السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

درس قسري في الأبوة

درس قسري في الأبوة
28 أكتوبر 2015 23:02
«باباي» الفيلم الطويل الأول للكاتب والمخرج الكوسو?ي ?يسار مورينا الذي بدأ يحصد الجوائز في كل مهرجان يشارك فيه، وكان أولها مهرجان ميونيخ السينمائي بفوزه بإحدى جوائز المواهب الإخراجية الجديدة في قسم السينما الألمانية الجديدة، وآخرها مهرجان كارلو?ي ?اري الذي حظي فيه بجائزتين هما أفضل إخراج لفيلم أول وأفضل فيلم أوروبي لهذا العام، يعد واحداً من الأفلام الجريئة التي تتعرض لمشكلة الهجرة غير القانونية وآثارها النفسية والاجتماعية، وإلى حد ما السياسية. قيل الكثير عن الكاتب/‏ المخرج ?يسار مورينا حتى الآن والبعض اعتبر عمله وكأنه متابعة لخبر رئيسي على صفحة جريدة يومية عن المهاجرين، وأنه يفتقد للغة السينمائية الأنيقة كون أسلوبه يشبه الأفلام الوثائقية في طريقة التصوير والاقتراب من التفاصيل. آخرون اعتبروا الفيلم انتقاداً للدول الغنية التي تتعامل مع الفقراء بشكل غير إنساني. ورغم أن الموضوع سبق أن طُرِح كثيراً في كل من أوروبا الشرقية والغربية وأنحاء أخرى من العالم فإنه ما زال يجذب اهتمام الجمهور ولجان التحكيم والنقاد. ومهما كان خط المعالجة الروائية التي تفتقر إلى الاعتناء بالجوانب الجمالية والغوص العميق في عوالم الشخصيات، إلا أنه يبقى من أكثر الموضوعات تأثيراً وإثارة خاصة عندما نرى كيف يتحول الأمل إلى سم حقيقي قد يقضي على صاحبه، وقد يجعله أكثر مناعة في مواجهة الخطر أو الشر، وقد يتحول بمحض الصدفة البحتة إلى درس من تلك الدروس التي تحمل شعار: لا تتخلَّ عن حلمك مهما كان السبب. بطل غير نمطي ولعل العامل الأقوى الذي جعل فيلم «باباي» رغم قصته المتكررة يخترق قلوب المشاهدين يكمن في قصة نوري، الصبي ذي الأعوام العشرة، والذي يلعب دوره «?ال مالوكو» صاحب الوجه الطفولي العادي، ولكن الحزين والمتألم في معظم الأحيان. وكون الفيلم يطرح قضية الهجرة من وجهة نظر طفل فهو ينجح في خياره الفني، إذ إنه يقدم لنا بطلاً غير نمطي فهو ليس رجلاً تقع على عاتقه التضحية لإنقاذ عائلته من الفقر ولا شاباً يحلم بمستقبل مختلف في أرض جديدة، بل إنه طفل وفوق ذلك محدود الوسامة، لكنه يقوم بالمستحيل ليجتمع بأبيه الذي يعرف جيداً أنه راوغه ليهرب منه، ولكي يجتمع بهذا الأب المتملص سيخوض حربه الشخصية للحاق به وسيتحول إلى لاعب فعلي في صراع الموت أو النجاة للوصول إلى هذه الغاية، ويكون بطلاً بكل معاني الكلمة. المعاناة التي يصوغها ويصورها الكاتب/‏ المخرج هي بحد ذاتها أجمل عناصر الفيلم، وهو يعتني بشدة في كيفية ترجمتها حيناً وإبراز تجلياتها حيناً آخر، جاعلاً من متابعة أحداث القصة التي ألفها بنفسه هي شغله الشاغل. منذ أولى المَشاهد ونحن أمام شخصيتين لا تنتميان إحداهما إلى الأخرى سوى بما نسمعه من خلال الحوار من أن نوري هو الابن وقاسم الذي يؤدي دوره أستريت كباشي هو الأب. ومنذ البداية والكاتب/‏ المخرج يضعنا أمام مغامرة بين هذين الكائنين الشرسين في علاقتهما، والتي يتخللها العنف أحياناً والاستسلام في معظم الأحيان، وكيف سيتمكن هذا الطفل من التعبير عن تعلقه بهذا الأمل الوحيد في حياته وهو أبوه على الرغم من هشاشة هذا الأمل/‏ الأب. مفاجأةصادمة المشهد الأول يُظهر الأب في سيارة تقترب من الحدود الصربية وهو في حالة قلق يشوبها الخوف. وما إن تتوقف السيارة ويبدأ شرطي الحدود بالتساؤل عن الأوراق الثبوتية ويطلب فتح صندوق السيارة الخلفي للتفتيش حتى تأتي المفاجأة الصادمة لكل من الشرطي والأب على السواء. إن نوري يختبئ داخل الصندوق لأنه لم يستطع تقبل رحيل والده عنه فخرج في إثره. ونرى منذ البداية كيف أن الابن لا يتوانى عن المخاطرة بحياته من أجل البقاء مع والده. غير أن الأب لا يبادله نفس الأحاسيس وهو لا يبدو أنه يجيد التعامل معه أو إظهار أي مشاعر حب تجاهه، بل إنه يعتبره عبئاً عليه وعائقاً لمسعاه للهجرة إلى ألمانيا بحثاً عن فرصة عمل تجلب بعض المال للأسرة. وتظهر ملامح هذه العلاقة المتوترة في رحلة عودتهما سيراً على الأقدام من مركز الحدود الصربي إلى كوسو?و حيث تكون مليئة بتوبيخ الأب لابنه وبغضب الابن من أبيه لأنه تركه بصورة مخادعة وكأنه يريد التخلص منه. سيعبران الشوارع الرئيسية ثم الخلفية وستظهر مظاهر الوجود العسكري من خلال الحواجز والنظرات المريبة لرجال الأمن الذين يراقبون بصمت وكأنه هدوء ما قبل العاصفة. إنها مرحلة بداية التسعينيات من القرن الماضي والتي تسبق الحرب الكوسو?ية بقليل. الأجواء متوترة ومريبة وعلى قاسم وابنه نوري ليس فقط أن يواجها الخطر الأمني، وإنما أيضاً التعايش معه كبائعين متجولين يقومان ببيع السجائر خلال النهار وتكبد مشقة السير الطويل ليلاً للوصول إلى البيت وكأن هناك بندقية خفية موجهة إلى كليهما. التوتر المستمر والأنفاس المحبوسة هي أيضاً وسيلة أخرى يشتغل عليها المخرج لتعزيز صور المعاناة التي يقدمها. العودة إلى بيت شقيق قاسم المعروف بتسلطه واسمه «آدم» يؤدي دوره إن?ر بيترو?تشي تظهر وضع قاسم وابنه المأساوي لأنهما لا يملكان حتى سقفاً خاصاً بهما. وبمجرد مشاهدة القساوة التي يظهرها آدم مع ابنه تكشف مبكراً عن أحد الأسباب القوية التي تفسر رغبة الأب في الهجرة وهلع الابن من العيش تحت سقف واحد مع رجل يمارس العنف ضد ابنه الشاب من دون مراعاة لوجود الآخرين فكيف سيكون الحال بالنسبة للتعامل معه هو الطفل الصغير! أما الأم فهي غير موجودة في حياته لأنها قد تركت والده واختفت دون أن تترك أثراً خلفها. ثقة مفقودة سيكون على الأب والابن في أول ليلة نراهما فيها معاً أن يتقاسما النوم على فراش أرضي مخصص لشخص واحد في غرفة يعلمان مسبقاً أنه يتم الحديث عن إعطائها للابن الأكبر آدم والذي يجري التخطيط لتزويجه زواجاً عائلياً تقليدياً رغم رفضه. بالنسبة لنوري العائد تواً من صدمة مشاهدة والده وهو يحاول التخلي عنه فإنه سيفقد ثقته به تماماً حتى وهو يراه إلى جانبه على نفس الفراش، وسيكون أكثر حذراً كلما ابتعد عنه الأب أو أرسله إلى مكان ما ظناً منه أنه سيغافله ويرحل من جديد. قاسم من جهة ثانية يعيش حياة معدمة لا تقل مأساوية عن حيوات المشردين وهو لا يرى معضلة في ترك ابنه لينشأ في بيت أخيه وكأنه أمر طبيعي خاصة بالنسبة لصبي يُفترض أن ينشأ على القساوة مثل الرجال في هذه البيئة الشرقية الفقيرة. هذه التفاصيل تعكس المستوى الثقافي والطبقي والحالة المادية المعدمة لهذه الشريحة في مقاطعة كوسو?و حيث يحلم الرجال والنساء فيها بالفرار بحثاً عن فرص معيشية أفضل. في تصويره لهذه العوالم يتبنى ?يسار مورينا في أسلوبه الإخراجي رؤية الأشياء وهذه الشخصيات من منظور هذا الصبي الصغير وهو يقتصد كثيراً في تقديمه للمعلومات عن هؤلاء الأفراد. أما إذا فعل فإن ذلك يتم بشكل عابر. على سبيل المثال من خلال انتقاد آدم لقاسم يتضح لنا عدم رضاه عن أسلوب تربيته لابنه فهو يعتبره متساهلاً جداً ورخواً في التعامل معه كما كان حاله مع زوجته التي هربت منه. وهكذا يتبين أن الهروب هو أحد المخاوف الدفينة عند الابن نوري المتعلق بشخص واحد في الحياة هو أبوه خاصة بعد فقده لأمه. بالنسبة لشخصية آدم العدوانية وأسلوبه القمعي فتُشاهَد عن قرب من وجهة نظر نوري الذي يستطيع أيضاً أن يسمع همسات الكبار وتعليقاتهم، وبالتالي يكون جاهزاً للتصدي لخططهم. سيبدأ هو أيضاً التفكير بإيجاد طرق تجعله يحصل على المال كسرقة بندقية آدم ومحاولة بيعها على أحد الثوار الذي وعده بشرائها لكنه بدلاً من منحه المال سيستولي عليها ويقوم بضربه بقسوة. ومع الوقت سيتعلم هو كذلك استخدام العنف للدفاع عن نفسه وحقوقه. سنفهم أنه لا ينوي أن يتراجع عن مطاردة أبيه مهما كانت النتائج، ففي المرة الثانية التي يحاول الأب الهرب فيها منه سيرمي بنفسه أمام الحافلة وسيُنقل إلى المستشفى لإصابته البليغة في الرأس. ومع هذا يختفي أبوه بمجرد أن يتماثل للشفاء وتبدأ المعاناة القاسية للطفل الذي يوظف كل طاقات ذكائه ليتخلص من آدم وعائلته ويذهب في إثر أبيه. سيسرق المبلغ الذي ادخره الأخير لزواج ابنه وسيلجأ إلى ?النتينا تلعب دورها أدريانا ماتوشي، وهي امرأة تعيش مع والدها العاجز ولديها زوج سبق أن هرب إلى ألمانيا لإعالتهم. وكان نوري قد تعرف عليها أثناء إيصال طلبيات السجائر التي يرسلها إليها والده لأنها لا تستطيع الخروج كثيراً. وعندما لمس منها اللطف بدأ بالوثوق بها. ولأنها الوحيدة التي يعرفها خارج إطار عائلة آدم يطلب منها مساعدته، لكن هذه الأخيرة بالإضافة إلى أنها تترك والدها المشلول دون رحمة أو إحساس بتأنيب الضمير، تقوم بالاستيلاء على نقود نوري لتدفع أجر تهريب نفسها إلى ألمانيا. إلا أنه وبعد أن يكون قد اكتسب المزيد من الخبرة مع الألم والاحتيال للحصول على ما يريد يتمكن من إيجادها واستعادة ماله منها بالضرب كما كان يفعل الكبار معه. وحين لا يجد وسيلة أخرى للهرب دون مرافقة شخص بالغ يعود للتفاوض معها ويقنعها بأن يتناصفا المبلغ ويهربا معاً على القارب نفسه الذي يديره أحد المهربين المحترفين في نقل المتسللين. الرحلة ومخاطرها يلفها الغموض لأنها تحدث خلال الليل وكل ما يحدث فيها إنما نتعرف عليه من خلال نظرات نوري وأحاسيسه التي يصعب قراءتها. معاناةيومية يصلون إلى ألمانيا ويكون تسليمه إلى والده أسهل من كل العقبات التي مر بها بسبب معرفة زوج ?النتينا لقاسم من جانب وعدم رغبته في تحمل مسؤوليته بسبب وضعه غير القانوني والحساس كطفل من جهة ثانية. إلا أن معاناة نوري لا تتوقف بلقائه بوالده الذي يكون قد لجأ إلى مركز لاحتجاز اللاجئين الذين يملكون أوراقاً ثبوتية، فحين يحاول الدخول مع قاسم إلى المركز يرفض الحارس السماح له بذلك لعدم وجود وثائق رسمية معه أو أوراق تثبت أنه ابنه. وبعد التشرد والنوم في الحدائق كحل وقتي يصل الاثنان إلى طريقة يستطيعان فيها التسلل إلى داخل المركز من خلال فتحة في السور صنعها اللاجئون غير القانونيين ليتمكنوا من الدخول إلى غرف زملائهم لمشاركتهم السكن. بعد عدة أيام يتم اكتشاف هذا المنفذ وإحكام إغلاقه مما يضطر قاسم ونوري إلى تسلق السور العالي في الليل القارس للوصول إلى مكان مبيتهم. ستؤدي هذه المعاناة اليومية إلى المزيد من الهلع الذي سيبدأ الصبي بالشعور به خوفاً من أن يتخلى عنه أبوه من جديد أو أن يُكشف أمرهما ويتم إبعاده. وبطبيعة الحال لن يتمكن من استعادة ثقته بهذا الأب غير المسؤول مع أن العلاقة بينهما ستتطور وهما يواجهان تحديات الغربة معاً. سيُعلّم نوري أباه كيف يتعامل معه بإصراره على ملاحقته وفرض وجوده في حياته رغماً عن أنفه. معالجة العلاقات وتداخلاتها طيلة الفيلم تعتبر خارجية وهناك مسافة واضحة حرص المخرج على إبقائها في بنائه للكوادر. فالأقرب من الكاميرا من حيث الحجم هي لقطات نوري، أما الآخرون فلقطاتهم إما متوسطة الحجم أو طويلة. وهذا التعمد كان في صالح إبقاء التركيز على الشخصية المحورية المتمثلة في الطفل الذي يُراقب ويقوم بالفعل أكثر مما يتكلم، كما أنه كان ناجحاً في جعل الآخرين يبدون له وكأنهم قصيون ويصعبون على الفهم، وهناك مسافة كبيرة تمنع بناء علاقة سوية معهم. فيما يتعلق بالجو العام فهو معتم من حيث الحالات النفسية لا من حيث نسبة الإضاءة. أما البهجة فهي شبه معدومة. وهناك الكثير من التكرار الذي لا نعرف إن كان جزءاً من الثقافة الكوسو?ية أو أنها لغة المخرج لأنه يريد تسليط الضوء بشكل مكثف على الحدث أو التأكد تماماً من إيصاله إلى الجمهور. ومثلما هو الحال في العادات العربية حين يلتقي الناس ببعضهم ويكثرون من التحيات وتبادل السلام والسؤال عن الأحوال مرات ومرات قبل أن يدخلوا في الموضوعات الأكثر أهمية، فإن المخرج يفرد مساحة زمنية كبيرة لأحد المشاهد حين يذهب آدم لخطبة عروس لابنه حيث يقف الزائر عند كل فرد من أفراد العائلة كبيراً كان أو صغيراً ويسلم ويسأل كيف الحال وكيف حال والدك ووالدتك وأختك وأخيك وو... الخ.. ونلاحظ في هذا المشهد المصاغ ليكون كوميدياً أن نوري فقط هو من يستمر في التفرج لأنه في هذه الزيارة بالذات جاء وفي ذهنه أمر واحد مسيطر على تفكيره. وفي هذا الهرج والمرج سيدس يده في جيب آدم ويسرق مهر العروس كله. وهو قد فعل ذلك بالطبع بعد أن يكون قد شاهد ابن عمه في مشهد حميمي مع صديقه وتأكد من أنه مثلي ولا رغبة جادة له في الزواج ولكنه مضطر للقبول نزولاً عند أوامر آدم المتسلط الذي يريد للأمور أن تسير وفق حساباته كرب عائلة. من وجهة نظر نوري الصغير ولكن الحكيم فإنه يضع حداً للمعاناة التي ممكن أن تتكبدها العروس والعريس على السواء. داخلالصندوق وبالعودة إلى المشهد المتعلق بصندوق السيارة في بداية الفيلم سيضع المخرج نهاية لها علاقة بصندوق آخر يقترحه الأب على نوري حتى يستطيع إخراجه من مركز اللاجئين. ورغم صراخ الصبي ورفضه البقاء في الصندوق الضيق الشبيه بتابوت، سيغلق قاسم الصندوق بالمسامير والمطرقة وستسيل دماء نوري مع دخول أحد المسامير في خشب الصندوق وسيُسمع صراخه المدوي في العتمة. سيستيقظ الأب من نومه على صراخ ابنه المفزع وسيجتاحه الرعب من أن يُكشف أمرهما وسيحاول إسكات ابنه بتكميم فمه وهو ما زال يحاول إيقاظه. غير أن نوري ورغم استيقاظه من كابوسه لن يستطيع التوقف عن الصراخ رغم توسل أبيه. هذه الصرخة الأخيرة المتواصلة ستكون هي الذكرى الأقسى التي سنحملها معنا عن هذا الفيلم المؤلم والرهيب، وهي التوقيع الأوقع للحالة الإنسانية التي صورها الكاتب والمخرج الكوسو?ي ?يسار مورينا بذكاء عملي، والتي لا يمكن التنبؤ بمستقبلها أو التعبير عنها بطريقة أخرى أفضل من هذا الخيار. لأجل هذه الصرخة الأخيرة الرائعة سيمكننا أن نسامح المخرج على كل العتمة التي أرغمنا على معايشتها على مدى 104 دقائق. اعتناء بالصراع على حساب الجماليات البصرية ....................... الشعب الكوسو?ي يرغب معظمه في الهرب من بلده حكاية بلد جمهورية كوسوفو هي دولة معترف بها جزئياً تقع في جنوب شرق أوروبا (منطقة البلقان) تحدها جمهورية مقدونيا من الجنوب الشرقي وصربيا من الشمال الشرقي والجبل الأسود من الشمال الغربي وألبانيا من الجنوب. عاصمتها بريشتينا. يبلغ عدد سكانها مليونين وثلاثمائة ألف نسمة. وقد كانت كوسوفو منطقة ذاتية الحكم ضمن صربيا حتى 17 فبراير 2008 حين أعلن البرلمان الكوسوفوي بالإجماع استقلالها وإعلان برشتينا عاصمة لها. في تسعينيات القرن الماضي شهدت كوسوفو حرباً ضد الحكم الصربي، تدخل على أثرها حلف شمال الأطلسي، وانتهى الأمر إلى إعلان الاستقلال، الذي اعترفت به 108 دول أعضاء في الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والاتحاد الدولي للطرق والنقل، ومجلس التعاون الإقليمي، ومجلس مصرف التنمية الأوروبي، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، بالإضافة إلى 23 من 28 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. الاسم كوسوفو أتى من الكلمة الصربية «كوس» (kos) التي تعني «الطائر الأسود». النطق الصربي هو كوسوفو، أما النطق باللغة الألبانية فهو كوسوفا، أما الاسم العثماني التاريخي لإقليم كوسوفو فهو قوصوة. اللغة الرسمية الأكثر انتشاراً هي الألبانية بنسبة 88 92% ثم اللغة الصربية بنسبة 5 ر7? ولغات الأقليات الأخرى في كوسوفو تشمل التركية، غوراني، الرومان. الطفولة الباقية المخرج فيسار مورينا من مواليد العام 1979، وقد درس الإعلام المرئي في أكاديمية كولونيا في ألمانيا. وهو بات اسماً معروفاً في أوساط السينمائيين الشباب في ألمانيا، من خلال فيلميه القصيرين «الموت اختناقاً» و«عن الكلاب وورق الجدران»، وقد تم ترشيحه من قبل وزارة الثقافة الألمانية لجائزة الفيلم القصير الألمانية العام 2014. بعد النجاح الذي حققه فيلمه «باباي»، تحدث مورينا عن العمل الذي استغرقه إنجاز هذا الفيلم، فقال إنه عمل عليه وقتاً طويلاً جداً، وقد جمع أعداداً وافرة من الصور، والحكايات، والمقطوعات الموسيقية، التي تدخل عاطفياً في أجواء الإعداد للفيلم. ومن خلال ذلك، خرج بانطباع سيطر عليه أثناء إعداد الفيلم، ومفاده أنه «مهما فعلت، فإنك ستظل عبداً لطفولتك». وفي رأيه، فإن المهم في هذه القاعدة لا يكمن في إذا كانت طفولتك قد اتسمت بالسعادة أم لا، بل هو أن تبقى ملازماً لطفولتك أو أن تبقى طفولتك ملازمة لك. ويشير مورينا في حديثه، إلى أنه هو شخصياً كان في بداية حياته من بين اللاجئين الذين نزحوا باتجاه الغرب (ألمانيا) لأسباب اقتصادية. وإن فيلمه «باباي»، الذي يعالج جانباً من مشكلة اللاجئين، لا يعكس سيرة حياته هو، لأنه عاش في ظروف مختلفة كلياً عما عاشه بطل فيلمه الطفل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©