الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إصدارات إماراتية جديدة في معرض الكتاب

إصدارات إماراتية جديدة في معرض الكتاب
18 مارس 2009 01:53
في أجواء معرض الكتاب، يلتمس المرء عادة أسباباً متنوعة للمتعة والفرح، بعضها يأتي من رتابة تتكسر على حواف نهارات مغايرة، وبعضها يتخلق من العثور على صيد ثمين؛ أعني الكتاب الجديد، وبعضها لحضور أصدقاء جميلين، ننتظر رؤيتهم كلما سنحت سانحة ولا يبل شوقنا لهم سوى معرض الكتاب أو فعالية مشابهة تقام هنا وهناك· في معرض الكتاب يحضر الكتاب بجماله وسطوته المعرفية، برائحة ورقة تعبق في الروح وتعيدها إلى عصر كان فيه للكلمة معنى وللورق وظيفة جليلة· وكم هو جميل أن يحضر الكتاب لكن الأجمل أن يحضر صانع الكتاب، مبدعه الذي سهر عليه الأيام والليالي ليخرج كائناً مكتملاً يملأ الباحات ضجيجاً وحياة· شهيـرة أحمـد جميل أيضاً أن يحضر الكتاب الإماراتي، وأن يمارس وجوده العلني بين الأيدي وعلى الرفوف، وما هذه الالتفاتة إلى بعض الكتب الخاصة بالإمارات في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الصادرة في العام 2009 سوى محاولة لإعلان حضورها وحضور مؤلفيها أمام القراء··· إنها فسحة نستعير فيها أقلامهم لنوقع عنهم ''مختصرات'' شديدة الاختصار لكتبهم··· مجرد تعريف سريع، نعرف أنه لا يفي، لكنه إعلان ولادة سوف نسعى لأن نحيط بكل ملامحه وتفاصيله في وقت آخر· سِفْرُ التفاصيل المحطة الأولى في هذه الرحلة السريعة إلى الإصدارات الصادرة حديثاً في الإمارات أو عنها هو الشعر، هذا الكائن الخرافي الذي لا يستقر على رف، ولا يجلس في كتاب، وإنما يطير بين الأجنحة راسماً عوالم من الألق الفاتن تستدعي كتابة قزحية وملونة· أما المجموعة الشعرية فهي ''الفائض من الرف'' وأما الشاعر فهو أحمد العسم، هذا المتبتل في محراب الشعر، الباحث عن ناره المقدسة، الساهر على حواف المعنى يلتقط ما شاءت له حالاته من لآلئه ومحاراته، حتى يتساءل المرء وهو يقرأ ما اجترحته أنامله من صور مفاجئة، هل هو ''الفائض من الرف'' أم ''الفائض من الشعر'' الذي يشتغل عليه العسم بكثير من رغبة الكشف والإدهاش والشفافية· يتمدد كتاب العسم أو قل صوته الشعري على مساحة 144 صفحة من القطع الوسط، ويحتضن بين دفتيه أجساد 37 قصيدة تبوح بتفاصيل الشاعر، وتفاصيل المكان، منتصرة لبراءته الأولى، رافضة ما يجري عليه من تغييرات تخرب روحه وروح الشاعر التي تدين ما ترى· يهدي العسم كتابه هذا إلى صديقيه الشعريين عبدالله السبب وهاشم المعلم، هذا الثلاثي الجميل الذي عرفناه في تسعينيات القرن الماضي في إصدار مشترك حمل يومها عنوان ''يحدث هذا فقط''، وكان تجربة لافتة بحق· وها هو العسم يعيد إصداره بشكل منفرد، مشفوعاً بدراسة نقدية للناقد العراقي محمد الجزائري· قدم لكتاب العسم ''الفائض من الرف'' صديقه الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم بفائض من المحبة، ومما جاء في المقدمة: ''··· وكما أن أحمد العسم كغيره من الشعراء الشفافين الذين لا يدينون للقسوة بل للحب، ولا يدينون للعداء بل للسلام، تراه يبتلع جمرته ويكابر على الجرح، ويدفع بصحته النفسية والجسدية ثمناً لما يؤمن به من مبادئ· أجل، لقد كتب أحمد ولا يزال يكتب بدم قلبه لا بمداد قلمه، سفر التفاصيل الخالد على جدران الذاكرة الذي لا تقوى على إطاحته كل البلدوزرات الطارئة''· أسرار الأرض من أسرار الشاعر وتفاصيله البالغة الدقة، إلى أسرار الأرض البالغة الغور، نمضي إلى الكتاب الثاني في هذه الأضمومة وهو كتاب: ''اكتشاف العصر الحديدي في دولة الإمارات''، الصادر عن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وتأليف خبير الآثار الدكتور منير يوسف طه· يستمد الكتاب، الصادر باللغة الإنجليزية، مادته من ذاكرة الأرض، وبالتحديد من نتائج أعمال التنقيب التي قام بها منير طه في موقع في القصيص في إمارة دبي على وجه الخصوص، وفي باقي مواقع إمارتي الشارقة ورأس الخيمة على وجه العموم إلى جانب المسوحات والكشوفات والزيارات الميدانية التي قام بها الكاتب ما بين الأعوام (1972-1981) والتي شملت جميع الإمارات· ويحتوي الكتاب على 12 فصلاً إلى جانب المقدمة والخاتمة، بالإضافة إلى عدد من الصور والخرائط والرسومات التي لها علاقة مباشرة بنتائج أعمال التنقيب، ويقدم صورة متكاملة لعمل الكاتب الذي كان ومن خلال نتائج أعماله وحفرياته أول من اكتشف هذه الحقبة الثقافية في دولة الإمارات والتي شملت أيضاً عموم مناطق الخليج العربي· يفرد الباحث طه فصول كتابه الأولى للحديث عن جغرافية وأهمية وتاريخ الخليج العربي منذ أقدم العصور وحتى العصور التاريخية المتأخرة، ويتطرق إلى الروابط التجارية وخطوط الملاحة فيه· فيما يخصص الفصول اللاحقة لجغرافية وطوبغرافية دولة الإمارات، وأهم مصادر مياهها، ومناخها، وبعض من واحاتها وثرواتها الطبيعية· وفي بقية الفصول يصف وباسهاب موقع القصيص وكيف تم اكتشافه إلى جانب التنقيبات الأثرية التي أجريت فيه ولأول مرة في صيف عام ،1973 ثم تلاه موسم آخر في عام 1979 ليكتمل النص ويشكل وحدة معلومات كاملة تكشف لأول مرة، وقد تقدم به المؤلف إلى جامعة ''كمبردج'' لنيل شهادة الدكتوراه· ويورد الكاتب طه أن أعمال التنقيب كشفت عن مدفنين كبيرين أقيما خلال نهاية الألف الثالث وبداية الألف الثاني قبل الميلاد، ثم أعيد استعمالهما خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد (1000- 500) ق·م (العصر الحديدي)، واحتوى المدفنان، ومدافن انفرادية أخرى تم العثور عليها، على هدايا جزائرية قيمة· إلى ذلك، كشفت أعمال التنقيب عن مستوطنات سكنية تعود طبقات إحداها إلى الألف الثالث قبل الميلاد· والأهم من ذلك كله هو الكشف ولأول مرة في جنوب الخليج العربي على معبد مخصص لعبدة الثعابين· ويعرض الكاتب بعد ذلك، وعلى ضوء نتائج أعمال التنقيب والنصوص القديمة، لماهية العلاقات التجارية ما بين القصيص وبلاد وادي الرافدين، وجبال زاكروست وعموم منطقة الخليج العربي· ولا يخلو الكتاب من ذكر نصوص الكتاب والرحالة، والجغرافيين العرب والمسلمين الذين زاروا منطقة الخليج عبر العصور ومقارنتها بالنصوص التي وردت في كتب الكلاسيكيين الإغريق منهم والرومان· مسالك الأبصار ومن الآثار إلى التاريخ يرحل كتاب ''مسالك الأبصار في ممالك الأمصار'' لابن فضل الله العربي شهاب الدين أبي العباس أحمد بن يحيى الذي كتبه سنة 749 هجرية ـ 1349 ميلادية، والصادر عن مركز زايد للتراث والتاريخ، وعمل على تحقيقه طلال زهير هاشم وعلي زهير هاشم· والكتاب كما هو معروف من الكتب الموسوعية التي عرفتها الثقافة العربية· وفي كلمة المركز التي تعرف بالكتاب يصفه الدكتور حسن النابودة مدير المركز بأنه ''واحد من أضخم الأعمال الموسوعية في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية عبر عصورها''· ويضيف: ''وقد تبنى المركز نشر هذه الموسوعة بتوجيهات كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، حيث حرص سموه على الاعتناء بالتراث العربي المخطوط ونشره ليكون في متناول أيدي الباحثين والمختصين، لذلك تأتي هذه الموسوعة التاريخية المهمة ضمن خطة المركز الطموحة لنشر التراث العربي الأصيل وتقريبه للقارئ العربي وخدمته''· ويمكن القول إن المركز بإصداره هذه الموسوعة التاريخية الجغرافية الأدبية يقدم خدمة جليلة للمكتبة العربية· فالكتاب من أشهر الكتب التي صنفت في موضوعها بما أصبح يطلق عليه الموسوعات أو دوائر المعارف· والكتاب من أبرز ما صنف في العهد المملوكي وهو بحث موسوعي فيه من صنوف المعرفة كالفلك والجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية والأنساب والتاريخ··· الخ· حتى قال عنه ابن أيبك الصفدي أحد معاصري ابن فضل الله العمري: إنه لم يؤلف مثله''· وقد حار مصنفو فهارس الكتب في تعريف كتاب العمري هذا، هل هو في مجال التاريخ حيث وصلت فيه الحوادث والوقائع لعام 744هـ؟ أم هو في مجال الجغرافيا الطبيعية لما تضمنه من تعريف للأقاليم وللمدن والجبال والأنهار والبحيرات في معظم بقاع العالم وحتى المسافات؟ أم هو في علم الأنساب وفيه تعريف للقبائل منذ العرب البائدة حتى العاربة والمستعربة وما تفرع عنها من شعوب وأفخاذ وعشائر؟ أم هو في علم الفلك لما احتواه من بحث في الكواكب السيّارة والثابتة ومنازل القمر والخطوط والأبعاد وغيرها؟ أم هو فيما عرف (بعلم البلدان) الذي يبحث في المسالك والممالك حيث تذكر المدن والأصقاع وما شابهها من طرق مسلوكة ومفازات ومراحل؟ لذا رأى العديد تصنيفه تحت عنوان ''الموسوعات'' أو ما عرف بوقتنا الحاضر ''إنسيكلوبيديا''· تأصيل الدراما ومن التاريخ إلى التراث الشعبي، يتقصى الكاتب والناقد المسرحي الدكتور هيثم يحيى الخواجة ''ملامح الدراما في التراث الشعبي الإماراتي'' في كتابه الصادر عن مركز الدراسات والوثائق برأس الخيمة تحت هذا العنوان· والخواجة بهذا الاصدار الجديد يتابع دراساته وأبحاثه المسرحية حيث أصدر في العقدين الأخيرين أكثر من عشرين كتاباً في هذا المجال· وجاء في مقدمة الكتاب: ''أجد في تراثنا العربي ما يستحق التوظيف في المسرح والأجناس الأدبية كلها وغير ذلك من فنون مختلفة ومتنوعة، ولما كان المسرح من خلال بحثه عن التأصيل وتطلعه إلى لبوس الهوية العربية يعمل على الاستفادة من التراث وتوظيف ما يمكن توظيفه، فإن إضاءة الملامح الدرامية في هذا التراث تغدو مهمة ضرورية للباحث والدارس، لكي يسهل على المبدع عمله''· قسم الخواجة الكتاب إلى ثلاثة فصول إضافة إلى مقدمة وخاتمة، وأفرد الفصل الأول للحديث عن الدراما في الفنون الشعبية الإماراتية، متوقفاً عند النقاط المركزية والبؤر المحورية فيها، مضيئاً على الدراما في هذه البؤر، ومشيراً إلى الجماليات البصرية والدلالية التي يستمتع بها المشاهد، ومن هذه الفنون: رواح الشحوح، العيالة، اليواب، الوهابية، الرزيف، الندبة، العرضة· فيما خصص الفصل الثاني للحديث عن الدراما في الشعر الشعبي الإماراتي، وفيه توقف عند أهمية الشعر الشعبي، وتفوق الشعراء الإماراتيين في هذا الميدان، وتساءل: هل الشعر الذي ورد في التراث الشعبي الإماراتي يتضمن دراما وهل نجح هذا الشعر؟ وضرب أمثلة عى نجاحه في رقصتي العيالة والها أ لله· وتحدث في الفصل الثالث عن سيكلوجية الأداء، متوقفاً عند أداء المشاركين في الفنون الشعبية من خلال نظرة سيكولوجية· وختم الباحث كتابه بنماذج من الأشعار التي يرددها المنشدون في الرزفة والعيالة، وزوَّده بملحق خاص بالصور التي تبرز بعض الرقصات وحيويتها وجمالياتها· المرأة والمسرح وفي الحقل المسرحي أيضاً، يرصد الباحث عبدالفتاح صبري في كتابه ''المرأة في المسرح الإماراتي''، الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، مشاركة المرأة في المسرح الإماراتي، كما يهتم بإبراز صورتها في الكتابات المسرحية الصادرة في الدولة· يفتتح الكاتب الدراسة بمدخل عن الدراما النسوية، ثم يبرز نمطية الصورة في كتابات المرأة عن نفسها أو في كتابات الرجل عنها· ويرى صبري أن الظروف الاجتماعية الحاكمة والمؤطرة ما زالت سائدة حتى بعد الشوط الكبير الذي قطعته المرأة في التعليم وتقلد المناصب الرفيعة ومشاركتها للرجل في كافة ميادين العمل· فالكتابة المسرحية مثل باقي الأجناس الأدبية ما زالت في الأغلب ميداناً مغلقاً أمام قضايا المرأة الحقيقية أي قضايا الذات والداخل ونظرتها هي للآخر· واكتفت تلك الكتابات بإبراز القضايا المتعلقة بالزواج والطلاق والعنوسة ولا تتعدى إلى ما هو أعمق· ويظهر الباحث من خلال رصد أيام الشارقة المسرحية، مشاركة المرأة في العملية المسرحية في مجالات المهن المسرحية والتمثيل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©