السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التأسيس لثقافة الاعتذار يعزز الثقة بالنفس ويمحو آثار الإساءة

التأسيس لثقافة الاعتذار يعزز الثقة بالنفس ويمحو آثار الإساءة
4 نوفمبر 2013 21:51
شددت الاستشارية التربوية وخبيرة التدريب الدكتورة إيمان صديق على ضرورة التأسيس لثقافة الاعتذار بين الأبناء والآباء، لما له من مردود إيجابي على بناء ذات الأطفال السوية، مؤكدة أن معظم الآباء يسيئون لأبنائهم عن غير قصد، مما يسبب جروحا عميقة في نفوسهم، ويخلف نتوءا في أعماقهم قد يتبلور عنها مستقبلا سلوكيات غير سليمة، والشعور بعدم الرضا والتبول اللا إرادي، وعدم الإحساس بالأمان، وغيرها من المظاهر التي لا تجعل الصغير متسامحاً مع نفسه. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - تشير الاستشارية التربوية الدكتورة إيمان صديق، إلى أن ذلك يمكن تجنبه بالاعتذار وتصحيح ما تلفظ به ليعزز السلوك الجيد عن طريق محو صورة التجريح وعدم تثبيتها في عمق الطفل، موضحة أن التربية الخاطئة للطفل تؤدي إلى نتيجة عكسية، مشددة على ضرورة تجنب بعض الأساليب والكلمات التي يوجهها الآباء للطفل، وتعمل على ترك جروح خطيرة لا ينتبهون إليها إلا بعد فوات الأوان. وتضيف صديق «هناك من الآباء من يسيء إلى أبنائه من دون أن يشعر أو يتلفظ بكلمات ليست تربوية عن غير قصد، حيث إن الآباء لا يدركون أن هذه الكلمات تجعل أبناءهم يفقدون الإحساس بالأمان وتهتز شخصيتهم، وقد تتدمر حياتهم، موضحة أن ذلك لا يعني تركهم من دون عقاب إذا أخطأوا، من دون وضع ضوابط وخطوط حمراء لا يجب تجاوزها»، مؤكدة أن الأطفال يجب أن يلموا بحقوقهم وواجباتهم في ظل بيئة نظيفة نقية خالية من المشاحنات النفسية، وتشير إيمان صديق إلى ضرورة التأسيس لثقافة الاعتذار لتمسح آثار العنف أو التجريح أو الإهانة أو السخرية أو الاستهزاء بهم، وأن يكون العقاب على قدر الخطأ، بعد التفاهم معهم ومناقشتهم فيما فعلوه، وتوضيح أخطائهم حتى لا تتكرر مرة أخرى». وتقول إيمان صديق «قد تتردد على ألسنة الآباء والأمهات في ساعة الغضب كلمات غير مقبولة، في لحظات لا يدرك هؤلاء الآباء والأمهات عاقبة هذه الكلمات، فكم من عبارة أطلقت كان فيها هلاك ولد أو تعاسته أو ضنكه وإضلاله أو قد نسمع ألفاظاً من أم تدعو على ابنها بدمار أو هلاك، وألفاظ أخرى تقشعر منها الأبدان، وتتحرك لها الجوارح وتؤلم القلب. وعلى الرغم من أن الآباء دائما يرغبون في الأفضل لأطفالهم، إلا أنهم في بعض الأحيان قد لا يدركون أثناء الانفعال أو من تأثير الضغط أو لقلة مهاراتهم التربوية، أنهم يؤذون الطفل نفسياً وعاطفياً. أخطاء شائعة وتقول الدكتورة إيمان صديق: هناك أخطاء وممارسات شائعة في تربية البنين والبنات تقع أحياناً عن جهل وأحياناً عن غفلة، وأحياناً عن عمد وإصرار، ولهذه الممارسات الخاطئة آثار سلبية على استقامة الأبناء وصلاحهم، ومنها: تحقير الولد وتعنيفه على أي خطأ يقع فيه بصورة تشعره بالنقص والمهانة، والصواب هو تنبيه الولد على خطئه إذا أخطأ برفق ولين مع تبيان الحجج التي يقتنع بها في اجتناب الخطأ.. إذا أراد المربي زجر الولد وتأنيبه ينبغي ألا يكون ذلك أمام رفقائه وإنما ينصحه منفرداً عن زملائه.. احتقار الأولاد وإسكاتهم إذا تكلموا والسخرية بهم وبحديثهم مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه، كثير الخجل أمام الناس وفي المواقف الحرجة. ومن الأخطاء الشائعة أيضاً، والتي تنعكس على شخصية الطفل، تثبيت الإحساس بالذنب عن طريق تحقيره أو حمله على الخجل من نفسه، كأن تعيب بعض المواصفات الجمالية فيه، فالفكرة التي تغرسها في الطفل أن به نقصاً لن يفلح في علاجها مهما يحاول، وأنه لهذا يستحق العقاب، هو أسوأ ما يمكن أن يغرس في نفس الطفل، وأن يحيق الضرر بكيانه العاطفي، ومع ذلك فإن الأشياء التي يحقر الآباء أبناءهم بسببها ربما عانوا أجلها مرارة الإحساس بالذنب في صباهم على أيدي آبائهم، ويجب أن يعلم الوالدين أن سوء معاملة الأبناء يؤثِّر تأثيراً كبيراً في شخصياتهم المستقبلية. مظاهر التربية الخاطئة وتشير إيمان صديق إلى أن الأخطاء الشائعة في التربية تساعد على ضعف الثقة بالنفس، وتضيف في السياق ذاته، أن ثقة الفرد بنفسه وقدراته عامل مهم يؤثِّر في شخصيته وفي تحصيله وإنجازاته، وقد أشارت كثير من الدراسات إلى أن هناك ارتباطاً كبيراً بين مفهوم الذات والتحصيل الدراسي، فالطفل الذي تنحدر الثقة بنفسه يخاف من المبادرة بالقيام بأي عمل أو إنجاز، لأنه يخاف الفشل والتأنيب، لذا تراه متردداً في القيام بأي عمل. كما أن ذلك يخلف الشعور بالإحباط لديه، إذا لم تهدد أمنهم وسلامتهم، ويرى «ماسلو» أن الإحباط الناشئ عن التهديد واستخدام كلمات التحقير أمام الزملاء، والاستهزاء بقدراتهم، وعدم إشباع حاجاتهم السيكولوجية، يؤثِّر تأثيراً كبيراً في سلوك الطفل، كما أن العقاب الذي يوقعه الوالدان على الطفل يزيد من عدوانيته وشراسته، وقد يكون رد فعل الطفل الإمعان في سلوك العدوان على الآخرين، بالإضافة للشعور بالقلق، وعدم الاستقرار النفسي والتوتر، والخوف من العقاب، فضلاً عن الشعور بالعجز والنقص والصراع الداخلي. مشكلات نفسية وتوضح إيمان صديق أن أهم المشكلات النفسية والسلوكيات طويلة الأمد التي تترتب عن التربية الخاطئة تتمثل في الخوف الشديد، والهلع، والسلوك المضطرب أو غير المستقر، ووجود صور ذهنية أو أفكار أو إدراكات أو ذكريات متكررة وملحة عن الصدمة، والأحلام المزعجة كالكوابيس أثناء النوم، والسلوك الانسحابي، والاستثارة الزائدة، وصعوبة التركيز، وصعوبات النوم، وترى أن جميع الأطفال في حاجة إلى الشعور بالحب والقبول، وهم بحاجة أيضاً إلى الرعاية والعناية، والاستقرار. وتضيف: من واجبات الوالدين تقديم ذلك لهم، والرأفة مهمة جداً، فكل طفل فريد من نوعه، ولديه طريقته، لذلك يجب عليك أن تراقب طفلك جيداً لتعرف السمات الإيجابية، وتعلم التمتع بكل لحظة من طفولة طفلك، وليس مهما أن يحقق طفلك ما تريده، ولكن المهم هو أن كل ما يقوم به ويفعله الطفل يكون بقناعته ورضاه ويحقق له السعادة. الاعتذار يمحو الإساءة وتؤمن الخبيرة التربوية إيمان صديق، بأن اعتذار الأب أو الأم للطفل عندما يتلفظ في وجهه ببعض الكلمات أو عند الإساءة له يمسح هذه الإساءة، وتشدد على ضرورة تسوية الخلافات، على الرغم من أن الفكرة في البداية تكون صعبة، لكن عندما يتعود الفرد على ممارسة هذا السلوك يصبح يسيراً، ولا تخف أبداً من الاعتذار لطفلك، وإذا فقدت سيطرتك وتفوهت بكلمات قاسية ضده اعتذر، ولا تطلق أسماء أو توجه إساءات إلى طفلك أو تصرخ في وجهه، فطفلك يستحق الاحترام، وتذكر ما يقال «إن فاقد الشيء لا يعطيه»، فإذا أردت أن يحترمك طفلك فعليك أن تحترمه، وركز علي السلوك الذي يحتاج إلى تصحيح وليس على الطفل، وإذا فعل طفلك أي شيء خاطئ تحدث معه وبين له أن ما فعله خطأ، لا تصرخ في وجهه أو تعاقبه، وتذكر دائماً أن تنظر إلى الجانب الإيجابي من الأشياء، وإذا قام طفلك بعمل إيجابي اثني عليه، وإذا كنت تشعر بالغضب لو فعل طفلك أي شيء خاطئ، ابتعد عنه حتى تتمكن من السيطرة على غضبك، اعط أطفالك القدوة الصالحة في حسن الخطاب وتهذيب اللسان، وجمال اللفظ والتعبير. تجنب العبارات السيئة تشير إيمان صديق إلى أن التفوه ببعض الكلمات السيئة في وجه الطفل تدمره من العمق، وعليه يجب تجنبها، ومنها على سبيل المثال، أن تقول له: «إنك غبي جداً».. عادة ما يقول الآباء هذه العبارة عند الغضب، لكنك إن تعودت قولها فإن طفلك قد يبدأ في تصديقها، جرب بدلاً عنها قول: «كان ذلك شيئاً سخيفاً أن تفعله.. أليس كذلك؟، انظر إلى كل ما بذلته من أجلك: أو «لو لم تولد أنت فإن حياتي كانت ستكون أفضل»، إن ذلك سخيف فعلاً، فالأطفال لم يطلبوا أن يولدوا، تذكر أنه بكونك والده فإنه ينبغي عليك تقديم التضحيات، فمعظم الأطفال قد يستولون على شيء ما ليس ملكاً لهم ثم ينكرون معرفتهم بذلك حين مطالبتهم به، إنه بردة فعل صحيحة منك فإنهم سيتعلمون من هذه التجارب، ويستمرون في ذلك بدلاً من اتهامهم بأنهم لصوص وكذابون. كما عليك أن تتجنب عبارة إنني سأقوم بتركك، فيما أنت متجه ناحية باب المتجر تهم بالخروج، صائحاً: «إن لم تأت خلال هذه الدقيقة فإني سأغادر المكان»، هذه العبارة قد تعمل فقط على تعزيز الخوف الأساسي الشائع لدى الأطفال بأنك قد تختفي ولا تعود أبدا، جرب أن تعطه دقائق معدودة كتحذير، أعطه الاختيار إما أن تحمله أو أن يمسك هو بيدك. ضحايا للألفاظ النابية تشير إحدى الدراسات إلى أن 50% من الأطفال يقعون ضحية للسلوكيات الخطيرة والألفاظ النابية، والتي تنتج كرد فعل وتصبح وسيلة للدفاع عن النفس في مواجهة سلوكيات مشابهة كالإهانات الكلامية، والشتائم القبيحة، والتهديد بالضرب، والصفع على الوجه، والسرقة، وغيرها من السلوكيات العدوانية التي تمارس ضد الأطفال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©