الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشركات الصغرى: نقص القروض

4 يناير 2012
إن الأمر يشبه قيام شخص "بقبض حنجرتك وخنقك ببطء". هكذا وصف أحد المحللين الضغط على الإقراض في أوروبا هذه الأيام. فنظراً لخوفها من أزمة الديون التي تضرب منطقة اليورو وركود الاقتصاد، باتت البنوك شحيحة بالمال حيث ترفض منح الكثير من القروض التي تحتاجها الشركات من أجل الحفاظ على عملياتها مستمرة بسلاسة، أو لتطويرها والانتقال بها إلى المستوى التالي. وهو ما يزيد القلق من أن العالم قد يكون متجهاً نحو أزمة ائتمان مالي أخرى بعد الأزمة الأخيرة عام 2008، والتي ساهمت في دفع الاقتصاد العالمي نحو الركود. هنا في بريطانيا، يرى مكتب رئيس الوزراء، كاميرون، أن البنوك قد دخلت العصر الجليدي منذ بعض الوقت. وفي أجزاء أخرى من أوروبا، لاسيما الأضعف من بين الدول الـ17 التي تعتمد اليورو، بدأ الائتمان يتجمد أيضاً، مما دفع بعض الشركات للبحث عن طرق جديدة لتمويل أنشطتها ودعم سوق بديلة تلتف على البنوك التقليدية الكبيرة في بريطانيا لصالح مؤسسات إقراض ورأسماليين مغامرين. ومن المبتكرين، هنـاك موقـع الإقراض على الإنترنت "فاندينج سُركل"، الذي يشبه موقع "إي باي" ويختص في الإقراض التجاري، حيث يقوم المقرضون بتحديد المبلغ الذي يرغبون في تقديمه ومعدل الفائدة، في مزاد قروض للشركات المحتاجة للمال. ويتم تجميع إجمالي القرض من أفضل العروض التي يقدَّم العديد منها من قبل أفراد يستثمرون مبالغ صغيرة قد لا تتعدى 30 دولاراً. وبعد نحو عام ونيف من بدء عملياته، سهل "فاندينج سركل" قروضاً تفوق قيمتها 5 ملايين دولار في نوفمبر، ومن ذلك 1?6 مليون دولار خلال أسبوع واحد، علماً بأن الشركات تتلقى المال عادة في غضون أسبوعين تقريباً، مقارنة بفترة ثلاثة إلى ستة أشهر التي قد يستغرقها بنك في معالجة أحد طلبات الحصول على قرض. وفي هذا الإطار، يقول آندرو مولينجر، وهو أحد مؤسسي الموقع الإلكتروني، "لقد كنا نعرف أن الشركات الصغرى، بما في ذلك الشركات الصغرى ذات الجودة العالية، لن تتلقى خدمات في مستوى طموحاتها "، مضيفاً أنها "لا تمتلك قوة الشركات الكبرى ولا تستطيع المطالبة بخدمات". شركة "أراكاديا" التي يملكها جيرارد أوتس تبيع المصابيح وتجهيزات أحواض الأسماك. ومؤخراً، خطرت لأوتس فكرة مبتكرة تتمثل في إنتاج مصباح يستعمل تكنولوجيا متطورة، كشف عن تفاصيلها لبعض البنوك من أجل الحصول على تمويل لتطويرها. لكن الجميع رفضها. ويقول أوتس، مستحضراً مشاعر الإحباط والخيبة التي انتابته عقب رفض البنوك المتكرر: "لقد كنا بحاجة إلى المال، لكن المال لم يكن متاحاً"، مضيفاً: "كانت لدينا كل هذه الأفكار حول المنتج، لكننا لم نكن نمتلك الإمكانيات لتحقيقها". غير أنه تفاجأ عندما اكتشف أنه يستطيع الحصول على قرض بـ 118 ألف دولار في ظرف أقل من أسبوع بعد ظهور طلبه على "فاندينج سركل". وهكذا ظهر مصباح "أركاديا" الذي يبلغ 30 واط لأول مرة في ديسمبر وحقق مبيعات أفضل من تلك التي كانت متوقعة، وهو الآن في طريقه إلى أن يصبح "أنجح منتج أنتجناه على الإطلاق"، كما يقول أوتس. لكن ثمة شركات كثيرة لم يحالفها الحظ في بحثها عن التمويل. ففي مؤشر يبعث على القلق، عمدت العديد من البنوك الأوروبية إلى تقليص إقراضها ليس للشركات الصغرى والأفراد فحسب، وإنما حتى لبعضها بعضاً، مقلصة بذلك تدفق الأموال التي تساهم في تغذية اقتصادات السوق وتُبقيها مشتغلة. غير أنه خلال الشهر الماضي ، فاجأ البنك المركزي الأوروبي العديد من الاقتصاديين بإعلان اعتزامه تقديم مبلغ قياسي من المال على شكل قروض خاصة منخفضة الفائدة وممتدة على ثلاث سنوات إلى المؤسسات المالية التي تواجه أوقاتاً عصيبة في المنطقة. وقد تقدم ما يزيد عن 500 بنك بطلب اقتراض مبلغ هائل هو 640 مليار دولار، ما يمثل دليلاً على أن الكثيرين يواجهون مشاكل في إيجاد المال. والأمل هو أن تقوم هذه البنوك بتقديم بعض الأموال الجديدة التي حصلت عليها من البنك المركزي الأوروبي على شكل قروض تجارية وشراء سندات الدول التي تواجه مشاكل مالية، مثل إيطاليا وإسبانيا. غير أن بعض الخبراء الاقتصاديين يقولون إنه من المرجح أن تقوم العديد من البنوك بتخزين الأموال الإضافية من أجل تدعيم وتقوية احتياطياتها تحسباً لحالات الطوارئ. وهو ما من شأنه أن يمثل خبراً سيئاً لأصحاب الشركات الذين بدأت احتياطياتهم من السيولة تنخفض ويحتاجون إلى البنوك من أجل دعمهم في هذه الأوقات العصيبة، لاسيما أصحاب المتاجر الذين يحتاجون تقليدياً للدعم خلال أشهر الشتاء. وفي هذا السياق، يقول سوني كابور من مركز "ري ديفاين"، وهو مركز أبحاث ودراسات: "كانت ثمة أموال مدخرة تراكمت مع مرور الوقت واستطاعت تعويض بعض النقص في فرص الحصول على قروض". لكن بالنظر إلى استحالة استعمال هذه المدخرات، "فمن المتوقع أن نرى مشكلة خطيرة جداً"، يقول كابور، الذي يضيف: "سنرى انكماشاً في الجزء نفسه من الاقتصاد، أي الشركات الصغرى والمتوسطة، المسؤول عن خلق النمو!". هنري تشو - ريدهيل - إنجلترا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©