السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التعليم التقليدي يعد الطلبة لمهن ستختفي قريباً !

11 مارس 2007 01:55
السيد سلامة: أكدت دراسة تربوية حديثة أنجزها الدكتورعبداللطيف حيدر عميد كلية التربية بجامعة الإمارات وخص بها '' الاتحاد'' على أن ميدان التربية والتعليم فى الدولة يمر منذ سنوات بظروف استثنائية مهمة ويعزى ذلك إلى التغيرات الكبيرة التي حدثت في طبيعة المجتمع مشيراً إلى ضرورة أن يدرك مخططو استراتيجيات التطوير التربوي والتعليمي طبيعة التحديات التي يشهدها هذا الميدان خاصة فيما يتعلق بتشكيل مجتمع المعرفة الذي بات حقيقة واقعة نعيشها يومياً· وأوصى الباحث بضرورة الاهتمام بدراسة التغير الذي طرأ على طبيعة ونوعية الوظائف التي يتطلبها سوق العمل اليوم خاصة في ضوء تنامي مجتمع المعرفة وزيادة رقعته كما حذر الباحث التربويين من خطورة الاستمرار في نظرتهم التقليدية الى التعليم ودوره في تخريج موظفين تقليديين فلقد ألِف التربويون مجتمعاً قائماً، بشكل رئيسي، على الصناعة والزراعة تشكلت في ضوئه مفاهيمهم وممارساتهم المهنية وحتى اليومية· لكن مع دخول البشرية عصر المعرفة ظهرت تغيرات كبيرة في طبيعة المجتمع وفي العلاقات القائمة بين أفراده، ومؤسساته، ودوله· وظهرت مفاهيم، وأنماط تفكير جديدة، وتغيرت المهارات المطلوبة من المهنيين للقيام بأعمالهم، بل وظهرت مهن لم تكن موجودة من قبل· إنتاج المعرفة وأكد د· حيدر أن معظم الدول أدركت أن سبيلها الوحيد للحفاظ على مواقعها التنافسية بين الدول الأخرى يكمُن في مدى اكتسابها أكبر قدر ممكن من المعرفة وتحويلها إلى منتجات وخدمات· لذلك تتسابق الدول، وبالذات المتقدمة منها، على إنتاج المعرفة والسيطرة عليها وتحويلها إلى منتجات وخدمات قابلة للتسويق· وأشار الباحث الى أن الثروة والرخاء لأي مجتمع يعتمدان على مقدرة الأفراد والمؤسسات والدول على التعلم المستمر، وعلى تحقيق معدل أعلى من الاختراعات مقارنة فيما بينها، وعلى مقدرتها على التناغم مع رغبات ومتطلبات المستهلك، وعلى اكتساب مهارات جديدة للاستجابة للتغيرات التي تطرأ على المهن الناتجة عن التغيرات الاقتصادية، وكذلك على مقدرتها على تعلم وظائف جديدة· وفي هذا السياق، يؤكد تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن دول المنظمة تتجه نحو ''اقتصاد تعلم'' يعكس فيه نجاح الأفراد والمؤسسات والأقاليم والبلدان في مدى قدرتها على التعلم أكثر من أي شيء آخر منظومة تقليدية وأوضح الباحث أن إعداد عمال معرفة مهرة سيساهم في زيادة القدرة التنافسية لأي دولة من الدول· لكن السؤال الملح هو: ما مدى فعالية المنظومة التربوية الحالية في إعداد مثل هؤلاء الخريجين؟ والإجابة عن هذا السؤال هي بالطبع بالنفي· فالمنظومة التربوية الحالية لا تساعد على إعداد خريجين مؤهلين يرفدون المجتمع بعمال معرفة مهرة يساعدون على زيادة القدرة التنافسية لدولنا، ويعزى ذلك إلى سبب بسيط جداً يتمثل في إنها أُعدت لتستجيب لمتطلبات عصر بدأ في التلاشي· فهي نتاج عصر النهضة الصناعية، حيث ينصب تركيزها، بصورة رئيسية، على المحتوى المعرفي، وفي أحسن الأحوال على مهارات التفكير وبعض المهارات الحياتية· ويركز المحتوى الدراسي، والعملية التعليمية، وعملية التقويم على ما تم معرفته من معلومات وحقائق ومعارف· وإذا ما استثنينا التدرب على الطريقة العلمية في التفكير، فإنه قلما، أو بالأحرى لا يُطلب من المتعلمين التوصل إلى معلومات جديدة· المهارات المطلوبة وانتقد د· حيدر المنظومة التربوية الحالية باعتبارها موجهة لإكساب الخريجين مهارات معينة تتطلبها المهن التي يُعدون لها - بالرغم من أن تلك المهن أو الوظائف قد تختفي في القريب العاجل، وبالتالي فإنها أبعد من أن تكون قادرة على الوفاء بمتطلبات مجتمع المعرفة· وبعبارة أخرى، فإن المنظومة التربوية الحالية، والتي تعتمد في أغلبها التدريس التقليدي، لا تساهم إلا بالقليل لتعزيز التعليم والتعلم في مجتمع اليوم· فهي وإن كانت مناسبة لجيل مضى لا تفي إلى حد كبير بمتطلبات مجتمع اليوم، وهي ليست مناسبة على الأرجح لجيل الغد جيل مجتمع المعرفة· وأكد أن التطورات في التقنيات الحديثة حولت المجتمع المعاصر من مجتمع يعتمد على الصناعة والزراعة إلى مجتمع يعتمد على المعرفة· وفي هذا السياق، فإن الزراعة مثَلَت في بداية القرن الماضي 70% من التجارة العالمية، بينما تمثل اليوم فقط 17% منها· كذلك انخفضت القوة الشرائية للمنتجات الصناعية مقارنة بالمنتجات المعرفية إلى الخُمس أو السُدس خلال الخمسين سنة الماضية وهذا التغير الناتج عن التقدم التقني الذي أدى إلى تغير في الأنشطة الانسانية يقتضي كما نعلم تغيراً في أهدافنا التربوية تتمثل بشكل رئيسي في نوع الخريج الذي نُعد· ففي الوقت الذي كانت تستوعب فيه ميادين الزراعة والصناعة خريجي مؤسسات التعليم، ظهر اليوم ميدان المعرفة الذي يعتمد على التقنيات الحديثة ليستوعب خريجي مؤسسات التعليم· وهذا يستوجب توجيه المناهج الدراسية لهذا الميدان الجديد بصورة أكبر من ميادين الزراعة والصناعة· وأشار الى أن التطور في مجال التقنيات الحديثة والعولمة والأحداث العالمية أدت إلى تحول في نوع المهارات المطلوبة من العاملين في المهن المختلفة، حيث تتطلب المهن مهارات معرفية وتقنية عالية يفتقر إليها خريجو الثانوية الذين يشغلون هذه الوظائف· فقد أدت هذه التطورات إلى تغيرات جوهرية في طبيعة الأعمال والمهن، بل حتى في بنية الشركات والمؤسسات، حيث زادت فعالية العمالة مما شجع الشركات على منح العاملين صلاحيات أوسع، وتوجهت الشركات نحو اللامركزية· واستفاد الإنسان مما يوفره الحاسب الآلي في إنجاز المهام التي لا تتطلب أكثر من إتباع قواعد منطقية محددة، في توفير العمالة والوقت وفي تقديم خدمات أكثر تميزاً· ففي ضوء بعض التعليمات المتسلسلة يمكن مثلاً للمسافر أن يستخرج بطاقته من خلال آلة أًعدت لهذا الغرض· كذلك الحال عند استخدام آله سحب النقود، وآلات دفع الفواتير كفواتير التليفون والماء والكهرباء، ودفع مستحقات بطاقات الائتمان· هذه الوظائف وأمثالها غالباً ما كان يشغلها خريجو الثانوية، أما اليوم فقد أمكن الاستغناء عنها واستبدالها بعدد أقل من موظفين أو عاملين ذي مهارة أعلى لإدارة تلك الآلات يحدث ذلك كله فى الوقت الذى لايزال فيه بعض المعلمين يستخدمون السبورة الخشبية ولايعرفون كيفية إرسال رسالة إلكترونية· عولمة رأس المال كما أدى التطور التقني إلى: (1) نقص حجم الجهد الإنساني في المنتجات والخدمات (نتيجة استخدام الإنسان الآلي)، (2) نقص العمالة المطلوبة في الصناعة والزراعة وزيادة الحاجة للعمالة في الأنشطة الخدمية، (3) الزيادة المتتالية في أعداد الشركات والمؤسسات الصغيرة، (4) تغيرات في طبيعة الوظائف والمهن، (5) عولمة رأس المال والمهن ونستدل من ذلك، نحن التربويين، إلى أن الحاجة إلى خريجي الثانوية تقل بشكل متزايد في سوق العمل، لذلك في حين كانت تشكل المرحلة الثانوية نهاية التعليم الرسمي قبل الجامعي، أصبح الأمر يتطلب منا اليوم إعداد المتعلمين للتعليم ما بعد الثانوي (سنتين بعد الثانوية أو أربع سنوات) لإعداد خريجين أكثر مهارة مؤهلين للتعامل مع التقنيات الحديثة· وأشار الباحث : إذا أردنا أن نُعد المتعلم للحياة في مجتمع المعرفة، فعلينا أن نحدد طبيعة مهام المهنيين في مجتمع المعرفة، وهم ''عمال المعرفة'' الذين يشتغلون في إيجاد البيانات، والمعلومات، والمعارف، والبحث فيها، وتنقيحها، ومعالجتها بصفتها أشياء عمل working objects بصورتيها الفيزيائية والرقمية وأحيانا ما بينهما· وعند القيام بأدوارهم، فإن طبيعة مهام عمال المعرفة تشبه تلك التي يقوم بها العلماء من جهة والحرفيون أو الفنانون من جهة ثانية· فالأنشطة التي يقوم بها العلماء تشمل: المقدرة عــلى التركيز خلال معالجة المعلومات والاستمرار في ذلك طوال فترة العمل، والقدر الكبير من المعلومات المطلوب منهم التعامل معها، والحاجة إلى معرفة ما يعرفونه وما لا يعرفونه، والاستخدام المكثف لتقنيات المعلومات والاتصال، وإنجاز المهام سواء في العالم الفيزيائي أو في العالم الرقمي أو ما بينهما، والتعلم من خلال العمل الناتج عن التقدم المستمر في بيئة العمل· الإعداد الناقص وقال الباحث: إن المتابع لخريجي المدارس حالياً يجد أنها لا تساعد المتعلمين على اكتساب المهارات المناسبة للقيام بأدوار عمال المعرفة وهذا يقتضي إعادة النظر في العملية التعليمية التعلمية بما يساعد المتعلمين اللحاق بمجتمع المعرفة· ففي التعليم الجامعي ينبغي أن ينظر إلى المتعلمين بأنهم عمال معرفة وبالتالي يتوقع أن يعدون وفقاً لذلك، لكن في التعليم العام، مازال المتعلم لم يصل بعد إلى مرحلة من الإعداد والنضج تسمح بإعداده لذلك الدور، وإنما بصورة أدنى أقترح تسميته بـ ''عامل معرفة ناشئ Emerging Knowledge Worker''· لذلك يمكننا إعداد عمال معرفة ناشئين للالتحاق في الدراسة ما بعد الثانوية (كليات متوسطة أو جامعات) بما يمكنهم من استكمال دراستهم ما بعد الثانوية بنجاح· ويري الباحث أن التحديات التي سيواجهها المتعلم في مجتمع المعرفة كثيرة ومنها القدرة على العمل في فريق والعمل الجماعي، وهذا يتطلب إتقان مهارات التفاعل مع الآخرين والتي تشمل: فهم أفكاره ومعارفه، ومقاصده، ومشاعره والتعبير عنها بوضوح بحيث يكون ذلك محل تقدير الآخرين، ويشمل مهارات العمل في فريق مُسهما بأفضل جهد مشترك، يبحث عن طرق التقاء أهدافه مع أهداف الآخرين، إقامة تعاون بناء، وتكوين علاقات تعاونية عائلية واجتماعية ومهنية إيجابية بحيث يحظى بالقبول، كسب الأفراد الذين لهم تأثير على مستقبله المهني وخاصة الرؤساء في العمل بما يجنبه الدخول في منازعات لا لزوم لها· كما أن انتشار مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مجتمع المعرفة يحتم علينا أن نكسب المتعلم مهارات تساعده على أن يصبح مواطناً إيجابياً يعرف حقوقه وواجباته بما يساهم في رقي وطنه، وتشمل هذه المهارات التالية: فهم عناصر المواطنة الحقيقية بحيث يعرف حقوقه وواجباته، المشاركة الديمقراطية المتساوية بما يمكنه من تقييم البدائل وتقويم الحجج وتكوين رأي شخصي سليم، الحوار مع الآخرين، التعامل مع الإعلام والمواد الإعلامية بحيث يتحقق من صدق ودقة المعلومة التي يطّلع عليها· كما أن انتشار العولمة وتوسع مفاهيمها وسرعة اكتساح السياسات المتعلقة بهذا الشأن يتطلب إعداد المتعلم بحيث يكون قادراً على التفاعل مع الآخرين أبناء الثقافات الأخرى· وهذا يتطلب إتقان مهارات تشمل: اكتساب معارف أساسية حول الثقافات الأخرى بما يمكنه من التفاعل معها بإيجابية والمساهمة في إثراء الثقافة الإنسانية، وإتقان لغة ثانية تمكنه من متابعة الجديد والتفاعل مع أبناء الثقافات الأخرى· مجتمعات تعلم ويؤكد الباحث أن التربويين بحاجة إلى أن يحولوا مدارسهم إلى مجتمعات تعلم يندمج فيها الجميع إداريين ومعلمين ومتعلمين، وأن يكون ذلك المجتمع غنياً تقنياً بما يوازي انتشار التقنيات خارج المدرسة· وهذا يتطلب إقامة علاقات جديدة في مجتمع المدرسة، بين الإداريين، والمعلمين، بوصفهم عمال معرفة، والمتعلمين، بوصفهم عمال معرفة ناشئين وأن تحل هذه العلاقة محل العلاقات الهرمية التي تصنع الحواجز بين أفراد المدرسة· كما يتطلب الأمر دمج المجتمع المدرسي بالمجتمع المحيط وإكساب المدرسة دورها الحقيقي في المجتمع كمركز إشعاع ثقافي· كما لا ينبغي أن يقتصر استخدام التقنيات في المدارس على المعرفة التقنية، وإنما لا بد من اكتساب مهارات تفكير عليا، مثل: معرفة ماذا يعني أن يعيش الإنسان في مجتمع غني تكنولوجيا وفهم ذلك جيداً، وهذه المعرفة والفهم يجب ألا يقتصرا على عمال المعرفة الناشئين، وإنما أيضاً على الإداريين والمعلمين، بوصفهم عمال معرفة· لذلك علينا، كتربويين، العمل على تحويل المدارس والمؤسسات التربوية إلى مجتمعات تعلم حية، والتي توصف بأنها: مجموعة من المتعلمين والمعلمين والإداريين يعملون معاً بهدف استقصاء وتحري المعرفة المتصلة بموضوع يشكل اهتماما مشتركا بينهم؛ وتتميز بأنها توفر بيئة تتصف بالانفتاح، والاحترام، والتعاون، والحرص على التعلم على المستويين الفردي والجماعي · المهارات والبطالة نصح اثنان من أبرز علماء التربية والتعليم فى الولايات المتحدة الأميركية وهما '' ليفى وموران'' المتعلمين بضرورة إتقان مهارات العصر وقالا '' ينبغي ألا يقلق أولئك الذين يمتلكون مهارات عالية من ظاهرة البطالة أو قلة الوظائف''· المهمة المقدسة إن جوهر عمل المدارس اليوم يتمثل في التعلم، فالمدرسة هي مؤسسة تعلم Learning School وهذا يقتضي أن ينخرط جميع المعنيين في العملية التعليمية التعلمية في عملية التعلم· كما يقتضي أن توظف المدرسة التعلم النشط بحيث يصبح المتعلم عنصراً فاعلاً في عملية التعلم· وعلى المدرسة أثناء تحولها إلى مجتمعات للتعلم أن تضع نصب أعينها عدداً من العوامل يطلق عليها '' المهمة المقدسة'' وهي: (1) إعداد المتعلم لمجتمع جديد وبذلك فلا بد أن يكتسب المتعلم، بوصفة عامل معرفة ناشئ، المعارف والمهارات التي يحتاجها مجتمع المعرفة· (2) بناء مجتمع تعلم مدرسي يسهل تعلم المتعلمين والقائمين على العملية التعليمية بما يضمن التحسين المستمر للأداء· (3) إعادة تدريب المعلمين والإداريين بما يمكنهم من القيام بأدوارهم الجديدة في سياق مدراس تنتمي إلى مجتمع المعرفة، فالمعلم والإداري والاختصاصي الاجتماعي أو النفسي المدرب تدريباً جيداً عناصر مهمة في العملية التعليمية· لا بد من الإشارة إلى أن تهيئة المجتمع المدرسي لمهمة إعداد المتعلم للحياة في مجتمع المعرفة تتطلب العمل على إعداد برامج تنمية مهنية للعاملين في المدارس حتى يستطيعوا خلق البيئة المدرسية المناسبة لتحويل المدرسة إلى مجتمع تعلم· الكنز المكنون ظهرت محاولات عدة لتوصيف خريج التعليم العام جميعها تهدف إلى اكتساب الخريج المهارات المطلوبة للعصر، وليس الاقتصار فقط على اكتساب معارف ومهارات محددة تؤهله للعمــــل في وظيفة أو مهنة معينة· ويعد تقرير اليونســــــكو ''التعلـــــــم ذلك الــــكنز المكنون Learning: The Treasurer Within '' من أبرز المحاولات التي وضعت توصيفا للمتعلم في القرن الحالي· فلقد بيّن العالم التربوى '' جاك ديلور وزملاؤه '' في هذا التقرير أنه ليس المهم أن يُكدّس المتعلم مخزوناً من المعارف ينهل منه مستقبلاً، بل ينبغي أن يكون لديه المهارات اللازمة لاغتنام الفرص المناسبة لتحديث تلك المعارف وتعميقها وإثرائها وتوظيفها، بحيث يتكيف مع العالم المتصف بأنه دائم التغيير· الثقافة الهرمية من الضرورى أن تعمل المدرسة على غرس ثقافة التعلم لدى جميع المعنيين فيها: إداريين ومعلمين ومتعلمين ،ويمكن للمدرسة أن تخلق مثل تلك الثقافة من خلال تناول أبعاد مجتمع التعلم الثلاثة: تغيير الثقافة المدرسية السائدة، وتشكيل مجتمعات التعلم، وتغيير نمط التعلم التقليدي· ففيما يتصل بتغيير الثقافة المدرسية لا بد من إحداث تحول في نمط التفكير لدى العاملين في المدرسة من أجل الانتقال من الثقافة التقليدية الهرمية إلى ثقافة التعلم التي يعتقد فيها المعنيون بأن الثقة، والعمل في فريق، والتنسيق، والتعاون مكونات أساسية للنجاح· أما فيما يتصل بتحويل المدرسة إلى مجتمع للتعلم، لابد أن يشترك الإداريون والمعلمون في بحث جماعي عن المعرفة الجديدة وفي طرق تطبيقها في الميدان التربوي، وأن تنشأ بينهم علاقة زمالة تساهم في التوصل إلى حلول مناسبة ومبتكرة للمشكلات، وتقوى الروابط بين الإداريين والمعلمين، وتزيد من التزام المعلمين بجهود التحسين في المدرسة· وفيما يتصل بتبني مفهوم التعلم، فقد أصبح لزاماً على المدرسة أن تكون مؤسسة تُعلم وتَتَعلم· فهي تُعلم عندما توفر فرص التعلم للمتعلمين، وتَتَعلم عندما يقوم فيها الإداريون والمعلمون بمتابعة الجديد في مجالهم، أو دراسة ما يواجههم من مشكلات وقضايا ومعالجتها في سبيل تحسين تعلم المتعلمين· اصطياد السمك تفرض علينا التغييرات كتربويين تحدياً جديداً يتمثل في ضرورة معرفة طبيعة مجتمع المعرفة وخصائصه والتغيرات المستمرة التي تحدث فيه حتى نستطيع إعداد المتعلمين للحياة في هذا المجتمع الجديد· وهنا أستعير مقولة أيرلندية تؤكد أنه: ''إذا أردت أن تصطاد سمكة السلمون، عليك أن تستمع جيداً إلى صوت النهر''· لذلك علينا الخروج من حصوننا التي نتمركز فيها (الجامعات، والمدارس، والفصول الدراسية)، وأن نتبادل الرأي والمشورة مع النخب المجتمعية في ميادين الحياة المختلفة، ونعرف بدقة حركة المجتمع حتى نستطيع أن نعد المتعلمين لأدوارهم المستقبلية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©