الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«القروض».. سلاح مصر الأخير في صراع «تعويم» الجنيه

«القروض».. سلاح مصر الأخير في صراع «تعويم» الجنيه
14 مارس 2016 21:31
القاهرة (رويترز) أثارت زيارة وفد من صندوق النقد الدولي مصر الأسبوع الماضي، علامات استفهام عن سببها وتوقيتها، بل ودفعت بعض الخبراء والاقتصاديين للتساؤل: هل حان الوقت للاقتراض من الصندوق، في ظل أزمة العملة الصعبة التي تحكم الخناق على البلاد، والتي عكف البنك المركزي في الآونة الأخيرة على اتخاذ خطوات لتخطيها؟. أبلغت مصادر مصرفية رفيعة المستوى رويترز، من بينهم مصدر يعمل في البنك المركزي، أن وفداً من صندوق النقد يضم مجموعة من الاقتصاديين زار المركزي المصري الأسبوع الماضي، للمساعدة في رسم سياسة سعر الصرف والإجراءات النقدية. ورغم جو التكتم والسرية الذي أحاط الزيارة وامتناع البنك المركزي عن التعليق، قال أحد وزراء المجموعة الاقتصادية: «زيارة وفد صندوق النقد كانت زيارة روتينية». وفي أحدث خطوة اتخذها المركزي المصري لتجاوز أزمة aالعملة، خفض البنك سعر الجنيه 14.5 % مقابل الدولار، في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر، عقب وصوله الليلة الماضية مع محافظ المركزي الأسبق فاروق العقدة من لندن بعد أن التقيا عدداً من صناديق الاستثمار الأجنبية. وباع المركزي 198.1 مليون دولار أمس، في عطاء استثنائي لتغطية واردات سلع استراتيجية أساسية بسعر 8.85 جنيه للبنوك، مقارنة مع 7.73 جنيه في العطاء الدوري السابق يوم الأحد. ويباع الدولار بسعر 8.95 جنيه رسمياً في البنوك بعد العطاء الاستثنائي أمس. وقال حسين شكري، رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار اتش.سي: «لا مفر من الاقتراض من صندوق النقد. كنا نعتمد سابقاً على المساعدات الخليجية، ولكن بعد توقفها لم يعد لدينا إلا الاتجاه نحو الصندوق رغم أن ذلك قد يلزمنا ببرنامج إصلاح اقتصادي نحن نحتاج إليه بالفعل». ويرى هاني جنينة، من بلتون المالية، أن الميزة الأساسية لقرض صندوق النقد الدولي هي الاشتراطات، لأنها تكون بديلاً عن ضعف الثقة. وقال: «عادة ما تكون الدول التي تطلب قروضاً من صندوق النقد الدولي، هي تلك التي لم تعد تستطيع اللجوء لأسواق المال العالمية، نتيجة تطبيق سياسات مالية ونقدية غير ملائمة، وتعاني من ضعف ثقة المستثمرين». تقييد الاستيراد وجاءت زيارة وفد الصندوق لمصر في وقت تسارعت فيه وتيرة تحركات لمواجهة أزمة العملة الصعبة. فقد أخذ البنك المركزي، خلال الأسبوع الماضي، سلسلة إجراءات لتحرير حركة التدفقات الدولارية من وإلى البنوك، حيث ألغى سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد، كما أطلق شهادات ادخار بالعملة الأجنبية ذات عوائد مرتفعة، بل ولجأ للتدخل الشفهي لكبح سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الحر عند 9.25 جنيه للدولار. وأتت تحركات المركزي أكلها سريعاً، إذ هبط الدولار بشدة في السوق السوداء، ليصل أمس إلى 9.20 جنيه قبل إعلان المركزي خفض قيمة العملة المصرية، مقارنة مع 9.60 جنيه الخميس الماضي. كما أخذ محافظ المركزي طارق عامر عدداً من التدابير لتوفير الدولار والحفاظ عليه، ومن بينها تقييد الاستيراد العشوائي، وتقييد عمليات السحب من بطاقات الائتمان بالدولار والتحويلات عبر ويسترن يونيون. كما طرحت مصر شهادات ادخارية دولارية وباليورو للمصريين في الخارج، بجانب رفع العائد على شهادات الاستثمار بالدولار داخل مصر، في محاولة لجذب أي عملات أجنبية، وسط الشح الشديد الذي تعانيه في المعروض من العملة الخضراء. وعقب إعلان المركزي خفض قيمة الجنيه أمس، قال هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في البلاد، إن مصرفه وبنك مصر طرحا شهادات استثمار أمس، للأفراد الطبيعيين بعائد 15 %، مقابل التنازل عن أي عملة عربية أو أجنبية. وأضاف عكاشة: «الشهادات لأجل ثلاث سنوات بعائد يصرف كل ثلاثة أشهر. طرح الشهادات يبدأ من اليوم ولمدة 60 يوماً». وقال مسؤول مصرفي رفيع المستوى، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «هذا هو الوقت المناسب للاقتراض من صندوق النقد، لاحتياجنا لمنحه لنا شهادة ثقة في أداء الاقتصاد المصري، من حيث سلامة الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية التي تعكف عليها مصر، إلى جانب التدفقات النقدية التي سيتيحها القرض نفسه، والتي ستضاف إلى أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر». وأضاف قائلا: «الشروط التي عادة ما يطلبها الصندوق تتمثل في تحرير سعر صرف العملة المحلية، وإصلاح منظومة الدعم، وإصلاحات هيكلية في عجز الموازنة العامة للدولة، ومنظومة الأجور، وإن تلك الإجراءات سوف تسهم في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر». وتعرض الجنيه المصري لضغوط مع تناقص الاحتياطيات، لكن البنك المركزي كان متردداً في السابق في خفض قيمته، تخوفاً من تأجيج التضخم الذي يقع بالفعل في خانة العشرات. وقال محسن عادل، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية: «الطبيعي أن تكون هناك شروط أو قواعد عند الحصول على قرض من الصندوق. التوقيت الحالي يستلزم اتخاذ بعض الإجراءات قبل اللجوء للحصول على تمويل من مؤسسات مثل الصندوق، من ضمنها اعتماد برنامج إصلاح اقتصادي متوافق عليه شعبياً واقتصادياً من الحكومة المصرية». وقال مسؤول مالي حكومي رفيع المستوى، مشترطاً عدم نشر اسمه: «المركزي استنفد معظم أدواته المالية في التصدي لأزمة الدولار، ولم يتبق له سوى تحرير سعر الصرف بالكامل أو اللجوء لقرض الصندوق، خاصة وأن قدرة الدولة على الاستدانة من أسواق المال العالمية سيئة للغاية بعد 2011». وجاء التدهور في سعر العملة المحلية في مصر رغم دخول إجمالي 1.4 مليار دولار خزينة البنك المركزي المصري في صورة قرضين من الصين والبنك الأفريقي للتنمية منذ بداية العام. واتفقت مصر على قرض بمليار دولار من البنك الدولي، لكنها لم تحصل عليه حتى الآن، ولم تعلن الحكومة أسباب عدم الحصول عليه، رغم تأكيدها سابقاً أنها كانت ستحصل عليه قبل نهاية 2015. اجتماعات الربيع وتأتي هذه الاتفاقيات على الاقتراض بعد أن حصلت مصر خلال فترة العامين ونصف العام الماضية على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات والكويت في شكل مساعدات ومنح. ويترأس محافظ البنك المركزي المصري وفد مصر أمام اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، والتي ستنعقد في العاصمة الأميركية واشنطن خلال الفترة من 15 إلى 17 أبريل المقبل. وقال إيهاب رشاد الرئيس التنفيذي لمباشر العالمية، المتخصصة في أسواق المال: «صندوق النقد لا يمنح قروضاً إلا إذا كان هناك برنامج اقتصادي واضح. مصر في حاجة إلى شهادة عالمية تفتح لها الباب أمام الاستثمارات الأجنبية. لا تنس أن الاحتياطي النقدي في طريقه للتلاشي إذا لجأ محافظ المركزي لاستخدامه. في الظروف الحالية والأزمات التي نعيشها لا مفر من مزيد من الاقتراض، حتى يتكون احتياط كاف للمركزي يستطيع من خلاله إدارة ملف العملة. أعتقد أن الوقت مناسب الآن للاقتراض من الصندوق». وتهاوت الاحتياطيات من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.5 مليار دولار في فبراير الماضي، ويعاني البلد من أزمة عملة أدت إلى نضوب السيولة الدولارية في القطاع المصرفي، لكن المركزي توقع أمس، في بيان صحفي وصول الاحتياطي النقدي إلى 25 مليار دولار نهاية العام الحالي. وقال هاني جنينة: «نحن نرى أن البنك المركزي المصري شرع في عملية تحرير سعر الصرف منذ أوائل 2016، ومضى في هذا السبيل خلال الأسبوع الأخير وأمس. في الوقت الحالي قد تشير مقاييس المخاطر في مصر - مثل ارتفاع هوامش عقود التأمين على الديون - إلى أن الوقت قد حان للحصول على قرض من صندوق النقد لضمان تمويل أرخص بالعملة الصعبة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©