الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في جوف الكعبة

8 نوفمبر 2011 23:11
.. ووقف شعر جسدي مرَّة تلو الأخرى. وشعرت بسكينة لا متناهية لدرجة أنني لم أر أي شيء آخر في تلك الغرفة المكعبة، لم أر أي من المصلين أو حتى الأمير الذي كان يقف أو ربما يصلي قرب الباب، كانت كل الأشياء وكل الأشخاص مجرد صور ضبابية أمامي. شعرتُ بخوف ورهبة جعلتني أغمض عينيّ، يجب ألا ترى عينيّ بعد هذا اليوم أمراً فيه معصية. وشعرتُ أن قدميّ لا تطيعان أوامر عقلي بالمضي قدماً كأن فيهما تردُّد للدخول. شعرتُ بخزي وعار وخجل شديد من الله جعلني أغطِّي وجهي بكلتا يديّ كيف أكون في حضرته هنا وأنا العاصي المذنب. كنتُ في «ربع هدومي» مثل ما يقولون من الموقف، رجل عاص أمام ربه، ماذا يمكن أن يكون عذره وكيف يبرر معصيته والله عليم بما في الصدور ولا يخفى عليه شيء. ماذا سأقول؛ هل أقول إن الشيطان ضحك عليّ فاتبعته؟ أين عقلي وأين بصيرتي؟ أنى لي وجه بعد هذا لأكون في حضرة ربي وأقف أمامه؟ نكست رأسي، ورفعت يدي عن وجهي ودعوت الله قائلاً: غفرانك ربي إني كنتُ من الظالمين، ربي تقبَّل توبتي إني ظلمت نفسي وإن لم تغفر لي وترحمني لأكوننّ من الخاسرين. ثم صلَّيت ركعتين خلف عمود يتوسَّط الكعبة. فشعرتُ بعدها بنوع من الطمأنينة، وهدأت نفسي وسكنت، وتأقلمت عينيّ على إضاءة الغرفة الطبيعية التي تأتي من الباب المفتوح. غير أن قلبي لم يخشع بالشَّكل المطلوب ولم تدمع عينيّ، برغم الرهبة التي تملكتني من الموقف، وخشيت أن يكون قلبي كقلوب الكفار، حجر صوان، لا يتأثر ولا يخشع لذكر الله. وبعد قليل، عادت لي طبيعتي في تفحص الأشياء.. ها أنا ذا إذن أقفُ في وسط مركز الكرة الأرضية، هنا منتصف الكرة الأرضية، وربما يكون هذا هو مركز الكون طالما أن المسألة كلها طواف في طواف؛ فالكون لابد أنه يطوف حول مركز ما.. ربما يكون هذا المركز هو هذا الذي أقف عليه الآن.. وربما يكون امتداده إلى السماء إلى البيت المعمور الذي يقع في السماء السابعة. قرأتُ مرة قصة تقول إن روّاد الفضاء بإمكانهم أن يروا شعاعاً من نور يصل بين الأرض والسماء مصدره هذا المكان، أي الكعبة. أرضية الكعبة رخامية خضراء، توجد فيها ثلاثة أعمدة متوازية تحمل السقف العلوي من الوسط، وتتضمَّن بعض النقوش القرآنية، وعلقت ألواح صخرية بيضاء على الجدران، نقشت عليها آيات من القرآن الكريم، وعلق في السقف تحف قديمة لعلها كانت تستخدم في زمن ما، كان من بينها فوانيس عتيقة. وقد دُهنت جدران الكعبة من الداخل بدهن العود والمسك والعنبر. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©