السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التوازن بين الإنتاج والزيادة السكانية

7 نوفمبر 2011 21:56
على مدى سنوات عديدة، تناول الكثير من العلماء قضية الانفجار السكاني، ويعد الباحث الاقتصادي والسياسي روبرت توماس مالتوس أول من تطرق لمسألة التكاثر السكاني قبل نحو مائتي عام، حين تنبأ بأن النمو السكاني سيفوق القدرة على إنتاج الغذاء، مما سيؤدي في النهاية إلى مجاعة شاملة وتهديد مخيف للوجود البشري. ولكن البشرية تمكنت من اجتياز التوقعات بحدوث نقص في الغذاء، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى سلسلة من مبادرات نقل التكنولوجيا والمعرفة والأبحاث التي حصلت خلال الفترة ما بين 1940 و1970، والتي ساهمت في تحقيق زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي حول العالم. ولكن العلماء والباحثين توقعوا بدقة الآثار السلبية التي يخلفها النمو السكاني على البيئة، حيث أبدوا قلقهم من أن يؤدي ذلك إلى ضغط كبير على النظم البيئية لكوكبنا الذي لن يكون قادراً على الاستمرار في تأمين متطلبات الأعداد الحالية من السكان، ناهيك عن الزيادات المستقبلية المتوقعة. إن الاستخدام الجائر للموارد الطبيعية يستنزف مواردنا الأساسية من الغذاء والماء، فضلاً عن موارد الطاقة التي تعد المحرك الأساسي لكافة الأنشطة الاقتصادية والصناعية والزراعية وحتى الاجتماعية، فمع وجود ما يزيد على سبعة مليارات نسمة، هناك ضرورة ملحّة لقيام البلدان في مختلف أنحاء العالم ببدء العمل وتوحيد الجهود، من أجل تغيير مسار المستقبل إلى وجهة آمنة لأجيال الغد. ويعد الاستثمار في تطوير حلول الطاقة المتجددة والمستدامة المفتاح الرئيسي لضمان مواكبة متطلبات النمو السكاني المرتفع حول العالم. وقد يخطر بالبال هنا سؤالٌ حول ما تستطيع القيام به دولة فتية لا يزيد عدد سكانها على ثمانية ملايين نسمة، مثل الإمارات، أمام التحديات التي يفرضها وجود سبعة مليارات نسمة على الكوكب؟ والواقع أن التصدي للتحديات يرتبط بالمبادرات الطموحة والجهود المخلصة، وليس بحجم الدول، فمنذ إطلاق مبادرة “مصدر”، أصبحت دولة الإمارات ممثلة بأبوظبي تحظى بمكانة عالمية مرموقة كرائد في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. واستقبلت “مصدر” شخصيات عالمية مؤثرة من أمثال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، والرئيس السابق جورج دبليو بوش، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، إلى جانب نخبة من المبدعين من أمثال المخرج جيمس كاميرون؛ والممثل كلايف أوين؛ والعديد غيرهم. وناقش هؤلاء التحديات الماثلة أمامنا ودعوا إلى تعزيز العمل لإيجاد حلول تضمن أمن الطاقة وتتصدى لتداعيات تغير المناخ، حيث أتاحت “مصدر” بوابةً رحّبت أبوظبي من خلالها بالخبراء في اثنتين من أفضل المنصات العالمية لتبادل الأفكار ومناقشة مسائل الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، وهما “القمة العالمية لطاقة المستقبل” و”الوكالة الدولية للطاقة المتجددة” (آيرينا). وخلال السنوات الأولى من عمر “مصدر” سمعنا الكثير من التساؤلات حول جدية وجدوى إقدام دولة غنية بالنفط مثل الإمارات، على إطلاق مبادرة متعددة الأوجه هي الأولى من نوعها في مجال الطاقة المتجددة، لاسيما مع امتلاكها نحو 98 مليار برميل من احتياطيات النفط منها 92 مليار برميل في إمارة أبوظبي، وذلك وفقاً لمعلومات حكومية ومصادر القطاع، وبحسب معدلات الإنتاج الحالية البالغة 3 ملايين برميل يومياً، هناك ما يكفي من النفط لنحو مائة عام. وكانت الرؤية الملهمة للقيادة الحكيمة البوصلة التي أرشدتنا لإدراك الصعوبات والتقلبات والقيود المرتبطة بالاقتصاد القائم كلياً على الوقود الهيدروكربوني. وساهمت التوجيهات السديدة لقيادتنا الرشيدة في تعريف العالم بأن دولة الإمارات قادرة على القيام بدور يتجاوز كونها لاعباً أساسياً في قطاع النفط والغاز، حيث تهدف الخطة الاستراتيجية طويلة المدى لحكومة الإمارات إلى تنويع الاقتصاد، وتطوير مزيج متنوع من مصادر الطاقة. وفيما يتابع العالم باهتمام أبوظبي، وهي تشق الطريق نحو المستقبل، تقدم دولة الإمارات نموذجاً مثالياً لمنهجية ذكية تؤمن الانتقال السلس نحو الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة دون أي انقطاع في الإمدادات، الأمر الذي يضمن استمرار النمو الاقتصادي مع المحافظة في الوقت ذاته على الموارد الطبيعية والبيئية. ومن واجبنا في هذه المرحلة التي ينمو فيها عدد سكان العالم بمعدلات كبيرة، بذل كافة الجهود المتاحة لحث والمجتمع الدولي على إعطاء مزيد من الاهتمام لقضايا الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. بقلم : تريم حسن الصبيحي مدير العلاقات المؤسسية – “مصدر”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©