الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مناكفات بالبنط العريض

مناكفات بالبنط العريض
28 يناير 2011 19:54
(1) العادة والروتين تجعلنا نملأ فراغات الكلام دون التفكير في تحليلها ومناقشتها ومناغشتها، نسمع الكلمة فنفهم معناها ولا نكلف أنفسنا تعب العودة إلى المنجد أو ما شابهه من لسان العرب حتى لسان الطرب. جميعنا يعرف معنى كلمة (رابط)، لكن (الجأش) !!،، من أين جاءت هذه الجأش، ، . طبعا أنا متأكد أننا لو رجعنا إلى أحد القواميس سنجد حلا وتوليفة لها ، فنحن أباطرة التوليف والتبرير، منذ ابتكرنا قصة المثل: (وافق شنّ طبقة). كل هذه المقدمة ، من أجل أن أطالبكم بالتفكير معي في قصة كلمة أو عبارة (رابط الجأش)، التي نفهم منها أن الرجل الذي ننعته بهذه الصفة يظهر الشجاعة وعدم الخوف ، يظهر الشجاعة فقط. رابط الجأش هو الشخص الذي ينجح في إخفاء ارتعابه!! يحمل الاحتقار لمن أمامه ويظهر الاحترام بكل رباطة جأش. (2) كلما أصيب أحدهم بمرض الحكمة المفرطة المجانية يقول لك، وهو يتخذ هيئة المفكر الفهيم «الحابكها» ، وقد يكون الحديث جاريا قبل ذلك عن ارتفاع الأسعار، أو حول ميزات تناول القرفة في الصباح، لا يهم الموضوع ، المهم الحكمة، ، . يقول لك: إذا أردت أن تنقذ فقيرا، فلا تعطه سمكة، بل علمه كيف يصيد. ثم يقول ونظره يسرح في الفضاء الرحب ، بأن هذا القول هو مثل صيني قديم. بعدها ينظر إليك بثقة مطلقة(بالثلاثة)، ليتلقى مظاهر الإعجاب والانبهار من عينيك المتعبتين. مع احترامي للمعنى الرمزي لهذا المثل ، لكنه أكثر الأمثال استعلائية وديماغوجية وشوربة هيطلية، فمن أين أحضر لسعادة الفقير بحراً مليئاً بالسمك؟؟ ثم أحضر سنارة أو شبكا وأشرع في تعليم الأخ الفقير فن الصيد. هذا المثل وأمثاله، لا يملك أي حلول لمشكلة الفقر ، لا بل يوهم الآخرين بأن الفقر هو قلة المهارة ونقص التحصيل العلمي والمهني فقط لا غير. (3) ترنو بعينيك إلى دائرة البروج في السماء، فترى النجوم بعيدة بعيدة لملايين السنوات الضوئية، فتدرك حسيّا بأن هذه النجوم كبيرة وعملاقة، وبعضها أكبر من أرضنا ومن شمسنا بملايين المرات ، لكنها تبدو صغيرة ، لأنها بعيدة!! تنظر إلى العصا الممدودة داخل الماء الراكد، فتراها مكسورة ، فلا تصاب بالدهشة، ولا تعتقد بأن الماء كسرها بهذه السهولة ، بل تدرك حسياً بأن الذي انكسر هو ظل العصا، لكن العصا لا تزال مستقيمة كما هي !! تبحلق من موقعك في شباك القطار إلى أعمدة الهاتف والكهرباء والأشجار، فتراها تتحرك، فلا تصاب بالخيبة الفيزيائية، لكنك تدرك حسياً ، بأنك أنت الذي تنطلق بهذه السرعة مع القطار بينما المناظر حولك ثابتة. في عالمنا العربي المتمغط وهو يشخر بين قارتين وعدة صحارى، ترنو وتنظر وتبحلق وتشاهد وترى، فتدرك حسياً بأن، .!! (4) لعل أول نكتة سياسية كان يتعرف عليها الطفل العربي، هي قصة المظاهرة ضد (وعد بلفور) المعروف، وتحكي النكتة عن شخص جاء إلى المظاهرة متأخراً، ولم يفهم الهتاف جيدا، حيث كان المتظاهرون يصرخون ملء حناجرهم: - فليسقط وعد بلفور!! لكن الرجل صار يصرخ معهم: - فليسقط واحد من فوق!! وكنا نضحك كثيرا على تلك النكتة، ونسمعها مرارا وتكرارا ونضحك !! كانوا يضحكون على أنفسهم وعلينا، ويخدعون أنفسهم ويخدعوننا، وكأن الصح أن يهتف المتظاهرون منذ ذلك الحين: - فليسقط واحد من فوق !! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©