الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدن الشعراء.. واقعية ومتخيلة

مدن الشعراء.. واقعية ومتخيلة
2 نوفمبر 2011 21:15
شكلت المدينة ثيمة استلهمها الأدباء والفنانون والسينمائيون في أعمالهم، ذلك لأنّها مهدّ الحضارة ورمز تقدّم الأمة واستقرارها، والبيئة التي تنمو فيها الثقافات وتزدهر في حدائقها العلوم والفنون، والمدينة صورة الأمة، نقرأ فيها أخلاق أهلها ومُثلها وقيمها. يجيء كتاب” صورة المدينة في الشعر العربي الحديث” لمؤلفه الدكتور زهير محمود عبيدات، الصادر عن دار الكندي بإربد في الأردن، بصفحاته الـ286 ليودعه من ثلاثة فصول ومقدمة ومدخل، وزع كل فصل إلى عدّة مباحث، حيث ذكر المؤلف في” المدخل” اختلاف الدارسين في تحديد معايير المدينة عن القرية، وبيان دور المدينة الحضاري الأساسي، في نقل الحضارة الإنسانية ونشرها بين الأجيال اللاحقة، والإشارة إلى بناء الإنسان للمدن العظيمة عبر أدوار التاريخ، كبابل وأور ومأرب والبتراء، وممفيس وطيبة، وأشار إلى لمواقف الفلاسفة والمفكرين من المدينة عبر التاريخ، وكيف كان للإسلام دور كبير في ميلاد المدينة الإسلامية، كبغداد، والقاهرة، وازدهار مدن أخرى قديمة، كمكة والمدينة، ودمشق، وطبعها بطابعه الخاص: حياة ومعماراً وبناءً. وأوضح المؤلف في “المدخل” المدينة ودورها الحضاري في التاريخ، وقدم نبذة عن المدينة العربية الإسلامية وخصائصها، وتركيبها، وأركانها الأساسية، وظواهرها العامة ودورها في الحضارة وبعض مشكلاتها. كما قدم المؤلف معلومات عن المدينة في الشعر العربي القديم من خلال موضوع رثاء المدن المنكوبة؛ للتدليل على أنّ الظاهرة ليست جديدة، ثم تحدث عن العوامل التي دفعت الشاعر إلى الاهتمام بالمدينة. ثلاثة عناصر تناول الدكتور زهير محمود عبيدات في الفصل الأول “صورة المدينة في الشعر العربي الحديث” من خلال ثلاثة عناصر للبعد الاجتماعي المتمثل للإنسان والمكان والزمان، من خلال توقفه عند المدينة/ المكان، الشارع/ أو الدرب، الخمّارّات والمواخير والدهاليز والمقاهي، القصر، وللمدينة/ الإنسان، المدينة والمرأة التي قسمها إلى أقسام عدة، المدينة/ الزمان، والمدينة/ القرية. كما قسم هذا إلى الفصل إلى قسمين: تحدث في الأول عن أبعاد رؤية الشاعر العربي للمدينة، بينما تناول في الثاني صوراً مختلفة للمدينة، حيث رأى الشاعر المدينة من خلال عدّة أبعاد: اجتماعية وسياسية وزمانية “حضارية” واقتصادية ووطنية، موضحاً فيه إلى العوامل المؤثرة في تشكيل رؤية الشاعر للمدينة، وعن المعالم المادية والمكانية التي تردد ذكرها في الشعر وعلاقة الشاعر بها، وأثر ذلك على صورة المدينة وتحدثت عن عالم الفرد والحياة الاجتماعية معينة، وعن الزمن وأهميته في حياة المدينة وعلاقة الإنسان به. أما في “البعد السياسي” الذي ظهر من خلال بغداد فتحدث عن صورتها من خلال السلطة الحاكمة والطبقة المحكومة، وأثر ذلك على الصورة، مبيناً المعطيات التي شكلت رؤية الشاعر لصورة بغداد، كما تحدث مؤلف الكتاب عن الجو العام في عالم بغداد السياسي حيث مثلت بغداد في الشعر كما يقول المؤلف “تجربة العراق السياسية، فكانت مسرحاً للصراع السياسي ووعاء له، والمرأة انعكست عليها مواقف الشعر الأيديولوجية، فاتخذوا منها أقنعة للإفصاح عن هذا الموقف”، وأشار إلى بغداد/ الإنسان، بغداد/ الحاكم، بغداد المحكوم، بغداد/ المكان، بغداد/ الزمان. أما في رؤية زمانية “حضارية” التي تكرر ورودها في الشعر، وعلاقة الشاعر بها وأثر ذلك على صورة بغداد، فتحدث عن الجانب المشرق فيها الذي تجلى في صمودها ونضالها للحصول على الحرية، ثم قدم رؤية الشاعر للزمن في بغداد في ظل الواقع السائد وعلاقة الشاعر وأثر ذلك على صورتها، من خلال المدينة/ الزمن الحاضر، المدينة/ الزمن المستقبل، والمدينة/ الزمن الماضي. كما تعرض مؤلف الكتاب في”البعد الزماني” لرؤية الشاعر العربي للمدينة العربية المعاصرة وأبرز ملامحها، وقارنها برؤيته بالمدينة الإسلامية في الماضي، وأوضح رؤيته لمدينة المستقبل. أما في “البعد الاقتصادي” فبين فيه أثر المال في حياة المدينة وأثره على صورتها. وعرض في القسم الثاني من هذا الفصل “صور أخرى للمدينة” صوراً ايجابية للمدينة العربية من خلال المدينة الأندلسية والمدينة المحتلة ومدينة دمشق. وبين صورة دمشق من خلال بعد زمني، وعرض صورتها في الماضي والحاضر، وتحدث عن صورة المدينة الأندلسية، مشيراً إلى علاقة دمشق بكل من: المدينة الأندلسية وبغداد وأثر ذلك على صورها. كما عرض في هذا القسم صورة المدينة المحتلة والعوامل المؤثرة في تشكيل صورتها، وأبرز هذه الصورة من خلال ارتباط الإنسان فيها بالأرض، وتحدث المؤلف عن الميزات التي تميزت بها، صورة المدينة المحتلة عن صورة المدينة العربية، وعن الظواهر المكانية وعلاقة الشاعر بها، وأثر ذلك على الصورة. كذلك تناول في “مدينة المستقبل” أو “المدينة الفاضلة” أو “مدينة الحلم” العوامل التي دفعت إلى الحلم بها، والأركان العامة التي تقوم عليها هذه المدينة لدى عدد من الشعراء. وأخيرا بين صورة المدينة الأجنبية: حضارياً واجتماعياً وسياسياً، وعرض العوامل التي أثرت في صورتها في الشعر العربي والجوانب الايجابية فيها. التجربة والموقف خصص عبيدات الفصل الثاني “التجربة والموقف من المدينة” للحديث عن تجارب الشعراء الشخصية وأثرها في مواقفهم من المدينة. وركز فيه على أزمة الإنسان فيها واثر ذلك على مواقف الشعراء منها، لهذا انصب الحديث في معظمه على تجاربهم فيها. حيث عرض في “التجربة الاجتماعية” العوامل التي أدت إلى بروز ظاهرة الغربة في الشعر العربي الحديث، مركزاً على تجربة حجازي، وتتبعتها في نتاج عدد آخر من الشعراء وتعرضت لظاهرة الحنين إلى القرية وارتباطها بالغربة، وللعوامل التي أثرت في موقف الشاعر من عالم المدينة الاجتماعي؛ من نفور ونقمة ورفض وقبول، وركز على التجربة وأثرها في موقف الشاعر، وفي “التجربة السياسية” ميز عبيدات بين الغربة والاغتراب، فالغربة إحساس وشعور، والاغتراب موقف رفض مقصود. ثم عرض تجارب شعراء العراق السياسية في بغداد وأثر ذالك على مواقفهم من بغداد: السلطة الحاكمة. وتحدث عن الاغتراب السياسي من خلال بغداد: ظواهره وأسبابه واثر ذالك على صورة بغداد في الشعر. أما في “الموقف من العصر” فتعرض لموقف الشاعر العربي من المدينة العربية المعاصرة وبين أسباب هذا الموقف الرافض وظواهره وفلسفته وحقيقته، وتحدث أيضاً عن تجربة الشاعر العربي في المدينة الأجنبية وموقفه منها وعن طبيعة هذه التجربة وأبعادها ومعاناته فيها، وأثر ذلك على موقفه من المدينتين: الأجنبية والعربية. وبين زهير عبيدات في القسم الأخير من الفصل أشكال السلوك التي يستطيع الشاعر من خلالها أن يقهر اغترابه ويتجاوزه، موضحاً لمراحل العملية الثورية وأركانها. ظواهر فنية أما الفصل الثالث “ظواهر فنية في تصوير المدينة في الشعر العربي الحديث” فقد قسمه المؤلف إلى قسمين هما: أدوات فنية سخرها الشاعر في تصوير المدينة وفي توضيح مواقفه منها: كالرمز، والأسطورة، واللغة. ووقف عند الرموز التي استخدمها الشاعر للتعبير عن قضية المعاناة، وقضية بحث الإنسان عن حلّ ومنقذ، وقضية الفداء والتضحية، وقضية الموت والبعث، كذلك تحدث عن لغة القصيدة وأثر اختلاف الرؤى في معجم الشاعر، في حين عرض في القسم الثاني: “البناء الفني” لبعض الظواهر الفنية التي تأثرت بالتراث الشعري، وبعض الصور الشعرية التي سخرّها الشاعر لتوضيح رؤاه ومواقفه، وإيضاح أثر الغربة في بناء القصيدة في الشعر العربي الحديث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©