الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأصعب في مارجة: تأسيس حكومة وأمن محليين!

الأصعب في مارجة: تأسيس حكومة وأمن محليين!
21 فبراير 2010 20:36
على صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت لمنطقة مارجة، والتي درسها جنود المارينز ودققوا فيها جيدا قبل أن يشنوا هجوما كبيرا على "طالبان" منذ حوالي أسبوع، بدا ما افترضوا أنه مقر البلدية مبنى كبيرا مستطيل الشكل، مقابلا لمركز الشرطة الرئيسي. وبناء على ذلك، أصبحت السيطرة على ذلك المكان هدفا رئيسيا وضروريا من أجل فرض السلطة والشروع في إعادة الإعمار في هذا الجزء من إقليم هيلمند عندما تطرد القوات الأميركية والأفغانية المتمردين منه. غير أنه عندما وصل ضباط المارينز إلى المنطقة، اكتشفوا أن الصور ثنائية الأبعاد قد تكون مضللة، حيث اتضح أن ما كان يعتقدون أنه سطح مستوٍ لمبنى البلدية إنما هو قاعدة خرسانية وأن مركز الشرطة هو في الواقع مدرسة تعرضت للتفجير. وبينما يواصل الآلاف من جنود المارينز والجنود الأفغان خوض قتال ضار ضد مقاتلي "طالبان" المتمركزين في جنوب مارجة، فإن كبار القادة العسكريين والمستشارين المدنيين يواجهون مهمة أصعب وأشد هي: كيفية تأسيس حكومة وأمن محليين في مكان حيث لا يوجد موظفون، ولا أفراد شرطة محليون، ولا مبان عامة. وفي هذا السياق، يقول جون كايل ويستون، ممثل وزارة الخارجية في لواء المارينز الذي يقوم بعملية مارجة: "إن التحدي الحقيقي مازال أمامنا، فنحن مازلنا في المشهد الأول". الكيفية التي سيتطور بها هذا الجهد هنا في مارجة هو أول اختبار كبير لاستراتيجية محاربة التمرد الجديدة التي تبناها الرئيس أوباما في أفغانستان، مما سيساعد على تكوين فكرة حول ما إن كانت زيادة عديد القوات العسكرية الأميركية والمختصين المدنيين يمكن أن تقود إلى إنجاح حرب متعثرة بدأت قبل ثماني سنوات. ويذكر هنا أن جنود المارينز المنخرطين في العملية هم من بين الـ30 ألف جندي إضافي الذين أذن أوباما بإرسالهم إلى أفغانستان في ديسمبر الماضي. وإذا نجحوا ومستشاروهم المدنيون في جلب الهدوء والاستقرار إلى مارجة من خلال مشاريع إعادة الإعمار ومشاريع الحكومة المحلية -وهو هدف قد يتطلب تحقيقه أشهرا عدة- فإن كبار القادة الأميركيين يأملون أن يساعد ذلك على تقليص نشاط المتمردين في جنوب البلاد المضطرب وتوفير نموذج ما لمناطق أخرى من البلاد. ويقول الجنرال لورانس نيكلسون، الذي يرأس لواء المارينز الثاني ويقود العملية: "لقد كانت مارجة رمزا حيا لمقاومة طالبان. وبالتالي، فإن فرض الحكومة لسيطرتها في مارجة سيكتسي أهمية ودلالة كبيرتين". وأوضح نيكلسون أن القتال كان قويا حتى الآن -حيث قُتل ثمانية جنود من المارينز ومئات المتمردين- لكنه يتقدم بوتيرة معقولة، ذلك أنه لابد من تفتيش المنازل، وإزالة الألغام، وردم المخابئ والخنادق، واستهداف القناصة. وعبَّر عن ثقته في أن قوات التحالف ستسيطر على كل الطرق الرئيسية والمناطق التجارية خلال بضعة أسابيع. وفي هذه الأثناء، تتواصل الجهود لتطهير مناطق أخرى من مارجة من المقاتلين، لكن نيكلسون قال إن الجنود سيشرعون في التركيز على حماية الشوارع والأسواق، حيث يتوقعون أن يمنح بناءُ فقاعة أمنية السكانَ ما يكفي من الثقة ليدلوا المارينز على أعضاء طالبان؛ كما يأملون أن تدفع التغيرات على الميدان بعض مقاتلي الحركة إلى إلقاء أسلحتهم. بيد أن خلق هذه الثقة قد يستغرق وقتا؛ فيوم الجمعة مثلا، سعت القوات الأميركية إلى عقد اجتماع مع السكان بالمسجد قرب بازار "لوي شره"، وهو سوق مكتظ وآيل للسقوط كان يعج في يوم من الأيام بتجار الأفيون الذين كانوا يشترون معجون الخشخاش من المزارعين المحليين ويبيعونه بدورهم لمصنعي المخدرات، لكنه اليوم بات مكانا مهجورا. كان مقررا عقد الاجتماع في الساعة الثامنة صباحا. وفي الساعة السابعة و45 دقيقة، ارتدى الليفتانت كولونيل كال وورث سترته الواقية استعدادا للتوجه مشيا إلى المسجد الذي يبعد بحوالي 45 مترا، وقال وهو يتطلع إلى نهاية الشارع في اتجاه المسجد: "إن شاء الله سيأتي بعض السكان إلى الاجتماع". لكن أحدا لم يأتِ. وبعد 15 دقيقة، نظر مرة أخرى، لكن أحدا لم يأتِ. كرر ذلك بضع مرات أخرى قبل أن يقرر في التاسعة والربع مغادرة المكان. وفي طريقه، التقى رجلين في منتصف العمر متوجهين إلى قاعدة المارينز حيث كانا يريدان أن يعرفا متى يمكنهما العودة إلى كشكيهما في السوق لإنقاذ سلعتهما، فأخبرهما بأن السوق ستُفتح مرة أخرى قريبا وشجعهما على العودة إلى العمل، لكنهما بديا غير مقتنعين. وتقع قاعدة الكتيبة في موقع بازار "لوي شره" الذي تحول إلى أنقاض عقب ضربة جوية تعرض لها ضمن غارة شنتها القوات الخاصة في الربيع الماضي، حيث أغار الجنود وقتلوا عدداً من قادة "طالبان"، واعتقلوا عددا آخرين منهم، ثم رحلوا. وفعل البريطانيون الشيء نفسه عام 2008، لكن في كلا المرتين كان المتمردون يعيدون تنظيم صفوفهم. قال أحد الرجلين: "إننا لا نريدكم أن تأتوا إلى هنا وتحاربوا ثم ترحلوا". فرد وورث: "إننا نفهم ما حدث في الماضي، لكننا سنظل هنا لأشهر عديدة هذه المرة". أومأ الرجلان برأسيهما، لكنهما ظلا متشككين، وقال الرجل الثاني: "إننا نخاف من طالبان ونخاف من المارينز". والواقع أنه لم يأت أحد من السكان إلى الاجتماع الذي كان مقرراً عقد في المسجد، لكن حديث وورث في الشارع جذب في نهاية المطاف نحو 20 رجلا وطفلا. وبينما كان جنود المارينز يوزعون قنينات الماء وصناديق صغيرة من حبوب الفطور على الأطفال، أطلق الرجال سيلا من الأسئلة على وورث وقائد وحدة شرطة عسكرية تتألف من 170 عضوا أنيطت بها مهمة المساعدة على حراسة السوق والمناطق المحيطة. وقال لهم قائد الشرطة غلام ساخي: "إننا نريدكم أن تتحلوا بالصبر، فنحن نبذل قصارى جهدنا". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: أفغانستان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©