الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يطوف به الجاني فيغفر ذنبه

يطوف به الجاني فيغفر ذنبه
25 أكتوبر 2012
ابن الأمير الصنعاني * أيا عذبات البان من أيمن الحمى رعى الله عيشا في رباك قطعناه سرقناه من شرخ الشباب وروْقـه فلما سرقنا الصفو منه سُرقناه وجاءت جيوش البين يقدمها القضا فبدد شملا بالحجاز نظمناه حرام بذي الدنيا دوام اجتماعنا فكم صرمت للشمل حبلاً وصلناه فيا أين أيام تولت على الحمى وليل مع العشاق فيه سهرناه ونحن لجيران المحصب جيرة نوفي لهم حسن الوداد ونرعاه ونخلو بمن نهوى إذا رقـد الورى ويجلو علينا من نحب محياه فقرب ولا بعد وشمل مجمع وكأس وصال بيننا قد أدرناه فهاتيك أيام الحياة وغيرها ممات فياليت النوى ما شهدناه فيا ما أمر البين ما أقتل الهوى أما يا الهوى إن الهنا قـد سلبناه فو الله لم يبق الفراق لذاذة فلو من سبيل للفراق فرقناه فأحبابنا بالشوق بالحب بالجوى لحرمة عقد عندنا ما حللناه لحق هوانا فيكم وودادنا لميثاق عهد صادق ما نقضناه أعيدوا لنا أعيادنا بربوعكم ووقت سرور في حماكم قضيناه فما العيش إلا ما قضينا على الحمى فداك الذي من عمرنا قد عددناه فياليت عنا أغمض البين طرفه ويا ليت وقتا للفراق فقدناه وترجع أيام المحصب من منى ويبدو ثراه للعيون حصباه وتسرح فيه العيس بين ثمامـة وتستنشق الأوراح نشر خزاماه ? ? ? ففي ربعهم لله بيت مبارك إليه قلوب الخلـق تهوى وتهواه يطوف به الجاني فيغفر ذنبه ويسقط عنه جرمه وخطاياه فكم لذة كم فرحة لطوافه فلله ما أحلى الطواف وأهناه نطوف كأنا في الجنان نطوفها ولا هم لا غم فذاك نفيناه فوشوقنـا نحو الطواف وطيبه فذلك شوق لا يعبر معناه فمن لم يذقه لم يذق قط لذة فذقه تذق يا صاح ما قد أذقناه فوالله ما ننسى الحمى فقلوبنا هناك تركناها فيا كيف ننساه ترى رجعة هل عودة لطوافنا وذاك الحمى قبل المنية نغشاه ووالله ما ننسى زمان مسيرنا إليه وكل الركب قد لذ مسراه وقد نسيت أولادنا ونساؤنا وأموالنا فالقلب عنهم شغلناه تراءت لنا أعلام وصل على اللوى فمن أجلها فالقلب عنهم لويناه جعلنا إله العـرش نصب عيوننا ومَنْ دونه خلف الظهور نبذناه وسرنا نشق البيد للبلد الذي بجهد وشـق للنفوس بلغـناه رجالاً وركبانا على كـل ضامر ومن كـل ذي فج عميق أتيناه نخوض إليه البر والبحر والدجى ولا قاطـع إلا وعنه قطعناه ونطوي الفلا من شدة الشوق للقا فتمسي الفلا تحكي سجلاً قطعناه ولا صدنا عن قصدنا فقد أهلنا ولا هجر جار أو حبيب ألفناه وأموالنا مبذولة ونفوسنا ولم نبق شيئاً منهما ما بذلناه عرفنا الذي نبغي ونطلب فضله فهان علينا كل شيء بذلناه فمن عرف المطلوب هانت شدائد عليه ويهوى كل ما فيه يلقاه فيا لو ترانا كنت تنظر عصبة حيارى سكارى نحو مكة وُلاه فلله كم ليل قطعناه بالسرى وبر بسير اليعملات بريناه وكم من طريق مفزع في مسيرنا سلكنا وواد بالمخاوف جزناه ولو قيل إن النار دون مزاركم دفعنا إليها والعذول دفعناه فمولى الموالي للزيارة قد دعا أنقعد عنها والمزور هو الله ترادفت الأشواق واضطرم الحشا فمن ذا له صبر وتضرم أحشاه وأسرى بنا الحادي فأمعن في السرى وولى الكرى نوم الجفون نفيناه * اسم الشاعر هو: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد بن علي، الكحلاني، ثم الصنعاني. ولد بمدينة كحلان اليمنية (وتعرف بكحلان عفار) سنة 1099هـ. وهناك التباس في نسب هذه القصيدة، فقد ذكرها الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكي المالكي المتوفى سنة 823 هـ في كتابه “شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام”، ونسبها إلى الأديب أبي بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشد البغدادي وذكر أن صاحبها سماها “الذهبية في الحجة المالكية والذروة المحمدية”. لكن القصيدة، أيا كان نسبها، تبقى بمقاطعها العديدة، وبأغراضها عن مناسك الحج، من أجمل الشعر الذي قيل في هذا الموضوع الجليل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©