الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقدام ووسائد

أقدام ووسائد
5 نوفمبر 2011 01:01
كان الكثير من شعوب أوروبا خلال العصور الوسطى يعتقدون أن الجزء الذي يتعب أكثر في جسد الإنسان هو الأقدام، لذلك كانوا يقومون بوضع أقدامهم على الوسائد عند النوم بدلا من رؤوسهم ، بالتالي فإن الأقدام هي الأحق بالراحة، أما الرأس فلا يتعب ويبقى مرميا على الأرض. تخيلوا كيف كانت الأقدام مرتفعة بكل أبهة على الوسائد بينما الدماغ المرمي وحيدا في الجانب الآخر، لأنه «فاضي أشغال»، ولم يتعب ولم يمش ولم يركض ولم يحمل، وقضى نهاره مرتاحا في تجويف الجمجمة، ليشكل معها نتوءا لا مبرر له في أعلى الجسد. طبعا، نهضت أوروبا من كبوتها المتوسطية، وتقدمت علميا وتقنيا وإنسانيا، وعرف الناس أن الدماغ هو الأحق بالاحترام، لأنه الأكثر نشاطا وتعبا، ولا بأس من رفع الأقدام على وسائد أخرى. أما نحن الأعاريب ، فما زلنا نعتقد أن الأقدام هي التي تتعب، وما يزال تدليل المرِأة لزوجها يعتمد على «طشت» الماء الساخن لنقع أقدام البعل المتعب، وما تزال الأقدام تحتل الوسائد مكان الرأس، حتى أننا صرنا نفكر بأقدامنا، ونضحك بأقدامنا، وصارت الأقدام تجمعنا وتفرقنا... ومن لا يصدق... فليسال مجموعة من العربان عن أيهما أفضل: فريق برشلونة لكرة القدم أم فريق مدريد.؟؟؟؟....!! ??? صديقي العربي في أميركا، أرسل لي بالإيميل فيلما صغيرا على طريقة اليوتيوب «10 دقائق ونيف»، يقول معه إنه أفضل ما صنع الغرب عن الإسلام، شاهدت الفيلم فتعلمت منه أكثر ما تعلمته في المدارس والمطالعات الشخصية عما تم إنجازه من علوم واكتشافات واختراعات خلال حكم الامبرطورية العربية الإسلامية. عندنا، وحينما يتم التركيز على الترجمات وعلى أسماء علماء مسلمين نقول إن هذا ابتكار الجبر وذاك له أبحاث في علم المثلثات وذاك اكتشف قصة الضوء الصادر من الأجسام الى العين وهكذا.. في عملية تلقين وتحفيظ لا معنى لها سوى التفاخر الأعمى لأنها تتأتى تحت عنوان «فضل العرب والمسلمين على العالم»، وليس مساهمات العرب والمسلمين في العلوم، ودون ربطها بالمبتكرات الحديثة كالكاميرا والدولاب والموتورات، طبعا. الفيلم- أو سموه كما تشاؤون- يتحدث حول مجموعة طلاب يريدون إعداد بحث لمتطلبات الصفوف الإعدادية عن العصور المظلمة فيذهبون الى المكتبة، فيخرج له شخص يحدثهم بالصوت والصورة عن المبتكرات العربية. وضعت الفيلم على أحد مواقعي على الفيس بوك، فلاقى استحسانا كثيرا وكبيرا، وأضافه الكثيرون الى مواقعهم، وهو في طريقه إلى الانتشار على الفيسبوك العربي، والفضل لصديقي. فوجئت بالفيلم أنه يتحدث – فيما يتحدث - عن مخترع الاسطرلاب، هذه الآلة الأكثر تقنية في عصرها، جميعنا سمع عنها ويعرف أن لها دورا ما خلال السير في البحار او تعيين مواقع النجوم والاتجاهات... لكنهم اختلفوا على من اخترعها فتارة الفراري وطورا الدمشقي وغيرهم وغيرهم، دون الاتفاق على مخترع معين، وكنا نندهش من هذا الاسم الغريب.. اسطرلاب. هل تعرفون لماذا لم يتفقوا في كتبنا حول مخترع الاسطرلاب؟؟ السبب مؤسف ومخجل جدا يا رفاق، لأن المخترع الحقيقي هذا هو أنثى تدعى «مريم الاسطرلابي»، واسمه منحوت من اسم عائلتها، وهم اسم لم نسمع به قط في مدارسنا ولا في جامعاتنا ولا حتى في كتبنا التي نتفاخر فيها. إنه موقف واضح ضد المرأة، موقف ذكوري أهوج، وكل واحد ينوي نسبه إلى أبناء منطقته، وقد احتجنا إلى فيلم غربي حتى نصل إلى الحقيقة. سأتوقف هنا .. لأنني متضايق من حالنا. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©