الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاج إسباني على التجسس الأميركي

4 نوفمبر 2013 00:23
كيت جيليت بوخاريست لا تمثل التسريبات التي نشرت حول تسجيل «وكالة الأمن القومي» لنحو 60 مليون مكالمة هاتفية في إسبانيا خلال شهر واحد أكثر من مجرد خبر بسيط آخر يتعلق بعلاقة أميركا المتردّية مع حلفائها الأوروبيين، وذلك بعد سلسلة فضائح تجسسية مشابهة تفجّرت بشكل متسلسل خلال الأيام القليلة الماضية وطالت دولاً حليفة للولايات المتحدة كألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وكان لهذه التسريبات الجديدة أن تستثير الكثير من الغضب على المستوى الشعبي والرسمي في تلك الدول. وقد طلبت الحكومة الإسبانية أجوبة شافية على تساؤلات تم توجيهها إلى السلطات الأميركية يوم الإثنين الماضي تتعلق بمسؤوليتها عن التنصت على ملايين المكالمات الهاتفية في إسبانيا. وقال خبراء إن رد فعل مدريد على هذه التسريبات الأخيرة تميّز بنبرة صوت خافتة بالمقارنة مع الاحتجاجات الصاخبة لبقية الحلفاء الأوروبيين الذين تعرضوا لانتهاكات مماثلة وخاصة فرنسا وألمانيا. ومن جانبها حثت صحيفة “EL M ndo” الإسبانية في تقريرها الذي كشف عن كون الوكالة الاستخباراتية الأميركية سجلت 60 مليون مكالمة هاتفية خلال شهر كامل، الحكومة على استدعاء السفير الأميركي تعبيراً عن احتجاجها على هذا العمل. وتم استدعاؤه بالفعل بعد نشر التقرير. وأحد الكاتبين اللذين عملا في صياغة التقرير ونشره، صحفي أميركي يدعى «جلين جرينوالد» سبق له أن ساهم في جمع المواد التي سرّبها العميل السابق في وكالة الأمن الأميركية إدوارد سنودن، بما فيها تلك التي تتعلق بالتنصّت والتجسس الهاتفي على مواطني وسياسيي العديد من الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة.. وكانت تسريبات مماثلة قد أججت الغضب وأثارت الرأي العام في دول أوروبا الحليفة للولايات المتحدة منذ وقت طويل. ويوم الأحد الماضي، عمدت وسائل الإعلام الألمانية إلى نشر تفاصيل جديدة تتعلق بعمق وتشعّب العمليات التجسسية التي قامت بها وكالة الأمن القومي الأميركية في ألمانيا. وجاء فيها أن أوباما تلقى قبل ثلاث سنوات تقريراً يتعلق بتجسس الوكالة على المستشارة أنجيلا ميركل. بما يعني أن الرئيس كان على علم مسبق بكافة النشاطات التجسسية على بعض كبار الشخصيات السياسية في أوروبا. وأعقب هذه التقارير المثيرة للمزيد من الغضب الألماني، مقال نشرته مجلة «دير شبيجل» كشف أن ميركل كانت تحت الرقابة الهاتفية للوكالة الأميركية منذ عام 2002. وفي مدريد، قال وزير الخارجية في تصريح صحفي: إنه طلب من الولايات المتحدة «تزويده بكافة المعلومات الضرورية» المتعلقة بعمليات التجسس. وأضاف: إنه «إذا ما تأكدت هذه الأخبار فسيعتبرها مزعجة وغير مقبولة بين بلدين تجمعهما الشراكة السياسية والصداقة التاريخية». وتم استدعاء السفير الأميركي في مدريد «جيمس كوستوس» لمقابلة مساعد الوزير الإسباني للعلاقات الأوروبية «إنييجو ميدنديث دو فيجو»، لأن وزير الخارجية «خوسيه مانويل غارسيا مارجاللو» كان خارج إسبانيا. ولكن، رغم هذه المواقف الاحتجاجية الغاضبة، قال «خوسيه إجناسيو توريبلانكا» الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: إن رد فعل الحكومة الإسبانية على فضيحة التجسس الهاتفي اتسم بالفتور النسبي، وخاصة إذا ما قورن برد الفعل الألماني أو الفرنسي. وقال توريبلانكا: «خلافاً لما حدث في أماكن أخرى وحيث سارع الرأي العام والصحافة إلى الضغط السياسي على الولايات المتحدة وتأنيبها على هذا الانتهاك الصارخ للسيادة الوطنية والخصوصيات الشخصية للسياسيين والمواطنين الأوروبيين، فإننا لم نلاحظ أن الحكومة الإسبانية أولت هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام، ولا رأينا الناس يدعون إلى التخلي عن الصداقة مع أميركا مثلما حدث في دول أوروبية أخرى». ومن المهم التذكير هنا بأن القوانين الإسبانية لاحترام الخصوصيات الشخصية تشبه في صرامتها تلك التي تطبق في بقية الدول الأوروبية الديمقراطية، إلا أن معظم الإسبان عبروا منذ زمن بعيد عن موافقتهم على عمليات التنصت الهاتفي التي تقوم بها الحكومة للحفاظ على الأمن وحماية المواطنين. وأضاف توريبلانكا قوله: «إن من الطبيعي ألا يتأثر المرء بهذا العمل طالما أنه لا يتعلق به شخصياً. ولا ينتاب الإسبان الشعور بأن أمنهم الوطني تعرّض للاختراق بسبب ما حصل». ومن الجدير بالذكر أيضاً أن لمصالح الاستخبارات الإسبانية تاريخاً طويلاً من علاقات التعاون مع الوكالات الاستخباراتية للولايات المتحدة. ولعل من أكثر أمثلة هذا التعاون وضوحاً وأهمية، هو التجسس المشترك على الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» التي تزداد انتشاراً في دول المغرب العربي. وتوجد في إسبانيا أهم قاعدة للقوات الأميركية المتخصصة بمكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا. ويضاف إلى كل ذلك أن الرأي العام الإسباني منشغل جداً هذه الأيام بسلسلة من الفضائح السياسية المحلية، بالإضافة إلى مشاكل اقتصادية بالغة الصعوبة مثل البطالة التي بلغت معدلاتها الذروة وفاقت فيها بقية الدول الأوروبية. وعقب لقائه مع المسؤولين الإسبان، قال كوستوس في تصريح صحفي إن البرامج الأميركية للتجسس «لعبت دوراً مهماً في مجال حماية مواطني الولايات المتحدة، كما أنها لعبت دوراً أساسياً في نجاح العمليات المشتركة بيننا وبين حلفائنا من أجل حماية مصالحهم وصيانة أمنهم». وأضاف كوستوس: «وسنواصل التشاور مع حلفائنا، ومنهم الإسبان، وعبر القنوات الدبلوماسية النظامية من أجل معالجة كافة القضايا التي طرأت مؤخراً، ونحن نعلم أن الولايات المتحدة تحتاج الآن إلى أن تجري عملية موازنة بين أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك البرامج في مجال حماية الأمن الوطني للولايات المتحدة من جهة، وحماية الأمن الوطني لحلفائنا مع أخذ قضايا الخصوصية الشخصية بعين الاعتبار من جهة ثانية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©