الكيل بمكيالين

يكيل المجتمع الدولي بمكيالين في رده على التطرف الفلسطيني والإسرائيلـــي· ففي الوقــت الذي يجري تجاهــل ونبذ بعض الفصائل الفلسطينية التي يتم اتهامها بالتطرف، يجري تحمـــل المتطرفين في الحكومــة الإسرائيليـــة إلى حـــد بعيد، والحكـــم عليهم بمجموعـة مختلفـــة كليـــاً من المعايير· وضمــن هذا الإطار، وضعت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (المكونة من الولايـــات المتحــدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا) شروطاً للاعتراف بـ''حماس'' في محاولة لإصلاح ما أصبح وضعاً مستحيلا· وقد تعهدت ''الرباعية'' برفض أي اتصـــال مــــع الحركـــة مــا لـــــم تعتــــرف بحــق إسرائيل في الوجود، وترفض العنف وتوافق على الالتزام بكافـــة الاتفاقيــات السابقة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينيـــة· لا شك في أن الدول الغربية ساندت إسرائيل بشدة منذ تأسيسها قبل أكثر من ستين سنة· ولا نستطيع كفلسطينيين أن نعارض ذلك· وتملك الدول الغربية مطلق الحرية في دعم أية دولة ترغب في دعمها· إلا أن ذلك الدعم يجب ألا يكلّف الفلسطينيين خسارة حقوقهم وأراضيهم· ننسى أحياناً أن قرار الأمم المتحدة الذي أدى في نهاية المطاف إلى إنشاء دولة إسرائيل، احتوى على شرط بوجوب إنشاء دولة للشعب الفلسطيني كذلك· عندما يرفض العالم الاعتراف بمنظمات فلسطينية على أساس أنها لا تعترف بدولة إسرائيل، فمن العدل فقط تطبيق المعايير نفسها على الأحزاب الإسرائيلية والسياسيين الإسرائيليين الذين لا يعترفون بحق الفلسطينيين في دولة، أو الذين يحملون وجهات نظر متطرفة أخرى، وهذا ينطبق على أحزاب إسرائيلية تضم سياسيين مثل بنيامين نتانياهو وأفيجدور ليبرمان· تجنّب رئيس الوزراء الإسرائيلي المعيّن وزعيم حزب ''الليكود'' ''اليميني'' بنيامين نتناياهو في مقابلة أجرتها معه صحيفة ''الواشنطن بوست'' مؤخراً أي ذكر لدولة فلسطينية· وقد فُهِم ذلك من قبل العديد من المحللين على أنه رفض للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة خاصة به· وسينضم إلى حكومة نتانياهو أفيجدور ليبرمان، الذي أكّد أثناء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس: ''يتوجب علينا الاستمرار في قتال الحركة تماماً مثلما فعلت الولايات المتحدة مع اليابانيين في الحرب العالمية الثانية··· وقتها أيضاً لم يكن احتلال الدولة ضرورياً''· (تم التخطيط لغزو أرضي لليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يجرِ تنفيذه لأن اليابانيين استسلموا للولايات المتحدة دون شروط بعد هجمتين اثنتين بالقنابل النووية)· ورغـــم استمــــرار المجتمــــع الدولي في الضغط على الفلسطينيين، فإن رده على التطرف الإسرائيلي قد جرى إسكاته· رد فعل المجتمع الدولي غير عادل وغير متوازن، ولقد حان الوقت لأن يدعم العالم حق الفلسطينيين في دولة لهم، وأن يضغط على المتطرفين الإسرائيليين ليفعلوا الشيء نفسه، مما يضع حداً للكيل العالمي بمكيالين· رشيد شاهين كاتب وصحفي فلسطيني ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند