الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاذير تكمن خلف متعة السهر حين تبوح الكائنات الليلية بأسرارها

محاذير تكمن خلف متعة السهر حين تبوح الكائنات الليلية بأسرارها
18 مارس 2009 01:20
من المعروف أن النهار للكد والعمل، والليل للراحة والسكون، هذا حال كل شيء في الكون حولنا، والنقيض من هذا يعد أمراً غير طبيعي، بل قلباً لموازين الكون، ولكن البعض يسهر الليالي داخل بيته أو خارجه مع زملائه وأصحابه، أو أمام القنوات الفضائية والإنترنت، وينام حين يستيقظ الناس· هذا هو حال بعض من الناس تحولوا إلى كائنات ليلية، مدمنة على السهر· بحسب أحمد السعيد - 21 سنة - فهو يسهر إلى وقت متأخر، ويقول: ''أنا شاب أحمل الشهادة الثانوية، ولم أجد عملاً حتى الآن، حين أقابل أصحابي لا تكون نوايانا متجهة نحو التأخر في السهر· لكن الحديث يأخذنا، ونفاجأ بأن الوقت قد مضى ولم نشعر به، نسارع في العودة إلى المنزل، لنجد أمهاتنا غاضبات من تأخيرنا، رغم أننا لسنا فتيات لتحرص أمهاتنا على عودتنا مبكرًا إلى بيوتنا، أو لكي يخفن علينا''· ولا يختلف غريب هاشم - 18 سنة - كثيرًا عن السعيد، فهو يسهر أيضًا مع أصحابه حتى الواحدة صباحًا، ويقول: ''أخرج غالبًا آخر الأسبوع مع الأصدقاء، فنجلس في إحدى الكافيهات''، أمَّا عن الوقت الذي يخصصه للمذاكرة فيقول: ''النهار طويل وممل، وليس لدي مشكلة مع السهر فقد تعودت عليه، وأذاكر بالنهار قدر الإمكان''· هروب من المنزل أما راوية صالح فهي لا تستطيع النوم قبل الساعة الثالثة صباحًا، مع أنها ليست مضطرة للسهر، بحسب كلامها: ''فقد أذاكر أو أتصفح النت، أو أفعل أي شيء، ولا أحاول النوم باكرًا، إلا إذا كان يوم الغد يوم دراسة طويلاً ومرهقًا، وفي هذه الحالة أنام في الحادية عشرة أو الثانية عشرة، ولكن النوم لا يأتي بسهولة، وبالطبع أصحو متكدرة، وحالتي النفسية سيئة، خاصة أنَّني لا أستطيع استبدال النهار بالليل لإنجاز أعمالي حيث لن تكون هناك محال مفتوحة في هذا الوقت، كما أنني لم أعتد على ذلك· من جانبه يسهر بسام عبد العظيم خارج المنزل حتى الواحدة صباحاً، ويقول: ''لماذا أعود إلى البيت باكرًا، لا يوجد فيه إلا جدي وجدتي المسنان، ولا حوار بيننا، ولا أية موضوعات مشتركة، ولذلك أقضي الوقت مع أصحابي، فنتسلى ونتحدث، وبعد أن أتركهم أكمل سهرتي حتى الثالثة صباحاً، أستمع إلى إذاعة أو أجلس أمام الشات''· أما فيصل محمود فيصف حالته مع السهر بالقول: ''أنا أنام باكراً، ولا أعتقد أن هناك جدوى من السهر، إلا هدر الوقت فيما لا يفيد، خاصة أن كثيراً من الشباب الساهرين يقضون أوقاتهم في المحرمات، مثل مشاهدة ما لا يليق على الفضائيات أو الإنترنت· أضرار السهر وعن ملابسات السهر وأضراره، يقول الأخصائي النفسي محمود عبد السلام: ''خلق الله - سبحانه وتعالى - النهار للعمل، والليل للنوم، في النهار يصرِّف الجسم طاقاته، ليعوض في الليل ما صرفه منها، وعدم أخذ القسط الكافي من النوم يؤدي إلى ظهور أعراض وأمراض عدة، منها التعب والصداع والغثيان واحمرار العينين وانتفاخهما، إضافة إلى التوتر العصبي والقلق وضعف الذاكرة وانعدام القدرة على التركيز وسرعة الغضب وألم لعضلات، مع بعض المشكلات الجلدية كالبثور· ويوضح عبد السلام كلامه قائلاً: ''لقد ثبت من خلال التجارب التي أجراها عدد من علماء التربية البدنية أن الوظائف الجسمية تزداد قوتها وتنقص بين وقت وآخر خلال اليوم، حيث تبدأ الكفاءة العضلية في الزيادة تدريجيًا منذ الساعة الرابعة صباحًا، وتبلغ مداها الأقصى في الساعة السابعة صباحاً، وتستمر حتى الساعة الحادية عشرة ظهراً، حيث يبدأ المستوى في الانخفاض التدريجي حتى الساعة الثالثة عصراً، ليزداد تدريجياً حتى الساعة السادسة مساء، ثم يعود إلى الانخفاض التدريجي مجدداً، والانخفاض الكبير يبدأ في الساعة التاسعة ليلاً، ويبلغ مداه في الساعة الثالثة صباحاً· ومضار السهر لا تقتصر على معاكسة الوضع الطبيعي للوظائف الجسدية، بل إن قلة النوم قد تسبب خللاً في جهاز المناعة، وهو خط الدفاع الأول والأخير ضد الأمراض، وعندما يعتلّ هذا الجهاز، فهذا معناه - وبكل بساطة - الانهيار، ذلك أن الجسد الإنساني مبرمج على ساعات اليقظة وساعات النوم التي يحتاجها الإنسان، وعند حدوث تغيير في هذه الدورة اليومية يصاب جهاز المناعة بالتشويش والفوضى''· تعود أسباب السهر، وفقاً لمحدثنا، إلى عدة أمور منها أسباب فسيولوجية ناتجة عن خلل في إفراز هرمون الميلاتونين الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في عملية النوم، والذي يزداد إفرازه ليلاً حسب الدراسات العلمية الحديثة· ولكن ذلك لا ينفي أثر البعد النفسي الذي هو أجدر بالتناول· فالسهر قد يكون هروباً من مواجهة مشكلات حقيقية تتحدانا في حياتنا الاجتماعية، أو الدراسية، أو الزوجية، أو العملية، حيث نترجم الهروب منها في السهر أمام شاشات التليفزيون أو النت أو غيره، حتى لا نفكر في مواجهتها· وقد يكون تعبيراً عن اضطراب نفسي كالاكتئاب والقلق، أو التوتر، وهو يحتاج لعلاج نفسي، كما قد يكون انعكاساً لحالة عدوانية تطال المراهقين بصورة خاصة، حيث مرحلة التمرد على قوانين البيت، وقائمة (افعل ولا تفعل)، عندما يجد المراهق نفسه غير قادر عن التعبير عن غضبه مما يُطلب منه، أو الاعتراض عليه بشكل واضح وصريح، يلجأ إلى السهر وإضاعة الوقت في غير فائدة كـ تنفيس غير مباشر لاعتراضه على الأهل، لأن في إضاعة الوقت إيذاء لوالديه وإثباتاً لشخصيته· أمَّا علاج هذه المشكلة، فيكون كما يؤكد الدكتور من خلال أن يعي كل إنسان أنَّ نجاحه في الحياة هو مسؤوليته الشخصية، ولن ينجح إلا إذا قاوم ما يحب وتحمل ما يكره، فقد تهوى السهر، ولكنك في المقابل تستهلك رصيد صحتك البدنية والعصبية والنفسية، وتقصر في أداء دورك الحقيقي في هذه الحياة، من العمل والدأب نهاراً، والاسترخاء والنوم ليلاً، ذلك السهر ليس علاجاً لمشكلة تواجهك، بل هو هروب من واقع قد يكون سببه الفراغ أو عدم وجود شيء حقيقى تعمل من أجله، والأجدر لك هو البحث عن هذا الدور وهذا العمل، بدلاً من تدمير خلايا مخك يومياً بهذا السهر، والوقوع في المزيد من عدم الرضا عن النفس والحياة، أو الاستهتار بهما· دراســــة تشير دراسة طبية بريطانية إلى أن الأشخاص الذين لا ينامون بالقدر الكافي تزيد لديهم احتمالات الوفاة بسبب أمراض القلب، بأكثر من ضعفين، وتؤكد الدراسة أن عدم كفاية النوم له علاقة بارتفاع ضغط الدم الذي يزيد من مخاطر الإصابة بأزمات قلبية وحدوث جلطات، وأوضح تحليل شمل 10 آلاف عامل بالحكومة على مدار 17 عاماً أن الذين يخفضون ساعات نومهم من سبع ساعات كل ليلة إلى خمس أو أقل يتعرضون لزيادة في الوفيات تصل إلى 1,7 ضعف· نصائح تمكنك من النوم مبكراً - عدم القيام بأعمال شديدة الإجهاد· - عدم تناول المنبهات من القهوة أو الشاي في الفترة المسائية، ويدخل ضمنها الإفراط في التدخين· - تعويد الجسم على وقت معين وساعة معينة للخلود إلى النوم· - تهيئة المكان الهادئ المناسب للنوم، ويفضل أن يكون ثابتًا· - تجنب الوجبات الثقيلة قبل النوم، والاكتفاء بتناول كوب من اللبن الدافئ · - أخذ حمام دافئ قبل الخلود للنوم·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©