الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عذاب الموهبة

عذاب الموهبة
20 نوفمبر 2014 00:00
فيروز صوتٌ يخترقُ دروعَ اللامبالاة، يبكّت ضميرَ الهزء، يطهّر النفس كما يطهّرها البكاء لا العقاب، محبّةُ الطفل لا مهادنة العدوّ، هذه السلطة الأخلاقيّة ليس مثلها لفلسفة ولا لتعليم. ربّما مثلها في شواهد خارقة، لا تُحبّ فيروز أن يُقال عنها «أسطورة» أو «أيقونة». تكره التحنيط. تكره المصطلحات، تريد أن تتأكّد من حيويّة فنّها كلّ لحظة، عندما تسمع أغانيها الأولى تبتسم بتأثّر قائلة: «يا الله هديك البنت!». تتعجّب لها، كما لو أنّها مغنّية أخرى، تجتاز أعمارها باضطرام وهدوء معاً، كما لو أنّها وُلدت الآن، لكنّها في الواقع غداً ستولد. تحبّ ماضيها الفنّي ولا تتجمّد عنده. لا يوقف حلمها شيء، حلمٌ مُطْلَق، حلم بمَ؟ توقٌ إلام؟ «أنا عندي حنين/ما بعرف لمين». والجميل، المؤلم الجميل، أنْ لا تَعْرف. كل يوم ينبثق الفجر ويكتفي الزمن بدورته الرتيبة، إلّا فجر الفنّان، أمسه غير يومه ويومه غير غده. هذا الجزء هو المبحوث عنه دون كَلَل، الجزء الناقص للكمال، فقط هذا، فقط بعدُ هذا، هذا هو! بلى، هو! وجدتُه! وجدتُه! «كأنّها» وَجَدَتْهُ، لم يكن إلّا دَرَجة أخرى في السلّم. طيّبة هذه اللحظة، شكراً للّه! يا إلهي ما أكرمك! ولكنْ، ولكنْ، لمَ أقفرت الصالة بعد الحفلة؟ أين راحوا؟ «متل الحلم راحوا»، وأنا أرجع الآن إلى العزلة، التحرُّق على هذا اللعين الذي لا يزال ناقصاً! هَبْني يا ربّ فرصةً جديدة علّني أجده فأرتاح! أرتاح! يا إلهي! ولن تَجِديه يا فيروز. حُلمكِ يحفرُ فيكِ كما يحفر النهرُ العظيم في الأرض، رُوحُكِ عَطّشها اللّه لتظلّ تضيء شموعَها الرائعة على طريق الرجاء. نهرٌ هادرٌ وعطشان: هذا هو عذابُ الموهبة. أنسي الحاج (من موقع الشاعر على الإنترنت)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©