الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ثغاء» على البوابة

«ثغاء» على البوابة
1 نوفمبر 2013 20:45
(1) قرأت حكاية أسطورية تقول ما معناه بعد أن حررتها بأسلوبي الحلمنتيشي: «إنه في قديم الزمان، حيث لم يكن على الأرض شريعة، كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم معاً. ثم بدأتا تشعران بالملل. اقترح الإبداع لعبة أسماها «الاستغماية»، أحب الجميع الفكرة. صرخ الجنون: أريد أن أبدأ أولا. أنا من سيغمض عينيه ويبدأ بالعد وأنتم عليكم الاختفاء مباشرة، بعد ان أنتهي. ثم اتكأ على شجرة وبدأ يعد: واحد، اثنان، ثلاثة.. فيما بدأت الفضائل والرذائل بالاختفاء. وجدت الرقة مكاناً لنفسها فوق القمر، فيما أخفت الخيانة نفسها في كومة نفايات. تسلل الولع بين الغيوم، ومضى الشوق الى باطن الأرض. وقال الكذب بصوت عال: سأخفي نفسي تحت الحجارة، ثم توجه الى قعر بحيرة. استمر الجنون بالعد: تسعة وسبعون، ثمانون،. خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها، ما عدا الحب. كعادته، لم يكن صاحب قرار، فلم يقرر أين يختفي. صعب عليه أن يختفي. فإذا استطاع أن يصمت تحكيه العيون، وإذا لم تحكه، يظهر على الوجه وتحكيه الأنفاس. وإن لم يكن ظاهراً على الجسد فإن له رائحة «كرائحة البرقوق»، تفوح من كل أماكن الاختباء. تابع الجنون العد: خمسة وتسعون، ستة وتسعون.. وعندما وصل الى مئة قفز الحب الى وسط حديقة ورد واختفى داخلها. فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحا: أنا آتْ إليكم، آتْ اليكم. كان الكسل أول من انكشف لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه. ثم ظهرت الرقة المختفية في القمر. بعدها خرج الكذب من قاع البحيرة منهكاً مقطوع الأنفاس وأشار على الشوق ان يرجع من باطن الأرض. وجدهم الجنون جميعاً. واحداً تلو الآخر. ما عدا الحب. كاد يصاب الجنون بالإحباط واليأس في بحثه، حتى اقترب منه الحسد، وهمس في أذنه: الحب مختف في حديقة الورد. التقط الجنون شوكة أشبه بالرمح وبدأ في طعن شجيرات الورد بطيش جنوني. لم يتوقف حتى سمع صوت بكاء حزين. ظهر الحب مخفياً عينيه براحتيه والدم يقطر من بين أصابعه. صاح الجنون: يا إلهي ماذا فعلت؟، كيف أكفّر عن خطئي بعد أن افقدتك البصر؟ أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر إلي. لكن ثمة ما تستطيع فعله لأجلي: كن دليلي ومنذ ذلك اليوم، حسب الحكاية، يمضي الحب أعمى، يقوده الجنون. (2) سمعت بالقصة من صديق له علاقة بأعمال المحميات، حيث إن عددا من الشباب أرادوا ذبح خروف داخل مناطق محمية لغايات الشواء، وبما انهم يعرفون أن إدارة المنطقة تمنع إدخال الحيوانات الحية حفاظاً على نظافة المكان، فقد قاموا بإلباس الخروف حطة وشماغا ولباسا عاديا ووضعوه بينهم في السيارة على هيئة النائم. وقطعوا له تذكرة على الباب باعتباره مواطنا يحق له الانتخاب والشراء من المؤسسة الاستهلاكية المدنية. لكن ثغاء الخروف بعد الدخول من الباب لفت نظر الإدارة الى الموضوع، فأوقفوا الشباب، وصادروا الخروف، بعد أن ازالوا عنه الملابس طبعا. اعتقد ان ابو لية جنان، الخروف ابو شماغ «مهدب» عندما تذكر منقع الدم.. أدرك اللعبة.. أدرك انه هو بالذات سيكون منقع الدم.... وأن الشباب يدللونه كل هذا الدلال من أجل ذبحه.. فقام بالثغاء المباح شرعاً... فأنقذ نفسه. المشكلة، أننا لو أردنا ان نثغو كلما أحسسنا بالخطر يداهمنا، فإننا سوف نستمر بالثغاء من ساعة الولادة حتى الوفاة. مـــــــــاااااااااااااااااااااااااااع. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©