الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يقصدونها للتواصل والتسلية·· وعين اتصالات ساهرة

يقصدونها للتواصل والتسلية·· وعين اتصالات ساهرة
15 مارس 2007 01:05
تحقيق: نورا الظاهري- ومنصور عبد الله مقاهي الإنترنت في الدولة انتشرت إلى حد غير مسبوق، مستفيدة من التقنيات المتطورة التي توفرها مؤسسة ''اتصالات'' من جهة، ولسهولة الحصول على التراخيص من جهة أخرى· يرتادها الناس، لقضاء وقت قد يطول أو يقصر، ولكل منهم فيها مذاهب· فالبعض يتصفح مواقع الدردشة والمنتديات، للتلاقي مع الآخرين اجتماعيا، بينما يمعن البعض الآخر في المواقع الموسيقية، أو التاريخية، أو العلمية، أو التقنية· وقد يقصدها البعض لإرسال رسالة إلكترونية مستعجلة·ربما يرى البعض في مقاهي الإنترنت أنها مضيعة للوقت، وهدر لطاقات الشباب، وقضاء الفراغ فيما لا ينفع، وقد يبالغ البعض الآخر فيعتبرها وسيلة لتدمير القيم، انطلاقا من موقفهم من شبكة الإنترنت عموما··في حين يراها آخرون غير ذلك، وأنها وسيلة من وسائل المعرفة، والتلاقي الاجتماعي، فماذا يقول أصحاب مقاهي الإنترنت، وماذا يقول روادها؟ ولماذا الإقبال على مقاهي الإنترنت ؟ وماهي أهم المواقع التي يزورها الشباب بكثرة ؟ حاورناهم في سياق التحقيق التالي : البير متى صاحب مقهى الإنترنت ''سايبر كافيه'' في أبوظبي الذي كان المقهى الإلكتروني الأول، يقول: سايبر كافيه هو أول مقهى إنترنت في أبوظبي، افتتح عام 1996 ودشنه السفير الأميركي آنذاك، ومنذ ذلك العام، وحتى الآن، حافظ المقهى على عدد رواده، رغم المنافسة الشديدة من مقاهي الإنترنت الأخرى· ويضيف: رغم المنافسة أيضا، فقد بقيت التسعيرة هي ذاتها، وهي عشرة دراهم للساعة الواحدة، ولكن المقهى يقدم بالمقابل المشروبات الغازية والعصائر والقهوة مجانا· رواد المقهى هم في غالبيتهم رجال أعمال، وسيدات مجتمع، ومقاولون· تقنياً: يستعمل مقهى سايبر كافيه الخط المؤجر Leased Line بتكلفة شهرية 400 درهم، بغض النظر عن عدد ساعات التشغيل· وفيه قسم خاص للسيدات''· وعن كيفية ضبط المقهى يقول: يخضع رواد سايبر كافيه لمراقبة عملية، ويخضعون لنظام المقهى الذي يقوم على المحافظة على التقاليد والعادات، وعدم المس بالأخلاق والأعراف العامة، وإذا ما حاول أحد الرواد تجاوز ذلك، قام الموظفون بتنبيهه· ويحظر على الرواد أيضا استعمال هاتف الإنترنت مثل جوجل توك، الممنوع من قبل مؤسسة ''اتصالات''· الراحة لكل فرد لافونتانا كافيه، هو ثاني انترنت كافيه في أبوظبي، حيث أطلق في عام 2000 أي بعد وقت قليل من إطلاق سايبر كافيه، يقول صاحبه علي النجار: مفهومي يختلف عن مفهوم سايبر كافيه، فالإنترنت عندنا هي خدمة مكملة لخدمات النادي الذي يضم القسم الرياضي (البلياردو) والمقهى والمطعم، فإذا ما أراد أحد الرواد إرسال رسالة إلكترونية، أو طباعة مستندا ما، كان له ذلك· خدمة الإنترنت وحدها ليست مربحة· ويضيف: في مقهانا تجد الأسر والأفراد راحة نفسية كبيرة، حيث إذا أرادوا تصفح الإنترنت، استطاعوا ذلك أيضا· ولدينا خمسة خطوط اتصال بالإنترنت، وكل خط ب 500 درهم، أما تكلفة استعمال الإنترنت فهي ثمانية دراهم في الساعة· وبالنسبة لضبط الأمور في المقهى، يقول النجار: البعض يسيء فهم الإنترنت، ويتصور أنها لمجرد التسلية والدردشة والدخول إلى مواقع محظورة، واستغلال المعلومات· وفي مقهانا، يتقيد الجميع بشروط التصفح النظيف، كما جاء في تعليمات مؤسسة ''اتصالات'' كما أن هاتف الإنترنت ممنوع أيضا· وفي حديث مع صاحب أحد المقاهي حول جدية الرقابة وحجب المواقع المثيرة عبر قائلاً: لم اتدخل يوما في ماهية ما يتصفحه المتصفح ، فأعتقد أن لكل شخص رقيبا على نفسه، فلا داعي أن امنع أي زبون من مطالعة ما يرغب به، فهذه ليست مهمتي· ملتقى للتعارف رواد مقاهي الإنترنت لهم اهتماماتهم، ومذاهبهم فيما يتصفحون· علي سعيد الشحي، موظف حكومي، وهو مواظب على مقهى سايبر كافيه منذ سبع سنوات، ويقضي فيه يوميا قرابة الثلاث ساعات، ومرتاح للخدمة المقدمة، أما المواقع التي يزورها على الإنترنت فهي: المنتديات العربية حيث يتناقش مع الآخرين في مجالات الكمبيوتر والبرمجيات، وساحات الحوار· أما كلير أوردونا، سكرتيرة في شركة استثمار في مدينة مصفح، فهي تقضي قرابة الثلاث ساعات على الأقل أسبوعيا، وتقول: مواقعي المفضلة هي الموسيقى القديمة، والتاريخ، ويمثل موقع ''ناشيونال جيوغرافيك'' أهم المواقع التي أرتادها· الخصوصية من أولوياتنا وفي المقابل أكد صالح الشيباني، طالب، وأحد مرتادي مقاهي الإنترنت ، قائلاً: وصل معدل زيارتي لمراكز الإنترنت من ساعة الى ساعة ونصف الساعة يوميا، وأحب أن أدخل إلى مواقع الرياضة والدردشة، وذلك خلافاً لما يراه البعض من أن للشات تأثيرا سلبيا، إلا أنني اعتقد أن تأثيره يعتمد على المستخدم ولا يمكن أن أكون مشدوداً إليه بشكل لا أستطيع ان افارقه· ولم يختلف الشاب متعب سعيد عن بقية مرتادي المقاه كثيراً، فقال : أرى أن مقاهي الإنترنت هي المكان الممتع التي يتسنى للشباب أن ينسى همومه والبحث عن الخصوصية· أحضر هنا للدردشة في الدرجة الأولى للتعرف على أصدقاء جدد لهم نفس اهتمامي، بحيث أستطيع بكل حرية أن أقول وأتحدث دون أي خوف يذكر، وبعيدا عن التقيد الذي أجده في البيت· أما بالنسبة للمواقع التي ازورها بشكل يومي فهي المواقع الثقافية والمواقع الخاصة بالأغاني العربية، والألعاب، والتقي بعدد من أصدقائي بحثاً عن التسلية حيث أقضي ما يقارب الساعتين وأكثر· ومن جانبه تحدث فيصل الظاهري، موظف حكومي، قائلاً: إن ما نراه اليوم من كثرة مراكز الإنترنت لأمر مريب· صحيحُ أنني من مرتادي هذه المقاهي، ولكن ليس بشكل مستمر، وإنما على فترات متقطعة، وأعرف الكثير من الأشخاص الذين يجلسون من بعد العشاء إلى الصباح، فهل من المعقول أن يكونوا كل هذا الوقت، يبحرون في ما يفيد ؟ لا أعتقد ذلك، أما بالنسبة للمواقع التي أزورها فهي : المنتديات الثقافية، وأسواق الأسهم، والشعر، والرياضة، وغيرها من المواقع، وأرى أنه لابد من وجود رقابة على بعض المواقع، لأن غالبية مرتادي هذه المقاهي هم من المراهقين، بحيث يقضون معظم وقتهم في التجوال من موقع إلى آخر، مما يؤثر على سلوكياتهم وتصرفاتهم· راحة نفسية؟! وفي المقابل أكدت سحر راغب، طالبة، عن رأيها قائلة: إن المميزات الموجودة في المقاهي تجعل من المقهى أكثر من مجرد محل يقدم خدمة الإنترنت فقط، بل خدمات أخرى مثل: وجود الأجهزة الحديثة والإشتراكات المخفضة، كذلك الوجبات المقدمة مما تجبر المرتاد أن يستمر على مقعده لأوقات طويلة· ومن جانب آخر، تمكن المقاهي الفرد من التمتع بالخصوصية الكاملة، والراحة النفسية، أما بالنسبة إلى أكثر المواقع التي أقوم بزيارتها فهي : جوجل، والهوت الميل، والمواقع النسائية المختصة بالصحة والجمال وعروض الأزياء بالإضافة إلى مواقع الأغاني العربية والأجنبية· تنافس لتقديم الأفضل ومن جانبها تحدثت نادين عمر، طالبة، عن رأيها قائلة: إن أكثر ما يجذبني في المقاهي أنها مزدانة بالديكورات القاتمة، والأنوار الخافتة، وتجهيز المكان كأحسن ما يكون بحيث لا يطلع أحد على ما يتصفحه الجالس بجواره، ولا يدري أحد ماذا يفعل الآخر، بالإضافة إلى الخدمات المميزة، والمعاملة الجيدة التي أتلقاها من موظفي المقهى الذي أزوره بشكل مستمر، بحيث أقضي ما يقارب الساعتين وأكثر، أما بالنسبة للمواقع التي أزورها فهي: ( الشات ) ، والمنتديات النقاشية، ومواقع الديكور والتصميم، والتجميل والصحة، وغيرها من المواقع الخاصة بالنساء· وحول إقبال الشباب على هذه المقاهي والأمور التي تنعكس عليهم سلباً أو إيجاباً حاورنا الدكتور موسى الشلال ( جامعة الإمارات- قسم علم الاجتماع) : مقاهي الإنترنت هي إفراز طبيعي للتطور التقني العالمي· والحاسب الآلي بكل استخداماته ما هو إلا آلية من آليات العولمة· ومقاهي الإنترنيت، إن جاز استخدام هذا التعبير الذي يكاد أن يكون قد أجمع عليه عالمياً، تعد ظاهرة دولية تضافرت عوامل كثيرة في خلقها وانتشارها· والمعروف أن المجتمعات الإنسانية في تطورها الدائم والمستمر تفرز ظواهر بعينها تواكب كل مرحلة من مراحل تطور هذه المجتمعات· كان ''سوق عكاظ'' وبقية الأسواق العربية في أيام الجاهلية إفراز طبيعي حتمت ظروف المجتمع الجاهلي ظهوره، كما أن المقاهي العربية الشهيرة في كل من بغداد ودمشق والقاهرة وجدة إلا أسواقاً مثل عكاظ مثلاً لظواهر اجتماعية لزمانها· يضج الناس الآن ويصرخون من مقاهي الإنترنيت هذه· وقد يكون هذا الحذر والتوجس طبيعياً لعدم فهم أغوار هذه المقاهي· ولكن تبقى الحقيقة أنها ظاهرة لها ايجابياتها كما لها سلبياتها· ويؤم هذه المقاهي شريحة الشباب في الغالب، وإن كان لا تقتصر عليهم فقط· فقد عرف أن الشباب هم العامل الفعال في كل التحولات والتغيرات في المجتمعات الإنسانية· وأصبحت هذه المقاهي ملجأ لكثير من شبابنا الذين يعانون من ضغوط محلية وعالمية كثيرة· وأصبحت متنفسا للكثير منهم· ومن أشهر إنتاج هذه المقاهي في عالمنا العربي كتاب ''بنات الرياض'' الذي ألفته وقامت بجمع معلوماته من هذه المقاهي فتاة عربية· ويتحدث الكتاب بلسان فتيات عربيات في إحدى البلدان العربية المحافظة بصورة لم يسبق لها مثيل مما حدا بتلك الدولة أن تمنع دخول ذلك الكتاب لأراضيها· وتمتاز هذه المقاهي بأن أصحابها معروفون وغير محددين· فيمكن للمشتركين استخدام أي من المسميات للتعامل بها مع الآخرين دون الإفصاح عن هويتهم الحقيقية· ويعطيهم هذا الوضع أن يقولوا ما يريدون دون خوف من أحد ويصرحون بأشياء قد لا يستطيع أن يقولوها علناً في أماكن أخرى يكونون معروفين فيها· أصبحت هذه المقاهي بهذه الصفة جاذبة لأعداد كبيرة لا تحصى ولا تعد وعلى مستوى الكرة الأرضية· واختلطت في هذه المقاهي الثقافات العالمية المختلفة ويبادل فيها أصحابها قيما وعادات كثيرة لم يطلعوا عليها قبل ذلك وقد تكون قد زادت وأثرت من معارفهم عن ثقافات الآخرين· وتضيف هذه المقاهي أيضاً هي كم هائل من فرص التعارف بين الجنسين في كل بقاع العالم· وقد ذابت مع هذه المقاهي كل الحدود والأعراف الدولية· وأيضاً أصبحت ملجأ لتبادل الأفكار والبحوث والمعرفة الإنسانية بشتى أنواعها· وتعتبر هذه المقاهي خاصة الجاد منها ساعداً مهما للكثيرين الذين لا يجدون آذانا صاغية لمشاكلهم وقضاياهم الشخصية الملحة· وتصبح مقاهي الإنترنت مثلها مثل أي ظاهرة اجتماعية أخرى لها حسناتها ولها سيئاتها· وقد أصبحت هذه المقاهي الآن تستغل من قبل ذوي النفوس المريضة والمتاجرين بالقيم أن يجعلوا منها معرضاً للمفاسد وتحطيم القيم الإنسانية السمحة· ووقع الكثير من الشباب الطامح للمعرفة والانفتاح في هذه المصيدة، وأصبحوا ضحايا لهذه العولمة وآلياتها· وكما يقول المثل العربي ''ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع''، فإن لهذه المقاهي زمان تبرد فيها جمراتها وينفض سامرها بشكل أو بآخر أو تتحول إلى شيء آخر قد يكون أكثر ايجابيا· وتذكرني هذه الظاهرة بظاهرة ''الهيبز'' التي اجتاحت العالم في الستينيات· وتكمن الخطورة الآن أن التقنية في الستينيات لم تكن كما هي عليه اليوم· وأخيراً من خلال جولتنا في عالم مقاهي الإنترنت نرى أنه مكان مفيد وصالح، ويهدف إلى تثقيف الشباب وتوعيتهم، من خلال استخدام الإنترنت في المكان المناسب والوقت المناسب· وتتنوع الفائدة في شتى المجالات الحياتية· نرى أن لبعض رواد مقاهي الإنترنت أمزجة متعددة، وآراء متنوعة، لكنهم في الغالب من جيل يحرص على الإنترنت باعتباره دليله وبوصلته إلى العصر الذي بات الشباب يعرفون أنه عصر المعلومات الذي جعل العالم قرية صغيرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©