السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية... ومؤشرات «حرية الإنترنت»

4 نوفمبر 2013 00:23
أندريس اوبنهايمر كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية عندما شاهدت خريطة نشرت حديثاً للحريات على الإنترنت حول العالم، تملكتني الدهشة بعد أن وجدت أن اثنتين من أكبر دول أميركا اللاتينية وهما البرازيل والمكسيك توصفان بأنهما من الدول «الحرة جزئياً» فقط. وبدا الأمر غريباً لي لأنني أواظب على السفر للبلدين. فمن الصعب الاعتقاد أن تمارس حكومتا البلدين رقابة أو تتورط في تهديدات أخرى لتدفق المعلومات على الإنترنت بسبب ما يراه المرء من مجال واسع لوجهات النظر المعارضة للحكومة التي يراها المرء في وسائل الإعلام البرازيلية والمكسيكية. لكن الخريطة التي ظهرت على غلاف تقرير هائل مؤلف من 881 صفحة بعنوان «الحريات على الشبكة، 2013» والصادر عن «فريدم هاوس» في واشنطن وهي جماعة للدفاع عن الحريات السياسية تلون المكسيك والبرازيل باللون الأصفر، وهو نفس لون دول أخرى وصفت بأنها «حرة جزئياً» مثل فنزويلا والإكوادور. وتوصلت الدراسة للحرية على الإنترنت التي شملت 60 دولة إلى أن هناك 17 دولة فقط «حرة» منها الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا والأرجنتين، وأن 29 دولة «حرة جزئيًا» ومنها البرازيل والمكسيك والهند وروسيا وفنزويلا والإكوادور، وأن هناك 14 دولة «غير حرة» ومنها الصين وإيران وكوبا. وعندما سألت عن سبب هذا قال لي كبار المشاركين في تأليف تقرير «فريدم هاوس» إن التقرير السنوي يصنف الدول على أساس معايير أخرى تتعلق بالقيود على الدخول إلى الإنترنت والقيود المفروضة على المحتوى والمضايقات التي تمارسها السلطات ضد مستخدمي الإنترنت وملاحقتهم قانونياً. وكان أداء البرازيل والمكسيك أسوأ هذا العام في بعض هذه المعايير أو كلها. وتتزايد القيود على الحوار على الإنترنت بسبب قانون انتخابي جديد في البرازيل التي دعت فيها الرئيسة ديلما روسيف إلى نظام دولي لتنظيم الإنترنت بعد كشف التجسس الأميركي على بلادها. ويحظر القانون على وسائل الإعلام نشر محتوى قد ينظر إليه باعتباره مضراً بالمرشحين قبل ثلاثة أشهر من إجراء انتخابات. وقال مؤلفو التقرير إنه لا يوجد دليل على أن حكومة البرازيل تراقب أو تتحكم في الإنترنت كما تفعل الصين أو كوبا، لكن البرازيل دأبت على مطالبة «جوجل» و«تويتر» وشركات التواصل الاجتماعي الأخرى بإزالة بعض المحتوى. وقال التقرير إن البرازيل تصدرت باقي الدول فيما يتعلق بإصدارها أحكاماً قضائية لإزالة محتوى من على الإنترنت. فقد أصدرت أكبر دول أميركا اللاتينية مساحةً 235 حكماً قضائياً، وثلاثة أوامر تنفيذية طلبت فيها من جوجل أن تزيل محتوى ينتهك القانون الانتخابي، في الشهور التي سبقت انتخابات أكتوبر عام 2012. وتصنف البرازيل أيضاً بين أكبر ثلاث دول في العالم طلبت إزالة محتوى من على تويتر مع إصدار 16 حكماً قضائياً في النصف الثاني من عام 2012. ويرجع إطلاق وصف «حرة جزئياً» على المكسيك إلى حد كبير إلى أن البلاد ظلت واحدة من أكثر البيئات المعادية في العالم للصحفيين والمدونين الذين استهدفوا إلى حد بعيد عصابات تجارة المخدرات والجريمة المنظمة. وبالإضافة إلى هذا فهناك أسباب جيدة للاشتباه في أن الحكومة تتجسس على مستخدمي الإنترنت بعد عملية شراء الجيش المكسيكي أجهزة تجسس على الإنترنت بمبلغ 355 مليون دولار. وقال تقرير «فريدم هاوس» إن أجهزة تكنولوجيا التجسس يمولها الى حد كبير مكتب مكافحة المخدرات الدولية وشؤون تنفيذ القانون التابع لوزارة الخارجية الأميركية. وتسمح التكنولوجيا بتحديد مواقع المتصلين وتراقب آنياً الرسائل النصية وترصد تاريخ تصفح الإنترنت. وتستهدف الحكومة في فنزويلا مباشرة وفي كثير من الأحيان إغلاق مواقع المعارضة على الإنترنت ومضايقة المدونين المعارضين. وتم عرقلة لخدمات الإنترنت في أوقات حرجة مثل فترة إجراء الانتخابات الرئاسية في 14 أبريل الماضي وإعادة إحصاء الأصوات التي تلتها. وبينما مازالت إمكانية الدخول إلى الإنترنت في الولايات المتحدة حرة نسبياً مقارنة بباقي دول العالم، فقد كشفت وثائق وكالة الأمن القومي الأميركية التي سربها محلل النظم السابق في الوكالة إدوارد سنودن عن مراقبة حكومية واسعة النطاق على سجلات الهواتف وأنشطة الإنترنت. قد يكون من غير المنصف، في رأيي، إدراج المكسيك والبرازيل في نفس فئة الدول «الحرة جزئياً» التي تندرج فيها فنزويلا وعدد آخر من الدول التي تغلق فيها الدول مواقع المعارضة على الإنترنت وتضيق على المدونيين المعارضين. ومن المثير للسخرية أن يكون التقرير السنوي لـ«فريدم هاوس»، الذي يحصل على تمويل جزئي من وزارة الخارجية الهولندية والأميركية سخياً للغاية مع فنزويلا وقاسياً جداً مع البرازيل والمكسيك. وربما يتعين إضافة المزيد من درجات الألوان في الخريطة لتعكس درجات مختلفة من الدول “الحرة” و”الحرة جزئياً”. لكن التقرير لافتة مستحبة تذكرنا بمدى ضعف حريات الانترنت. وقراءة التقرير جعلتني اشعر بالانزعاج لأنه بصرف النظر عن تصنيف الدول باعتبارها حرة أو حرة جزئياً، فمن الواضح هنا تماماً أن حريات الانترنت والخصوصية على الشبكة في معظم المناطق ومنها البرازيل والمكسيك والولايات المتحدة تتدهور سريعاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©