ابراهيم الملا:
شهدت الأيام الأولى من الدورة السادسة لمسابقة أفلام من الإمارات عروضا افتتاحية مستضافة وعروضا أخرى لأفلام داخلة في المسابقة، كما شهد اليوم الافتتاحي إصدار كراس سينمائي يحمل الرقم 28 في سلسلة كراسات السينما التي تصدرها المسابقة، وحمل الكراس عنوان: ( جان شمعون، الرجل المهرجان) للشاعر والسينمائي السوري فجر يعقوب، يذكر أن مسابقة من الإمارات التي يحتضنها المجمع الثقافي بأبوظبي والتي تستمر فعالياتها حتى الثالث عشر من الشهر الجاري، قد وزعت نطاق المنافسة على عدة حقول بصرية شملت التصوير الفوتوغرافي وأفلام الطلبة والأفلام العامة في مجالي الفيلم الروائي القصير والفيلم التسجيلي، ومن المتوقع أن تشهد المسابقة تنافسا شديدا بين الأفلام خصوصا بعد ارتفاع مستواها الفني والموضوعي مقارنة بالسنوات السابقة·
حكاية بحرينية
اختير الفيلم الروائي (حكاية بحرينية) كي يفتتح عروض المسابقة، ويأتي هذا الاختيار كي يضيف للزخم الخليجي الذي تشهده المسابقة منذ سنتين، وكي يؤكد على نقطة مهمة وهي أن مسارات الفعل السينمائي في هذه المنطقة من العالم أصبحت مسارات مضاءة بوعي الانطلاق من الخصوصية المكانية والاجتماعية، ذلك أن الإرث الحكائي والشفهي والأدبي في دول الخليج أصبح في حاجة ماسة للترجمة البصرية التي لا ينقصها سوى الاهتمام التقني والإنتاجي الموازي للاهتمام النظري والتوثيقي·
وفيلم ''حكاية بحرينية'' من تأليف الروائي البحريني فريد رمضان، ومن إخراج بسام الذاودي الذي يضاف هذا الفيلم إلى رصيده الإخراجي الذي يضم أفلاما أخرى مثل: ''زائر''، و''الحاجز''، و'' الاعتراف''، و''ملائكة الأرض''، و''القناع''·
يتناول فيلم (حكاية بحرينية) قصة عائلة بحرينية في زمن يعود للعام 1967 حيث الحراك السياسي والأحلام القومية التي تسيدت المشهد الاجتماعي في تلك الفترة، تعيش هذه العائلة في ظل السلطة الكبيرة للأب وهيمنته المطلقة على شؤون هذه الأسرة الملتمة ظاهريا في منزل صغير، ولكن أفرادها يعيشون في شتات ذاتي كبير، و تمزقات عاطفية وروحية لا يتعامل الأب مع أسبابها سوى بالمزيد من العنف والقسوة، وبالمقابل يناقش الفيلم قضايا جانبية أخرى تتعلق بالفروقات الطائفية والدينية داخل المجتمع البحريني، ويعرج الفيلم أيضا على رغبة الشباب العارمة في تغيير الأوضاع المعيشية المتأزمة، والمطاردات والمضايقات الأمنية التي تجابههم، في زمن داخلي وعام شهد الكثير من الإنكسارات التي أكدتها النكسة العسكرية والسياسية في العام 1967 ، ويذهب الفيلم إلى تلخيص هذه العذابات في شخصية الطفل ''خليفة'' المحروم من صداقة الأب والمتفرغ كليا للعيش مع أحلامه الصغيرة القابعة في بيت الحمام فوق سطح المنزل، حيث الأحلام الطائرة، وفسحة الروح المحلقة مع هواء البحر، ومع النوارس في أسفارها العالية·
يعتبر فيلم (حكاية بحرينية) أحد أجمل الأفلام التي شهدها المنجز السينمائي في الخليج حتى الآن فباستثناء الفيلم الكويتي (بس يا بحر) فإن (حكاية بحرينية) يتميز بالصدق والشفافية والجرأة في طرح قضاياه المنبعثة من ذاكرة حية والمنطلقة نحو واقع حقيقي ومعاش، في خطاب جمالي متبادل بين الماضي والحاضر، وبين روح الحكاية والتجسيدات الأمينة للكاميرا·
المتسلل
وبعد العرض البحريني المميز بدأت فعاليات العروض الداخلة في المسابقة التي شهدت أفلاما من السعودية وعمان والإمارات، وعروضا أخرى ضمن البانوراما العربية، فمن سلطنة عمان أتى فيلم '' الكارثة'' للمخرج جاسم البطاشي، ويحكي الفيلم قصة البحث عن حياة جديدة ومختلفة للوصول إلى الطهر والخلاص وسط كوارث ذاتية واجتماعية ضاغطة ومهيمنة، وقدمت السعودية فيلم (طفلة السماء) للمخرج علي حسن الأمير ويتناول الفيلم من خلال قصة متخيلة حياة الطفلـة (ديما) التي قتلت معذبة على يد والدها الذي يعاني من حالة نفسية، ويرتحل الفيلم بصريا في المذكرات التي تركتها ديما المليئة بالألوان والحكايات والأحلام البريئة·
أما الفيلم الإماراتي (المتسلل) للمخرج ناصر اليعقوبي فيناقش قضية المتسللين إلى الدولة، ولكن من وجهة نظر مختلفة ومتعاطفة من قضيتهم بعيدا عن فكرة الخروج عن القانون، حيث يعايش الفيلم المأساة الذاتية للمتسلل وابتعاده عن أهله ومكابداته للصعاب والمخاطر وسط البحار والجبال لتوفير لقمة العيش لعائلته الفقيرة·
عدد اليوم
