الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل ينجرف لبنان في حرب أهلية؟

هل ينجرف لبنان في حرب أهلية؟
4 نوفمبر 2013 00:23
نيكولاس بلاندفورد محلل سياسي أميركي إن عجز السلطات اللبنانية عن القضاء بسرعة على أسبوع من القتال بين الفصائل الطائفية المتناحرة في ثاني أكبر مدينة في لبنان، يؤكد تعرض البلاد لمزيد من الآثار الجانبية الناتجة عن الحرب في جارتها سوريا. لكن ليس من المتوقع أن ينجرف لبنان في حرب أهلية على نطاق شامل مثلما هو الحال في سوريا، رغم أرجحية استمرار العنف الطائفي خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا امتد الهجوم المتوقع على منطقة القلمون بسوريا - والذي يقول البعض إنه بدأ بالفعل بدرجة منخفضة- إلى لبنان كما يتوقع كثيرون. وقد أدت الاشتباكات في طرابلس بين مسلحين من السنة والعلويين (الطائفة الشيعية التي تشكل العمود الفقري للنظام السوري)، إلى مقتل 16 شخصاً على الأقل وإصابة عشرات آخرين منذ 21 أكتوبر المنصرم. وجاءت هذه الاشتباكات وسط تدهور تدريجي للحالة الأمنية في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى تهديد قدرات قوات الأمن وإثارة تكهنات بأن البلاد قد تنزلق إلى حرب أهلية. وفي الأشهر القليلة الماضية، شهد لبنان عدة هجمات قاتلة باستخدام سيارات مفخخة، بالإضافة إلى معركة بين المليشيات السنية والجيش في جنوب لبنان، وكذلك قصف مدفعي وإطلاق صواريخ من قبل كل من الجيش السوري والمتمردين السوريين ضد أماكن مختلفة في لبنان. واكتشفت قوات الأمن أيضاً العديد من الخطط المزعومة للقيام بتفجير سيارات ملغومة وهجمات انتحارية. وفي الأسبوع الماضي وحده، حذّر السفير السعودي السابق في واشنطن، تركي الفيصل، من أن «لبنان إلى حد كبير على حافة... حرب أهلية»، بينما زعم وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون أن الحرب بدأت بالفعل. وقال يعلون، مستشهداً بهجمات السيارات الملغومة والهجمات الصاروخية التي وقعت مؤخراً: «إلى هؤلاء الذين لا يدركون، هناك بالفعل حرب أهلية في لبنان». ومع ذلك، يقول محللون لبنانيون إن هذه التأكيدات مثيرة للرعب أكثر من اللازم، ولا تأخذ بعين الاعتبار الفارق الهام بين العنف المدني المتكرر والحرب الأهلية التي تشبه شدة الصراع الذي تشهده سوريا حالياً والذي مرت به لبنان خلال الفترة بين 1975 و1990. يقول آرام نيرجويزيان، زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، «إن حرباً أهلية في دولة مثل لبنان، تنطوي على تعبئة سياسية ومالية وعسكرية على نطاق واسع، ومن كافة الطوائف الرئيسية، بهدف إعادة تشكيل القوى السياسية بطريقة يصعب تقويضها». ثم أضاف: «في حين أن الحرب الأهلية بمعناها التقليدي ليست مرجحة، إلا أن هناك احتمالاً كبيراً، إن لم يكن مؤكداً، بأن لبنان سوف يمر بفترة ممتدة من العنف، خاصة في ظل عدم التوصل لحل للصراع الدائر في سوريا». إن العنف الذي تشهده طرابلس هو مثال توضيحي لأحداث ذات صلة. فالمنافسات بين حي باب التبانة السني الفقير وحي جبل محسن الذي يسكنه العلويون، ترجع إلى الحرب الأهلية التي دارت في لبنان بين عامي 1975 و1990، لذلك فإن اندلاع القتال هنا ليس بالأمر غير الشائع. لكن هذا القتال، في حين كونه مأسوياً بالنسبة لسكان المدينة، ليس له تأثير آخر على إثارة الاشتباكات في أماكن أخرى. فالمعارك في طرابلس ما زالت تقتصر على الأحياء المتقاتلة. ومع ذلك، فقد أدى القتال الذي نشب مؤخراً في طرابلس إلى إصابة أجزاء كبيرة من المدينة بالشلل لمدة أسبوع، حيث أغلقت المدارس والشركات وظل السكان في المنازل. وبدت الحكومة اللبنانية التي تقوم بتصريف الأعمال منذ استقالتها في مارس، عاجزة، وأدى عدم الاستقرار إلى تأجيل انتخابات الحكومة الجديدة. وتعرضت القوات اللبنانية مراراً وتكراراً لعمليات قصف بينما كانت تحاول فك الاشتباك بين الجانبين المتناحرين، ما جعل الأهالي في حالة من الرعب والسخط. «ومع (هذا) المشهد من الرعب، نتساءل ما الذي فعله رئيس الوزراء والوزراء والمشرعون في المدينة لوضع حد لهذه الاشتباكات؟»، هكذا تساءل محسن الأحدب، نائب سابق من طرابلس خلال مؤتمر صحفي عقد الأحد. وأضاف: «لقد عقدوا اجتماعات ولقاءات وأدلوا بالبيانات، وكالعادة، ظلت القرارات التي توصلوا إليها في اجتماعاتهم سرية بينما أعلنوا فقط أنه يجب رفع الغطاء السياسي عن المقاتلين». أحد الشوارع الخاوية، حيث تتناثر القمامة وفوارغ الرصاص النحاسية، يمثل الجبهة التي تفصل بين حي القبة السني وحي جبل محسن الذي يسكنه العلويون. وقد أقام الجيش اللبناني نقاط تفتيش على طرفي الشارع، لكن بعض الناس غامروا بالنزول إليه يوم الإثنين، حيث أدى القنص المستمر إلى مقتل بعض سكان طرابلس خلال اليوم. وفي جبل محسن، كانت الشوارع خالية من حركة المرور، وتجمع السكان في حشود صغيرة بجوار المتاجر والمباني. يقول علي فودة، المتحدث السياسي باسم الحزب العربي الديمقراطي، الذي يمثل العلويين اللبنانيين، «إننا لا نريد الانجرار في معركة مع باب التبانة، لكنهم هاجمونا بالقنابل اليدوية والبنادق وتحول الأمر إلى معركة كاملة». وأضاف: «إن الحل الوحيد لمشاكلنا هو أن تنتهي الحرب في سوريا، وأن تكون لدينا قيادة جديدة في لبنان، وعندئذ لن يكون هناك مزيد من القتال بين باب التبانة وجبل محسن». بعد ذلك بوقت قصير، أصيب ثلاثة جنود على أيدي مسلحين مشتبه بهم من السنّة عند محاولتهم الانتشار في باب التبانة. ويرجع السبب جزئياً في نشوب الاشتباكات التي وقعت مؤخراً إلى الاتهامات الموجهة من القضاء اللبناني بأن بعض مرتكبي الهجمات ضد مساجد تابعة للسنة، باستخدام سيارات مفخخة في شهر أغسطس، والتي أدت إلى وفاة 45 شخصاً وإصابة مئات آخرين، كانوا من سكان جبل محسن المتواطئين مع المخابرات السورية. وقد أنكر فودة أن المطلوبين هم من جبل محسن، وألقى باللوم على وكالة الأمن لقيامها بترويج «الشائعات». ورغم عودة حالة من الهدوء الغامض إلى طرابلس صباح الثلاثاء بعد نشر المزيد من القوات، فإن القليل من الناس يتوقعون أن تستمر هذه الحالة. الشيخ شادي جبرة، إمام مسجد في باب التبانة وقائد مليشيات محلية، يقول: «لم ينته هذا. سوف نواصل ممارسة الضغط على جبل محسن حتى يقوموا بتسليم المتهمين بتنفيذ التفجيرات». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©