الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سينما العيد ترضي الجميع وتذهل البعض

سينما العيد ترضي الجميع وتذهل البعض
8 نوفمبر 2011 23:05
شكلت عطلة عيد الأضحى المبارك، كشأن العطلات دوماً، فرصة لإقبال المشاهدين على صالات السينما، خاصة مع النوعيات المميزة من الأفلام التي جرى اختيارها بعناية توافقاً مع المناسبة، باكراً تجمهر الناس أمام دور العرض، وكانت العيون شاخصة باهتمام واضح نحو اللوحات المعلقة الموضحة لنوعية الأعمال المعروضة، وكانت النقاشات حامية بشأن الخيار الأفضل، أما بعد الإنتهاء من العرض فقد بدت علامات الرضا معممة فوق كل الملامح، أو معظمها للدقة، لم يظهر على وجوه المرتادين ما يؤشر إلى ندم أو خيبة أمل، الجميع، على الأرجح، نال مراده من الترفيه الذي يحتاجه وينشده في يوم مماثل. ثمة ما يوحي أن “بوسترات” الأفلام المقترحة كانت تتنظر لحظة المنافسة تلك، وهذا السبب الرئيسي الذي جعلها في أغلبها الأعم موحية مستفزة ومثيرة للتساؤلات أيضاً، الواضح أن صناع الأعمال السينمائية المعروضة، ومنتقي إعلاناتها بالضرورة، يدركون جيداً أهمية جذب الاهتمام وتحريض المزاج في دفع المشاهد نحو اتخاذ قراره، وهم يعرفون كذلك الوسائل الكفيلة بتحقيق أهدافهم، لذلك كان لا بد من التحديق جيداً في وجوه كثيرين من الرواد وهم يتفرسون في الصور الورقية، وفي “الأفيشات” الملونة، وصولاً إلى الملخصات التي تعرضها شاشات صغيرة للأفلام المدرجة على لائحة العرض، التمعن الإستثنائي ذاك يعكس الرغبة المشروعة في إدراك الخيار الأمثل، والخروج من تأثير الحيرة التي تفرضها الوفرة، لكن ليس للأمر، على وجاهته، أن يلغي، أو يحد من صوابية القرارات الحاسمة التي كان قد اتخذها البعض، حيث أقدم هؤلاء على حسم توجهاتهم دون تردد، كانوا يعلمون جيداً ومسبقاً في خانة أي الأفلام سيضعون ثقتهم الترفيهية، لذلك لم يتركوا للأوراق الملونة، المطبوعة بإتقان، والمختارة بعناية، أن تتحكم بأمزجتهم، أو أن تمارس عليهم أي تأثير، مهما كان ضئيلاً. حكاية قرصان بين الأفلام التي اقترحتها الصالات على روادها في عطلة العيد the rum dairy من إخراج بروس روبنسون، وبطولة جوني ديب، صاحب شخصية القبطان جاك سبارو المشهورة في سلسلة أفلام “قراصنة الكاريبي”، وهي سلسلة حازت قبولاً جماهيرياً راسخاً في أجزائها المتعددة، والواضح أنه كان يكفي وجود جوني ديب المتميز بتأدية الأدوار الغريبة، حتى يؤمن للفيلم استقطاباً مميزاً، ويكون الإقبال على مشاهدته مسألة بديهية وحتمية بالنسبة لمن يعرف مكانة الرجل. يروي الفيلم حكاية الصحفي الأميركي بول ديمب، الذي يلعب دوره جوني ديب، وهو يقرر فجأة أن الحياة في مدينة نيويورك، وفي الولايات المتحدة عامة، لم تعد تلائمه بسبب حكم الرئيس آيزنهاور، مدفوعاً بالشعور بالملل يأخذ بول قراره بالسفر إلى بورتوريكو، حيث يقع في غرام إحدى النساء، ويتحول مدمناً على الخمر، لتسير الأحداث في مناخات متناوبة بين الكوميديا والرومانسية، ويتخللها الكثير من المواقف التراجيدية أيضاً، وهي مواقف أجاد ديب التوافق معها على تباينها. كائنات البحر ومن الأعمال المعروضة أيضاً فيلم dolphin tale” إخراج شارل مارتن سميث، وهو بدا مألوفاً بالنسبة للعديد من قاصدي الصالات في يوم العيد، لعل غرابة قصته هي التي جعلته متداولاً، ذلك أنه يتحدث عن صداقة حقيقية تنشأ بين دولفين وبين أحد الصبية، وهي تمعن في التوطد مع تعرض الحيوان البحري لحادث يؤدي إلى قطع ذنبه، مواقف مثيرة للاهتمام، وبراعة تصويرية يصعب تجاوزها ألقت بظلالها على الفيلم، الذي حظي بنسبة إقبال مميزة. محمد سعد عائداً وكان للأفلام العربية نصيب أيضاً من كعكة العطلة، فقد حصل فيلم “تاك تاك بوم” إخراج أشرف فايق، بطولة الكوميديان المحبوب محمد سعد، على حضور لا يمكن إغفاله، بدا كما لو أن جمهور سعد كان متشوقاً لرؤيته بعد فترة غياب ملحوظة، والواضح كذلك أن الكوميدي صاحب الشخصية المميزة قد أحسن اختيار العمل الذي يعيده إلى الضوء بعد فترة من الإنحسار، سمحت لبعض سييء النية بالإفتراض أن سعد قد استنزف طاقاته. الفيلم يقارب التطورات التي شهدتها الساحة المصرية مؤخراً، وهو أمر يبدو حتمياً في المرحلة الراهنة، حيث يصعب على عمل سينمائي حديث الإنتاج أن يتغاضى عن حدث مفصلي بهذه الأهمية، سيكون أحد العوامل الحاسمة في رسم المستقبل المصري والعربي. لكن الجديد في “تاك تاك بوم” هو اعتماده أسلوباً كوميدياً في التعامل مع طورات اتسمت بجدية بالغة، حيث يملك تيكا “محمد سعد” محلاً مخصصاً لبيع لعب الأطفال، الأمر الذي يحتم عليه ضرورة التمتع بشخصية فكاهية تجعله قريباً من قلوبهم، لكن المستجدات فرضت عليه فجأة أن يقوم بمهام لم يكن يتوقعها، حيث أدى اندلاع الثورة المصرية إلى رواج ظاهرة من اصطلح على تسميتهم بالشبيحة الذين رأوا في المناسبة فرصة لترويع الآمنين، فكان على تيكا أن يتخلى عن جزء من طبيعته الطفولية لينخرط في مهمة تستدعي الكثير من الاحترافية الرصينة، حيث تولى تنظيم لجنة شعبية في الحي تقوم بمهام ردع العابثين بسلامة الناس وأرزاقهم.. مفارقات متقنة انطوى عليها الفيلم، ولم يقصر في توجيه الرسائل ذات المضامين الهادفة. أبعد من الكوميديا الباحثون عن نوعية من الأفلام ذات الإيحاء الاجتماعي وجدوا ضالتهم في فيلم “help” أي “المساعدة” وهو من إخراج تايت تايلور، بطولة كل من ايما ستون، فيولا دايفيز، وأوكتافيا سبنسر. يتناول الفيلم قضية التمييز العنصري في الولايات المتحدة، من خلال صداقة تتعمق بين صحفية بيضاء وبين خادمتين من السود، يطلعانها على الصعوبات التي تعترضهما إبان عملهما في منزل مخدومهما، تتعاطف الصحفية مع صديقتيها، وعندما تتنبه إلى أن المسألة لا تقتصر عليهما فقط، وإنما هي تطال شريحة كبيرة من المتحدرين من أصل إفريقي، تقرر إنجاز كتاب يتناول هذه العلاقة الملتبسة، ويناقش مشروعية أن يتعرض المرء للنبذ والإهانة لمجرد أنه لا ينتمي من خلال لونه الذي ولد به، ولم يكن له بالتالي قرار في اختياره، إلى المجموعة المهيمنة، صاحبة السلطة والقرار. بالرغم من مقاربة الفيلم لقضية على قدر من التجهم، إلا أن أحداثه تسير في خطوط متوازية، حيث تكون الفرصة متاحة للكوميديا البيضاء، التي تستجد مباغتة من حيث لا يتوقعها أحد، وللمشاعر العاطفية النقية، إضافة إلى قدر لا يستهان به من العبث الذي يلجأ إليه البعض عندما يستشعر العجز عن مواجهة واقعه. مغامرات سيبلبرج مخرج المغامرات والخيال العلمي ستيفن سبيبلرج كان حاضراً في سينما العيد من خلاله فيلمه الجديد “مغامرات تان تان” والأحداث مستوحاة من مجموعة قصصية فرنسية للأطفال صدرت منها أجزاء عديدة في وقت سابق، وهي تدور حول شاب يمكن توصيف بعض تصرفاته بالطيش في حالات معينة، لكن متابعة دقيقة لسلوكياته تكشف عن جوانب مثيرة للاهتمام، فهو يحرص على تضمين أعماله قدراً من الهادفية والرؤية البعيدة المدى، التي لا يمكن الحكم عليها اعتماداً على ذهنية الآفاق الضيقة.. الفيلم، كشأن أعمال سيبلبرغ دوماً، زاخراً بالمواقف الغرائبية التي لا يمكن تصديقها، لكنها تغوي بذلك، وتحرض على قدر من التواطؤ وإغفال الحقائق المألوفة سعياً وراء عالم مواز أكثر قدرة على بعث الدهشة في النفوس. آراء المشاهدين الحديث مع شخص غادر لتوه صالة السينما يحتاج إلى بعض التروي: إذ أنه يكون غالباً في مرحلة تجميع الأفكار والاستنتاجات التي عرضت عليه، وهو كذلك يحاول إستعادة الأحداث الأساسية التي عنت له أكثر من سواها، هكذا استمهلنا ناجي بسام بعض الوقت قبل أن يجيب عن سؤالنا حول رأيه في فيلم the rum dairy “في مذكرات الروم” الذي انتهى من مشاهدته. بعد فترة من تجميع الأفكار قال ناجي: أنا متابع دؤوب لجوني ديب، أتبعه حيث يذهب، شاهدت أفلام قراصنة الكاريبي لمرات عديدة، أشعر أن هذا الرجل مميز في أدائه، هو ينسيك أنه ممثل، ويجبرك على التعاطي معه بوصفه حقيقة واقعة، بالرغم من غرابة الأطوار التي تعكسها شخصياته.. أما الفيلم الحالي فهو لا يشذ عن القاعدة التي اختطها جوني، وإن كان أقل بذخاً على صعيد الحركات الجسدية، حيث عودنا على براعة جسدية توازي آداءه التمثيلي وتتفوق عليه أحياناً، ونرجو أن لا يكون قد تراجع عن ذلك بفعل عامل العمر. عودة الضاحك بدوره، يقول يونس صلاح إنه مرتاح لعودة نجم الكوميدي محمد سعد، ذلك أنه ينسجم مع أعماله، ويراها جديرة بالمتابعة، ويضيف موضحاً: طبعاً هناك الكثير من الأسماء الكوميدية الكبيرة على الساحة المصرية، الزعيم عادل إمام في المقدمة دوماً، وآخرون مثل محمد هنيدي وسواه، جميعهم متمكنون من فن التمثيل الضاحك، وهو أصعب الفنون، لكن لمحمد سعد نكهته الخاصة، فهو لا يشبه أحدا كما لا يشبهه الآخرون، أما الجديد الذي أضافه لنا فيلمه الأخير فهو قدرته على إجادة الأدوار الدرامية بالبراعة نفسها التي يؤدي من خلالها المواقف الكوميدية، وذلك دليل واضح على موهبة حقيقية يمتلكها هذا الفنان. صغار ولكن.. أما لبنى جمعة، فهي توضح منذ اللحظة الأولى أن فيلم الدولفين ليس خيارها، لكنه قرار ولديها اللذين سمعا به من رفاقهما في المدرسة، وهي لو ترك الأمر لها، لكانت أميل إلى مشاهدة فيلم “help” لأنها أميل إلى الأعمال الاجتماعية التي تقارب قضية ذات طابع إنساني.. لكن لبنى لا تبدي أسفاً على خضوعها لقرار الأولاد، بل هي تؤكد آنها استمتعت بما شاهدته من إبداع تصويري محترف، ومن مناظر طبيعية آخاذة، حيث السينما هي عين بالأساس، وليست مجرد أذن تسمع. إلى ذلك يوضح علي شرف “طالب ثانوي”، أنه مأخوذ بفيلم “مغامرات تان تان” الذي كان ينتظره منذ أن قرأ عنه على أحد المواقع الإلكترونية قبل حوالي الشهرين. ويؤكد شرف أنه على استعداد لمشاهدة الفيلم مجدداً، إذا أتيحت له الفرصة، أما في تعليل ذلك، فهو يتوقف ملياً، ويفكر في الأمر، قبل أن يشرح: المسألة هنا لا تتعلق بالنتيجة التي ستؤول إليها الأحداث، فأنت قد تكون تعوف الخاتمة، لكنك ستظل مشدوداً إلى روعة المشاهد، وإلى تسارع الأحداث بما يفوق قدرتك على المتابعة، كما ستستمتع مطولاً بالحلول الذكية التي يبتكرها تان تان لمواجهة ما يعترض سبيله من صعوبات. «الأكشن» أيضاً يحضر أيضاً لم تغب أفلام «الأكشن» عن سينما العيد، فأطل الثنائي إدي مورفي وبين ستيلر في فيلم towerhiest “برج سرقة” ليخوضا مغامرة لا تعوزها الجرأة، ومتانة الإخراج الذي تولاه بريت رانتر. كان الصديقان يحاولان إتمام صفقة تجارية مشروعة عندما قادتهما الظروف نحو أحد رجال الأعمال الذي يمارس النصب المهذب، حيث يحتمي خلف مظهره الأنيق، وتعابيره المنمقة، وكياسة السلوك الراقي، ليوقع بضحاياه من المبتدئين في عالم الأعمال.. وكان لفداحة الموقف أن دفع الرجلين البريئين جوش كوفاس “بين ستيلر” وسلايد “إيدي مورفي” إلى رسم مخطط محكم بهدف سرقة التاجر النصاب أرثور “آلان الدا”، لتدور المعارك الخفية في الظلام، ويوظف كل طرف ما لديه من خبث ودهاء في سبيل الإيقاع بالآخر، يحصل ذلك في قالب من كوميديا الموقف المسبوكة بعناية واتقان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©