السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تحية العَلم» تعزز قيمة الولاء والانتماء وتعلي شأن الوطن

«تحية العَلم» تعزز قيمة الولاء والانتماء وتعلي شأن الوطن
5 نوفمبر 2013 20:17
اغرورقت عيناه بالدموع وهو يقف في الطابور الصباحي، يردد كلمات النشيد الوطني التي يقشعر لها القلب قبل البدن، وبكل حماس ردد إلى جانب باقي الطلاب «نموت لتحيا دولة الإمارات العربية المتحدة»، فيض من المشاعر، تغسل النفوس وتثير الحماس وتعلى الطاقة الإيجابية، وتؤسس الأجيال على مفاهيم تعزز معنى الولاء والانتماء لوطن أعطى ويعطى الكثير لأبنائه الذين يقسمون على الوفاء لذرات ترابه والتضحية بالدم والروح. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - يقف أحمد الجابري إلى جانب جموع الطلاب في مدرسته صباحاً لتحية العلم وترديد النشيد الوطني لتكون وجبتهم الصباحية الروحية التي يتعاهدون أثناءها على الوفاء للوطن، ويتعلمون قيم النظام والانضباط، لتعلي لديهم حس الانتماء الذي ينعكس مستقبلا على عطائهم، ولا ينحصر مردود النشيد الوطني على الفئات العمرية الكبيرة فحسب، بل يشمل طلاب مراحل رياض الأطفال، وذلك لبث روح الانتماء والولاء للوطن من خلال كلمات تبث الحماس وتشعل النفس مشاعر وحماسا. ترسيخ الهوية الوطنية ووفق المختصين والتربويين فإن تحية العلم والنشيد الوطني له معانٍ كبيرة جدا في غرس قيم الانتماء الذي يؤدي بدوره إلى الدافعية القوية لخدمة الوطن، كما أن الانتماء الإيجابي للوطن يحقق تطويرا ذاتيا، ويخلق شخصا متزنا قويا مع ذاته ومع من حوله. هذا ما تجيب عليه الدكتورة علياء إبراهيم محمود، استشاري أسري وخبير التنمية البشرية، والتي تقول إن الانتماء للوطن هو الجسر الذي يجب أن نعبر عليه لترسيخ الهوية الوطنية، وهو قيمة أعمق بكثير من لحظات فقط، تنهمر فيها الدموع، بل إن سماع النشيد الوطني وتحية العلم يعززان هذا المفهوم، وتنادي علياء إبراهيم، بضرورة التربية على قيمة الانتماء من خلال المدرسة والأسرة، وتضيف: «يبقى الانتماء إلى الوطن هو الحصن المنيع الذي يجعل الإنسان يقف على أرض صلبة، بحيث نولد ولدينا بالفطرة غريزة الانتماء، فالطفل لديه انتماء فطري لأمه، والإنسان منذ بدء الخليقة كان انتماؤه الحقيقي إلى ذاته، ومن أجل ذاته سعى إلى المحافظة على هذه الذات، فظهرت الاختراعات، ونشأت الحضارات وتطورت المجتمعات، ومع هذا التطور تعددت انتماءات الإنسان فامتد انتماؤه خارج دائرة ذاته إلى أسرته وقبيلته وعشيرته، وتنوعت الانتماءات الدينية والسياسية والمهنية وغيرها بين العديد من الانتماءات التي تمثل جزءا من هوية الإنسان، ليظل ثابتاً عليها مهما كانت المتغيرات، والوطن بكل مفرداته المكان والزمان والثقافة والموروثات والعادات والتقاليد واللغة والدين، يرسخ للهوية الوطنية، التي كانت ولا تزال السبيل الأمثل لتقدم المجتمعات وبناء الحضارات، فالانتماء إلى الوطن يوجد نوعاً من الالتزام الأخلاقي تجاه الوطن، ويساهم في تطوير أداء الفرد في كل المجالات من أجل مصلحة هذا الوطن، فالإخلاص في العمل والمحافظة على موارده، والاقتداء برموزه التاريخية، والحرص على العادات والتقاليد الإيجابية، بل كل خطوة يخطوها الإنسان من أجل رفعة وطنه والإعلاء من شأنه، كل هذا يساهم في تجسيد قيمة الانتماء، وتحولها من مجرد معنى مطلق أو شعار رنان، إلى سلوك محسوس وملموس له آثاره الإيجابية. نموت لتحيا الإمارات وتوضح علياء إبراهيم أن الانتماء كونه فطرياً ومكتسباً، فهذا يعني أنه لابد من أن يبث في نفوس الأطفال من خلال التنشئة، وتؤكد: يقع العبء الأكبر في ترسيخ هذه القيمة على المحضن الأول للطفل، وهو الأسرة التي يجب أن تبث هذه القيمة تدريجياً، وأن يكون الأب والأم قدوة لأبنائهم في ممارسة هذه القيمة، وأن يعي هذا الجيل من الآباء والأمهات وذلك بالحديث عن قيمة تحية العلم، وكيف يجب أن يكون منضبطا وملتزما بالوقت والنظام، وإذا انتقلنا إلى المؤسسة الرسمية المسؤولة عن استكمال دور الأسرة، وهي المدرسة، فالمناهج لابد أن تسهم في ترسيخ قيمة الانتماء لبيئة الوطن ورموزه ولغته وثقافته، بدلاً من أن توجه انتماء الطفل، وتبهره بالثقافات الغربية، بالإضافة إلى أن أداء المؤسسة المدرسية، كما أن بيئة المدرسة يجب أن تنقل هذه القيمة من خلال تحية العلم والنشيد الوطني وشرح هذا المفردات والحروف التي يجب أن تغرس في نفوس الطفل حب الوطن، مما ينعكس على شخصية الطفل نفسه في عطائه واجتهاده لرد الجميل للدولة، والانتماء والحب، كما أن تحية العلم لها مرود مستقبلي كبير، فهي تتمثل في الدفاع عن الدولة وتمثيلها أحسن تمثيل في جميع المواقف والظروف والدفاع عنها حد الموت كما تحمل كلمات تحية العلم: «نموت لتحيا الإمارات». النظام والانضباط من جانبها، تقول إيمان صديق استشارية تربوية للمعلمين وأولياء الأمور وخبيرة تدريب أولياء الأمور، إن تحية العلم تبث في نفوس الطلاب التشجيع وتؤسسهم على مفاهيم القيم، وتنعكس على الأجيال القادمة بشكل جلي في العمل بجد واجتهاد للحصول على أفضل المراكز لخدمة الدولة وتمثيلها أفضل تمثيل، إلى ذلك تضيف: «من أكثر القيم التي ننادي بها ونحث عليها هو ضرورة الالتزام وخلق نموذج يقتدى به أثناء حضور الطابور الصباحي وأثناء تحية العلم، لأن الطالب مراقب ويلاحظ كل التفاصيل الدقيقة، فإذا كان المعلم غير جدي أو غير ملتزم بالحضور، فإن الطالب تنتقل له هذه العدوى، بينما إذا لاحظ حباً وقوة في عيون المدرس فإنه يتأثر أيضا، وتضيف: كان مفهوم التعليم قبل فترة يشمل شقين: التربية والتعليم» حيث إن المعلم مربي ومعلم في وقت واحد، أما اليوم فتواجهنا مشكلة مع المعلمين وأولياء الأمور أيضا، فالمعلم يركز على التعليم فقط، بينما أولياء الأمور يعتقدون أن الطفل ستتولى تربيته المدرسة وبالتالي لا يبذل أي جهد في تربيته وتمرير القيم إليه، وغالبا ما بات يشتكي البعض من سلوك أبنائهم بأنهم لا يحترمون الكبير، وكونهم يفتقدون الانتماء الأسري، ويعانون أيضا من أنانية أبنائهم، وفي هذا الإطار فإنني أقول إن عملية رفع العلم في المدرسة هي مرحلة مكملة لما يجب على الآباء بدؤه في البيت، بحيث على الأسرة أن تؤسس لهذا المفهوم وهذه القيمة، فالتواصل والحديث مع الأبناء بكثير من الود والاحترام والعاطفة يعمل على خلق قواسم مشتركة بين الجميع، فالمشاركة جزء مهم في بناء شخصية الطفل، فكل ما يتعود عليه الطفل في البيت ينعكس على تصرفاته داخل المدرسة، التي بدورها يجب أن تعزز هذا السلوك، فالمعلم يكمل دور الأم والأب الذين تقع عليهما مسؤولية خلق جو تفاعلي في البيت يتقاسم فيه الجميع حب الوطن، ويتم الحديث عن ذلك وعن كل القضايا الأخرى بدل الانكفاء كل في مكان مقتصراً على التواصل من خلال الهاتف النقال أو الإنترنت». عهد ووفاء وتشدد إيمان صديق على ضرورة الالتزام بالطابور الصباحي والنشيد الوطني وتحية العلم لما له من انعكاس إيجابي على حياة الطفل مستقبلا، فالموضوع له شقان: شق يهم إدارة المدرسة وشق آخر يخص الآباء، بحيث يزرع ذلك النظام ويعلم الالتزام، وكل مدرسة لها نظام خاص بتحية العلم وتوقيتها، لكن تتوحد كلها في بث حب الوطن، وترديد كلماتها التي يجب أن تكون بمثابة عهد ووفاء، ومن هنا أقول إن المدرس يجب أن يكون نموذجا في الاحترام والاستقامة والحضور أثناء تأدية تحية العلم، أما الأهالي فعليهم زرع هذه البذرة في نفس الطفل ورعايتها والحديث عنها بكل حب، بحيث إذا كان الأب مؤمنا بقيمة تحية العلم فإنه ينقل حبه لطفله ويعلمه الالتزام، ويتجلى ذلك في إحضار الطالب بكل أناقة في الوقت المناسب، ويعلمه أن هذا الوقت مقدس، فالانتماء ممارسة وسلوك». الانتماء لا يؤجل وتضيف الخبيرة التربوية للمعلمين وأولياء الأمور، أن مفهوم كلمة انتماء هو ممارسة يومية، يجب زرعها وريها بماء الحب، وهذا لن يحدث إلا بتعاون شقي العملية التربوية وهي المعلم وولي الأمر، فالانتماء يساعد الطفل على الشعور بالاستقرار والأمان، ويعلمه العطاء بلا حدود، وهو قيمة لا يمكن تأجيلها، وهذا الحديد موجه لبعض المقيمين في الدولة الذين يفهمون أطفالهم أن هذا الانتماء وقتي، فالانتماء ليس مصلحي لأن ذلك يعود على الطفل بسلبيات كبيرة، ونراه يكبر من دون جذور ويصبح مهزوزا، لأن الانتماء له مفهوم الاستقرار، والتكيف مع البيئة بشكل إيجابي والانتماء لا يؤجل لذا يجب تأسيس الأطفال وتزويدهم بجرعات كبيرة من حب الوطن ليتبلور وينعكس ذلك على شخصياتهم مستقبلا، فضلا عن تشكيلها علاقة إيجابية بين الفرد ومجتمعه. «غالي يا وطن» ترى عفاف راضي، مديرة مرحلة رياض الأطفال بمدرسة الظبيانية الخاصة، مؤسسة التنمية الأسرية، أن لتحية العلم والمشاركة في الطابور الصباحي قيمة كبيرة وضرورة وجدانية لا غني للطلبة عنها ويجب أن يساهم فيها الطلاب الصغار أيضا من مراحل رياض الأطفال، لما لذلك من مردود عالٍ على نفسية الصغار وزرع بذرة حب الوطن ومفاهيم النشيد الوطني وقيمتها. وتوضح أن البناء لا يأتي من فوق، بل من الأساس، وتوضح أن طلاب مراحل رياض الأطفال يتعلمون من خلال ذلك النظام، وقيمة الالتزام بالوقت ويغرس الروح الوطنية لديهم، وتضيف: كما أن كلمات النشيد الوطني تجيب على تساؤلاتهم المعرفية والوجدانية، بحيث يعرفون الوطن الذي ينتمون إليه، وتزرع فيهم الحماس، كما أن النشيد الوطني فيه قوة، بحيث يردد الجميع في وقت واحد كلماته، بينما يتقدمهم طالب في تحية العلم ويردد كلمات، بينما يرد خلفه الطلاب مناصفة جملا تبث الحماس في الجميع. وعن مبادرة «رفع العلم» في المدرسة والفعاليات التي تصاحبها بمدرسة الظبيانية، تشير عفاف راضي إلى أنه سيشارك فيها أكثر من 1500 طالب، مؤكدة أن معانيها كبيرة وترمز للقوة، بحيث سيتزامن رفع العلم في جميع الهيئات والمؤسسات والدوائر الحكومية والمدارس، وتصاحب هذه المبادرة العديد من الفعاليات منها خياطة العلم، ووضع بصمة للعلم، كما تطلق المدرسة فعالية تستمر أكثر من شهر تحت عنوان «غالي يا وطن». «العَلم الإماراتي» وعمق الولاء والانتماء تقول الدكتورة نعمية خوري حرم السفير الإماراتي في سلطنة عمان «العَلم الإماراتي».. ليس مجرد قطعة قماش مزركشة الألوان وإنما مجموعة القيم التي تتصدرها قيمة الوحدة الوطنية والمتمثلة في هذا العلم الذي يعكس اتحاد سبع إمارات تحت مظلة دولة وقيادة واحدة، الأمر الذي من شأنه تعزيز أواصر الولاء والانتماء بين صفوف أفراد المجتمع.. لذلك فإن الاهتمام بإعلاء قيمة هذا العَلَم من شأنه بناء مقومات المواطنة الصالحة وتعزيز ولاء المواطنين والمقيمين كذلك للمرتكزات التي قام عليها اتحاد الدولة إلى جانب تعزيز الانفتاح الحضاري وترسيخ مفهوم التعايش السلمي مع مختلف الجنسيات والأعراق، وهنا يجب أن نثمن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي أطلقها كتغريدة على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وجاء فيها: «نريد علمنا خفاقا على مبانينا ومرافقنا ومؤسساتنا.. فيه قوة وطاقة وحركة تغير الزمن وتصنع الإنجاز»، حيث يتم الاحتفال في الثالث من نوفمبر بيوم العَلَم، واعتبارها مناسبة وطنية سنوية يحتفل بها الإماراتيون تزامناً مع يوم تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم. وتضيف خوري، أن تخصيص يوم للاحتفال بيوم العلم الإماراتي من شأنه أن يعرف الأجيال الجديدة بفاصل مهم من تاريخ أمتنا المجيد، ويذكرهم بيوم توحدت فيه بلادنا تحت عَلم واحد وقيادة واحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©