علي العمودي:
صدفة قادتني للبحث عن المخرج البريطاني بدر بن حرسي، فقد كنت أتابع حلقات برنامج شاعر المليون عندما لاحظت وجود اسم الرجل مخرجا للعمل الذي أحدث ثورة في عالم الشعر النبطي· اعتقدت للوهلة الأولى أن الأمر مجرد تشابه في الأسماء قبل أن أتأكد من شخصيته التي أثارت جدلا واسعا عقب فيلمه يوم جديد في صنعاء القديمة ، وهو الفيلم الذي حصد العديد من الجوائز العالمية·
قبل أن يحدثنا عن تجربته من صنعاء إلى أبوظبي، تحدث بن حرسي، عن عائلته، ولأول مرة أعرف أن له صلة قربى بالعائلة المالكة التي كانت تحكم اليمن قبل أن تطيح بها ثورة عبدالله السلال عام ·1963 فقال إن اسمه الكامل هو البدر بن يحيى الحرسي، ووالده يحيى الحرسي كان عم الإمام البدر ووالد زوجته، فقد كانت الشقيقة الكبرى لبدر زوجة للإمام، كما كان والده وزيرا وقائدا لجيش الإمام·
بدر هو الأصغر بين إخوته وأخواته البالغ عددهم (14)، سبعة صبيان ومثلهم من البنات، وقد استقرت العائلة في بريطانيا بعد هروبها من اليمن إلى السعودية ومنها إلى لندن حيث ولد بدر وترعرع· وهو يؤكد أن كبر عدد أفراد أسرته ساعدهم على التمسك باللغة العربية والقيم الإسلامية·
شغف مبكر : بدأ اهتمام بن حرسي بالفن مبكرا من خلال الكتابة للدراما والإخراج، وقد أخرج وأنتج أول مسرحية له في لندن عندما كان في الحادية عشرة من عمره·
يقول: والداي كانا سعيدان بموهبتي، ولكنهما نصحاني بدراسة شيء جاد، لأنهما كانا يعتقدان أن العمل الفني لا يناسبني، بمعنى انه ليس بالمورد الثابت· لذلك درست إدارة الأعمال حتى نلت البكالوريوس، ولكن شغفي بالسينما والدراما دفعني لدراستهما لأحصل على الماجستير في الإخراج الدرامي من جامعة لندن .
الطريق إلى صنعاء
يتذكر بدر أن أول زيارة له إلى اليمن كانت عام ،1995 عندما كان في السابعة والعشرين من عمره بطلب من عائلته لإنجاز بعض الأمور الخاصة، ويقول: لقد وجدت اليمن مختلفة كليا عن كل ما سمعته من الإعلام في بريطانيا، والغرب عموما، من تحذيرات بالاختطاف والقتل وخلافه، شعرت بدفء حقيقي و بأنني بين أهلي· كان ذلك أول اتصال واقعي لي باليمن الذي عاش كثيرا في خيالي، وقررت أن أوظف موهبتي لتقديم صورة مغايرة عن الإسلام والعرب في الغرب، وبدأت أقرأ كثيرا عن اليمن، وقد كان كتاب البريطاني تيم ماكنتوش سميث أحد مفاتيح التعرف إلى بلاد الأساطير .
ويتابع بـــــــدر عن الكــــــتاب والكاتب: هــــذا الرجــــل البريطاني يقيم في صنعاء القديمة منذ 22 عاما بعد أن سحرته المدينة، وأصبح يمنيا قلبا وقالبا، ومن هنا كان كتابه yemen ,travel in dictounery land ، والذي ترجم للعربية تحت عنوان اليمن·· مهووس في بلد القاموس ، و نشأت بيننا فيما بعد علاقة صداقة، واتفقنا على ان نعمل سويا لتبديد الصورة القاسية والسلبية عن العرب والمسلمين، وقد تسببت بعض الأعمال الإرهابية التي شهدتها اليمن في تأجيل مشروعنا، ولكن حققنا بعد ذلك فيلما تسجيليا مدته ساعة وربع الساعة بعنوان الشيخ الإنجليزي والجنتلمان اليمني ، وقد نجح الفيلم ونال عدة جوائز، وهو يروي قصتنا: هو البريطاني الذي أصبح يمنيا وأنا اليمني الأصل والجذور الذي أصبحت بريطانيا· وتواصل عملي في هذا المجال، حيث قدمت فيلم حضرموت··· حديقة الطاووس ، وفيلما تسجيليا عن أحداث 11 سبتمبر بعيون سعودية وأنتج لصالح قناة العربية ، وتضمن لقاءات حصرية مع آباء منفذي الهجمات ومدرسيهم وعدد من علماء الدين، وقد عرض في الذكرى الأولى التي تلت الهجمات·
علامة فارقة
قدم بن حرسي أفلاما أخرى لصالح القناة الرابعة البريطانية، من أهمها فيلم عن الحج بعنوان: أعظم رحلة على وجه الأرض ، وصولا إلى فيلمه يوم جميل في صنعاء الذي كان علامة فارقة في رحلته الفنية، باعتباره أحد أطول الأفلام الطويلة التي أخرجها، وكذلك بسبب الجوائز التي حصل عليها، والجدل الذي صاحب تصويره وعرضه· وكشف بن حرسي إن طاقم التمثيل والتصوير تعرض للكثير من المضايقات، بل إن احد الممثلين البريطانيين تعرض للطعن من عراقي غاضب مقيم في صنعاء لأن ذلك اليوم صادف اعتقال قوات التحالف للرئيس العراقي الراحل صدام حسين· كما أن أحد أئمة المساجد حرض الجمهور علي متهما إياي بأنني ألماني مدسوس من المخابرات الأميركية، وأقوم بتصوير مشاهد إباحية مستخدما أحد المساجد كخلفية للمشاهد، ناهيك عن مشاكل التمويل، وقد ذلل لي الصعاب بعد ذلك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي تدخل شخصيا لصالح إنجاز الفيلم، وكذلك أدين بالفضل للدكتور عبدالكريم الأرياني، ومحمد أحمد الكحلاني الذي كان محافظا لصنعاء وقتها·
ويقول بدر: من المرارات التي علقت في ذهني أن إمام المسجد الذي هاجمني حاول مساومتي طالبا مبالغ مالية لابتزازي بعد أن عرف بدعم المسؤولين اليمنيين لمشروع الفيلم، ولقد مثل لي ذلك صدمة في طريقة تعامل أمثال هؤلاء الذين يتخفون باسم الدين .
شاعر المليون
أما عن تجربته مع برنامج شاعر المليون فيصفها بدر بن حرسي بأنها تحد له، ويضيف: لقد أسند لي إخراج البرنامج لعلاقة العمل التي تربطني بالمنتجة نشوى الرويني، والتي تعود إلى أيام عملنا في محطة ام بي سي في لندن· وقد فوجئت بمستوى المشاركين في البرنامج والمواهب التي يتمتعون بها كشعراء نبطيين .
وحول مشروعه المقبل، قال بدر بن حرسي انه يحلم بإخراج فيلم عن الرحالة البريطاني الشهير السير ولفريد ثسيجر الذي عبر الربع الخالي ووصل إلى أبوظبي في الأربعينيات من القرن الماضي، حيث التقى المفغور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعودته إليها بعد ذلك عقب نصف قرن، ويتابع: أقوم من خلال الرحلتين برصد التحولات التي جرت لتصبح أبوظبي اليوم واحدة من أجمل مدن العالم قاطبة· وقال انه عكف على وضع التصورات الأولية للعمل الذي سيكون على مستوى عالمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى على حد قوله·
عدد اليوم
