عالم رقمي·· جداً التكنولوجيا لمن لا يحتاجها

أقامت إحدى الشركات العملاقة في صناعة تكنولوجيا المعلومات عرضاً لأحدث منتجاتها في أحد الفنادق الكبرى في الإمارات وقد تولى العرض مجموعة من الخبراء، و قبل بدء العرض التقيت بأحد الزملاء وتبادلنا الأحاديث وكان زميلي يمسك بهاتفين متحركين يتكلم بأحدهما ثم يعبث بالآخر، وعندما لاحظ زميلي عدم اكتراثي لهاتفيه المتحركين، قال لي هل تعلم أن خدمة Push Mail التي قدمتها مؤسسة اتصالات هي خدمة ممتازة وأنا الآن أتلقى أي رسالة تصل إلى بريدي الإلكتروني على هذا الهاتف المتحرك فوراً، وهنا قلت لزميلي ولكن ما حاجتك إليها، فأجابني إنها خدمة جميلة! وزميلي هذا ليس مسؤولاً مهماً في أي دولة وليس مديراً لشركة ممن يحتاجون إلى معلومات على مدار الساعة، إنه ببساطة موظف في إحدى الشركات والتي تمتلك وفرة من المال والتي تحرص على إبقاء موظفيها في حالة من الرفاهية التكنولوجية وفي نهاية العام تضاف نفقات هذه الرفاهية إلى الميزانية وتقدم للمستثمرين على أنها نفقات إدارية! المشكلة أننا نعيش في مجتمعات استهلاكية وغير منتجة، وتسيطر على أفرادها فكرة الموضة في كل شيء بدءاً من الملابس مروراً بالطعام وانتهاءً بالتكنولوجيا، وهذا يعني أننا نخسر الكثير من المال في اقتناء منتجات لا نحتاجها وفي المقابل لو نظرنا إلى مجتمعات متقدمة تقنياً وحضارياً مثل أميركا وأوروبا لوجدنا أن معظم الأفراد مازالوا يستخدمون الهواتف المتحركة القديمة التي يصل طولها إلى خمسة عشر سنتمتراً وربما أطول· وأعود إلى زميلي الذي ظل يلهو بهواتفه المتحركة أثناء العرض وبعد حوالي ساعة قال لي، اسمع أنا أشعر بالملل من هذا العرض وسأغادر ! معتصم زكار moutasem@alwarraq.com