الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عضوية فلسطين باليونسكو... مواجهة بين واشنطن والأمم المتحدة

عضوية فلسطين باليونسكو... مواجهة بين واشنطن والأمم المتحدة
5 نوفمبر 2011 00:01
أشعل قرار للمنظمة الأممية التي تعنى بالثقافة يقضي بالاعتراف بفلسطين كدولة عضو في المنظمة مواجهةً بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مما يهدد بتجريد واشنطن من تأثيرها ونفوذها في عدد من الوكالات الدولية المهمة، ولكن أيضاً بقطع مصدر رئيسي للمساهمات المالية في تمويل الهيئة العالمية. فقد أعلنت إدارة أوباما أنها تعتزم إنهاء تمويل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، وذلك بعد ساعات على قيام المنظمة يوم الاثنين الماضي بالتصويت بأغلبية 107 أصوات مقابل 14 صوتاً على قبول السلطة الفلسطينية كعضو كامل العضوية في المنظمة. ذلك أن قرار اليونيسكو أثار قوانين أميركية قديمة تعود إلى بداية عقد التسعينيات تمنع واشنطن من تمويل أي منظمة أممية تمنح الأراضي الفلسطينية وضعَ الدولة. وفي هذا الإطار، قال مسؤولون أميركيون إنهم سيمنعون دفع مبلغ 60 مليون دولار إلى المنظمة كان مخططاً له الشهر القادم، محذرين من أنهم قد يضطرون إلى وقف تمويل منظمات أممية أخرى أيضاً في حال استجابت للطلبات الفلسطينية الرامية إلى نيل العضوية الكاملة. بيد أن قطع المساهمة المالية الأميركية يحرم اليونيسكو من 22 في المئة من تمويلها ويمكن أن يرغم المنظمة، التي تركز على محاربة الأمية، وحقوق الإنسان، والحفاظ على المواقع التاريخية عبر العالم، على الشروع في الاستغناء عن عدد من موظفيها، كما يقول دبلوماسيون. غير أنه في الوقت نفسه، يحذر مسؤولون أميركيون من أن المصالح الأميركية يمكن أن تتعرض للضرر في حال أُرغمت واشنطن جراء عمليات تصويت مماثلة في المستقبل على قطع التمويل عن وكالات دولية أخرى بالغة الأهمية بالنسبة للمصالح الأمنية والاقتصادية الأميركية. ومن بين هذه الوكالات المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة، التي تساعد قطاعي التكنولوجيا العالية والترفيه الأميركيين وقطاعات أخرى على حماية حقوق ملكيتها حول العالم، ويشمل ذلك براءات الاختراع، وذلك على اعتبار أن المنظمة تنص في قوانينها على أن الأعضاء الذين لا يدفعون واجباتهم يفقدون نتيجة لذلك حقوقهم في التصويت. وفي هذا السياق، اجتمع المسؤولون الأميركيون مع أعضاء لوبيات التكنولوجيا العالية يوم الاثنين الماضي من أجل تحذيرهم من أن عضوية فلسطينية في منظمة الملكية الفكرية "ستكون لها تداعيات خطيرة على الزعامة الأميركية في هذه المنظمة"، مثلما قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صادر عنها. ومن بين المنظمات الأخرى التي يمكن أن تتأثر أيضاً هناك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تساعد الحكومات الغربية على مراقبة برنامج إيران النووي، والمنظمة الدولية للطيران المدني، ومنظمة الصحة العالمية. وفي هذا الإطار، قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة الرئيسية باسم وزارة الخارجية الأميركية: "إننا نرى إمكانية حدوث ضرر معتبر في حال تم تكرار هذه الخطوة في منظمات أممية أخرى". وفي هذه الأثناء، يتحدث الفلسطينيون عن أنهم سيسعون للحصول على العضوية في هيئات دولية إضافية مثل منظمة التجارة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية. ويذكر هنا أن السلطة الفلسطينية كانت قد تقدمت بطلب الانضمام إلى اليونيسكو بعد تضاؤل حظوظ نجاح الجهود التي بدأتها في سبتمبر الماضي من أجل الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. جهود تقول الولايات المتحدة إنها ستستعمل "الفيتو" ضده. وإذا كانت عضوية اليونيسكو لم تقرب الفلسطينيين من هدف تحسين مكانتهم الدولية إلا قليلاً، فإنها بالمقابل تسببت لإدارة أوباما في حرج من خلال إبراز عزلتها النسبية حول هذا الموضوع. وقد انتقد مسؤولون من الإدارة الأميركية الخطوة التي أقدمت عليها اليونيسكو باعتبارها ضربة للجهود الأميركية الرامية إلى إعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي احتلال إسرائيل للضفة الغربية ويخلق دولة فلسطينية. وفي هذا السياق، قالت نولاند إن التصويت كان "مؤسفاً وسابقاً لأوانه، كما أنه يُضعف رؤيتنا المشتركة لسلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط". وكان مسؤولون من إدارة أوباما قد أكدوا أنهم يؤثرون تجنب هذا الصدام مع أعضاء آخرين في الأمم المتحدة، مشددين على دعمهم لمهمة اليونيسكو والوكالات الأممية الأخرى؛ غير أن قائمة طويلة من أعضاء الكونجرس الموالين لإسرائيل من كلا الحزبين أعلنوا أنه لن يكون ثمة أي تراجع عن القانون. وفي هذا الإطار، قال "إيريك كانتر" (الجمهوري عن ولاية فرجينيا)، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، إن تصويت اليونيسكو شكَّل "إهانة لعملية السلام الدولية وعائقاً أمام المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين". غير أن "ديلان ويليامز" من منظمة "جي ستريت"، وهو لوبي ليبرالي موال لإسرائيل يعارض قطع التمويل عن اليونيسكو، حذر من أن الولايات المتحدة "ستضطر إلى فك ارتباطها، شيئاً فشيئاً، مع العديد من المنظمات التي تعد بالغة الأهمية بالنسبة لاقتصادنا وأمننا القومي". وفي غضون ذلك، حيا الفلسطينيون تصويت اليونيسكو باعتباره دعماً معنوياً لهم في الحملة الرامية إلى الحصول على الاعتراف بدولتهم، في حين وصفه البعض باعتباره "بروفة" استعداداً لتصويت حول منح الفلسطينيين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، يمكن أن يجرى في مجلس الأمن الدولي أوائل سبتمبر المقبل. وفي هذا الإطار، قال المسؤول في السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربه ضمن تعليقه على تصويت اليونيسكو: "إنها نقطة تحول مهمة في التاريخ الفلسطيني"، مضيفاً "إنها تعني أن أغلبية العالم تدعم حق الفلسطينيين في أن يصبحوا دولة مستقلة وعضواً في المجتمع الدولي". وبعد عملية التصويت التي جرت في مقر اليونيسكو بباريس، هتف أحد الحاضرين باللغة الفرنسية "عاشت فلسطين!". هذا وقد ندد المسؤولون الإسرائيليون بالتصويت، قائلين إنه لن يغير شيئاً على الأرض وإن من شأنه أن يجعل عودة الزعماء الفلسطينيين إلى المفاوضات أقل احتمالاً. كما قالت وزارة الخارجية لإسرائيلية إنها ستعيد تقييم تعاونها مع اليونيسكو في ضوء القرار. وتعليقاً على هذا القرار، قال السفير الإسرائيلي في اليونيسكو نمرود باركان: "إن اليونيسكو تتعامل مع العلوم وليس علوم الخيال". ورغم ذلك، يقول السفير الإسرائيلي، فإن المنظمة "اعترفت بدولة لا وجود لها". ومن بين الدول الـ107 التي صوتت لصالح عضوية فلسطينية في اليونيسكو هناك روسيا والصين والهند وفرنسا والبرازيل، وشملت الدول الـ14 التي صوتت ضد القرار كلا من الولايات المتحدة وكندا وألمانيا، هذا في حين اختارت 52 دولة الامتناع عن التصويت، ومن بينها بريطانيا وإيطاليا. ويقول الفلسطينيون - الذين كانوا يتمتعون حتى اليوم بوضع مراقب في اليونيسكو - إنهم سيستعملون عضويتهم للسعي إلى حصول عدد من المواقع الدينية والتاريخية في الضفة الغربية على وضع تراث عالمي محمي دولياً، ومن ذلك كنيسة القيامة في بيت لحم. ويذكر هنا أنهم كانوا رفضوا حلاً توفيقياً كان سيسمح لهم بتوقيع بعض اتفاقيات اليونيسكو بدون أن يكونوا عضواً كامل العضوية في المنظمة. وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن لطالما كانت لديها علاقة مهتزة مع اليونيسكو. فقد قاطعت الولايات المتحدة المنظمة بين 1984 و2003، حيث كانت تتهمها بانحياز ضد الولايات المتحدة وضد الغرب، قبل أن يعيد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الانضمام إليها، معبراً عن أمله في أن تستعمل المنظمة في نشر الديمقراطية والقيم الغربية في العالم النامي. إدموند ساندرز القدس بول ريكتر واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©