الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إثيوبيا·· إنقاذ الجار اللدود من قبضة المتطرفين

13 مارس 2007 01:28
علـــي العمــودي عندما تهبط العاصمة الاثيوبية أديس ابابا، والتي تعني''الزهرة الجديدة'' تشعر كم تبذل هذه الزهرة الجميلة من جهد حتى لا تذبل، رغم ان عوامل الذبول أقوى منها ومن إمكانياتها بكثير، ولكنها إرادة البقاء والإصرار على البقاء، ولعب دور إقليمي يتلاءم مع هذا العملاق الذي يضم نحو سبعين مليون نسمة من أعراق ومعتقدات مختلفة، تنتمي الى حضارة موغلة في القدم نشأت في هذه التخوم التي يقول علماء الانثربولوجيا إنها كانت موطن الانسان الاول· وعندما تتجول في هذه المدينة القديمة التي تعد عاصمة افريقيا لأنها مقر الاتحاد الافريقي، تلمس ايضا كيف تقاوم ''الزهرة الجديدة'' الشيخوخة التي تهددتها بفعل الحروب والكوارث الطبيعية والازمات الاقتصادية، واخيرا ما اضافه من اعباء التدخل الاثيوبي في الصومال لإنقاذ''الجار اللدود'' من قبضة المتطرفين''!· عندما توجهت للقاء وزير الثقافة والسياحة الاثيوبي محمود درير قيدي في مكتبه بأديس أبابا، لاحظت وجود سيارة السفير الاميركي،وعرفت ان السفير موجود مع وفد من مدينة دالاس للإعراب عن امتنانهم على موافقة السلطات الاثيوبية على خروج أحفور يعود للانسان الاول لأول مرة للعرض خارج البلاد في احد متاحف مدينة دالاس كبرى مدن ولاية تكساس· كانت تلك الزيارة مدخلي للحوار مع الوزير الذي يعد بمثابة الناطق الرسمي للحكومة في وسائل الاعلام العربية، وخاصة الفضائيات، قلت للرجل يبدو أن العلاقة بينكم والولايات المتحدة في أزهى مراحلها، بالأمس كانت تقدم لكم الدعم اللوجستي والاستخباري في حربكم على قوات المحاكم الاسلامية في الصومال، واليوم تعاون ثقافي مميز، مما يعني موقعا متقدما لأديس ابابا في الاجندة الاميركية بالقرن الافريقي؟· ويبدو أن السؤال قد أثار حفيظته بعض الشيء، فقال بصراحة أرفض هذه التفسيرات التي يتعلق بها الاعلام العربي، حول ربط أي شىء بأميركا ليس في الشرق الاوسط فقط، بل في العالم كله، صحيح هناك مشاكل أميركا طرف فيها، ولكن ليس كل مشاكل العالم وراؤها اميركا، نظرية المؤامرة الكبرى المفضلة في الاعلام العربي لا ارضى بها· هناك تعاون بين البلدين قائم على الاحترام المتبادل بين الطرفين، وتعود العلاقات الدبلوماسية بينهما الى أكثر من مائة سنة، واثيوبيا ليست صنيعة الولايات المتحدة او الحكومات الغربية، فهذه البلاد لها جذور عريقة في التاريخ الافريقي والاسلامي والعربي والانسانى بصورة اشمل، ونتعامل من منظور المصلحة المشتركة مع الجميع سواء مع اميركا او الغرب· وللعلم هناك اشياء لا نتفق مع اميركا حولها، خاصة فيما يتعلق بتقريرها حول حقوق الانسان في اثيوبيا، الذي جاء مليئا بالاكاذيب والاتهامات الباطلة، ونتفق معها فيما يتعلق بجهود تدعيم وإرساء الديمقراطية في اثيوبيا، ونتفق معها فيما يتعلق بالحرب حول الارهاب، لأننا عانينا من مشاكل الارهاب والعمليات الارهابية حتى من قبل احداث11/،9 وكنا ندعو العالم للاهتمام بهذا الشر الذي يستخدم الاسلام، خاصة في القرن الافريقي وفي الشرق الاوسط، ونرى ان هذه الفئات المتأسلمة المتطرفة اساءت للاسلام وجعلته رهينة لديها حتى لانسمع الاصوات المعتدلة والنقية من كبار علماء الدين المسلمين حول ما يجري من كوارث ومشاكل تسيء للاسلام الذي هو باختصار شديد رسالة حضارية، وفي اثيوبيا يوجد التسامح بين جميع الاديان، وخاصة المسيحية التي لها جذور تاريخية بطابعها الافريقي الارثوذكسي، والاسلام الذي دخل الى اثيوبيا بعد الهجرة الاولى لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي عاشروا الاحباش في زمن الشدة، ووصل الاسلام الى اثيوبيا قبل المدينة المنورة وأجزاء من الجزيرة العربية، وتعتبر مدن مثل هرر وجما ومناق ووقرو من المناطق التي هاجر اليها المسلمون الاوائل، وشهدت بروز علماء وفقهاء من امثال الشيخ نور حسين، وهي مناطق ذات طابع اسلامي لحضارة من التسامح، وهناك سلالات بشرية يعود تاريخها لتلك الحقبة ساهمت في نشر الاسلام في مناطق العفر والصومال الاثيوبي، وكان لها اتصال روحي بمناطق في اليمن، وان كانت الحضارتان الاثيوبية واليمنية تتصلان منذ ما قبل الاسلام، حتى ان الخط الأمهري الذي تكتب به اللغة الأمهرية الاثيوبية هو خط سبئي، خط حضارة سبأ في عهد الملكة بلقيس، وتوجد آثار شاهدة على هذا التواصل المبكر في الشواهد التي توجد بمدينة أب اليمنية· لذلك فإن ارضا بهذا التاريخ الثر والزاخر لا نقبل أن يحاول البعض تصويرها أنها تابع او من صنيعة أحد· الاتهامات لأريتريا ؟اعلنتم مؤخرا عن اكتشاف مؤامرة لتنفيذ سلسلة من التفجيرات في اديس ابابا خلال القمة الافريقية الاخيرة، واتهمتم ارتيريا بالوقوف خلف هذا المخطط، رغم انكم لم تقدموا أية وثائق او أدلة تتعلق بهذا الامر، هل هذا مقدمة لمرحلة جديدة من التوتر في العلاقات بينكم؟· -؟؟ التحقيقات سارية وجارية وفق آليات متقدمة في هذا الشان، وهناك ادلة دامغة فيما يتعلق بتورط النظام الاريتري، وهذا ليس بالغريب على هذا النظام الذي لا يساهم في الاجتماعات التي تعقد في اديس ابابا للاتحاد الافريقي لأسباب لا نعرفها، ولنيته الشائنة التي لا تريد الخير لأثيوبيا و لا لمنطقة القرن الافريقي، والدليل تورطه في الصومال دحرا لقرارات مجلس الامن الدولي التي تؤكد على عدم التدخل في الشأن الصومالي وحظر ارسال اسلحة للصومال، فقد تعمد هذا النظام التدخل في الشأن الصومالي، ودعم الفئات المتطرفة ليس لأجل سواد عيون المسلمين، فهو نظام علماني يسيء حتى للمسلمين الاريتريين، وهذه ليس دعاوى نوجهها للنظام بل انها مما تعلن عنه بعض فئات الشعب التي تتحدث عن ممارساته وما يتعرضون له من قمع· وكان لهذا النظام دور مخالف لقرارات منظمة'' ايجاد'' والاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي، وهذه ليست المرة الاولى التي نرى منه تورطا ارهابيا في الشأن الاثيوبي، فقد امتدت الايادي الاريترية الى الداخل الاثيوبي لزرع الذعر في صفوف المواطنين · وقد حاولوا هذه المرة تنفيذ تفجيرات داخل العاصمة، ولكن الوضع ليس كما يتصورون، ويقظة الاجهزة الامنية افشلت هذه المحاولات الارهابية، وذلك لا يعني اننا نريد الدخول في متاهات الخلاف مع النظام الذي لديه ما يكفيه من المشاكل، ونحاول اظهار ضبط النفس الحبشي الاصيل، وبدلا من الدخول في متاهات الصراع والخلافات التي لا تفيد، نحن اجندتنا يتصدرها مكافحة الفقر والتنمية وحيث يشهد الاقتصاد الاثيوبي انتعاشا ملحوظا، ويرحب بالاستشمارات، والتعمير جار في كل الاقاليم الاثيوبية وليس العاصمة فقط، ونقوم بتوسيع شبكة الطرق والكهرباء وشبكات الاتصالات، وبدأنا في الاستعداد لبيع الفائض من الكهرباء للدول المجاورة كالسودان وجيبوتي· ؟ بعد دخول القوات الاريترية الى المنطقة العازلة على الحدود معكم، ومغادرة قوات الامم المتحدة في اكتوبر الماضي، هل اتفاق الجزائر لا زال قائما؟· ؟؟المشكلة في الجانب الاريتري حيث لا توجد مؤسسات تصنع او تتخذ القرار، فالامور كلها هناك بيد الرئيس ( اسياس افورقي) فهو الذي يقرر كل شيء، وهذا الفرق بيننا وبينهم، وسيظل طالما بقي هذا النظام في سدة الحكم، ولكنه لن يستطيع ان يجرنا الى ما يسعى اليه، وهذا أمر مفروغ منه؟· ؟ ولكن كيف تنظرون الى تسوية هذا الملف الحدودي؟ ؟؟ تسوية الملف من ناحيتنا اعلنا موقفنا منه، من خلال القبول بقرارات لجنة التحكيم، ولكن الحدود المتشابكة وخاصة في الواقع الاثيوبي الاريتري · ولا يجوز حل للملف من دون بقية القضايا العالقة، والنظام الاريتري يتهرب من الحوار · ؟ بدأت اثيوبيا انسحابا جزئيا لقواتها من الصومال بعدما دخلت لصالح الحكومة الانتقالية وطردت ميليشيا'' المحاكم الاسلامية''، ومع تباطؤ وصول قوات حفظ السلام الافريقية الى هناك الا تخشون عودة الامور الى ما كانت عليه؟· ؟؟ نحن متفائلون رغم ان الامور لا تجري بالسرعة التي نريد، الدول الافريقية لها تجربة لحفظ السلام في بوروندي حيث ارسلت قوات الى هناك ساهمت في حل النزاع البوروندي، وما حدث من اقبال ودعم للموقف الاثيوبي خلال القمة الافريقية الاخيرة التي عقدت في اديس ابابا يعبر عن تفهم الاخوة الافارقة للوضع، ويريدون المساهمة بصورة حيوية لحل مشاكل الصومال، وقد اعلنت الجزائر خلال المؤتمر عن تكفلها بنقل القوات الافريقية من بلدانها الى الصومال، ونحن على ثقة بأن لا فراغ سيحدث هناك رغم ان الامور لا تجري بالسرعة المطلوبة التي نريد· وفي شان العمل الدبلوماسي لفك نزاع كالذي شهده الصومال الغارق في الفوضى منذ اكثر من16عاما لا تتوقع ان الامور تجري بجرة قلم، هناك اتصالات واستشارات ومفاوضات تجري، وهي تصب في اتجاه التأكيد على قدرة افريقيا على حل مشاكلها بنفسها، والمشكلة الصومالية نعتبرها دولية وليست افريقية فقط· وهنا أود ان أشير اننا لم نتلق فلسا واحدا من الولايات المتحدة لصالح دعم عمليات قواتنا في الصومال، كما يعتقد ويروج البعض في العالم العربي بأن الدولارات الاميركية انهمرت علينا· لقد انجررنا للتدخل في المشكلة الصومالية عسكريا بعد تفاقم الانتهاكات الخطيرة من جانب الفئة المتطرفة التي كانت تسمى نفسها بالمحاكم الاسلامية، واتخذت من مقديشو مقرا لها ولتعلن منها انها ستواصل ''الزحف المقدس'' لاحتلال أديس ابابا· وستعمل على استعادة الاقليم الصومالي من اثيوبيا وبناء ما تعتبره'' الصومال الكبير''، لقد كانت فئة تعيش في متاهات الماضي· وما قمنا به جاء ضمن الشرعية الدولية، ووجودنا العسكري البسيط جاء بدعوة من الحكومة الانتقالية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وكل تحركاتنا كانت ضمن قرارات الشرعية الدولية وقرارات الاتحاد الافريقي ومنظمة '' الايجاد'' · ؟ وماذا عن العبء الناجم عن وجود 50ألف لاجئ صومالي في اثيوبيا؟· ؟؟ هذا العبء لا تعاني منه اثيوبيا لوحدها، فجميع دول الجوار الصومالي يعانون، حتى اليمن تعاني منه عبر البحر ، ونحن نتفهم ظروف اللاجئين، فالقيادات الاثيوبية عرفت مرارات اللجوء، ولجأت خلال فترة النضال الى دول الجوار وحتى ما وراء البحار، ولذلك نتفهم المعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب الصومالي في هذه المرحلة من تاريخه، وهي معاناتة تتواصل حتى الى مرحلة عودته اللاجئين الى بلادهم التي هي بحاجة الى اعادة بناء مؤسسات ومنشآت الدولة ومرافق البنية الاساسية والتحتية، والعرب هم اول المدعوين للمساهمة في استعادة الصومال، ونقول لهم ألا ينسوا الصومال· الدستور·· واللجوء للسلاح ؟ واخيرا كيف تفسرون استمرار وجود حركات مسلحة تقوم على أسس عرقية للمطالبة باستقلال هذا الاقليم أو ذاك من اثيوبيا، رغم ان الدستور الجديد للبلاد كما تقولون يحقق لها مثل هذه المطالب؟· -؟؟ لأن هذه الحركات ببساطة لا تمثل احدا ، وليس الاستعداد للاحتكام لصناديق الاقتراع والمساهمة في العملية الديمقراطية التي تشهدها البلاد، بل هم اختاروا الخيار العسكري، لأن هذا البعض لا يعمل لصالح الارض الاثيوبية التي تتسع لمعارضة تستند للحق الذي يكفله الدستور من رأي ورأي آخر وحوار وتنازلات وكل السمات التي يتسم بها أي نظام ديمقراطي· وبعض هذه الحركات يعمل لصالح جهات اخرى كالنظام الاريتري الذي يريد نشر الشر في القرن الافريقي· ومن ناحية اخرى فبعض عناصر هذه الحركات تورطت في عمليات قتل وسلب، وتخشى العودة حتى لا تواجه القضاء الذي يمكن ان يلاحقها عن تلك الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الذي يزعمون انهم حاربوا لأجله ويريدون له الحرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©