السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميانمار: استمرار معاناة «الروهينجا»

5 نوفمبر 2013 22:34
هولي أتكنسون مدير برنامج حقوق الإنسان التابع لـ«منظمة ماونت سايناي جلوبال هيلث» ميشيل إبراموفيتش مدير مركز منع التطهير العرقي لدى «متحف ذكرى الهولوكوست الأميركي» تعتبر ولاية أراكان، التي تقع على الساحل الغربي في ميانمار المعروفة أيضاً باسم بورما، من بين أكثر البقاع خطراً على المسلمين في العالم. وفي غضون العام الماضي، تحولت توترات شديدة ومواجهات محدودة إلى أعمال عنف جماعية بين السكان الراخين من البوذيين وأقلية الروهينجا، التي يبلغ تعدادها نحو 800 ألف نسمة وترجع جذورها في بورما إلى قرون. وأثناء هذه المواجهات، هاجمت حشود البوذيين أماكن يقطنها مسلمون، وأشعلت النيران في عدد من القرى، ودمرت مدارس ومساجد، وهو ما أسفر عن مقتل عدد كبير من السكان الروهينجا. وإحدى الضحايا هي عائشة التي تبلغ من العمر 55 عاماً، وكانت تعيش في سيتوي، عاصمة ولاية أراكان، فبعد أن لقي زوجها وشقيقها حتفهما، اضطرت هي إلى الرحيل عن منزلها إلى مخيم للمُهجّرين. وكانت عائشة تسعى إلى مغادرة ميانمار على متن قارب مع اثنين من أحفادها وأقاربها، ولكن السلطات في ميانمار أجبرتهم على العودة إلى أحد المخيمات، حيث يتواصل احتجاز الروهينجا المهجّرين بعد عام على أعمال العنف، وهي مخيمات تكاد تخلو من أية سلع أساسية أو خدمات. وقد كشفت نشرة الأوضاع الإنسانية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أن نحو 180 ألف شخص في المخيمات، إلى جانب مجتمعات أخرى معزولة في ولاية أراكان، يحتاجون إلى مساعدات لإنقاذ حياتهم، مشيرة إلى أن أغلبيتهم من المسلمين، منهم ما يربو على 103 آلاف طفل، وعلى رغم هذا، فإن المنظمات الإنسانية تُمنع بشكل كبير من الوصول إلى هؤلاء المحتاجين. وفي غضون ذلك، لم تؤثر أعمال العنف ضد الروهينجا فقط على هذه الأقلية وحدها، وإنما امتدت آثارها أيضاً لتطال المسلمين الآخرين في ميانمار، ففي سبتمبر الماضي، اقتحمت حشود من البوذيين منطقة تقطنها عرقية كامين المسلمة في مدينة ثاندوي بإقليم أراكان، وكانت من بين القتلى عجوز تبلغ من العمر 94 عاماً. كما أفادت تقارير بوقوع هجمات على عشرات من الأماكن في أنحاء ميانمار. وفي مدينة ميكيتلا، على سبيل المثال، نفذت مجموعة مذبحة لطلاب ومدرسين مسلمين في مدرسة إعدادية، من بين آخرين غيرهم. وقد أخبر الناجون من المذبحة محققين تابعين لحركة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» تفاصيل مخيفة بشأن عمليات ضرب وتعذيب وتشويه وحرق على مرأى ومسمع من ضباط الشرطة ومئات من المتفرجين الذين رحبوا بهذه الأعمال الوحشية مرددين شعارات مثل «اقتلوهم!». ولعل الحافز الرئيسى وراء أعمال العنف هذه هو تأثير حركة 969، وهي عبارة عن حملة يقودها رهبان بوذيون يدعون إلى التطهير على أساس ديني ويحرضون على مقاطعة المحال المملوكة لمسلمين. ويبقى تهديد اندلاع أعمال عنف مستقبلية ضد جميع المسلمين في ميانمار قائماً أيضاً، وخصوصاً ضد مجموعة الروهينجا. ولا يشمل قانون عام 1982، الذي ينظم حقوق منح الجنسية في ميانمار، الروهينجا من بين الجماعات العرقية المعترف بها في تلك الدولة، ولذا فهم رسمياً من دون جنسية، ويتم نبذهم على نطاق واسع في أنحاء ميانمار كمهاجرين غير شرعيين، ولابد لهم من الحصول على موافقة رسمية للزواج والسفر حتى إلى بعض القرى المجاورة، ولا يسمح لهم بإنجاب أكثر من طفلين. ويضطر كثير من السكان الروهينجا، ولاسيما الأطفال، إلى العمل من دون أجر لدى السلطات الحكومية أو الجيش، ويواجهون بصورة منتظمة الاعتقال والاحتجاز التعسفي ومصادرة ممتلكاتهم وأعمال عنف جسدي وجنسي. ولاشك أن أكثر ما يثير السخط في خضم أعمال العنف ضد الروهينجا والمسلمين الآخرين في ميانمار هو ما يتردد عن الدعم الممنهج من قبل السلطات في ميانمار، إذ كشفت التحقيقات التي أجرتها حركة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» وجهات أخرى أن رهباناً بوذيين وسياسيين محليين حرضوا على أعمال العنف وقادوا كثيراً من الهجمات. وقد أخفقت قوات الشرطة، بل ورفضت في بعض الحالات، وقف أعمال العنف وشاركت فيها في حالات أخرى، في حين تعرض مئات من المسلمين للسجن تحت مزاعم إثارة العنف، بينما تم توقيف عدد ضئيل من الجناة، وبات جلياً أنه يكاد لا يكون هناك ردع في ميانمار لهؤلاء الذين يهاجمون المسلمين. وفي غضون الأعوام القليلة الماضية، أحرزت ميانمار تقدماً ملحوظاً على صعيد الإصلاحات السياسية، ولكن المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في ميانمار توماس أوجيا كوينتانا، دعا في تقريره الأخير الشهر الماضي إلى إعارة الانتباه إلى «الأزمة المحتدمة» في ولاية أراكان، وقد أعرب عن قلقه من أن التمييز الفعلي ضد مجتمعات المسلمين في بورما سيصبح أمراً دائماً. ويوفر شغف حكومة ميانمار بجذب استثمارات خارجية ومساعدات فرصاً للمجتمع الدولي للمساعدة والتشجيع على حماية جميع السكان في ميانمار من الجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. وفيما يعتبر استجابة كبيرة للضغوط الخارجية، أبدى أعضاء في حكومة ميانمار عزمهم على معالجة أزمة الروهينجا، وقد أجرى الرئيس ثين سين زيارة إلى ولاية أراكان الشهر الماضي هي الأولى منذ اندلاع أعمال العنف في عام 2012، غير أنه أدلى بتصريحات فضفاضة. وعلى رغم ذلك، لم يكن هناك سوى تقدم ضئيل تجاه تخفيف معاناة الروهينجا أو حماية المسلمين من مزيد من التمييز والعنف، بينما ظل القادة الداعمون للديمقراطية في ميانمار خانعين في مواجهة أعمال العنف ضد المسلمين. ومن دون مبادرة حثيثة من زعماء ميانمار، والمراقبة عن كثب من أصدقائهم في الخارج، فإن مزيداً من أعمال العنف الممزوجة بالتعصب الديني والإثني والتورط من قبل الدولة يمكن أن يفضي إلى اندلاع أعمال عنف كارثية من شأنها التأثير سلباً على تلك الدولة بأسرها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©