السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعايدة الإلكترونية «سوسة» تحت جدار الروابط الاجتماعية

المعايدة الإلكترونية «سوسة» تحت جدار الروابط الاجتماعية
6 نوفمبر 2011 01:04
الطفرة الإلكترونية لها إيجابيات كثيرة لا يمكن حصرها في تقريب المعلومات بلمسة زر، اختصارا للوقت والجهد، إلا أنها وفي الوقت أضعفت الروابط الاجتماعية، حيث أصبح أفراد العائلة في البيت الواحد يتواصلون بالرسائل النصية القصيرة، أما أيام الأعياد والمناسبات فتنشط حركة إرسال رسائل معايدات والاكتفاء بها، بدل التزاور والتراحم رغم ما يشكله ذلك من قيم إنسانية تعزز التواصل الاجتماعي، وتنمي المهارات السلوكية. (أبوظبي) - بات الأفراد يتعاملون مع الآلات ويبرعون في ذلك، في حين تتراجع مهارات التواصل والتعامل المباشر مع الناس، وهو أمر يظهر بجلاء في أيام المناسبات، حيث يكتفي البعض بإرسال المعايدة الإلكترونية بدلا من الحضور الشخصي الذي يبرز معاني العيد الرامية لتعزيز صلة الرحم. وهو ما يؤكده الدكتور معتز كوكش، الخبير في تقنية المعلومات، مدير عام “آزتك” الشرق الأوسط قرية المعرفة. الروابط الاجتماعية عن تراجع العلاقات الاجتماعية أمام هذا القادم الجديد في إطار العلاقات الإنسانية، يقول كوكش “تؤثر وسائل التكنولوجيا الحديثة على حياتنا اليومية وترسم بتردداتها إيقاع يومنا، فهي أصبحت شديدة الالتصاق بنا، أو بالتعبير الأدق أصبحنا شديدي الالتصاق بها والتماهي مع وسائلها المتعددة”. ويضيف “وفقا لاستطلاع “إتيكيت استخدام الأجهزة المحمولة” الذي أشرفت عليه “ إنتل” تبين أن “الاستخدام غير اللائق” من أكثر مصادر الإزعاج للجمهور في الإمارات، وذلك حسب ما أفاد به أكثر من 500 مشارك في الاستطلاع. ويعد استخدام الأجهزة المحمولة أثناء القيادة المصدر الأكثر إزعاجا بنسبة 71%، يليه الحديث بصوت مرتفع في الأماكن العامة بنسبة 62%، وأخيرا الانشغال عن الحوار أو المحيط بكتابة رسائل أو طباعة رسالة وذلك بنسبة 54%. ويتابع “خلاصة الدراسة أن 50% من المشاركين يحرصون على تفقّد أجهزتهم المحمولة قبل التوجه إلى أعمالهم كل صباح، بل أن 31% منهم يقوم بذلك حتى قبل النهوض من السرير، ويكاد يكون هذا السلوك الجديد هو نمط الحياة السائد في الإمارات، وقال الاستطلاع أيضا إن 48% من المشاركين أن الأجهزة تعد في كثير من الأحيان مؤشرا رمزيا إلى المكانة الاجتماعية”. ويشير كوكش إلى أن الرسائل النصية تشهد ذروتها خلال الأعياد والمناسبات حيث تعرف حراكا كبيرا، ويضيف “يكثر استخدام تلك الوسائل التقنية بإرسال الرسائل بكافة صورها خاصة بالمناسبات الرسمية والتهاني والتبريكات، فقبل تلك المناسبة وخاصة الأعياد تبدأ رسائل المعايدات الإلكترونية في التدفق إلى كل الهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني. والكل يبدع في اختيار وانتقاء أجمل رسالة ليرسلها من جديد للقريب والبعيد من الأهل والأصدقاء والأقارب، وفي بعض الأحيان ترسل لكل المسجلين في ذاكرة الهاتف أو بطاقته، حتى أن هناك من يرسل أكثر من رسالة واحدة لنفس الشخص ومنهم من يرسلها إلى أشخاص هو قد نسي من هم لأنه مضى على تسجيلهم بهاتفه سنوات”. وعن سلبيات هذه الرسائل، وتأثيرها على الروابط الاجتماعية، يقول “هذه الرسائل والمعايدات الإلكترونية عن طريق الإنترنت أو عن طريق الهاتف المحمول اخترقت الزمان والمكان وطارت فوق كل الحواجز لتقريب البعيد، ولكن تبقى سلبياتها كبيرة، حيث أضعفت الروابط الاجتماعية، وساعدت على الانطواء والانكماش من الناحية النفسية”. ويفيد كوكش أنه مع تعدد وسائل التكنولوجيا الحديثة ظهر ما بات يعرف بـ”المعايدة الإلكترونية” ويضيف “حلت محل المعايدة التقليدية في السنوات الأخيرة، وبدلاً من الزيارات والعناق والمصافحة لتبادل التهاني بقدوم رمضان أو العيد، أصبح الناس، خاصة الشباب من الجنسين، يفضلون نقل تهانيهم عبر شبكة الإنترنت ورسائل الهاتف النقال وأبدعوا ونوعوا في أشكال تلك التهاني”. مواقع المعايدة يشير كوكش إلى دراسة توضح نشاط مواقع الرسائل النصية، ويقول في هذا الإطار “أظهرت الدراسات وجود أكثر من 730 ألف موقع إلكتروني تقدم جميعها خدمة إرسال بطاقات المعايدة الإلكترونية على شبكة الإنترنت، يعتمد أكثر من 33% اللغة العربية، وتلك المواقع المختصة بالبطاقات قد خصصت تصنيفات خاصة بالمناسبات والأعياد الإسلامية، هذه الطريقة الجديدة في نوعها لاقت إقبالاً كبيراً بين الشرائح العمرية المختلفة للناس مع اتساع رقعة المستخدمين لشبكة الإنترنت في العالم العربي، ووجد فيها الكثيرون فرصة لتبادل التهاني واختصاراً للمسافات الزمنية والمكانية بطريقة بسيطة، وخصوصاً مع انتشار المواقع الاجتماعية الإلكترونية مثل موقع “فيسبوك”، وغيرها من المواقع التي خصصت مساحات وفرت فيها العديد من بطاقات المعايدة المختلفة، وصور الهدايا الرمزية وحلويات العيد، يمكن لمستخدميها إرسالها إلى قائمة الأهل والأصدقاء المشتركين بالجوال، وإرسالها إلى من يرغب في معايدة. ويضيف أن “خبراء وعاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات توقعوا أن يصل عدد الرسائل النصية القصيرة بأنواعها، أو ما يمكن يسمى بـ”المعايدات الإلكترونية”، إلى نحو 21 مليون رسالة نصية خلال فترة عيد الأضحى ووقفة عرفات من خلال شركتي الاتصالات المحليتين في الدولة”. ويوضح كوكش جانباً آخر من استعمالات الرسائل النصية والمعايدات الإلكترونية في مجال التسويق، فيقول “يعتبر الترويج عبر البريد الإلكتروني سواء للمعايدات أو التهاني أو التسويق أحد أهم الوسائل للحفاظ على التواصل مع الأصدقاء والعملاء، إذ أنه عادة ما يكون فعالا بالمقارنة مع الكلفة المدفوعة، وفي حال تم القيام به بالصورة الصحيحة، فإنه سيمنحك الفرصة لبناء الإدراك والالتزام، بالإضافة إلى أن معدلات الاستجابة للترويج عبر البريد الإلكتروني قوية، وتتراوح من خمسة وحتى 35% تبعا لنوع الصناعة وكميتها، بينما تتراوح معدلات الاستجابة للبريد العادي الورقي من 1 إلى 3% وذلك لعدة أمور وأسباب، ولكن لا يجب إهمال الجانب السلبي من الترويج الإلكتروني وهو ما يعرف بالترويج العشوائي أو البريد المزعج “Spam”، إذ وصلت نسبة الرسائل المزعجة بحسب تقرير شركة سايمنتك إلى 74.8% من إجمالي رسائل البريد الإلكتروني المرسلة كليا رسالة واحدة في كل 1.34 رسالة، كذلك كشف تقرير كاسبرسكي عن وجود ملفات خبيثة في نحو 3.18 بالمائة من جميع الرسائل الإلكترونية الترويجية المرسلة”. العصر الرقمي يقول كوكش “مستجدات التكنولوجيا التي باتت أسرع من أن يلحق بها الكثيرون بدأت تفرض نفسها على الحياة اليومية، واستطاعت أخيراً أن تحول التواصل بين أفراد المجتمع الواحد إلى علاقة عبر الأثير، والاتصالات الهاتفية والرسائل النصية القصيرة، التي يكتفي الكثيرون بإرسالها إلى الأهل والأصدقاء لرفع العتب وخوفاً من الملامة، فبدل أن نكلِّف أنفسنا بالذهاب إلى الأقرباء والأصدقاء ومعايدتهم شخصياً بتنا نستعين بالهاتف، ولكن ليس للاتصال بالصوت، بل لتبادل الرسائل القصيرة التي نستعيض بها عن زيارة موسمية أو سنوية للأشخاص الذين نحبهم برسالة هاتفية قصيرة من النوع المرح أو الرصين”. يستعرض كوكش بداية مجموعة من الكلمات التي أصبح تداولها معتادا بين الناس في إطار التواصل الإلكتروني، فيقول “يستخدم الشباب عبارات مثل مسَجلي، اعملي مسد كول، بشوفك على النت، بنتكلم بالماسنجر، لازم نعمل كونتاكت” وغيرها الكثير من المفردات والمصطلحات التي أصبحنا نرددها في اليوم الواحد كثيرا من المرات، ليس فقط من باب البرستيج الاجتماعي الإلكتروني، بل لأنها تعكس في واقع الأمر صورة لحياتنا وحياة شباب اليوم، فالهاتف الذكي واللاب توب والانترنت وغيرها الكثير من وسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت عناصر أساسية لا غنى عنها في حياتنا العملية والشخصية على حد سواء”. ويوضح “الارتباط بهذه الأجهزة أصبح يشكل خطرا على أصحابها، فكم منا يفقد القدرة على التركيز عندما ينسى لسبب ما هاتفه المحمول بعيداً عنه، بحيث لا نتمكن من استعادة توازننا النفسي والعاطفي إلا عندما نستعيد دفئه بين أيدينا مجدداً، وكم من ساعات نقضيها بلا توقف أمام الإنترنت أو حتى على هواتفنا الذكية وعلى الماسنجر وفي غرف الدردشة وسماعات الموسيقى الحديثة تصم أذاننا وتعزلنا عن كل ما يحيط بنا وكأن العالم بأسره أصبح مختزلاً بمجرد شاشة قد يبلغ حجمها 3 بوصات مثل شاشة الهاتف الذكي”. ويضيف كوكش أن تأثير العصر الإلكتروني على المجتمع أفرز ثقافة جديدة وأثر على قيم المجتمع. إلى ذلك يقول “على مدار السنوات القليلة الماضية، شهد عالمنا الكثير من التطورات التقنية والتكنولوجية، حتى يستطيع الشخص أن يصف هذا العصر بالعصر الرقمي، مع ما أفرزه من تغيرات اجتماعية وثقافية وفكرية”، موضحا “عالم التقنية أتاح فرص عمل لملايين الناس. وجعل تناقل الأموال والأعمال أكثر سهولة، فيما يتم شهرياً أعمال اقتصادية وحركة بيع وشراء بمليارات الدولارات، تغيّرت أشكال المكاتب في الشركات والمؤسسات للتواءم مع الزائر الجديد الذي فرض نفسه، وهو الكومبيوتر، والملحقات الأخرى التي ترافقه، وتبدّلت وسائل الإقناع والتواصل والاجتماعات لتتم عبر التقنيات الحديثة، وأصبح التواصل الكلامي عبر جهاز الهاتف النقال ضرورة لدرجة يستغرب فيها البعض كيف كان الآخرون يعيشون في السابق، ما وضع إنسان اليوم أمام عالم المستقبل الذي تغيّر فيه التقنيات الحديثة حياته”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©