الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة «المريجب» في العين شموخ يحمي الأهل والدار والمياه

قلعة «المريجب» في العين شموخ يحمي الأهل والدار والمياه
5 نوفمبر 2011 00:58
(أبوظبي) - تبقى المشاعر التي يخلّفها المكان في النفس البشرية في حالة تفاعل ما بقي الإنسان يمتلك ذاكرة طازجة ومخيلة خصبة وقدرة على الاستدعاءات المختلفة كلما لاح في أفق حركته بارق محفز. وتمثل قلعة «المريجب» في مدينة العين، شاهداً حياً على علاقة الإنسان بالمكان. لقد كانت طبيعة الحياة في تلك الحقبة من الزمن حافلة بالصراعات والحروب، ومن ثم أحيطت الدور المهمة بالأبراج، ومن أغراض بناء الأبراج المراقبة في إطلالة على المحيط لأخذ التدابير اللازمة في كل الحالات. وقد انتشرت القلاع بأبراجها والحصون في القرون السابقة، وقد زوّدت بعضها بالمدافع التي باتت اليوم أثراً تاريخياً بعد تطور سبل الدفاع في العصر الحديث. أقدم القلاع الدار.. غالية بسكانها ومياهها، كانت مستلقية على وهدة جبل، أو في واد سحيق أو على رمال صحراء مترامية. تبنى من المواد المتوافرة حولها، من حجارة أو طين يكللها كما الغار سعف النخيل وتثبّتها جذوعه فتصبح عتيّة على المعتدي، يعزّزها الحراس بانتمائهم وإخلاصهم، فيحملون الأقواس والبنادق ويتناوبون على نوافذها وفتحات أبراجها المطلّة على مدى فسيح للنظر، حاضرين لحمايتها والذود عنها إذا ما اقتضت الحاجة، فقد وقفت قلعة «المريجب» حامية لأهل الدار ومياهها، أو لاستقبال الضيف المسالم وتأمين الحماية له لدى دخوله قاعتها. تلك هي الصورة التي تكونت، وحددت معالم العلاقة بين الإنسان، وتلك القلعة التي تقف شامخة وشاهدة بتاريخها تتحدى الزمن، والطبيعة والحداثة، وتجيب على تساؤلات الأجيال، وعشاق كتابة التاريخ. وبنيت قلعة «المريجب» في الجزء الغربي من حديقة المريجب بشارع الجيمي، في المنطقة الواقعة بين منطقتي المسعودي والقطارة في مدينة العين عام 1816 مما يجعلها أقدم القلاع التاريخية في مدينة العين. حيث قام المغفور له الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان بعد أن خلف والده الشيخ ذياب بن عيسى عام 1816، ببناء حصن المريجب ليكون مكاناً لإقامته، ولاستضافة أصحاب المقامات الرفيعة، وحماية موارد المياه المحلية في المنطقة، وللدفاع عن المنطقة الشرقية من المدينة، وكمركز يمثل الحكم والإدارة في المنطقة شأنها شأن سائر الحصون والقلاع في المنطقة، وكنقطة استطلاع ومراقبة أمنية لتأمين مدينة العين. ويرجع بعض علماء الآثار اسم القلعة «المريجب» إلى عبارة «المراقبة»، وهي التسمية الأقرب للحقيقة، كون برجي القلعة يوفران الرؤية لمسافات بعيدة جداً، وتتيح للحراس التهيئة والاستعداد لمواجهة الغزاة في حال ملاحظة أي أمر مريب من بعيد. واكتسبت مثل هذه القلاع أهمية جعلت من المعنيين يسارعون إلى ترميمها بدقة من دون تغيير طبيعتها أو مواد بنائها، لأنها باتت شاهداً كما الكلمات في الكتب على العصور التي شيّدت فيها بكل تفاصيلها. ومن ثم بنيت غالبية القلاع والحصون لأغراض الحماية من الهجمات، فجاءت أبراجها متنوعة الأشكال منها الدائرية، ومنها المخروطية أو المربعة. التصميم المعماري تتألف قلعة «المريجب» من ثلاثة مبان منفصلة، وشيّد البرجان فيها بشكل منفصل عنها بقصد توفير المزيد من الحيطة والحذر. أما مدخل القلعة، فيقع في الجهة الجنوبية. والبرجان مختلفان، أحدهما وهو الأشهر بالنسبة للسياح، هو البرج المربع وهو مؤلف من طبقتين، استخدم لإقامة الخدم والحراس، والبرج الثاني دائري الشكل وذات موقع استراتيجي لحماية موارد المياه. أما القلعة نفسها فمكوّنة من طبقتين استخدمتا للإقامة الرسمية للشيخ شخبوط بن ذياب وأسرته، وضمّت ضمن الغرف الست والستين، قاعة واسعة كانت تستخدم لاستقبال الوجهاء من الزوار. وقد شيّدت على مساحة 170 متراً مربعاً بارتفاع أكثر من 11 متراً، وتمت إحاطتها فيما بعد من ضمن المحافظة عليها كمعلم أثري مهمّ ـ كونها من القلاع الثلاث الأكثر أهمية في العين ـ بحديقة تحيط بها من كل الجوانب، وذلك في سبعينيات القرن الماضي، كما قامت بلدية العين بالتعاون مع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عام 2008، بترميم أجزائها المتآكلة. ويُطلق على القلعة الرئيسة اسم المربعة لكونها تتخذ شكلا مربعا مع وجود طابقين ودرج تم بناؤه من الطين. ويحيط بالسطح جدار بفتحات تستخدم للرماية بالسهام والبنادق، كما استخدم السطح كمستودع للذخيرة وموقع دفاعي. وتُستخدم الأماكن المثلثة الشكل المتواجدة على قمة المربع كخط دفاعي أول. واستخدم لبناء برجي القلعة الطين وجذوع النخيل والسعف لتغطية الأسقف، أما نوافذها فقد صنعت من الخشب المزود بالزخارف فشكلت علامة بارزة في فن البناء الحربي. ولم تخلو غرفة من غرف القلعة بمبناها السكني وبرجيها من فتحات كانت تستخدم في الماضي للرمي منها في حال الهجوم عليها، كما توفر هذه الفتحات فرصة المراقبة من عدة زوايا. أما المبنى الثاني بالقلعة فقد خصص للخدم والحرس بينما استُخدِم البرج الأسطواني للقلعة كبرج مراقبة. يبلغ نصف قطر المبنى 2.75 متر على مستوى الأرض وينخفض كلما اتجهنا نحو أعلى البناء المتكون من طابقين. ويوجد عمودان لدعم البنية من الخارج إلى جانب درجين منفصلين يوصلان الطوابق من الداخل. يحيط سطح البرج سياج مع فتحات لرماية السهام. كما تتواجد مجموعة من الشرفات المثلثة الشكل جرى بناؤها على قمة السياج. والبرج الأسطواني هو ما تبقى من القلعة، وأعيد بناؤه وترميمه في أواخر سبعينيات القرن الماضي. وكذلك البرج المربع الذي صمم على شكل غرفة بنيت باللبن المجفف بالشمس والطين المحلي وجذوع النخيل، وهي جميعها مواد متوافرة في البيئة المحلية لمدينة العين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©