الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جبل عرفات اشتهر بهذا الاسم لتجمع العرب عنده للتعارف

3 نوفمبر 2011 19:57
(القاهرة)- كان للحج عند العرب في الجاهلية شعائره وطقوسه المستمدة إلى حد بعيد من سنة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. ومن الثابت أنهم كانوا يبدأون حجهم في اليوم التاسع من ذي الحجة بالوقوف في «عرفات» حيث يبقون هناك ملبين طيلة النهار وهناك من يعتقد أن جبل عرفات اشتهر بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يعترفون عنده بما ارتكبوا من الذنوب والآثام و لأن العرب كانت تجتمع كلها عنده لتتعارف كأمة تعبد الإله الواحد الصمد على دين إبراهيم عليه السلام. وبعد واقعة الفيل رأت قريش أنها بمنزلة بين العرب وقالت: نحن ولاة البيت وليس لأحد مثل منزلتنا واتفقوا على ألا يعظموا شيئا من الحل فتركوا الوقوف بعرفات رغم اعترافهم بأن الوقوف به من شعائر الحج منذ أيام إبراهيم عليه السلام، وأخذت قريش تقف عند أنصاب الحرم بالمزدلفة في مكان يعرف باسم نمرة لأنهم كانوا يميزون أنفسهم عن باقي العرب ويصفون أنفسهم بالحمس لتحمسهم للدين ولأنهم أهل الحرم فلا ينبغي لهم أن يعظموا شيئا من الحل «يقصدون عرفات». وزادت قريش على ذلك بأنه لا ينبغي لأهل «الحل» من العرب أن يأكلوا من طعام جاءوا به من الحل في الحرم إذا جاءوا حجاجا أو عمارا وألا يطوفوا بالبيت في ثياب الحمس «وهم قريش» فإن لم يجدوا طافوا بالبيت عراة فدانت لهم العرب بذلك، وكانت المرأة في طوافها تضع عنها ثيابها إلا درعها. ومن الثابت أنه كانت لكل قبيلة مواضعها التي تلزمها عند الوقوف بعرفة وهو ما يستفاد مما روي في كتب السيرة النبوية من إقامة الحج في العام الثامن للهجرة بعد فتح مكة حين وقف المسلمون على مواقفهم وسائر الناس على شركهم ووقفوا على منازلهم في الحج التي كانوا عليها أيام الجاهلية وفي العام التالي أقام أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- الحج وحج المشركون على مواقفهم في الجاهلية. وبعد وقوف الحجاج «عدا الحمس من قريش وخزاعة» في عرفة ينتهي اليوم الأول للحج عندما تميل الشمس للغروب ولا يبقى منها إلا أشعة على أعالي جبال مكة وعندئذ يهيئ الحجاج رواحلهم وينطلقون مندفعين إلى الموقف التالي من مواقف الحج وهو «المزدلفة» والتي عرفت لديهم أيضا باسم «جمع» لأن الازدلاف في اللغة هو التجمع ولعل ذلك كان بسبب انضمام الحمس إلى بقية الحجاج. فمن الثابت أن قريشا وخزاعة كانوا يندفعون من نمرة إلى المزدلفة قبيل غروب الشمس في يوم عرفة . ويسمى اندفاع الحجاج جميعا نحو المزدلفة بالإفاضة ولكن ذلك لم يكن ليتم بطريقة عشوائية وإلا أدى تدافع الرواحل من الإبل إلى مقتلة كبرى لاسيما مع اندفاع الحجيج بسرعة بغية الوصول إلى المزدلفة قبيل أن يحل الظلام الدامس على المكان لتعرف كل قبيلة مواقفها عند المزدلفة تماما كما كانت تقف في عرفات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإسلام أبطل تفرد قريش بالوقوف عند الحرم والإفاضة من نمرة إلى المزدلفة عندما نزل في الذكر الحكيم قوله تعالى «ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس..» فكان أمرا قاطعا للحمس بأن يقفوا مع سائر الناس على عرفة وأن يفيضوا معهم من هناك إلى المزدلفة. واستحقت المزدلفة أن تعرف باسم «جمع» لأن العرب كافة بمن فيهم الحمس من أهل الحرم كانت تجتمع بها عند منتصف الطريق بين عرفات ومنى فلا يتخلف أحد منهم عن المبيت بها معظم ليلة العاشر من ذي الحجة وتعرف المزدلفة أيضا بالمشعر الحرام لأن موضعها بالحرم أو لأنها أول مواقف الحجاج بالحرم. ومن المعروف أن الإسلام خالف عرب الجاهلية في أمرين فكان المسلمون يفيضون من عرفات بعد الغروب وليس قبله ويندفعون من منى قبيل شروق الشمس وليس بعد طلوعها. وكان الاندفاع من المزدلفة إلى منى يتم ايضا بإجازة من قوم يتولون ذلك وكانوا في الجاهلية من «صفوان» أو صوفة الذين يجيزون عند عرفات وأيضا من «عدوان» الذين شاركوهم الإجازة عند الدفع من المزدلفة إلى منى. وقد جاء الإسلام و»أبو سيارة عميلة بن الأعزل» يدفع بالحجاج من المزدلفة ويقال انه دفع من المزدلفة إلى منى أربعين سنة على حمار له ولم يعتل الحمار في ذلك حتى أدركه الإسلام فكانت العرب تمثل به فتقول «أصح من عير أبي سيارة». ويصل الحجاج عند مشرق يوم العاشر إلى «منى» آخر مواقفهم بالحج وهناك ينحرون ذبائحهم من «الهدي» الذي جاءوا به وقد وضعوا في أعناقه القلائد علامة على إهدائه لرب البيت ويبدأون النحر من مشرق الشمس إلى قرب مغيبها في ذلك اليوم. و بعد النحر يحل معظمهم إحرامه وينهي حجه عائدا إلى دياره. وقد اختلف العرب حول سبب تسمية هذا الموقف الأخير باسم «منى» ولكن الغالب على الظن أن السبب في ذلك هو كثرة ما كان «يمنى» أو يراق من دماء الهدي الذي ينحر هناك تقربا إلى الله رب البيت الحرام. وهناك شبه إجماع بين الإخباريين العرب بشأن رمي الجمار فهي لديهم من شعائر ديانة إبراهيم عليه السلام وعلى أنه كان يرمي كل جمرة بسبع حصبات بادئا بجمرة العقبة ومنتهيا بالجمرة الأولى وكانت الغاية من الرمي رجم إبليس الذي عرض في تلك المواضع لسيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام محاولا إغوائهما ليخالفا الرؤية. وبعد قضاء المناسك كانت صوفة تتولى إجازة الحجاج للعودة إلى ديارهم ولا يحق لأحدهم أن يغادر المشاعر المقدسة قبل إجازة صوفة للحجيج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©