ببعدها الحضاري والثقافي البالغ الأهمية· ولابد من أن يلبي هذا النظام كافة الاحتياجات الأمنية لدول الخليج العربي وأن يحقِّق رخاءً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً لهذه الدول· وأشار إلى أن هناك جوانب عديدة لمفهوم الأمن اليوم، بدءاً من الأعمال الجيو-استراتيجية للقوى العظمى ووصولاً إلى الارتقاء بالأفراد اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً أينما كانوا على مستوى العالم، وهذا هو النموذج الأمني الجديد في عالم تسوده العولمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©