العالم ينتفض ضد تحذيرات "الصحة العالمية" من مخاطر اللحوم الحمراء

تسبب تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية -وأعلنت فيه أن اللحوم الحمراء تشكل سبباً رئيسياً من أسباب الإصابة بالسرطان- في إحداث حملة انتقادات دولية واسعة وتشكيل رأي عام عالمي مناهض للتقرير، نتيجة عدم وجود استنادات واضحة وأدلة دامغة تؤكد نتائجها، بحسب ما أفاد به مسؤولون في عدد من الدول الأوروبية التي رفضت التعامل مع التقرير كدليل حقيقي على ما جاء فيه.

دعا وزير الزراعة الألماني، مواطني بلده إلى عدم الامتناع عن تناول وجبتهم المفضلة من النقانق المسماة "براتفورست"، وذلك في تجاهل لتقرير منظمة الصحة العالمية الأخير، الذي حذر من أن اللحوم المصنعة قد تسبب والسرطان.

وكان الخبراء قد خلصوا في الدراسة، التي أجرتها منظمة الصحة العالمية، إلى أن تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير وغيرها يمكن أن تسبب سرطان القولون والمستقيم لدى البشر كما أن اللحوم الحمراء تعتبر سبباً مرجحاً للإصابة بالمرض.

وصنفت المراجعة، التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، اللحوم المصنعة على أنها "مسببة للسرطان" لدى البشر، وذلك في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل أيضاً التبغ والحرير الصخري "الإسبستوس"، وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية.

وكان تقرير منظمة الصحة قد استرعى الانتباه في ألمانيا حيث يشيع استهلاك النقانق واللحوم المصنعة الأخرى بوصفها وجبات رئيسية.

وقال وزير الأغذية والزراعة الألماني كريستيان شميت في بيان له: "يجب ألا يخشى أحد من تناول براتفورست بين الحين والآخر"، مشبهاً النقانق بأشعة الشمس وأن لها فوائد جمة إذا تم تناولها باعتدال، مضيفاً: "يعتمد الأمر على الكمية إذ أن الإفراط غير صحي".

بدورها، حثت إيطاليا المستهلكين على ألا يحجموا عن تناول اللحوم الحمراء بعد تحذير الأمم المتحدة من أن مثل هذه اللحوم تسبب السرطان.

وردت الهيئات الإيطالية المعنية بالأغذية والزراعة "ساخطة" على تقرير المنظمة الدولية، حيث نشرت الرابطة الزراعية الإيطالية "كولديريتي"، في بيان لها: "لا ترهيب بشأن اللحوم، إذ أن اللحوم الايطالية هي الوجبات الصحية بدرجة أكبر"، مشيرة إلى أن مبيعات حفظ اللحوم في البلاد تدر عائدات تصل إلى 32 مليار يورو (ما يعادل 35 مليار دولار) سنوياً، ويعمل بها 180 ألف فرد.

وأفادت الجمعية الوطنية الإيطالية للحوم بأن الإيطاليين عادة ما يتناولون في المتوسط كميات اعتيادية، وتشير تقديراتها إلى أنهم يستهلكون 25 جراماً من هذه اللحوم يومياً.

أخبار ذات صلة

تحذيرات أممية من «إبادة تعليمية متعمدة» في غزة

واشنطن: هجمات الحوثي تمنع وصول الغذاء والدواء إلى السكان

وقالت بياتريتشي لورنتسين من وزارة الزراعة الإيطالية إن الحكومة تعكف على دراسة تقرير منظمة الصحة العالمية، علماً أنه يوجد "أدلة محدودة" على أن لحوم الأبقار والضأن والخنزير غير المصنعة قد تسبب السرطان.

وكانت الصحف الايطالية قد أفردت صفحاتها الأولى لإبراز تقرير منظمة الصحة العالمية أمس الثلاثاء مثلما حدث في بقية أرجاء العالم وحذرت صحف ايطاليا من نقانق (بروسكويتو) المقددة والمملحة التي تقدم في صورة شرائح كمقبلات قبل الوجبات الرئيسية.

بدوره، وصف وزير الزراعة الأسترالي النتائج التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية بأن لحم الخنزير المقدد والنقانق مرتبطان بزيادة معدلات الإصابة بالسرطان بأنها "مهزلة".

وقال بارنابي جويس: "إذا امتنعت عن تناول جميع الأشياء التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها تسبب السرطان وحذفتها من متطلباتك اليومية، فإنك كأنما تعود إلى حياة الكهف".

ولدى أستراليا، المشهورة بمطبخها الذي يركز بشكل كبير على اللحوم وثقافة الشواء، أعلى نصيب فرد في العالم من استهلاك اللحوم، وفقاً لتقرير صدر عام 2014 عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وأضاف جويس أنه إذا تم أخذ النتائج الأخيرة على محمل الجد، فإن اللحوم الحمراء والمصنعة "تنضم إلى نحو 474 شيئاً آخر تقول منظمة الصحة العالمية إنها مسببة للسرطان، بما في ذلك التنزه سيراً على الأقدام في الخارج إذا كنت في المدينة أو تحت أشعة الشمس".

من جهته، قال مؤسس "حملة الاحتفال باليوم الوطني للشواء" في جنوب افريقيا جان سكالينز: "بالنسبة إلى الكثيرين في جنوب افريقيا، فإن مجرد الإشارة إلى أن اللحوم قد تسبب السرطان قد يكون مدعاة للسخرية والمساس بالتقاليد المرعية في بلد يشتهر بحفلات الشواء في الهواء الطلق، التي يشارك فيها البيض والسود على حد سواء كأحد أنماط الحياة".

وأضاف أن شواء اللحوم عادة يعشقها سكان جنوب افريقيا، إذ ترسخ أواصر المودة بينهم أثناء التحلق حول النيران واللحوم، يخالجني قدر كبير من الشك في أن مثل هذا التقرير سيكون له أي تأثير على تلك العادة في بلادنا.

وقال أهالي جنوب افريقيا، في رد فعلهم على تقرير منظمة الصحة العالمية، إنهم سيجازفون بتعريض أنفسهم للخطر بدلاً من أن يديروا ظهورهم لهذه العادة الاجتماعية المتأصلة في ثقافتهم المحلية.?