الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صلاح الحبسي يهوى قمم الجبال ولا يخشى «الحفر»

صلاح الحبسي يهوى قمم الجبال ولا يخشى «الحفر»
21 فبراير 2010 20:24
قبل ثلاثين عاماً خطت قدما المتسلق الإماراتي صلاح الحبسي على جبال «روكي» المجللة بالثلج في ولاية كولارادو الاميركية، كانت تجربة سريعة، خطوة أولى في عالم تسلق الجبال، دعاه إليها صديق أميركي، منذ ذاك الوقت وحب تحدي الجبال يسري في قلبه، ليعود إليها كل مرة برغبة تحد أكبر، قاربت على إيصاله لقمة العالم في ايفرست. صلاح سالم الحبسي واحد من مواطنين قلة شغلتهم صعود القمم عن باقي الهوايات، فأحبوا هذا التحدي وصاروا يشدون الرحال للجبال المختلفة حول العالم كي يمارسوا رياضة التسلق بكل رغبة ومحبة. يقول صلاح الحبسي: حين كنت أدرس في ولاية مينيستوتا الأمريكية عام 1986 عرض علي أحد الأصدقاء الأميركان مشاركته في مخيم تسلق لعدة أيام في جبال «روكي» الواقعة في كولارادو، ووافقت على أمل أن أغير روتين الدراسة، لكني وجدت نفسي أغرم بالموضوع، وأشعر بأن تسلق الجبال هو الشيء الذي أبحث عنه، وهكذا كانت بدايتي. يتابع الحبسي: منذ رحلة كولارادو وأنا أعشق الجبال، ولكم أن تتخيلوا أني بعدها بعشرة أعوام فقط في عام 1996 كنت على قمة جبل «مونت بلانك» الذي يبلغ ارتفاعه 4807 أمتار، وهي أعلى قمة في جبال الألب. هواية تحدي الجبال وتسلقها تمكنت فعلا من قلب صلاح الحبسي، يقول: في السنوات الثلاث الأخيرة تحولت إلى نمط من أنماط التسلق يسمى Trackingوهو أشبه بالمشي التتابعي بين الجبال، بحيث يقضي المتسلق الوقت في دروب معروفة في الجبال، لا أن يتحدى الصخور ليتسلق. وهذا لا يعني الابتعاد عن تسلق الصخور بالمعاول، لأني أحتاج أحيانا لتخطي بعض العقبات عبر تسلق الجبال النمطي، وبالطبع لا أخشى السقوط في حفر الجبال وأخاديدها. تسلق صلاح الحبسي جبال معروفة مثل الكلاباتار في النيبال وارتفاعه 5545 متراً، وايلند بيك الذي ينتمي لسلسة جبال الهملايا، ويحضر خلال الأشهر القادمة للوصل إلى قمة ايفرست، أعلى قمم العالم بارتفاع 8848 متراً. قمة «جيس» وبالرغم من تعلق قلبه لثلاثين عاما بين قمم الجبال، لم يفكر الحبسي بتسلق أعلى قمة إماراتية إلا منذ عدة أشهر، يقول: وضعت في خطتي القادمة تسلق جبل جيس، وهو أعلى قمة جبلية في الامارات، بمشاركة صديق أمريكي سيأتي من أميركا خصيصا لتحدي صخور جيس. ويؤكد الحبسي أن جيس برغم ضآلته قياسا للقمم التي تسلقها يبقى تحدياً صعباً، ويتابع: يعتبر جبل جيس بارتفاعه 1900 متراً من الجبال المتوسطة في العالم، لكن هذا لا يعني أن تسلقه سهل، فهنا ستتم عملية التسلق بدون الأوكسجين الذي يعتاد عليه متسلقو الجبال العالية، ويفترض أن يتوقف المتسلق كل 800 متر ويقضي الليل في المكان كي يعتاد جسده على نقص الاوكسجين، لأنَّ كمية الاوكسجين تقل في الجو كلما ارتفع الانسان عن سطح الأرض. السياحة الجبلية يستغرب صلاح الحبسي عدم توجه الدولة لاستثمار ما أسماه «السياحة الجبلية»، ويقول: في دول لا تملك من مقومات السياحة إلا العناصر الطبيعية نجد توجهات كبيرة لإنعاش تسلق الجبال، بينما دولتنا تمتلك كل المقومات من بنية تحتية متكاملة، وفنادق، وأمن مرتفع المستوى، يضاف إلى ذلك جمال الجو وروعته في المناطق الجبلية لفترة طويلة من العام ( إذا استثنيا 4 أشهر يدوم فيها الصيف) يجعلنا نتساءل لم لا يتم استغلال الجبال في تنمية السياحة الجبلية، خاصة مع تزايد وجود المهتمين بتسلق الجبال من الأجانب المقيمين والضيوف، وكذلك المواطنين. ويؤكد الحبسي: عندما تستثمر شركة معينة في مجال السياحة الجبلية، فهي تقوم بتذليل الكثير من الصعوبات أمام المتسلقين، وتجعل تحدي الجبال أكثر متعة، كما أنها تهتم بتدريب المبتدئين وتعليمهم، ثم تجهز المعدات اللازمة لتسلق الجبال وتجعلها في متناول اليد، هذا النوع من الاستثمارات يجذب الكثيرين من الهواة أو راغبي الاكتشاف، وفي رأس الخيمة والفجيرة هناك العديد من المناطق التي يمكن استثمارها بنجاح في مثل هذه السياحة. ويتابع الحبسي: هناك اليوم بعض الشركات التي توفر «محاكاة» لتسلق الجبال، عبر توفير جدران مرتفعة تركب عليها قواعد عشوائية يمكن التدرب عبر ارتقائها على تسلق الجبال، ولكن هذا النوع من التدريب لا يعد سوى خطوة أولى، ويجب أن يتبعه تدريب حقيقي وفعلي في جبال حقيقة، وجبالنا المتوسطة والصغيرة من أنسب الأماكن التي يمكن التدرب فيها على تسلق الجبال للمبتدئين، وأولئك الذين يرغبون بتنشيط مهاراتهم بين فترة وأخرى. رياضة مكلفة يعتبر الحبسي أن رياضة تسلق الجبال من الرياضات المكلفة نوعا ما خاصة إذا لم يجد المتسلق دعماً جيداً، ويقول: الطريف أن تكلفة تسلق الجبال تتوازى مع ارتفاع الجبل!، فمتسلق الجبال العالية التي ترتفع نحو 5000 متر فما فوق يدفع أضعاف متسلق الجبال الأقل ارتفاعاً. ويفسر الحبسي هذه النقطة بقوله: يحتاج المتسلق إلى أحذية خاصة حيث يصنع نعاله من المطاط المزود بنتوءات بارزة تساعد في تثبيت الأقدام على الصخور والثلوج، يكلف الواحد منها نحو 3000 دولار ( أكثر من 10 آلاف درهم!) وكمية من الاوكسجين تكفه للرحلة ( كل اسطوانة تكلف 300 دولاراً) وأنواع خاصة من الحبال والحلقات المعدنية، وبالطبع سكينا خاصة، ومطرقة خاصة وأدوات أخرى، بينها أدوات للإسعافات الأولية والمواد اللازمة والضرورية للطعام بحيث توضع في أقل حيز ممكن، ومصاريف أخرى ينفقها على الدليل والخيام الخاصة وأجهزة التتبع والاتصالات، أي تكاليف قد تصل لنحو 100 ألف درهم لرحلة لا تتعدى 20 يوماً. هناك أيضا الوقت ، يقول الحبسي يمثل الوقت تحدي آخر للمتسلق، فهو يحتاج إعداداً وتمارين قبل الرحلة بفترة كافية، ويحتاج إلى تفرغ لا يقل عن شهر من أجل الرحلة التي يحتاج أن يقضي فيها أياما ليصل من العواصم إلى حدود الجبال، وأسابيع ليمشي بين الصخور حتى يصل القمة ويعود للأرض، وثم أياما للعودة والراحة من الرحلة الممتعة الشاقة، والأهم من ذلك أن المتسلق لا يمكن أن يتسلق وحده، ولابد من وجود فريق معه، لأنَّ «المشاركة» من أهم شروط هذه الرياضة. المتسلقون الإماراتيون عن الاهتمام المتزايد برياضة تسلق الجبال يقول الحبسي: برغم أن مهمة تسلق الجبال معروفة منذ زمان إنسان الكهف، إلا أنها لم تعتبر كرياضة إلا منذ 100 عام فقط، وبدأت شعبية هذه الرياضة ترتفع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن هذه الألفية التي نعيشها تعتبر عصرا ذهبياً لمحبي التسلق الذين يزدادون يوما بعد آخر، يساعدهم في ذلك توفر التقنيات الحديثة التي تساعد على تسلق الجبال، كما أن التقدم المعلوماتي أسهم في توضيح المعلومات حول الجبال والرياضة، وصار الكثير من المتسلقين يتواصلون عبر شبكة المعلومات والمدونات. وعن متسلقي الامارات يتابع الحبسي: أعداد الإماراتيين هواة المغامرات ترتفع عاماً بعد آخر، ومن الطبيعي أن يزداد محبو تسلق الجبال بينهم، وقد لاحظت ذلك حين صرت التقيهم في نقاط تجمع المغامرين للانطلاق المعروفة بين الجبال. لكن للأسف يعاني الاماراتيون من غياب التنظيم الذي يحتضن جهودهم ويوجهها بالشكل الصحيح، فرياضة التسلق تحوي خطوة كبيرة للمبتدئين واحتمال التعرض للخسائر المادية والبشرية فيها كبير، إذا لم يكن التحرك ضمن خطوات منظمة، وحالياً أحاول إيجاد كيان معين لاحتضان محبي تسلق الجبال، حتى لو كان هذا الشيء على شبكة الانترنت عبر إعدادي لإطلاق موقع خاص للمتسلقين ومحبي المغامرات الاماراتيين والعرب، بشكل عام، على أمل أن يكون خطوة أولى لحصر أعداد المغامرين، تمهيداً لشيء أفضل وكيان واقعي لهم عبر إنشاء ناد حقيقي، أو جمعية لخدمة متسلقي الجبال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©