الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كتاب ونقاد يحيلون الأسباب إلى مزاج المترجمين وتقصير سوق الكتاب

كتاب ونقاد يحيلون الأسباب إلى مزاج المترجمين وتقصير سوق الكتاب
1 نوفمبر 2013 23:37
عصام أبو القاسم (الشارقة)- في كل سنة، مع إعلان الفائز بجائزة نوبل للأدب، يكتشف المشهد الثقافي العربي أن مكتباته ودور نشره لم تستقبل أي إصدار للفائز! حصل ذلك السنة الماضية حين فاز الروائي الصيني مو يان بالجائزة، فلقد سأل البعض بحرقة: لماذا لم نترجم أدب هذا الكاتب بغزارة؟ من بين ما قيل في تبرير غياب اسم الكاتب يان عن المكتبة العربية إن أعماله في معظمها صدرت باللغة الصينية وهي لغة غير شائعة في العالم العربي ولكن هل يصلح مثل هذا التبرير في حالة الكاتبة الكندية أليس مونرو (82سنة) التي استحقت الجائزة الأسبوع الماضي؟ وهل صلح في تبرير غياب نتاجات العديد من كتّاب آسيا وأميركا اللاتينية منحوا في السنوات الماضية الجائزة ذاتها؟ “الاتحاد” توجهت بالسؤال لعدد من الكتّاب العرب، فجاءت إفاداتهم كما يلي: ببساطة، لأنها كندية! الروائي التونسي كمال الرياحي ردّ بسرعة “ببساطة لأنها كندية وتكتب بالإنجليزية وأنا فرانكفوني”، وتابع صاحب رواية “المشرط”: “كما أنني أركز في قراءاتي على الرواية وهي تكتب القصة، لكن بشكل عام يمكنني القول إن الأمر يتعلق أيضا وبخاصة في العالم العربي، بالثقافات الغربية المهيمنة. فنحن نتوجه لقراءة كتّاب من بلاد محددة ولا ننفتح على غيرها.. بسبب مركزية تلك البلدان المحددة وهيمنتها علينا”، ويضيف الكاتب التونسي الشاب “كندا تبدو لنا بلدا هجيناً لا يصلح إلا للهجرة، ولكن عندما نريد أدباً فرنسياً نتوجه إلى فرنسا لا إلى بلجيكا أو كندا، وعندما نريد أدبا انجليزياً نتوجه إلى إنجلترا أو أميركا لا إلى سويسرا مثلا أو سواها، وحين نريد أدباً ألمانياً نتوجه إلى ألمانيا ليس إلى النمسا مثلاً”. اكتفينا بسيلين ديون؟ في الاتجاه ذاته جاء حديث الروائي السوداني المقيم في النمسا عبد العزيز بركة ساكن، وقال إن “كندا ظلت بعيدة جداً مسافةً وتواصلاً ثقافياً”. وأشار ساكن إلى سيطرة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأميركا على سوق الثقافة والفكر في الوطن العربي، أما كندا فهي معروفة لدى كثر بصوت المطربة سيلين ديون. وتابع قائلا “بالمصادفة البحتة في زيارة لي للهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر عام 2011 تحصلت على مجموعات قصصية كثيرة مترجمة، ومنها “العاشق المسافر” لأليس مونرو، وهي مجموعة قصص جميلة، لم اقرأ لها من قبل أو من بعد شيئاً، وعندما فازت بنوبل أخذت احك ذاكرتي الخربة لتسعفني أخيراً بتلك المجموعة، وأظن أن فوزها بهذه الجائزة سيرفع من رصيد القصة القصيرة، وقد تستعيد قراءها الذين هربوا للرواية وتركوا سوق القصة القصيرة خاوياً على عروشه”، أما في ما يتعلق بعدم ذيوع اسمها عربياً قال “المشكلة في عدم أو قلة معرفة القارئ العربي لمنتوجها في ظني يرجع إلى كسل الترجمات واهتمام المترجمين بأسماء لها سوقها، ولو أنني اقرأ بالإنجليزية أيضاً، ولكني للأسف لا استطيع أن اقرأ ما لا يتوافر لدي في عزلتي بالسودان، كما أن ما نقرأه أيضا مرهون بتفضيلات أصحاب المكتبات الكبيرة وسوق الكتاب العربي، وليس علينا أيضاً التهرب من تقصيرنا الشخصي”. ثقافات مجهولة القاص الإماراتي محسن سليمان أكد أن الأمر يستحق التساؤل ويثير الاستغراب إذ لطالما كان الفائز بجائزة نوبل للآداب غير مترجم إلى العربية، وأغلب المثقفين العرب لا يعرفونه، وأضاف سليمان “الغريب أنني ليس فقط لم اقرأ لهذه الكاتبة بل حتى لم يمر عليّ اسمها لا في قراءة نقدية ولا في عرض صحفي”. وتابع قائلا “أظن أن للأمر صلة بحقيقة أننا في العالم العربي نجهل ثقافات عديدة من حولنا ولا نعرف الكثير عن الكتّاب الكنديين أو اليابانيين أو الصينيين.. هذه ثقافات مجهولة بالنسبة لنا، ولكن لعل من الأمور الطيبة أن المسابقات الأدبية تقدم لنا هذه الأسماء المجهولة، وفي ذلك ما يدل على أن إدارات هذه الجوائز تنقب وتجهد في تقديم الأسماء على أساس إبداعيتها وليس على أي أساس آخر”. العزوف عن القراءة ويرى الروائي السوري هيثم حسين أنه ليس من شيء يدعو للاستغراب في عدم قراءة العرب لقصص مونرو، ويوضح “أنّ لا تتعلّق بمونرو وحدها، بقدر ما هي حالة معمّمة في العالم العربيّ العازف عن القراءة أصلاً، وهذا ما يدعو للرثاء حقيقة، إذ أنّ الشعوب التي لا تقرأ لا يُعوَّل عليها. كما أنّ نسبة الجهل والأمّية تلعب دوراً أساسيّاً في المسألة، ناهيك عن ندرة القراءة واقتصارها على نسب محدودة للغاية. ثمّ هناك إشكاليّة أخرى وهي الانكباب على ترجمة نتاجات المبدعين من مختلف أرجاء العالم بعد ذيوع شهرتهم، وذلك يعود إلى إشكاليّة الترجمة التي تعاني كثيراً في العالم العربيّ، فكتاب قصص يتيم مُترجَم لمونرو لا يعكس حالة طبيعيّة، بل يشير إلى مشكلة متأصّلة في الترجمات إلى العربيّة، والتي تعتمد على انتقاءات فرديّة واجتهادات المترجمين وذائقتهم الأدبيّة ومقدار اطّلاعهم، وهذا بدوره موضوع ذو شجون لا تنتهي”. تقصير من جانبها تقول الشاعرة الجزائرية كنزة المباركي إنها لم تقرأ للقاصة الكندية، لأنها لم تسمع بها من قبل، وتقول “ببساطة لم أسمع بها على الإطلاق، وليس الأمر مرتبطاً بغياب الترجمات لأعمال هذه الأديبة الوفية للقصة، والتي تُرجمت إلى العربية مجموعة قصصية واحدة لها، بقدر ما هو مرتبط من جهة بغيابها عن صخب الإعلام الصانع للأسماء الأدبية سواء كانت كانت جيدة أم عادية، ما عدا بعض المواضيع التي تناولت إعلانها اعتزالها الكتابة منذ وقت قصير. من جهة أخرى، يرتبط عدم معرفتي بها بتقصيري الشخصي في البحث عن أهم كتاب القصة في كندا أو في غيرها من البلدان الغربية”. وذكرت المباركي أنها شعرت بالغبطة بعد تلقيها خبر تتويج أليس مونرو بجائزة نوبل، وأضافت “أن الجوائز في مهمتها العميقة يجب أن تبعث إلينا أسماء أدبية مبدعة فعلاً، بعيداً عن تكريس من كرسهم الإعلام والدعاية.. وإنني إذ أقول هذا، أشير إلى أن نوبل التي يرميها الكثيرون بحجارة التشكيك حققت سمعة عالمية أتمنى أن تقتدي بها في ذلك جوائزنا العربية في مختلف ضروب الأدب والفن والفكر”. حيثيات المعاصرة ثمة الكثير من الأسباب التي قد تجعل من الأديبة الكندية أليس مونرو، الحائزة جائزة نوبل هذا العام، كاتبةً توشك أن تكون مجهولة تماماً في الإبداع الغربي المترجم إلى العربية، هكذا استهل الناقد محمد جميل حديثه، وأضاف “بيد أن فوزها مؤخراً بجائزة نوبل للآداب يضع تساؤلات مشروعة حيال جدية تلك الأسباب وحيويتها في الوقت نفسه. ربما كان فن القصة القصيرة الذي نالت بسببه الجائزة؛ ظلاً وهامشاً لشمس الرواية التي طغت في مترجمات الأدب الغربي إلى العربية، وربما كانت طبيعة إبداعها المتصل بالحيوات المحلية في بلدها (كندا) سبباً آخر في العزوف عن ترجمته، لكن لولا وجود مجموعة قصصية واحدة مترجمة إلى العربية من قصص هذه الكاتبة لأصبح غياب هذه الكاتبة عن حقول الترجمة العربية مدعاة لسؤال جوهري حول حيثيات المعاصرة في ترجمات الأدب العربي الحديث”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©