الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صادق كويش يصور الإنسان في أقسى حالات السواد

صادق كويش يصور الإنسان في أقسى حالات السواد
5 نوفمبر 2011 01:49
من خلال عدد قليل من اللوحات النحتية البارزة، ينفذ الفنان العراقي صادق كويش الفراجي رؤيته لعزلة الإنسان والرعب الذي يعيشه في حالة من السواد والفراغ، وذلك في معرضه الذي يحمل عنوان «لا أحد، لا شيء»، ويقام في غاليري الأيام في دبي حاليا حتى الخامس عشر من ديسمبر المقبل. يريد الفنان التعبير عن الفرد في عزلته، وخوفه ورعبه وضعفه وضياعه، من خلال شخصية «البطل» الأسود» الذي يتخذ أشكالا تنم على التعب والفراغ، حيث الجسد المنحني واليد الممتدة لالتقاط زهرة من الفراغ، فيما شخصية أخرى في حالة التقوقع التي تشبه حال الجنين. أعمال تحيل على مدى البؤس الذي وصل إليه الإنسان من مسخ وتشوهات قاتلة للروح، إنها نوع من التأمل في أعماق الروح في ظل «التحولات» التي يشهدها العالم، وهذا هو الانطباع الأساس الذي تركه مواجهة السواد الحاد الظلمة في اللوحة. معرض الفنان العراقي المولود عام 1960 يشتمل على لوحات من نوع النحت البارز على الكرتون المقوى، مع استخدام لأشرطة الفيديو تقنية (الفيديو آرت) التي تعكس عوالم المعرض. وهي تعكس خط الفنان في الاشتغال على رسوم متحركة قصيرة. حيث توحي أعماله بمدى اعتماده على الحركة، وعن عمل تسوده الدقة والاحترافية لإبداع مجموعة من إطارات الرسوم المتحركة. وهو بذلك يستفيد من ثنائية اللون والحركة على نحو يمنح لوحته هذين البعدين البارزين. لكن الحركة تعلن عن ارتماء الكائن في الفراغ أكثر من كونها حركة إرادية في اتجاه مقصود، وقد تظهر عينا الكائن بحدة وشراسة حينا، وتختفي فلا يظهر إلا الرأس الأجوف. والمعرض يبدو جزءا من سلسلة معارض يقيمها الفنان لتجاربه الممتدة منذ سنوات الثمانينات، وتكرست في التسعينيات من القرن الماضي، تجارب تستذكر المكان والإنسان في العراق بمراحله المختلفة، مستفيدا من موروث عراقي عريق ومتعدد الأبعاد الثقافية، جامعا بين الواقع والأسطورة، ويظهر ذلك حتى في عناوين بعض معارضه الأخيرة مثل «المنزل الذي بناه والدي»، يضعنا على تماس مباشر مع ما يمكن اعتباره تخريباً للذاكرة الشخصية والجمعية. غرفة الأب، ملابسه، صورة الأم، تفاصيل كثيرة مسروقة تُطل عليها شخصيته «الحنظلية» التي كبرت وتضخمت لتكون شاهدة على كل هذه المآسي والتحولات، أو «مولود في التاسع من نيسان» الذي كان يريد فيه التعبير عن واقع العراق الراهن من خلال تقنيات الصوت والصورة لكنه بدل ذلك جمع الصورة بسوادها مع جلال الصمت. لذلك يقول الفنان «أنا لا أرسم ترفاً، ولست باحثاً عن جمال، إنّما أحاول تعقل ذاتي والعالم... غير أنّ النتائج دائماً لا تعدو أن تكون نوعاً من البكاء». ويكتب أحد النقاد الجسد في التشكيل العراقي, كمفردة تشكيلية خضعت إلى عدة تغييرات وتحويرات أو تحولات عبر التاريخ, سواء كانت رمزية أيقونية أو ميثولوحية أو سياسية وغير ذلك. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة اغفل من قبل غالبية التشكيليين داخل العراق. لكنه يستحضر في أعمال التشكيليين العراقيين المهاجرين، كمفردة قابلة للتجاور أو التحاور عبر وسائل التشكيل البصرية والتي تتيح للفنان تجاوز سطح القماشة إلى فنتازيا التصوير الفيديوي. وما عمل صادق الفراجي بشكل عام إلا نوع من بوح وجداني بدلالات استرجاعية تختلط فيها مهاراته الكرافيكية وتقنية وسائل الفيديو الفني. وبات الجسد في عمله المعروض هنا وهما تتقاذفه مدونات رقمية كأحلام وأمنيات وتفسيرات, ما أن يجف حبر تدوينها أو يكاد إلا أن تذوب خلال موجات أثير عرضها الفيديوي.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©