الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خليفة يحشد للمشروع الأكثر تعقيداً في مصر منذ بناء الأهرامات

خليفة يحشد للمشروع الأكثر تعقيداً في مصر منذ بناء الأهرامات
2 نوفمبر 2015 07:31
لحظات تاريخية، عربياً ودولياً، يرصدها كتاب «خليفة.. رحلة نحو المستقبل»، حيث عام 1975، وتحديداً في يوم 5 يوليو، حيث رسا أسطول بحري صغير من 7 سفن قبالة ساحل مدينة بورسعيد المصرية، ثم انطلق جنوباً يشق طريقة عبر قناة السويس، على وقع صدى إطلاق 21 طلقة ترحيباً. يرصد الكتاب مكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، حينذاك، وبالتحديد، على إحدى ضفتي القناة، حيث جلس سموه، وسط كوكبة من الشخصيات الرفيعة القادمة من مختلف دول العالم، فيهم رؤساء حكومات ووزراء دفاع من بلدان عربية عديدة، إضافة إلى ابن الشاه رضا بهلوي ممثلاً لإيران. في هذه الأثناء، يقول الكتاب: مال الرئيس المصري أنور السادات نحو صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، ممسكاً بيده، وابتسامة عريضة تعلو وجهه، وتبادلا أطراف الحديث، وسط صداح أبواق البحرية المتصاعد، وهتاف الجماهير التي احتشدت بالآلاف، على حين كانت طائرات الميغ الحربية والمروحيات تحلق في سماء المكان. فتحت مصر قنوات الاتصال مع الإمارات العربية المتحدة في منتصف عام 1974، بحثاً عن دعم لمشروع تجديد واسع النطاق لقناة السويس، كما يرصد الكتاب. وتورد الصفحات أن المعضلة كانت تتمثل بالسؤال: هل يمكن حقاً تنظيفها وتطهيرها؟ كانت القناة البالغ طولها 102 ميل وعمقها 38 قدماً مكدسة بالسفن الغارقة، والمراكب والشاحنات المحملة بالذخيرة، من أولها حتى آخر نقطة فيها، وفي أحد مواضعها كانت مسدودة تماماً بجسر أسمنتي، وتتزاحم فيها قذائف المدفعية الحية والذخائر غير المنفجرة، وما هو أسوأ من ذلك أن القناة وضفتيها المنحدرتين كانتا مزروعتين بملايين الألغام. حينها، كما يؤكد الكتاب، وفي أبوظبي، كان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، يترأس صندوق أبوظبي للتنمية، الذراع الخيرية للإمارة، منذ 09-07-1972. في عام 1974، تسلم المسؤولية عن مقاربة إمارة أبوظبي للمشروع المطروح لتجديد قناة السويس. ويضيف: كان المشروع خارج نطاق الحدود المرسومة لخطط الصندوق، ولكن لمّا كانت مصر من أقرب الحلفاء للإمارات العربية المتحدة، وبأخذ المنافع الاقتصادية المتوقعة التي ستعود على مصر والمنطقة برمتها في الحسبان، فإن حكومة أبوظبي كانت متحمسة للمشروع. أما القناة نفسها، فقد وصفت، كما نقل الكتاب، بأنها أشبه بـ «طبق حساء» يعجّ بالألغام والذخائر غير المنفجرة، والمراكب الغارقة، وغيرها من الأجسام الخطرة التي تسدّها. وينقل الكتاب عن الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي الإمام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر السابق، رحمه الله، قوله: «إن الدعم الذي قدمته أبوظبي ساعد بثبات على رسم مسار الحياة في مصر، وإعادة فتح قناة السويس لم تكن قضية قومية فحسب، بل كانت ضرورة ملحّة على المستوى الدولي». ويضيف: «انهمك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في الاضطلاع بمجموعة من التمويلات والمحادثات حول مسائل الإمدادات التي ستسهم على امتداد 6 أشهر في تأسيس «قوة متعددة المشارب» تشمل كلاً من: سلاح البحرية المصري، والأميركي، والبريطاني، والفرنسي، وهيئة قناة السويس، والغواصين المنقذين التابعين لها، وغواصين تابعين لقوات شرطة القاهرة، وطواقم من الجيش الأميركي، وشركتين تجاريتين دوليتين تعملان في مجال الإنقاذ». وقد كان هذا التجمع، بحسب كثيرين، من أكثر المشروعات المدنية والعسكرية التي نفذت في مصر تعقيداً منذ بناء الأهرام. كان الجانب الإماراتي يولي مسألتي الشفافية، وتخصيص الأموال بطريقة محكمة، أهمية قصوى، ففي أواخر عام 1974، تمكن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، من تقديم توصية بحزمة دعم تبلغ 40 مليون دولار، وهي تعادل اليوم نحو 381 مليون دولار إذا ما حسبنا مقدار التضخم. ويؤكد الكتاب: أن «القوة المتعددة» نجحت في تجديد قناة السويس في سنة واحدة، وبتكلفة ملايين الدولارات، وبالعديد من الخسائر البشرية. ويضيف: «تحملت فرق نــزع الألغام أسوأ مهمة على طــول ضفتــي القنــاة، فعلى مدى الأشهر الثلاثة التي استغرقتها تلك العملية، اكتشفت القوات المصرية ما معدله لغم كل ست ثوان، دون حساب أنواع أخرى من المتفجرات، ووصل المجموع إلى 686 ألف لغم، ونحو 13500 قطعة من الأجهــزة والأدوات الأخرى، فيما كلفتهم هذه المهمة ثمناً مأساوياً من الخسائر البشرية وصل إلى 96 رجلاً». ويقول: «تمكنت فرقتا المسح البريطانيتان وحدهما من اكتشاف 27 قنبلة كبيرة، و508 قنابل صغيرة، و78 صاروخاً، و517 لغماً مضاداً للأفراد، و209 أطنان من متفجرات تي إن تي، وسبع طائرات، وثلاث دبابات، و15 شاحنة وناقلة جنود، وست جثث، والعديد من المتفجرات المتنوعة». أما بقية أجزاء القناة شمال منطقة البحيرات وجنوبها، فيقول الكتاب: «كانت في معظمها خالية من المتفجرات بحلول منتصف شهر أغسطس عام 1974، فيما تولت قوات التجمع الدولي أمر العوائق الرئيسة الأخيرة، المتمثلة بحطام عشر سفن ضخمة، يبلغ متوسط وزنها نحو 2500 طن، كانت مبعثرة على طول القناة». ويؤكد: «كان الشيخ خليفة طوال الوقت مشاركاً ومشرفاً على دور أبوظبي في دعم المشروع، وفي 1975-5-31 م وصل إلى القاهرة، وتفقد سير العمل في جزء كبير من القناة، وبعد 5 أيام حضر حفل إعادة الافتتاح». خليفة يختصر المسافات بين أبوظبي و«سيناء» في 6/‏‏‏10/‏‏‏1973، وإبان حرب أكتوبر المجيدة، وبجهود الشيخ خليفة، كانت أبوظبي الأقرب، رغم بعدها 3000 كيلومتر من شبه جزيرة سيناء، و2000 كيلومتر من هضبة الجولان. وفي هذا الصدد، يرصد الكتاب: «اندلعت معركة عنيفة بين العرب والقوات الإسرائيلية في جبهتين: في الجنوب اخترقت القوات المصرية المدرعة الخط الإسرائيلي الفاصل على الضفة الشرقية من قناة السويس، وفي الشمال اشتبكت القوات والدبابات السورية مع خطوط الدفاع الإسرائيلية المرابطة على طول جبهة الجولان التي استولت إسرائيل عليها من سوريا عام 1967 م». في اليوم ذاته، تؤكد السطور أن الشيخ زايد تحدث إلى قادة كلتا الدولتين وتعهد بتقديم الدعم لهما. ولم يكن مرجحاً قط أن تنضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الدول العربية المؤيدة للجهود التي كانت تقودها مصر وسوريا بصفتها دولة حديثة العهد، ومنفصلة جغرافياً عن ساحة المعركة، ولديها قوات مسلحة ما زالت في مهدها، وأنشئت لأغراض دفاعية، ولكنها كانت مستعدة للقيام بما تستطيع. ويقول الكتاب: «غادر الشيخ زايد أبوظبي خلال ساعات إلى بريطانيا- ورحى الحرب دائرة- للقاء رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث، حينها، وتنسيق الجهود الدبلوماسية العربية في لندن». ويضيف: «أما في أبوظبي، فعقد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، المسؤول عن حقيبة وزارة الدفاع في الإمارة، سلسلة من الاجتماعات مع السفير السوري والقائم بأعمال السفارة المصرية لتأكيد دعم أبوظبي والإمارات العربية المتحدة، والوقوف على متطلبات الموقف». ويرصد: «طلبت القاهرة ودمشق نشر فرق طبية، تشمل فرقاً طبية مقاتلة، ومراكز حجْر صحي محمولة، وفرقاً لتأمين الرعاية الطبية الثانوية. وعمل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مع القادة العسكريين التابعين له، بصفته وزير الدفاع في الإمارات العربية المتحدة، حينها، وجُمعت الوحدات الطبية بسرعة، وفي العاشر من أكتوبر أعلن الشيخ محمد إرسال تلك الفرق». وينوه إلى أن الدبلوماسية كانت عنصراً جوهرياً، ولا سيما في أثناء وجود الشيخ زايد خارج البلاد، فقد استضافت الإمارات العربية المتحدة سفراء الدول الكبرى في العالم، ومنهم سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. ويؤكد: «كان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مكلفاً يومياً بتوضيح موقف دولة الإمارات العربية المتحدة البارز من الحرب لكل السفراء، إضافة إلى الاجتماعات التنسيقية التي كان يعقدها مع السفراء العرب». وبالمقابل، كان يقدم ملخصاً للشيخ زايد وقادة الإمارات الآخرين عن وجهة النظر في الساحتين الإقليمية والدولية. للتاريخ ينقل الكتاب عن ناصر النويس الذي عمل عن قرب على مشروعات صندوق أبوظبي للتنمية وأنشطته، مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، حينذاك، قوله: «كان الصندوق أداة مؤثرة وفعالة في إحداث التغيير، لم نكن جالسين في برج عاجي، بل كنا مدركين على الدوام أن قراراتنا لها تأثير مباشر في حياة الناس، وعندما تتعامل مع معاناة البشر ستجد أن الأمر ذو طابع شخصي دائماً». ويضيف: «كان سموه، بصفته رئيساً للصندوق، يشرف على العمل بنفسه، فيما كانت الموارد المالية للصندوق تشهد ضغطاً مستمراً، بسبب كثرة الطلبات المستحقة للدعم في مختلف أنحاء الدول النامية». ويتابع: «في مناسبات كثيرة، اضطلع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بنفسه بتمويل بعض المشروعات المقترحة التي كانت خارج إطار الحدود المعلنة لأنشطة الصندوق، وقد صممت الصلاحيات الأولية للصندوق لتشمل دولاً عربية مختلفة كالبحرين وعمان، والصومال وموريتانيا، ومع ذلك فإنه كثيراً ما أولى اهتماماً شخصياً للطلبات التي قدمتها دول وبلدان أخرى أبعد من ذلك النطاق، كساحل العاج وسريلانكا». حقائق عن قناة السويس - افتتحت قناة السويس - التي خطط لها الفرنسيون، عام 1869، وتُعَدّ أهم طرق الملاحة البحرية المختصرة التي أنشئت، فهي تقلص مسافة الرحلة من آسيا إلى أوروبا نحو 6000 كيلومتر باختصارها مساراً التفافياً حول رأس الرجاء الصالح. بها أصبحت الطرق التجارية إلى قارة آسيا أكثر سهولة، وتوسعت التجارة نتيجة زيادة التفاعل المتبادلة وانخفاض الخلافات التي يسببها طول المسافات. ـ حققت بريطانيا العظمى التي كانت القوة البحرية الأولى آنذاك منافع جوهرية من هذا التحسين الذي شهدته الطرق الملاحية، إذ أحدثت القناة - بجمعها العالم بعضه إلى بعض - تطوراً عالمياً مشهوداً في منتصف القرن التاسع عشر على مختلف الصعد: ثقافياً، واجتماعياً، واقتصادياً، يشابه في حجمه التطور النوعي الذي أحدثه ظهور الإنترنت بعدها بقرن من الزمان. وكان قرار جمال عبد الناصر بتأميم القناة في 26- 7- 1956، الذي اتخذه ردّاً على سحب المساعدة المالية البريطانية الأميركية المشتركة لبناء سدّ أسوان، قد أحدث أزمة السويس. بات ذلك الممر المائي الذي أنشأه الإنسان، ويحظى بأهمية استراتيجية كبرى، ميداناً لصراع كبير في قلب منطقة الشرق الأوسط المضطربة. ـ مع حلول عام 1974، وبعد أن شهد الممر المائي البالغ الأهمية خوض حربين في غضون 7 سنوات، كان خلالها خط جبهة في المعارك الدائرة، انخفض مستوى القناة لتصبح بالوعة ماء راكد، بعد أن كانت مياهها تحمل سدس تجارة العالم، ومقداراً يفوق تلك النسبة من نفطه. برنامـج تطوير قناة السويس لم يكن ذلك المشروع نهاية الرابطة التي نشأت بين إمارة أبوظبي وذلك الممر المائي المصري الاستراتيجي، ففي عام 1977 م تلقى صندوق أبوظبي طلباً آخر للمساعدة، كما يؤرخ الكتاب. ويذهب الكتاب أبعد من ذلك، ليؤكد: عمّق زايد قناة السويس وعرضها في فترات زمنية منتظمة منذ افتتاحها عام 1869 بما يسمح لها باستقبال المراكب والسفن التي تشهد تزايداً مستمراً في أحجامها وأبعادها. وفي بداية عقد الستينات، يقول الكتاب: زِيدَ عمق القناة بما يسمح لها بالتعامل مع سفن يبلغ العمق الأقصى لغاطسها 11,3 متر، وهو ما يكفي استضافة معظم السفن والمراكب الرئيسية في ذلك الأوان. ولكن اقتصاد الحجم سرعان ما أدى إلى إنشاء بواخر شحن أكثر ضخامة في الثمانينيات، أما ما يخص توسعة القناة فكان النفط عاملاً رئيسياً. وبقي متوسط عدد الناقلات التي تمر عبر القناة في فترة عام (1962 - 1966) على حاله دون تفاوت يذكر، خلافاً لأحجام تلك الناقلات التي شهدت تغيراً وتفاوتاً. وأول ناقلة بوزن ساكن يزيد على 100 ألف طن أنشئت عام 1965 م، ووقف العمق المسموح به لغاطس السفن في القناة أول مرة حجر عثرة أمام التطور المستقبلي لحركة الملاحة. ويتحدث الكتاب عن التجارة العالمية في السبعينات، بالقول: طوال عقد السبعينات كانت التجارة العالمية تشهد تزايداً متسارعاً، حتى إن الضغوط بدأت تمارس على المهندسين البحريين لتصميم أضخم بواخر الشحن العملاقة. وكان على قناة السويس أن تطور بنيتها لكي تبقى مواكبة وفعالة. وتحتاج قناة السويس إلى الانتقال إلى استقبال سفن بغاطس عمقه الأقصى 11,3 متر إلى غاطس عمقه نحو 16 متراً. وسيتطلب برنامج التوسعة - إضافة إلى الأموال المصرية - تأليف تجمع ممولين دوليين، إذ وصل المبلغ المالي المطلوب إلى نحو 500 مليون دولار بالعملات الأجنبية. ويضيف: «قدم البنك الدولي قرضاً ميسراً بمبلغ 100 مليون دولار، وحذت حذوه مؤسسات وطنية عديدة، ولاسيما مؤسسات العالم العربي، ومنها صندوق أبوظبي، الذي كان سباقاً إلى تقديم تمويل بمبلغ 16 مليون دولار، فضلاً عن منحة قدمها الشيخ زايد بمبلغ 25 مليون دولار (وهو ما يعادل مبلغ 271 مليون دولار اليوم، إذا حسبنا مقدار التضخم). ومع أن هذه التبرعات التي تقدمها أبوظبي دعماً لمشروعات البنية التحتية خارج دولة الإمارات لم تكن أكبرها، فإن هذين المشروعين التوأمين في قناة السويس كانا من أكبرها تأثيراً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©