السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: ذكرى الهجرة نقطة انطلاق للوحدة الإسلامية

علماء: ذكرى الهجرة نقطة انطلاق للوحدة الإسلامية
31 أكتوبر 2013 21:45
حسام محمد (القاهرة)- ونحن نستقبل العام الهجري الجديد ــ 1435 ـــ شدد علماء من الأزهر على ضرورة أن تكون ذكرى الهجرة النبوية نقطة انطلاق لبناء حضارة إسلامية جديدة، وذلك بتحقيق الوحدة الإسلامية المنشودة بين دول العالم الإسلامي، مؤكدين أن ذكرى الهجرة تنقل الأمة من حالة الاستضعاف إلى حالة القوة وبناء حضاري متكامل يربط الإنسانية برب السماء، فتختفي بشاعة الحروب والصراعات، وجرائم الاقتتال والعنف، وفظاظة النهب والبلطجة، وتنقلنا من التشرذم والتفرق إلى الأمة الواحدة. ويؤكد الدكتور زكى عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الهجرة النبوية مثلت محور الارتكاز ونقطة الانطلاق الاستراتيجية لبناء الحضارة الإسلامية وبناء الدولة، وقد كان حادث الهجرة من أهم الأحداث في تاريخ البشرية عامة وتاريخ الأمة الإسلامية خاصة، ولا أدل على ذلك من أن المؤرخين لما أرادوا التأريخ للفتوحات الإسلامية بدأوا بالهجرة، لأنها أعظم وأكبر فتح في الإسلام، فيها كان الانطلاق بالدعوة الإسلامية إلى مشارق الأرض ومغاربها، بعد أن كان الإسلام محاصراً في مكة ولكن بعد الانتقال للمدينة بالهجرة بدأ التخطيط في كيفية توصيل رسالة الإسلام للبشرية جمعاء وبناء القوة الإسلامية، ولذلك فإن ما يحدث اليوم على الساحة الإسلامية من ضعف وتشرذم للمسلمين بسبب انهزام المسلمين وليس بسبب ضعف الإسلام، فالإسلام قوي بذاته، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الإسلام هو الدين الظاهر المنتصر الذي لا يصاب أبداً بضعف ولا انهزام. أعداء الإسلام وأضاف الدكتور إسماعيل عبد الرحمن أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: عندما نتأمل التاريخ الإنساني نجد أن ما يحدث اليوم من اعتداءات على المسلمين في كل أنحاء العالم الإسلامي ليس غريباً فدائماً أعداء الإسلام لديهم إصرار على قتال المسلمين، وفي ذلك قال تعالى “ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا”، ولكن انهزام الأمة اليوم دليل على انكسار إرادتها على الرغم من انتصار دينها الإسلامي، فعلى الرغم من محاولة محاصرة الإسلام ديناً وأمة من الشرق والغرب إلا أنه يومياً يعتنق الإسلام المئات في العالم، وفي ذلك دليل متجدد على انتصار هذا الدين الحنيف، ولذلك يجب أن ينظر المسلمون لأنفسهم وما يحدث اليوم في كل بقاع العالم الإسلامي دليل على انهزام المسلمين وليس الإسلام، فيجب أن يعيد المسلمون النظر إلى أنفسهم وترتيب أولوياتهم، فالعدو ليس له مرجعية دينية ولا يجب الرضوخ لهذه الهزيمة الحضارية الحالية والعودة إلى دين الله حتى ينصر المولى أمة الإسلام ويعيدها إلى سابق عهدها. ولفت إلى أن معاني الهجرة الكثيرة يمكن أن يأخذ بها المسلمون في زماننا هذا، بل إن الأخذ بها ضرورة حياتية، لأن الهجرة لم تكن انتقالاً مادياً من بلد إلى آخر فحسب، ولكنها كانت انتقالاً معنوياً من حال إلى حال، إذ نقلت الدعوة الإسلامية من حالة الضعف إلى القوة ومن حالة القلة إلى الكثرة، ومن حالة التفرقة إلى الوحدة، ومن حالة الجمود إلى الحركة، والهجرة عملية بناء وإصلاح تأخذ بيد الإنسانية المعذبة إلى شاطئ الأمان والاطمئنان، فالهجرة لم تكن فقط لتحقيق الأمان لحياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الهدف من الهجرة هدف عظيم، وهو الانتقال بالرسالة الإسلامية من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، والمؤرخون يقسمون سيرة الدعوة الإسلامية إلى مرحلتين متميزتين: العهد المكي الذي يمثل مرحلة الدعوة، والعهد المدني الذي مثل مرحلة الدولة ونقلت الدعوة الإسلامية نقلة هائلة سريعة، كان هدفها تربية الفرد المسلم إلى مرحلة أصبح هدفها تكوين المجتمع المسلم، ومن دعوة كانت مجرد عقيدة وفكرة إلى دعوة أصبحت شريعة ودولة، ومن حركة محدودة الآثار إلى حركة عالمية الأهداف، ومن دعوة أتباعها قلة مستضعفون إلى دعوة أتباعها سادة فاتحون، ولهذا كانت الهجرة ثورة عقائدية، بكل ما تحمله هذه العبارة من معانٍ إيجابية، لأنها غيرت أحوال المسلمين تغييراً جذرياً. ذكرى الهجرة وتطالب الدكتورة عفاف النجار العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بنات بجامعة الأزهر المسلمين بالعمل على الاستفادة من ذكرى الهجرة لتطبيق دروسها على الواقع الحالي الذي يعيشونه اليوم، وتغيير ذلك الواقع للأفضل، على اعتبار أن هجرة الرسول كانت المحك الأساسي في عملية بناء الحضارة الإسلامية الرشيدة، وأولها التوكل على الله وإتباع أوامره، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من داره مهاجراً ظاهراً وليس مستخفياً كما يظن كثير من الناس خطأ، فهجرة الرسول الكريم لم تكن سرية بدليل أن أهل قريش كانوا يعلمون بموعد خروجه وإعدادهم أربعين شاباً من خيرة شبابهم للعدوان عليه وقتله ولكن رسول الإنسانية الذي منحه الله عينين، أحداهما يرى بها عالم الغيب، والأخرى يرى بها علم الشهادة، رأى قبل خروجه من داره السدين الذين جعلهما المولى عز وجل بين شباب قريش حتى لا يروه صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى “وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون”، والدرس الآخر حسن الظن بالله، وقد ظهر ذلك جلياً في موقف الغار حينما قال أبو بكر “يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا” وكان رد الرسول الكريم عليه لطمأنته “لا تحزن إن الله معنا”، وبعد وصول الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة مقر دولة الإسلام شرع في بناء المسجد الذي سمي مسجداً باسم أعظم ركن من أركان الصلاة، وهو ركن السجود. وتضيف: أن أحداث الهجرة وفلسفتها وما أسفرت عنه من نتائج تصرخ في المسلمين وتهتف بهم أن يهاجروا من الضعف إلى القوة ومن التشرذم إلى التوحيد، وأن يستوعبوا لغة العصر، وأن يتعاملوا مع العالم الجديد بأسلحته نفسها، وأن يضعوا في اعتبارهم أن المجتمع الدولي لا يقيم وزناً للكيانات الصغيرة. مدرسة تتجدد كل عام أوضح فضيلة الشيخ سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقاً أن الهجرة النبوية تعد مدرسة تتجدد كل عام  ليتعلم فيها المسلمون دروساً تعينهم على مواجهة تطورات الزمن واختلاف حاجياته ويستلهمون منها الدروس والعبر على مر العصور، وفي مقدمة هذه الدروس المستفادة من الهجرة تعلم المسلمين كيفية التضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة الإسلام ديناً وأمة، ولذلك كان تشريع مبدأ الهجرة في الإسلام من أجل الاستمساك بالدين وإقامة دعائمه وجعلها أساس ومصدر قوة المسلمين، ولتحقق ذلك اليوم وبث الروح الإسلامية المطلوبة في نفوس المسلمين يجب على الدعاة والعلماء أن يجندوا إمكاناتهم وعلمهم لإحياء مبادئه وتعاليمه في نفوس المسلمين حتى تعود لهم عزتهم وكرامتهم المفقودة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©