الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

طه حسين فيلسوف مهمل والاحتفاء به أشبه برثاء للواقع العربي

طه حسين فيلسوف مهمل والاحتفاء به أشبه برثاء للواقع العربي
5 نوفمبر 2013 00:17
محمد وردي (دبي)- احتفت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بمرور أربعين عاماً على رحيل عميد الأدب العربي طه حسين، بإقامة ندوة موسعة للبحث في آثاره الأدبية المتعددة، ودورها في حركة التنوير العربية. عقدت الندوة في مقر مؤسسة العويس الثقافية يومي الأحد والاثنين الفائتين، وشاركت بها نخبة من الباحثين والنقاد المتخصصين في مختلف الأنواع الأدبية. وتأتي هذه الوقفة الاستعادية لقامة من قامات التنوير في وقت يبدو فيه العرب في حاجة ماسة إلى استذكار درس النهضة العربية، وهو ما ألمح إليه الباحث الدكتور محمد عبد الله المطوع الذي أدار الجلسة الأولى، متحدثاً عن أهمية الاحتفاء بأحد أبرز رواد حركة النهضة، لما تستدعيه المناسبة من ضرورة ملحة في استلهام تجربة الرواد، لإعادة الزخم إلى مسيرة التنوير التي تعثرث كثيراً في الآونة الأخيرة. ولاحظ المطوع أن إبداعات طه حسين أهملت كثيراً، ولم تأخذ حقها من النقد والتقييم من جهة، ومن جهة أخرى تأتي الاحتفائية بطه حسين، وكأننا في مأتم نرثي به أنفسنا، بسبب ما وصلنا إليه من تردٍ، ما جعلنا نتذكر من جديد المبدعين العرب، أمثال صاحب “دعاء الكروان” و”الأيام” و”جنة الحيوان”، وغيره من الرواد، ممن كرسوا حياتهم وإبداعاتهم للخروج بالمجتمع العربي من أزماته وإخفاقاته إلى النور وشرفة التنوير. طه حسين.. والفلسفة اعتبر الدكتور حسن مدن، في محاضرته بعنوان “جزيرة العرب وطه حسين” أن موقع الخليج العربي في أدب طه حسين، اقتصر على مقالة يتيمة نشرت في كتيب صغير في الشام وليس في مصر، لسبب لا نعرفه حتى الآن. ولاحظ مدن أن حسين في مقالته المطولة استعرض أسباب القطيعة بين العالم العربي وهذه المنطقة منذ تحول العباسيين إلى خراسان بدل الحجاز، كما أنه تناول الواقع في نجد والحجاز، واستعرض ما يمكن أن نسميه الاتجاهات المحافظة الغالبة على المنطقة، مشيراً إلى أن منسوبها أعلى من بقية المناطق العربية. وتوقف طه حسين عند الحركة الوهابية، ولكن من دون أن يحدد موقفه منها لا سلباً ولا إيجاباً. وتناول الدكتور عبد الله الجسمي في محاضرته المعنونة “طه حسين رائد العقلانية النقدية”، مؤكداً أن حسين كان مهتماً بالفلسفة، ولم يأخذ حقه في الإضاءة على هذا الجانب من أدبه ومجمل شخصيته الإبداعية. وقال الجسمي: إن حسين كان متأثراً إلى حد بعيد بـالفيلسوف رينيه ديكارت والتجريبيين الغربيين، أمثال فرانسيس بيكون وجون لوك وجان جاك روسو وآخرين من التيار العقلاني، الذين عملوا على تأسيس المعرفة النقدية، وأنه خاض جل معاركه الحداثوية مع المحافظين التقليديين، معتمداً على نظرية الشك الديكارتية. ولاحظ أن بدايته العقلانية انطلقت من الجامعة المصرية متأثراً بأحمد لطفي السيد ومجموعة المستشرقين الذين كانوا يدرسون في الجامعة المصرية. من جهته قال الدكتور فريدريك معتوق في محاضرته التي حملت عنوان “طه حسين رائد الدراسات التراثية العربية الحديثة”: إنه “أحد أهم رموز علم اجتماع المعرفة. وبهذا المعنى هو ليس عميداً للأدب العربي فقط، وإنما هو عميد العلوم الإنسانية العربية، لأن بحثه في الشعر الجاهلي، هو مقاربة جديدة للتراث العربي، حينما خرج من دائرة التفكير الدائرية المغلقة وأخرج معه الشعر من دائرة التكرار والحفظ. أي أزال القدسية عنه، لأن التمجيد هو موقف غير علمي، أي هو موقف الضعيف، الذي لا يريد أن يجدد أو يتجدد، ما أشعل النار من حوله، وجعله هدفاً للمحافظين”. طه حسين.. والأدب في الجلسة الثانية تحدث الدكتور شريف الجيار، فتناول في بحث بعنوان “شعرية النص الروائي عند طه حسين- رواية دعاء الكروان نموذجاً”، معتبراً أن الخطاب السّردي لرواية “دعاء الكروان” (1) 1934م، “اقتحم المقموع والمسكوت عنه، في حياة المرأة الريفية في صعيد مصر، وما تعرضت له من صراع حاد مع سلطة الأفكار والقيم والعادات الموروثة السائدة، التي خلّفت القهر والفقر والحرمان والجهل، في ظل سلطة مجتمعية بطريركية قاسية، لم يكن للمرأة دور في بنائها وتكريسها، في فترة الأربعينيات؛ وهو ما انتقل به السّياق الروائي من هامش الواقع، إلى متن النص ومركزيته؛ عبر سياق ينتمي للواقعية الفنية، ذات الصبغة الاجتماعية النفسية، وهو ما يطرحه “هنري جيمس” في قوله: “... إن المبرر الوحيد لوجود الرواية هو أنها تحاول بالفعل تصوير الحياة..” وعلى هذا تأتي واقعية طه حسين في مرحلة وسطى، بين “زينب” محمد حسين هيكل 1914م، وواقعية نجيب محفوظ في “القاهرة الجديدة” 5194م”. أما الدكتور حسين حمودة فكانت محاضرته بعنوان “أمثولات طه حسين” فلاحظ أنه في كتابه “جنة الحيوان” احتفى بتقديم “أمثولات” تسعى، لطرح رؤى وتصورات حول شخصيات وقضايا تنتمي إلى فترة محددة، وإلى سياق بعينه، وفي الوقت نفسه تطمح- هذه الأمثولات- إلى أن تكون عابرة للأزمنة وللسياقات. فلاحت النصوص السبعة عشر جميعاً، التي يضمها الكتاب، وكأنها منطوية على المعالم والقسمات المتعارفة لكل (أمثولة– Allegory). وقد شيّد أغلب أمثولاته، في الكتاب، تأسيساً على استدعاءات لافتة للحيوانات والطيور، التي تتداخل بعض صفاتها وملامحها وسلوكاتها مع شخصيات إنسانية، بما يسترجع “وحدة الكائنات” الأولى، لا بتكوينها البدائي الذي لم تكن فيه المسافات قد تكرّست بعد بين الإنسان والحيوان والنبات والحجر، بالتعبير القديم لإرنست فيشر، ولكن بنظرة أخرى تحمل ضمنيا معنى المساءلة والإنكار”. بينما سعى الدكتور معجب العدواني في محاضرته التي حملت عنوان “السرديّ والفكريّ في مشروع طه حسين: مستويات الشّكّ وأبعاده في كتاب الأيّام”، إلى اكتشاف أبرز ملامح الائتلاف في مشروع طه حسين بوصفه ناقدًا مفكرًا، إلى جانب كونه كاتبًا للسّرد، وذلك عبر البحث عن السمات المشتركة في كلا الاتجاهين السّائدين في كتاباته. ولفت العدواني إلى أن البحث اقتصر على كتابي (في الشّعر الجاهلي) و(الأيّام)، “لكونهما مفصلين مهمّين في نشاطه الكتابي، وواسطة عقد إنتاجه الأدبي والفكري، إذ يفعّل المؤلف في هذين الكتابين اللذين يخضعان لثنائية الفكري والسّردي جدلية تتوسل إلى تقديم أفكاره التي خضعت لمنهج الشّكّ ليحولها إلى شكل سرديّ طريف من جانب، وإيصال الفكرة بيسر وفاعلية من جانب آخر”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©