الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ترويض المصدر مهمة صعبة تواجه الصحفيين أحياناً

ترويض المصدر مهمة صعبة تواجه الصحفيين أحياناً
29 أكتوبر 2015 00:07
يعرف كثير من الصحفيين أن الحوارات مع الشخصيات الشهيرة ربما تكون من أصعب أدوات العمل الصحفي، لأنه ربما يتعامل النجوم بطريقة فيها قدر لا يستهان به من الغطرسة، إن لم نقل الاستخفاف في بعض الأحيان، مع محررين يسعون وراءهم من أجل مقابلة حصرية. وخبرة السنين الماضية، جعلت كبار الصحفيين في العالم يقدمون النصائح تلو الأخرى، لزملائهم الأصغر سناً، حول كيفية التعامل مع المصادر أثناء إجراءات حوارات، وكيف يمكن أن يسيطروا فيها على إيقاع الحوار، وكيف يستطيعون ترويض المصادر صعبة المراس من أجل مقابلة جيدة تكشف للقارئ تفاصيل جديدة عن شخصية الضيف أو تسلط الضوء على حقائق مثيرة حول قضية معينة. جيرالد ايزكينازيس صحفي أميركي مخضرم أمضى في دروب المهنة 40 عاماً، كتب خلالها 8000 قصة لصحيفة النيويورك تايمز، وألف 16 كتاباً، وأجرى حوارات مع دونالد ترامب ومحمد علي كلاي ومايك تايسون ومشاهير آخرين كثيرين. ومن واقع خبرته السابقة قرر أن يقدم بعض النصائح حول كيفية إدارة مقابلة صحفية جيدة، خاصة وأن نصف عمره الصحفي أمضاه في عالم الرياضة. يقول ايزكينازيس في مقال بمجلة كولومبيا جورناليزم ريفيو: «عندما تكون صحفياً رياضياً، فلابد أنك تمضي نصف وقتك في مقابلات مع مصدر قد خسر للتو في مباراة مصارعة أو كرة قدم أو تنس. ولذا فان على الصحفي الرياضي أن يكون لديه أو يتظاهر بأن لديه بعض التعاطف مع مصدره». فالصحفي الرياضي سيسأل المصدر بلا شك أسئلة ربما تكون محرجة او تسلط الضوء على جوانب الضعف في شخصية المصدر. والمهم هنا هو أن الصحفي يريد جملة قوية أو رد فعل من المصدر قد يساعده في الحصول على عنوان رائع جذاب. يتذكر ايزكينازيس كيف أنه سأل ذات مرة مايك تايسون بطل الملاكمة السابق الشهير «هل كان لتجربة السجن أي أثر عليك؟!». حدق فيه نجم الملاكمة وأجاب «صديقي.. انت صحفي ماهر للغاية. أنت تريد مني أن أقول شيئا ما». وقد كان محقا في ذلك. ويقول ايزكينازيس أنه على مدى سنوات، وبالتجربة، استطاع أن يتوصل إلى حيل بسيطة يمكن لأي صحفي أن يتبعها عند إجراء حوارات مع مصادره، وهي تضمن له لقاء مثمرا من الناحية المهنية. أولًا: لا تسأل أفضل طريقة للحصول على إجابة لسؤالك هي ألا تسأله في بعض الأحيان. ويتذكر ايزكينازيس أن جيم رايس نجم فريق بوسطن ريد سوكس كان بمثابة «بعبع» الصحفيين الرياضيين. لقد كان يكرههم. لكن الصحيفة أرادت تصريحاً منه بخصوص زميل له في الفريق اسمه فريد لين كان قد حقق نجاحات باهرة خلال الموسم. ولم يكن أحد في الصحيفة يتوقع أن يتمكن ايزكينازيس من إجراء حوار مع رايس الذي يرفض دوماً الحديث مع الصحفيين. غير أن الصحفي المجتهد توجه إلى غرفة تبديل الملابس قبل بدء المباراة، وقدم نفسه للاعب عدو الصحفيين، ومد يده للتحية، فتركها رايس معلقة في الهواء، وقال ايزكينازيس في نفسه: «حسناً وماذا بعد؟!»، ثم تذكر أن طفله الصغير لديه قفاز ماركة جيم رايس منذ نحو عام. فقال له وهو يكذب قليلًا: «جيم»، فتجاهله وأخذ يرتدي ملابسه»، فمضى الصحفي يقول: «لقد اشتريت للتو لابني قفاز جيم رايس ولا أعرف كيف يمكن له أن يرتديه. الجلد صلب بعض الشيء.» وإذا باللاعب يتوقف عن ارتداء ملابسه ويتوجه إلى أحد الرفوف في خزانته ويسحب قفازاً، ثم قال له: «ها هو أنظر كيف يمكن أن تساعده على ارتدائه»، وأنهمك لاحقا في شرح الطريقة السهلة لارتداء القفاز. ثم سأله بأريحية «هل من شيء آخر»، فقال له الصحفي بسرعة: «نعم أنا أكتب قصة عن فريد لين»، فرد رايس عليه بتصريح عبر فيه عن تبرمه مما اعتبره ميلًا للاستعراض يحرص عليه دوما زميل الملاعب. وهو ما منح الصحفي اقتباساً رائعاً في قصته. ثانيا: الاحترام يقول ايزكينازيس: «إنه توجه ذات يوم لإجراء حوار مع لاعبة تنس صغيرة كان نجمها قد بدا في البزوغ واسمها مارتينا نافرتيلوفا. وكان معروف عنها أنها شخصية قاسية تتعامل بصورة غير متحضرة مع خصومها». لكنه كان يعرف «أنها تحرص على إخفاء صداقتها القوية مع مديرة أعمالها». يضيف ايزكينازيس: «فقررت الخوض في تلك المنطقة الخطرة. وقلت لها إنني أعرف أنها خاضت معركة صعبة للانتقال إلى أميركا، وإن عائلتها ما زالت في تشيكوسلوفاكيا، وإن الحكومة هناك غير سعيدة بحصولها على الجنسية الأميركية، وسألتها عن تأثير صديقتها على حياتها. وإذا باللاعبة تلين في حديثها، وتحكي كيف ساعدتها صديقتها على التكيف مع الضغوط اليومية بعدما أصبحت تحت الأضواء». ثالثا: العثور على أرضية مشتركة أحيانا يتطلب الأمر أن ينظر الصحفي إلى نفسه، وكيف هو قد يكون مختلفاً عن الآخرين. يتذكر ايزكينازيس أنه توجه ذات يوم لمقابلة مع محمد علي كلاي الذي كان قد غير اسمه للتو من كاسيوس كلاي. وكانت الصحف تلاحق هجومه المتواصل على البيض وكيف أنه غير اسمه لأنه مرتبط بالعبودية. وقرر الصحفي الرياضي المحنك أن يلعب هو الآخر مع كلاي ورقة الأقليات. فقال له إنه (أي ايزكينازيس) محظوظ لأنه أبيض وإن كان يهودياً، ولم يتعرض لأي اضطهاد مكشوف. فقال له كلاي: «أنت لست غبياً كما تبدو». وقد اعتبرها ايزكينازيس كمجاملة، وهنا ذاب الجليد وبدأت الكيمياء الشخصية تفعل فعلها، ليبدأ معها الحوار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©