الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آسيا ومشكلة التفاوت في الثروة

1 نوفمبر 2015 23:04
كشفت بيانات حديثة عن تزايد أزمة التفاوت في الثروة على صعيد عالمي. وبوجه عام، فإن الغرب لا يبالي سياسياً بهذا التحدي، مع استثناء ملحوظ للدول الاسكندنافية. ويأتي الوضع الاقتصادي القوي لآسيا كفرصة لها لتقديم نموذج عالمي في السياسة الاجتماعية والاقتصادية، ولاسيما مع تزايد عدم المساواة في المنطقة. وقد تخلص كثيرون في آسيا من الفقر، ولكن رأس المال يواصل تدفقه على نحو غير متناسب إلى نخبة صغيرة. والمحاباة الممنهجة للأغنياء، فضلاً عن معاناة الفقراء المتفاقمة، تحتمان البحث عن حلول سياسية فعالة. وقد صدرت عن دراسة حديثة لبنك «كريدي سويس» بعض الإحصاءات التي تنذر بالخطر. فهناك 71% من سكان العالم يملكون ثروة تقل قيمتها عن 10000 دولار، في حين أن 21% فقط من السكان لديهم ثروة تتراوح بين 10000 و100000 دولار. ونسبة 0,7% فقط من هؤلاء لديهم أكثر من مليون دولار، وهم يسيطرون على 45,2% من إجمالي ثروة العالم. أما أعلى 1% من السكان الآن فهم يمتلكون 50,4% من الثروة العالمية. وعلى رغم الحديث المتفائل عن الطبقة المتوسطة المتنامية، فإن 14% فقط من سكان العالم يصنفون على أنهم أثرياء. ولعل أكثر ما يثير الفضول هو عدم المساواة في آسيا، وخاصة الصين -الدولة الوحيدة التي تحافظ بشكل جيد على نمو اقتصادي سريع. ولأول مرة، بحسب «كريدي سويس»، تفوق الطبقة المتوسطة في الصين (109 مليون نسمة) في العدد نظيرتها في الولايات المتحدة (92 مليوناً). والتقدم في آسيا واضح، وفقاً لبعض المقاييس. فالعدد المطلق للآسيويين الذين يعيشون على أقل من 1,25 دولار يومياً انخفض من 1,7 مليار نسمة في 1981 إلى 700 مليون الآن. وعلى رغم ذلك، كما يقول كبير المصرفيين ببنك التنمية الآسيوي «شانج شينوي»، فإن «1,25 دولار يومياً لا تكفي للحفاظ على الحد الأدنى من الرفاه في أجزاء عديدة من منطقتنا». وعلاوة على ذلك، فإن اقتصاد آسيا الديناميكي قد أنتج طبقة نخبة من المستثمرين شديدي الثراء مع نفوذ سياسي متزايد. وفي الولايات المتحدة، تنساب أيديولوجية «الداروينية الاقتصادية» إلى الطبقات الدنيا والوسطى الطموحة التي غالباً ما تدعم سياسات تخدم شديدي الثراء، بما في ذلك الضرائب المنخفضة واللوائح المتراخية. ومع ذلك، فإن فكرة أن الناس بإمكانهم تأهيل أنفسهم للانتقال من الفقر إلى الثراء -داخل النظام الحالي- ليس لها أساس إلى حد كبير، بل ساذجة بشكل مأساوي. إن تصحيح الاختلالات الهيكلية الكامنة في قضايا العدالة الاجتماعية هو الاستراتيجية الأكثر واقعية لمعالجة عدم التكافؤ في الثروة. ونشر الإحصاءات عن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن عدم المساواة (مثل انخفاض العائدات الضريبية) يعد بداية جيدة. وتصيب معظم المشكلات الاجتماعية الخطيرة -مثل عدم المساواة والفقر والتوتر العرقي- العديد من البلدان الآسيوية. وباستثناء «النمور الأربعة»، فقد فشلت آسيا في تحقيق مستويات دخل الفرد التي حققها الغرب. وتحفز الصين الطبقة المتوسطة الناشئة بها لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستهلاك المحلي، كما أعلنت مؤخراً عن مبادرة لمكافحة الفقر بمبلغ 2 ملياري دولار. ومع ذلك، فإن النخبة في البلاد تواصل بناء مخزونات كبيرة من الثروة، بالطبع نتيجة دورها البارز كمستثمرين عالميين. وفي دول مثل إندونيسيا وفيتنام، من المتوقع أن فوائد النمو يحصدها بشكل غير متناسب أصحاب القوة الاقتصادية والنفوذ. وفكرة أن إصلاحات السوق تحسن مادياً أسلوب الحياة للمزارعين الفقراء تستند على فكرة فقدت مصداقيتها، وهي أن تقديم الفوائد الاقتصادية لأصحاب الدخول المرتفعة سيفيد في النهاية المجتمع ككل، من خلال استثمار الثروة في الاقتصاد وخلق فرص عمل. وفي تعليق له، يصف البروفيسور الكرواتي «كريستيان كوتارسكاي» النفوذ الرأسمالي للاقتصاد الصيني بأنه نوع من «النفوذ المتزايد للشركات المالية وتنامي نفوذ النخب المالية». وهو يستشهد بأبحاث تشير إلى أن ما يقرب من 86% من الزيادة في عدم المساواة يعود إلى ارتفاع قيمة المساكن. ثم إن الديون والممتلكات هي أدوات خلق الثروة المتاحة أولاً لمن يمتلكون الشجاعة للمخاطرة بالاستثمار. أزيت بيسواس* كريس هارتلي** * أستاذ زائر في كلية «لي كوان يو» للسياسة العامة بالجامعة الوطنية في سنغافورة ** طالب دكتوراه في كلية «لي كوان يو» للسياسة العامة بالجامعة الوطنية في سنغافورة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©